الأربعاء، 23 أغسطس 2017


الأيزيديون لا يؤمنون بعاصفة الانتقام !!!
حسين حسن نرمو
القليل من الكتاب والمؤرخين ، الذين كتبوا أو دَوَنوا تاريخ الأيزيدية أنصفهم ، على الأقل فيما يتعلق الأمر بالظلم والاضطهاد والفرمانات ( قرارات جينوسايد ) ، حيث تعرضوا لها من الآخرين ، الذين عادة وضعوا ويضعون هذا المكون المغلوب على أمره ( المكون الأيزيدي ) في خانة الكُفر والإلحاد ، ولا بُد َ من إذعانهم أو خضوعهم وترك دينهم ، ليلحقوا بركب دين الحق ، هكذا يتصورون التيارات المتشددة الإسلامية وربّما غير المتشددة أيضا ً ، نعم تاريخ الأيزيدية حافل ٌ بحملات القتل الجماعي ( الجينوسايد ) ، حتى بلغت بالأرقام ، لتأخذ الحملة الداعشية الأخيرة الفرمان رقم ( 74 ) ، تصوروا مكون ٌ يتعرض إلى مثل هذا العدد من الحملات العسكرية ، بحيث لم يتمكن وفي أحيانا ً كثيرة حتى الدفاع عن نفسه ، لذا كان الأيزيديون يخرجون من المعركة خاسرين ، لا بل الخاسر الأكبر من القتل الجماعي والاغتصاب وسبي نساءه قديما ً وحديثا ً وذلك لشدة هول الحملة عددا ً وعِدة ً ، والتاريخ الحقيقي لا المُزَيّف يشهد بذلك ... بالطبع الباقين من كُل ِ حملة ٍ ، يعيدون التنظيم ، يأخذون مناطق أكثر أمانا ً منها في جبل شنكال وجبال أخرى في مناطق الشيخان ، لتجنب التعرض مرة أخرى إلى الاضطهاد ، حيث يدعون بأمرهم إلى الله في الأعالي ( سلاح المستضعفين ) لأخذ حقهم ، وهذا لم يكن ضعفا ً وإنما نابعا ً من فلسفة أو ميثولوجيا الديانة الأيزيدية ، المدعوة دائما ً إلى التسامح والتعايش السلمي ، وعدم الانتقام من الآخر حتى لو كان هذا الآخر عدوا ً شرسا ً ومتطرّفا ً دينيا ً ، هذا ناهيك بأن الميثولوجيا هذه ، تدعو الخير إلى كُل الشعوب والمِلل على أرض المعمورة ، قبل أن تدعو إلى نفسه أي المكون الأيزيدي ....
ما حصل في شنكال خلال ما يقارب العقد ونيف من الزمن فاقت كُل التصورات ، هنا نقصد حادثتين فقط ، تفجيرات سيبا شيخ خدر وكر عزير في 14 / 8 / 2007 ، والتي وُصِفَت ب ( هيروشيما العراق ) آنذاك وعلى لسان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ( جورج دبليو بوش ) ، راحت ضحيتها أكثر ثلاثمائة شهيد وما يقارب الألف جريح ، ناهيك عن حجم الدمار التي خلفتها في دارفور العراق ( شنكال ) ، هكذا وصفها الدكتور برهم صالح نائب رئيس الوزراء العراقي حينذاك بعد الزيارة الميمونة والتي قام بها إلى مواقع الحدث ... أما ما حصل لشنكال في 3 / آب / 2014 ، فحدِث ولا حَرَج من القتل الجماعي ، والتدمير ، والاغتصاب الجماعي ،  والسبي الجماعي للنساء والبنات والبيع في أسواق النخاسة وفق مبادئ الفقه لدى القائمين على دولة الخرافة الإسلامية ( داعش ) ، تلك الحملة الداعشية على شنكال ، خلفت العشرات من المقابر الجماعية الموجودة فعلا ً ، ولو ( هنالك أيادي خفية من هنا وهناك ، وللأسف ربمّا من بني جلدتنا أيضا ً ، تحاول محوها لأسباب وغرض في نفس يعقوب ) ، كُل الآثار التي خَلَفَتها داعش توحي وتوصف بجينوسايد أو أكثر من جينوسايد على المكون الأيزيدي عامة ً وعلى أبناء شنكال خاصة ً ، هذا الاعتراف ، نادت به ، وتنادي بها أكثر من جهة أممية وأوربية في العديد من دول العالم ، في حين أهل الدار لا يعترفون لحد الآن بالقضية من الناحية الجينوسايدية ، لأن بصراحة ضمير الأسياد لا يقبل بذلك ، هذا ما بان على مستوى العشرات من الدول الاسلامية والآخرين ذات حُكم الدين الإسلامي ، والتي ترفض أصلا ً حتى إطلاق كلمة ( الكافر ) على الداعشي المجرم ، لا بل يتم وصفهم وحسب القول ب ( الخوارج ) الذين خرجوا عن الأئمة يوما ً ما ، وربّما الخوارج نفسهم كانوا أكثر ديمقراطيين من الأسياد الموجودين على رأس هذه الدول الإسلامية ، هذا ما يؤسف عليه كُل المكونات غير المسلمة الموجودة في العراق وسوريا أيضا ً ومن ضحايا داعش ومنهم المكون الأيزيدي الأكثر متضررا ً ...
الكُل يعلم ، وبحكم جغرافية شنكال ، والظروف التي مَرّت بها ، بعد مجئ داعش ، وربّما قبلها ، أو بعدها ، لتصبح فعلا ً ساحة ً للصراع السياسي ( صراع المصالح ) ، حيث أصبح عمقا ً استراتيجيا  ً لأكراد سوريا بعد الربيع العربي ، باعتبار شنكال على الحدود ، مما كانت ساحة ً وأرض خصبة بعد الفراغ الذي حصل بانسحاب البيشمه ركه ، نعم تم تمديد قواتها من حزب العمال الكوردستاني والجناحين العسكرين الرجالي والنسائي لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري ...
يجب أن لا ننسى بأن عمليات تحرير مناطق شنكال من سُلطة داعش تأخرت كثيرا ً ، حيث تزامنت المرحلة الأخيرة مناطق شنكال الجنوبية مع معركة تحرير الموصل ، نتجت ذلك التأخير بعض الاتفاقات بين إقليم كوردستان والحكومة المركزية لتوزيع الأدوار حول مشاركة قوات البيشمه ركه في التحرير ، مما كانت مناطق جنوب قضاء شنكال ، وقعت تحت حصة مشاركة الجيش العراقي والحشد الشعبي في تحريرها ، لهذا السبب وربّما لأسباب أخرى من عدم الاهتمام من قبل الأحزاب الكوردستانية ، ولا سيما الحزب الديمقراطي الكوردستاني بحكم مناطق الأيزيدية خاضعة تحت إدارته وسُلطته ، نعم حصل نفور ٌ أيزيدي ولا سيما في مناطق شنكال بالتوجه والالتحاق بجهات أخرى ، سواءا ً كانت كوردية خارج الحدود ، أو حتى عربية شيعية ، بعد التعاطف والاهتمام الإعلامي من قبل الشيعة ، وهيئة الحشد الشعبي بالقضية الأيزيدية ، ومعاناتها مؤخرا ً بعد هجمة داعش ، التحقت مجاميع من الشباب الشنكالي بالحشد الشعبي لتشكيل نواة قوات عسكرية تحت إمرتها ، حيث شاركت القوة الأيزيدية الحشدية فعلا ً في تحرير مناطقها ، لا سيما القرية الضحية كوجو ، والتي ستصبح مركز جينوسايد الأيزيدية ، لتشهد القرية نفسها بعد التحرير زيارة السفيرة للنوايا الحسنة ( ناديه مراد ) قريتها الضحية رقم واحد في هجمات داعش على العراق ...
خلاصة القول ، وبعد كُل الذي حصل ، وتشتت الأيزيدية من الناحية العسكرية بين قوات حزب العمال الكوردستاني ، الاتحاد الديمقراطي السوري ، تشكيلات عسكرية تابعة للحزبين الرئيسيين في إقليم كوردستان ، الديمقراطي ، الاتحاد الوطني ، ناهيك عن تشكيل أفواج من الحشد الشعبي الأيزيدي أيضا ً في المناطق الخاضعة لسلطة هيئة الحشد الشعبي ... نعم بعد هذا التشتت ، نرى بين الحين والآخر تُشيع اتهامات للضحية ( المكون الأيزيدي بأكمله ) ومن قبل البعض من جلاديها ، تارة ً تم اتهام الأيزيدية بحرق وتدمير القرى العربية المحاذية لنشاط القوات العسكرية للعزيزين قاسم وحيدر ششو ، تارة ً أخرى ، يُقتل أحد أبناء عشيرة الكركرية في المناطق الحدودية ، ( مناطق التهريب والمافيات بأشكاله وأنواعه ) ، يتم اتهام جُل أبناء الأيزيدية ومن قبل أحد الذوات المحسوب على شيوخ الكركرية ، ليبيح دم الأيزيدية والضحية رقم واحد في العراق من جديد ، وها يَطُل علينا أحد أعضاء البرلمان العراقي والمحسوب على عشيرة البومتيويت ، حيث شارك الكثير من أبناء عشيرته وبأدلة ووثائق في قتل واغتصاب وسبي الأيزيدية ، لا بل يتلو يتلو السيد علي المتيوتي بيانا ً ، وبحضور الكثير من أعضاء اتحاد القوى المأسوفين على بعضهم ، حيث كانوا أصدقاء لنا يوما ً ما في الدورة البرلمانية الثانية ومن أبناء الموصل وغيرهم ، دون أن يتأكدوا من حصول ومشاركة أبناء الأيزيدية في اختطاف أو قتل مواطنين من مناطق البعاج ...  
 هنا بقي أن نقول ، ونؤكد للقاصي والداني في العراق و جُل الدول الإسلامية ، والذين يؤمنون بلغة السيف لحد الآن ، بأن يصلحوا أنفسهم ، وهذا الإصلاح لا يتم إلا بتصحيح المسار التربوي في المناهج الدراسية ، بدءا ً من الروضات والمدارس الابتدائية ، وصولا ً إلى الجامعات ، والتركيز على مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، حيث في اعتقادنا بأن الإنسانية هي أساس كُل الأديان مع الخلاف في العادات والتقاليد لِكُل ِ دين ٍ ، ونقول بأن مبادئ الديانة الأيزيدية الموغلة في القِدَم والتي تعرضت إلى أشد أنواع الاضطهاد والقتل الجماعي و ... و ... لا يؤمنون أي الأيزيديون بعاصفة الانتقام مثل الآخرين ، وإنما يؤمنون بثقافة التسامح والتعايش مع الآخرين على أساس مبادئ الإنسانية السمحاء ...
النصيرية في
23 / 8 / 2017

ليست هناك تعليقات: