السبت، 18 أبريل 2009

الأقليات والمناهج الدراسية عراقيا ً وكوردستانيا ً !!!

بقلم / حسين حسن نرمو
في ظل النظام العراقي البائد وربما الأنظمة الدكتاتورية الأخرى التي سبقته ، كانت الكتب المقررة ( المناهج الدراسية ) للدراسات الأجتماعية ، بدءا ً بالأبتدائية مرورا ً بالمتوسطة وإنتهاءا ً بالدراسة الأعدادية " الأدبي " مليئة بالعجائب والغرائب مقارنة ً بالمناهج مثلها في الدول ذات الأنظمة التعليمية المتقدمة بعض الشئ ، من الأشياء الغريبة العجيبة والدارجة في تلك الكتب في نظر الكثير حتى المتخصصين في الدراسات الأجتماعية ، هو التطرق الغزير إلى التاريخ البعيد والبعيد جدا ً والذي لا يخلو من التزيّيف والتحّريف والتضّخيم وحتى الأعتداء والفتح الموسع آنذاك على حساب الآخرين المظلومين ، حيث وصف الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي وربما آخرين قبله أوبعده كتابة التاريخ حينما قال أو قالوا ( بأنه أو أنهم يكتبون للحقيقة لا للتاريخ لأن التاريخ مزيّف ) ، حيث نرى ويرى الكثيرين أيضا ً بأن التطرق إلى مثل ذلك التاريخ وفي بداية المراحل الدراسية لا داعي له ويترك الأمر إلى المراحل الدراسية المتقدمة والمتخصصة في مثل هذه المجالات ، هذا ناهيك عن أن البعض من الكتب تلك ، كانت مليئة بالصور للقائد الضرورة والتاريخ الحديث المزيّف أكثر من الماضي والمشير إلى البطولات والأنتصارات الوهمية في الحروب المدمرة التي خاضها رأس النظام البائد .
هذا ولم تكن الدراسة الجامعية بمختلف التخصصات بعيدة ً عن ما ذكرناه أعلاه ، حيث كان يتم فرض دراسة المادة الشاذة والغريبة عن التخصص الجامعي ألا وهي ( الثقافة القومية ) والتي يجب أجتيازها وإلا سيُراوح الطالب في مرحلته الدراسية .
طالما عهد النظام البائد أصبح من الماضي ، والنظام الدكتاتوري قد ولى من غير رجعة ً ، وطالما المحرّرين " المُحتّلين " قد وعدوا بالديمقراطية المستوردة ، وبعد إقرار الدستورالعراقي ب ( العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي ) ، لذا بات من الضروري جدا ً إتخاذ الخطوات اللازمة بما تناسب مبادئ الديمقراطية ، إحدى هذه الخطوات المهمة جدا ً في نظر معظم العراقيين وحتى لا نخرج عن نطاق الموضوع هي تصفية المناهج الدراسية من كل الشوائب التي أ ُدخلت أو دُوّنت فيها بحكم إرادة السلطة وتوجيهات منظّر يها ، حيث يُعتقد بأن حينما تكون المناهج الدراسية موضوعة ً من الأساس فصاعدا ً على أسس سليمة مبنية على التسامح والتعامل وقبول الآخر والتأكيد على مبادئ حقوق الأنسان ، سيكون الجيل الذي يتربى على مثل هذه المبادئ من خلال التعليم جيلا ً صالحا ً متسامحا ً .
ففي دولة مثل أسرائيل والتي تعتبر العدوة اللدودة للأسلام من وجهة نظر معظم العرب ومعتنقي ديانتهم ، الجيش النظامي في الدولة العبرية وبين فترة وأخرى أي مرة كل بضعة أشهر يوفر الوقت لتثقيف الجنود " العسكر " بالأديان الممثّلة في دولة أسرائيل وعلى أختلافها ، ربما لتوجيه منتسبي الجيش على كيفية التعامل مع الآخرين غير الأسرائيليين وفقا ً لمبادئ الديمقراطية التي يتمتعون بها ، في حين سياسة البعض من الدول الأسلامية ، تُبنى مناهجها الدراسية لتعلم ابناءها منذ الصغر على الحقد والكراهية والتعامل مع الآخرين الغير مسلمين وحتى المسلمين الذين لا يسيرون على هواهم بالخارجين عن إرادة الله " الكفار " ، وها هم يحصدون ثِمار تعاليمهم المسمومة بالمزيد من العمليات الأنتحارية التي يقومون بها المتعصبين المتخرجين من تلك المدارس لتفريغ سموم تلك التعاليم مفخّخين أنفسهم بالآخرين المسالمين ، وهذا ما يحصل في بعض دول العالم وخاصة العراق وأفغانستان بحجة عداء تلك المجموعات لأميريكا وأعوانها .
في معرض للحديث مع أحد الأخوة المعنيين ذات الشأن خلال زيارتي الأخيرة إلى الوطن ، والسؤال فيما إذا تم إضافة نبذات مختصرة عن الأقليات العراقية الأصيلة مثل ( الأيزيدية ، المسيحية ، الصابئة ... ... ... ) إلى المناهج الدراسية في المراحل ما قبل الجامعة ؟ ربما سؤالي هذا قد أثار أستغراب ذلك الصديق ليكون الجواب بالنسبة لي أكثر استغرابا ً ، طبعا ً أجاب بالنفي مشيرا ً بأن معظم الجيل الناشئ إن لم نقل جُله من أخوتنا العراقيين لا يعرفون ماهية الأيزيدية وغيرها من الأقليات .
هذا يذكرنا طبعا ً بأيام الجامعة في النصف الثاني من القرن المنصرم ، حينما أستغرب الكثير من زملائنا العراقيين العرب من أهالي الجنوب العراقي برؤيتنا مثلنا مثلهم ، حيث ترسخت في أذهانهم نظرات خاطئة عن الأيزيدية كأقلية دينية عراقية وهم معذورين طبعا ً لقراءتهم الأوصاف الخاطئة التي وُصفوا الأيزيديين ب ( أناس ليس مثل عامة البشر وذات مواصفات غريبة جدا ً كالتشوهات في الجسد مثلا ً ) ، هذا ما تم وصفنا فيما مضى من قبل الكتاب المتعصّبين الحاقدين على الأنسانية .
لذا نرى من الضروري جدا ً، التأكيد على إدراج كتابات مختصرة عن الأقليات العريقة من الفسيفساء العراقي في المناهج الدراسية في المراحل ما قبل الجامعات العراقية والكوردستانية أيضا ً بدءا ً من الأبتدائية وصاعدا ً ، لو تم ذلك ، سيترسخ في أذهان الأجيال الناشئة من شعبنا العراقي والكوردستاني أنطباع جيد نحو المزيد من التسامح والتعايش السلمي في المستقبل ضمن العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي .
h.nermo@gmail.com