بقلم / حسين حسن نرمو
لا شك بأن في ظل الأنظمة الديمقراطية الصحيحة ، لا يجوز بل من الممنوع جدا ً ممارسة التنظيم الحزبي داخل أروقة الكثير من المرافق الحساسة والتي تهم مستقبل البلد أو الوطن ، من المؤسسات الحيوية والمهمة في تاريخ أي بلد والتي من المفروض أن تكون بعيدة ً عن التسيّس ودور الأحزاب فيها هي منظومة الجيش والذي لا بد من ولاءها للوطن والدفاع عن أمنه وسلامته ضد الضغوطات والتدخلات الخارجية ، كذلك مؤسسة قوى الأمن الداخلي " الشرطة " المرتبطة بالحكومة التي تحكم البلد مباشرة ً ، حيث لا بد من توجيه وتوعية هذه القوى لتكون في خدمة الشعب بدون إستثناء لا في خدمة هذه الجهة السياسية أو تلك ، أما السلك الآخر الذي يهمنا في التركيز عليه في هذا المقال هو التعليم بدءا ً من الدراسة الأبتدائية " المُعلمين " وأنتهاءا ً بالدراسة الجامعية ، حيث من المفترض أن يكون هذا السلك أيضا ً بعيدا ً عن التدخلات ودور الأحزاب .
في العراق التعددي الفيدرالي الديمقراطي أ ُخترقت أكثرية مؤسسات الدولة إن لم نقل كُلها من قبل الجهات السياسية المتعددة التي عارضت النظام السابق على ضوء السلوك أو التصرفات التي هُم للأسف على رأسها الآن ،هذا ما يُعلن على لسان مسؤولين حكوميين منهم على سبيل المثال لا الحصر ما قال السيد وزير التعليم العالي في إحدى تصريحاته حول تَدَخل الجهات السياسية في شؤون الجامعات العراقية والذي أشار إلى خطورة مثل هذه الظاهرة غير المعقولة داخل الحرم الجامعي مما يؤثرعلى سير ومستوى التعليم العالي في العراق .
في أقليم كوردستان العراق والذي خاض ولا يزال أول تجربة ديمقراطية ربما على مستوى الشرق الأوسط منذ ما يقارب العقدين من الزمن بعد أجراء الأنتخابات في بداية التسعينات من القرن المنصرم ، للأسف بَقت هذه التجربة بعيدة ً عن النظام المؤسساتي في إدارة دفة الحُكم ، لكن الآمال تتجه الآن نحو التشكيلة الجديدة " الكابينة السادسة " برئاسة الدكتور برهم صالح حول تصحيح مسار الديمقراطية لتُصبح الديمقراطية وكما يجب أن تكون ، حيث أتضح من خلال جهوده المكثّفة وزياراته الميدانية وحواراته التلفزيونية ، في حوار مباشر مع مجموعة من الكُتاب والمثقفين والشُعراء والتربويين على شاشة تلفزيون شعب كوردستان الفضائية ، تَقَبَل برحابة الصدر أنتقادات وتوجيهات ضيوف البرنامج ليطرح برامج حكومته التي من المزمع القيام بها ، في أنتقاد موجه إلى الحكومة من قبل أحد الحضور والذي كان على ما يبدو من التربويين المعروفين ، حيث قال بأن أكثر من 90 % من مدراء المدارس والأعداديات في مدينة السليمانية هُم من أنصار الأتحاد الوطني الكوردستاني المنظّمين ، وهكذا بالنسبة إلى أربيل العاصمة ودهوك من أنصار الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، هذا إن دلّ على شئ ، إنما يدل على تدخّل الأحزاب الكوردستانية في شؤون التربية والتعليم والذي يُشكل سابقة خطيرة على مستقبل هذين السلكين المهّمين في حياة شعب كوردستان ، حيث من المفروض على السيد رئيس حكومة الأقليم العمل على تجاوز المرحلة ، نعم أيها السادة القراء ، الأسلوب المبني على التسكية الحزبية كان معمولا ً به في تعيين المُعلمين والمدرّسين في أكثرية مناطق كوردستان ، حيث كان من الصعب جدا ً الحصول على درجة تعيين بدون تنظيم أستمارة الأنتماء الحزبي ، وهذا كان وسيكون أنتهاك صارخ وصريح لحقوق الأنسان الطوعية في الأنتماء إلى التنظيم السياسي وبالتالي لها تأثير مباشر على الأستفادة من الكفاءات الذين لا يرغبون التعيين بمثل هذه الطريقة الذي كنا ولا نزال من المأسوفين عليها . طالما لا زلنا في طور الحديث عن التعينات في القطاع التربوي ، لذا لا بد من الأشارة إلى قرار مجلس الوزراء الكوردستاني الحديث جدا ً في 17 / 11 / 2009 وضمن أطار مشروع كبير للعام الدراسي 2010 أسندت إلى وزارة التربية في الأقليم وضمن خطة ميزانية العام القادم ببناء مبنى لتربية قضاء شنكال زائدا ً ( 11 ) إحدى عشر مدرسة في حدود بلدية القضاء ، هذا ناهيك عن تعيين ( 500 ) خمسمائة معلم وموظف تربوي ، الذي نوّد التعليق على مثل هذه الخطوة والتي يمكن تسميتها بالمُهِمة والستراتيجية ، لذا يُمكن الأعتماد وخاصة مسألة التعينات على نظام خاص بعيد ٌ عن أطار الأحتواء الحزبي وعدم الأعتماد على النظام المعمول به سابقا ً ، حيث يُفضل تشكيل لجنة محايدة من الوزارة للأشراف ووضع آلية مناسبة لأختيار طلبات التعيين وحبذا لو يتم الأعلان عنها مسبقا ً في وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمقروئة في المنطقة ليكون الكُل على دراية بمسألة التعيينات ليتسنى لأكثر عدد من الخريجين المتخصصين الأستفادة من فُرص التعيين في المشروع المُعلن من قبل وزارة الدكتور برهم الجديدة ...
ألمانيا في
28 / 11 / 2009