البارزاني
مصطفى ( رحمه ُالله ) و الفساد !!!
حسين حسن
نرمو
كثيرة هي
الثورات ، التي طالت و تُطال مداها ، حدثت على مستوى العالم أجمع ، تلك الثورات
نادت باسم شعوبها وفق شعارات معروفة
بالتحرّر من الظُلم ، الاضطهاد ، العبودية ، الدكتاتوريات والسُلطات
الانفرادية في دولهم أو مناطقهم ... منها أي الثورات كانت سلمية وبيضاء ، حققت
أهدافها في رفع الحيف والظلم على الشعوب ، ومنها كانت دموية وقتالية ، حاربت
الدكتاتوريات وقدمت الكثير من الضحايا والشهداء ... من الثورات أيضا ً أنصفت حقوق
رجالها الغيارى وشهداءها ، ومنها ابتلعت رجالها الشُجعان وحقوق ضحاياها ، لكنها
أعطت كُل الحقوق والامتيازات للجُبناء الصاعدين على أكتاف الثوريين والذين اصطفوا يوما
ً ما مع الأعداء ضد الثورات ...
الشعب
الكوردي أو الكوردستاني وبعد التقسيم وفق معاهدة ( سايكس ــ بيكو ) ، نال قسطا ً
كبيرا ً من الظُلم والاضطهاد تحت نير السُلطات المتعاقبة في الدول ذات الوجود
الكوردي ، تلك السُلطات كانت ديمقراطية وأشباهها قبل الدكتاتوريات ... لذا الكورد
كغيرهم من المظلومين ، قاموا بانتفاضات وحركات وثورات عديدة وفي مراحل مختلفة ،
نادوا بالحقوق أقل من المشروعة أحيانا ً وأبسطها في الكثير من الأحيان ... ثورة
أيلول المجيدة على سبيل المثال لا الحصر ، كانت من الثورات طويلة الأمد ، دامت
قرابة عقد ٌ ونيف من الزمن ، تخللتها عدا صولات القتال طبعا ً بين قوات البيشمه
ركه المُدافعة عن الحقوق المشروعة للكورد من جهة ، والقوات العراقية حينذاك من
الجيش العراقي النظامي ، المعروف بعدده ، عِدَته وشراسته مع القوات غير النظامية المتجحفلة
مع الجيش آنذاك من ( الفرسان ) الكورد والذين تحالفوا أو بالأحرى تواطئوا مع
الدولة العراقية ضد الثورة ، نعم عدا الجولات الطويلة من القتال وأثناء ثورة أيلول
، تخلّلت العديد من جولات المفاوضات بين فترة وأخرى ، بين القيادة السياسية
والعسكرية للكورد ، والحكومات المتعاقبة ، التي حَكَمَت غالبيتها بالحديد والنار
الشعب العراقي بأكمله عربا ً وكوردا ً والمكونات الأخرى ، ( ربّما كانت تلك
الفترات ــ الهدنات ــ سببا ً في إطالة عمر البعض من الحكومات أو الدكتاتوريات لا
سيما في عام 1970 وعام 1975 تحديدا ً ) ، بالتأكيد خلال المفاوضات ، صدرت بيانات
وكُتِبَت اتفاقيات تضمنت نقاطا ً لحسم الخلاف ، كانت آخرها الهُدنة الطويلة سُميت
باتفاقية 11 آذار عام 1970 ، والتي دامت أربع سنوات ، قبل أن تتجدد القتال مرة
أخرى ولِمدة عام بأكمله ، انتهت الثورة بالمؤامرة المعروفة ، وفق اتفاقية الجزائر
بين العراق ( صدام حسين ) و أيران ( محمد رضا بهلوي ) في جزائر العاصمة برعاية (
هواري بومدين ) ...
رغم صعوبة
الظروف في الجبال حينذاك ، إلا أن الحزب القائد للثورة بقيادة المغفور له
البارزاني مصطفى ، تواقا ً بين فترة وأخرى لعقد الكونفرانسات والمؤتمرات الحزبية ،
لتقييم الأوضاع القائمة آنئذ ، حيث المندوبين يشاركون في المؤتمرات قاطعين مئات
الكيلومترات ، مستغرقين أياما ً في المشي على الأقدام نحو المكان والزمان المحددين
، حتى يستمعون ، أو يرون قائدهم من بعيد في الكثيرمن الأحيان ... طالما موضوع
مقالنا عن الفساد والبارزاني الخالد ، لنرى ماذا قال البارزاني مصطفى زعيم الحركة
التحررية الكوردية خلال عقود ٍ من الزمن ، نعم قال في خطابه المرتجل في 15 / نيسان / 1967 وفي إحدى الكونفرانسات للبارتي ، نقتبس من خطابه وما قال عن الفساد
والفاسدين ... ( المسسؤول الذي يتخلى عن مصالح الثورة من أجل مصالحه الشخصية ، أو
الذي يعمل لملئ جيوبه ، مثل هذا الشخص لا يُمكن اعتباره كورديا ً ولا يمكن أن يخدم
الثورة ) ... تصوروا ( لا يمكن اعتباره كورديا ً ) ...
إذا ً !
هكذا وصف البارزاني حينذاك الفاسد والفاسدين ، وبأسلوب ثوري أمام حشد المؤتمرين ، والذين
كانوا يمثلون كافة تنظيمات الحزب في عموم كوردستان ، ( بالتأكيد هنالك البعض
الكثير من الحاضرين آنذاك في الكونفرانس أحياءا ً لا يزالون يرزقون ، ربما يكونوا
البعض منهم الآن في خانة المفسدين ) ...
خلاصة
القول : ــ يا ترى ، ولنفرض جدلا ً ، لو بقي البارزاني حيا ً وعاصر مرحلة ما بعد
الانتفاضة ولحد الآن ، ورأى بأم عينيه ما تجري في كوردستان من سوء الإدارة ،
استغلال المناصب ، امتلاك الاراضي الميرية وغيرها ، والاستثمار المزيّف لصالح طبقة
معينة ، وربّما محسوبة عليه بالدرجة الأساس ، لجمع الأموال على حساب الإقليم ،
ليتم إيداع وتسجيل المليارات من العملة الصعبة بأسماء الكبار والصغار في بنوك
سويسرا وربّما في أمريكا أيضا ً ... نعم ، لو عاصر البارزاني الخالد عصر الفساد
هذا ...
هل كان
سيتذكر مقولته المعروفة والتي قالها في خطابه المؤتمري قبل عقود من الزمن الثوري ؟
أم كان ، سيقبل
بالوضع الحالي مثل الثوريين الآخرين ، ليكون عفا الله عما سلف ، ويسايس الوضع ، ويجامل
القائمين على ذلك صغار الأمس وكُبار اليوم ، بما فعلوا ويفعلون بمقدّرات كوردستان ،
ومحاولة امتلاك كُل شئ ، ولا يشبعون ؟
أم كان
يدعو أو يسارع إلى مكافحة الفساد ويطبق الشعار المعروف ( من أين لك هذا ) ؟
لكن ! في
اعتقادي لو كان البارزاني مصطفى رحمه الله موجودا ً ، أو كما قلنا لو عاد إلى
الوجود جدلا ً خلال العقدين الماضيين أو أكثر منهما بقليل ... بالتأكيد كان سيتمنى العودة أو الرجوع إلى الماضي الثوري
، ربّما بالموت ألف مرة ولا يرى ما يجري الآن ، ولا كما يعملون القادة الآنيين ، من
الهروب إلى الأمام أو المستقبل ، للخروج من الأزمات ، ومعالجة الواحدة بأخرى ، لتكون
أكبر من التي سبقتها وأكثر تركة ً وثقلا ً على كاهل الشعب وتحديدا ً الفقراء منه
...
18 / 8 /
2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق