السبت، 13 مايو 2017

الاستثمار في كوردستان !!!


الاستثمار في كوردستان !!!
حسين حسن نرمو
سبق وأن كتبنا مقالا ً عن الاستثمار في العراق ، حيث تكون الإدارة من غرف مظلمة ، يتم استغلال ( الاستثمار ) من قبل زبانية الرؤوس الكبيرة من القادة السياسيين وفق أبجديات السياسة الاقتصادية من دوائرهم الاقتصادية ذات النفع الشخصي أو الحزبي أو الكتلوي أو التياري ، لكنها فاشلة ، لو تم النظر إليها من الزاوية الوطنية ، هذه السياسة فعلا ً آلت إلى تلكؤ ، وعدم تنفيذ المشاريع ذات النفع العام مثل مشروع الماء الصالح للشرب وغيره من المشاريع في باقي المحافظات العراقية ، بحيث يمكن وصف الاستثمار في العراق بعد التحرير أو الاحتلال وربّما لحد الآن ب ( المُزَيّف ) ...
طالما ، تجربة إقليم كوردستان لها الخصوصية ضمن العراق قبل وبعد سقوط النظام البائد ، حيث تمَتع َ الإقليم بالإدارة الذاتية بعد سحب الإدارات المركزية نهاية عام 1991 ، تلتها إجراء انتخابات في أيار 1992 ، ثم تشكيل حكومة إقليمية فيما بعد توَلَت الإدارة في كوردستان ... لذا كان للاستثمار أيضا ً خصوصية واستقلالية طِوال عقدين ونيف من الزمن ، لكنها وصلت قمة النشاط بعد سقوط النظام البائد ، حينما تم تخصيص نسبة 17 % من الموازنة العراقية العامة إلى إقليم كوردستان ، وإعطاءه كامل الحرّية لحكومة الإقليم في تنفيذ واستثمار المشاريع ، وحسب الضرورة التي تراها رجال الحكومة المتخصصين في الوزارات ، وهيئة الاستثمار في إقليم كوردستان ، حيث الهيئة أصبحت في عِداد الوقوع تحت سُلطة المتنفذين ، والمحسوبين  على أطراف المعادلة السياسية ومن الكُبار ، والتي أي ( هيئة الاستثمار ) ، كانت وربّما لحد الآن ، تعمل ضمن دائرة مغلقة من هؤلاء الرؤوس الكبيرة والشركات الشكلية التابعة لهم ، لتنفيذ معظم المشاريع وخاصة ً ذات اللقمة الكبيرة بالملايين من العملة الصعبة ، هذا بالطبع قبل و ربّما بعد دخول الشركات الأجنبية ، وخاصة الإقليمية في ميدان المنافسة ، لا سيما التركية بحصة الأسد والايرانية أيضا ً لدى الطرف الآخر من الإقليم والمعادلة السياسية .
طالما للأتراك حصة ً كبيرة من الاستثمار في إقليم كوردستان ، سواءا ً في المجال النفطي ، وهي أي تركيا كانت وستكون الرابح الأكبر في النفط ، وحتى في مجال عمل الشركات التركية في مختلف المجالات الصناعية الكبيرة والصغيرة ، وربّما الشركات الأمنية أيضا ً ، حيث على لسان الرئيس التركي السابق عبدلله كول ، حينما استقبلنا كوفد برلماني عراقي في عام 2011 وفي قصره الصيفي في مدينة استنبول ،  حيث أثناء تطرقه لدور تركيا وشركاتها في العراق عامة ً وإقليم كوردستان خاصة ً ، حيث كانت عدد الشركات العاملة حينذاك على مستوى العراق عامة  أكثر من 500 شركة تركية ، معظمهم في إقليم كوردستان ...
لكن ! لنرجع ونعلّق على أداء البعض من الشركات وربّما مع شُركاء محليّين  في تنفيذ المشاريع وخاصة ً الكبيرة ... فقط نذكر الساد القرّاء وخاصة الذين زاروا ويزوروا مطار أربيل الدولي ، سواءا ً بقصد السفر أو حتى أثناء استقبال أو توديع أقارب أعزاء عليهم خلال الفترة الماضية ، لا سيما في فصل الشتاء ، بالتأكيد كانت ولحد الآن آثار ( تنقيط الماء ) من سقوف صالات المطار العالية واضحة تماما ً أثناء تساقط الأمطار خارجا ً ، حيث كانت تتواجد الكثير من الأواني البلاستيكية في باحات المطار ، لاستيعاب الماء المتساقط من السقوف ، وإن لم تكن حذرا ً لنلت قسطا ً وافيا ً من الماء المتساقط وخرجت بملابس مبلّلة ... لا نريد التعليق أكثر على مثل هذه الحالة ، حيث آثار الاستثمار المُزيّف واضحة على تنفيذ المطار من قبل شركة أو شركات تركية ، حيث واجهة الإقليم في دخول وخروج الأجانب .. علما ً أنني سافرت عبر الكثير من المطارات الدولية والمحلية في تركيا ، لم أرى مثل هذه الحالة حتى في مطار دياربكر الصغير جدا ً ، والمعروف لدى السادة المسافرين عبر هذا المطار داخليا ً أو إلى خارج تركيا ، هذا ما تتأسف عليه الكوردستانيين أو حتى العراقيين ( الوطنيين ) طبعا ً ...
 ولا يخفى عن الناس ، بأن هنالك أمثلة كثيرة عن الاستثمارات ، منها في مجال تنفيذ وبناء الشقق السكنية في الإقليم من قبل الشركات التركية ، وشركات أخرى تحت إشراف أو غطاء من الرؤوس الكبيرة ، والذين تحايلوا على المواطنين المغلوبين على أمرهم ، وبقاء البناء في المشروع في نصف الطريق  ، لا يستطيع المواطن حتى تقديم الشكوى القانونية ، لأن أصحاب الشركات المتنفذة فوق القانون ، هذا ما التمسناه من البرامج التلفزيونية في روداو وقنوات أخرى ، هذا ناهيك عن مواصفات تنفيذ المشاريع ليست في عِداد المواصفات المطلوبة دوليا ً رغم تكلفتها العالية على المواطنين الأبرياء ...
لنرجع ونتطرق إلى مثال آخر في هذا المجال ونقصد الاستثمار ، وهذه المرة محليا ً ، حينما جاء أحد المستثمرين المعروفين اقتصاديا ً قادما ً من بغداد ، ليستثمر جزءا ً من أمواله في خدمة المواطنين في إقليم كوردستان ، هذا ما رواه لي أحد الشخصيات الأربيلية ، حيث جاء المستثمر عبر قنواته إلى عاصمة الإقليم أربيل ، أراد المستثمر فقط قطعة أرض ( مساطحة ) لتنفيذ مشروع معامل إنتاج الألبان والأجبان ومشتقاته ، تكفي حسب ما يدلي به الشخصية البغدادية محافظات الإقليم ( أربيل ــ السليمانية ــ دهوك ) زائدا ً تغطية محافظة كركوك بأكملها ، كذلك تجهيز محافظة نينوى أيضا ً ، بحيث يستغني الإقليم وأجزاءا ً أخرى من استيراد مثل هذه المشتقات من تركيا وأيران ، هذا مع حصول الإقليم ما يعادل 25 % من الأرباح الصافية وبدون أي دعم عدا أرض المساطحة ... للأسف طبعا ً ، جاء ردّ الإقليم ومن خلال الحلقة المغلقة و ربّما المسيطرة على هيئة الاستثمار نفسها برفض نسبة الأرباح ، لا بل مطالبة المستثمر بنسبة 51 % من المشاركة والأرباح أيضا ً ، هذا الرد َ لم يكن بمثابة الصدمة للمستثمر فحسب ، بل غادر عاصمة الإقليم ومن غير رجعة تاركا ً رسالة شفهية ، مؤكدا ً لصاحبه الأربيلي ب ( أن القائمين على الاستثمار لديكم و من لَفَ لَفهُم من الرؤوس الكبيرة لا يخدمون شعب كوردستان وإنما يخدمون جيوبهم فقط ) ، هذا ما يأسف عليه الذين يعرفون قيمة مثل هذه الاستثمارات للبلد واستفادة مواطنيه المغلوبين على أمرهم ، يا ترى كَم مستثمر مثل هذا الأخ البغدادي،  ( أقصد في مجال الصناعة وهي عادة ستكون الركيزة التي تعتمد عليها البلدان بعد النفط ) ، أنهزم من سلوكيات وتصرفات الرؤوس الكبيرة والقائمين على مثل هذه الملفات المهمة والحساسة ، هؤلاء بالطبع عائقين أمام مصلحة البلد والمواطن وأمام تقدم وازدهار الإقليم مستقبلا ً من أجل بناء نظام اقتصادي سليم ومعافى من التدخل والسيطرة ، هؤلاء لا يهمهم غير المصالح الشخصية ونسب المحاصصة ودلالياتهم الضخمة .
خلاصة القول ، نعتقد وضمن المواصفات العالمية بأن الاستثمار في إقليم كوردستان دون المستوى المطلوب ، لا بُد ّ من التوجه نحو بناء قاعدة صناعية قوية ، وعدم الإتكال على النفط  فقط ، واستيراد أبسط المستلزمات من الخارج وخاصة الدول الإقليمية تركيا وايران ، حيث الدولتين تعترضان دائما ً على توجه الإقليم نحو المصير النهائي في تشكيل كيان أساسي ، وها  نحن على أبواب الاستفتاء وإعلان الدولة ... لذا نعتقد بأن مصير دولة دون اقتصاد قوي ، وبمثل هذه المواصفات الحالية ستكون ذات مستقبل مجهول ...
دهوك في
11 / 5 / 2017

ليست هناك تعليقات: