السبت، 19 أغسطس 2017

البارزاني مصطفى ( رحمه الله ) و الفساد !!!


البارزاني مصطفى ( رحمه ُالله ) و الفساد !!!
حسين حسن نرمو
كثيرة هي الثورات ، التي طالت و تُطال مداها ، حدثت على مستوى العالم أجمع ، تلك الثورات نادت باسم شعوبها وفق شعارات معروفة  بالتحرّر من الظُلم ، الاضطهاد ، العبودية ، الدكتاتوريات والسُلطات الانفرادية في دولهم أو مناطقهم ... منها أي الثورات كانت سلمية وبيضاء ، حققت أهدافها في رفع الحيف والظلم على الشعوب ، ومنها كانت دموية وقتالية ، حاربت الدكتاتوريات وقدمت الكثير من الضحايا والشهداء ... من الثورات أيضا ً أنصفت حقوق رجالها الغيارى وشهداءها ، ومنها ابتلعت رجالها الشُجعان وحقوق ضحاياها ، لكنها أعطت كُل الحقوق والامتيازات للجُبناء الصاعدين على أكتاف الثوريين والذين اصطفوا يوما ً ما مع الأعداء ضد الثورات ...
الشعب الكوردي أو الكوردستاني وبعد التقسيم وفق معاهدة ( سايكس ــ بيكو ) ، نال قسطا ً كبيرا ً من الظُلم والاضطهاد تحت نير السُلطات المتعاقبة في الدول ذات الوجود الكوردي ، تلك السُلطات كانت ديمقراطية وأشباهها قبل الدكتاتوريات ... لذا الكورد كغيرهم من المظلومين ، قاموا بانتفاضات وحركات وثورات عديدة وفي مراحل مختلفة ، نادوا بالحقوق أقل من المشروعة أحيانا ً وأبسطها في الكثير من الأحيان ... ثورة أيلول المجيدة على سبيل المثال لا الحصر ، كانت من الثورات طويلة الأمد ، دامت قرابة عقد ٌ ونيف من الزمن ، تخللتها عدا صولات القتال طبعا ً بين قوات البيشمه ركه المُدافعة عن الحقوق المشروعة للكورد من جهة ، والقوات العراقية حينذاك من الجيش العراقي النظامي ، المعروف بعدده ، عِدَته وشراسته مع القوات غير النظامية المتجحفلة مع الجيش آنذاك من ( الفرسان ) الكورد والذين تحالفوا أو بالأحرى تواطئوا مع الدولة العراقية ضد الثورة ، نعم عدا الجولات الطويلة من القتال وأثناء ثورة أيلول ، تخلّلت العديد من جولات المفاوضات بين فترة وأخرى ، بين القيادة السياسية والعسكرية للكورد ، والحكومات المتعاقبة ، التي حَكَمَت غالبيتها بالحديد والنار الشعب العراقي بأكمله عربا ً وكوردا ً والمكونات الأخرى ، ( ربّما كانت تلك الفترات ــ الهدنات ــ سببا ً في إطالة عمر البعض من الحكومات أو الدكتاتوريات لا سيما في عام 1970 وعام 1975 تحديدا ً ) ، بالتأكيد خلال المفاوضات ، صدرت بيانات وكُتِبَت اتفاقيات تضمنت نقاطا ً لحسم الخلاف ، كانت آخرها الهُدنة الطويلة سُميت باتفاقية 11 آذار عام 1970 ، والتي دامت أربع سنوات ، قبل أن تتجدد القتال مرة أخرى ولِمدة عام بأكمله ، انتهت الثورة بالمؤامرة المعروفة ، وفق اتفاقية الجزائر بين العراق ( صدام حسين ) و أيران ( محمد رضا بهلوي ) في جزائر العاصمة برعاية ( هواري بومدين ) ...
رغم صعوبة الظروف في الجبال حينذاك ، إلا أن الحزب القائد للثورة بقيادة المغفور له البارزاني مصطفى ، تواقا ً بين فترة وأخرى لعقد الكونفرانسات والمؤتمرات الحزبية ، لتقييم الأوضاع القائمة آنئذ ، حيث المندوبين يشاركون في المؤتمرات قاطعين مئات الكيلومترات ، مستغرقين أياما ً في المشي على الأقدام نحو المكان والزمان المحددين ، حتى يستمعون ، أو يرون قائدهم من بعيد في الكثيرمن الأحيان ... طالما موضوع مقالنا عن الفساد والبارزاني الخالد ، لنرى ماذا قال البارزاني مصطفى زعيم الحركة التحررية الكوردية خلال عقود ٍ من الزمن ، نعم قال في خطابه المرتجل  في 15 / نيسان / 1967 وفي إحدى الكونفرانسات  للبارتي ، نقتبس من خطابه وما قال عن الفساد والفاسدين ... ( المسسؤول الذي يتخلى عن مصالح الثورة من أجل مصالحه الشخصية ، أو الذي يعمل لملئ جيوبه ، مثل هذا الشخص لا يُمكن اعتباره كورديا ً ولا يمكن أن يخدم الثورة ) ... تصوروا ( لا يمكن اعتباره كورديا ً ) ...
إذا ً ! هكذا وصف البارزاني حينذاك الفاسد والفاسدين ، وبأسلوب ثوري أمام حشد المؤتمرين ، والذين كانوا يمثلون كافة تنظيمات الحزب في عموم كوردستان ، ( بالتأكيد هنالك البعض الكثير من الحاضرين آنذاك في الكونفرانس أحياءا ً لا يزالون يرزقون ، ربما يكونوا البعض منهم الآن في خانة المفسدين ) ...
خلاصة القول : ــ يا ترى ، ولنفرض جدلا ً ، لو بقي البارزاني حيا ً وعاصر مرحلة ما بعد الانتفاضة ولحد الآن ، ورأى بأم عينيه ما تجري في كوردستان من سوء الإدارة ، استغلال المناصب ، امتلاك الاراضي الميرية وغيرها ، والاستثمار المزيّف لصالح طبقة معينة ، وربّما محسوبة عليه بالدرجة الأساس ، لجمع الأموال على حساب الإقليم ، ليتم إيداع وتسجيل المليارات من العملة الصعبة بأسماء الكبار والصغار في بنوك سويسرا وربّما في أمريكا أيضا ً ... نعم ، لو عاصر البارزاني الخالد عصر الفساد هذا ...
هل كان سيتذكر مقولته المعروفة والتي قالها في خطابه المؤتمري قبل عقود من الزمن الثوري ؟
أم كان ، سيقبل بالوضع الحالي مثل الثوريين الآخرين ، ليكون عفا الله عما سلف ، ويسايس الوضع ، ويجامل القائمين على ذلك صغار الأمس وكُبار اليوم ، بما فعلوا ويفعلون بمقدّرات كوردستان ، ومحاولة امتلاك كُل شئ ، ولا يشبعون ؟
أم كان يدعو أو يسارع إلى مكافحة الفساد ويطبق الشعار المعروف ( من أين لك هذا ) ؟
لكن ! في اعتقادي لو كان البارزاني مصطفى رحمه الله موجودا ً ، أو كما قلنا لو عاد إلى الوجود جدلا ً خلال العقدين الماضيين أو أكثر منهما بقليل ... بالتأكيد  كان سيتمنى العودة أو الرجوع إلى الماضي الثوري ، ربّما بالموت ألف مرة ولا يرى ما يجري الآن ، ولا كما يعملون القادة الآنيين ، من الهروب إلى الأمام أو المستقبل ، للخروج من الأزمات ، ومعالجة الواحدة بأخرى ، لتكون أكبر من التي سبقتها وأكثر تركة ً وثقلا ً على كاهل الشعب وتحديدا ً الفقراء منه ...
18 / 8 / 2017
 

ليست هناك تعليقات: