بغداد / حسين حسن نرمو
الصابئة المندائيين مكون صغير ، ربما أصغر المكونات ( الأقليات ) العراقية التي لا تتجاوز تعدادهم عشرات الآلاف في العراق والمهجر ، لكنهم متحّدين ، متماسكين مع رئاسة طائفتهم ، كذلك أيضا ًمنظّمين من الناحية السياسية والعملية بهيئة أستشارية منتخبة ، تبحث في الصغيرة قبل الكبيرة فيما تتعلق الأمر بمصيرهم وخاصة بعد التحول الذي حصل في العراق اثر سقوط أعتى الدكتاتوريات والتوجه نحو الديمقراطية وفق قواعد الدستور العراقي الدائم ، حيث لم تفوتهم الفرصة حتى بعد الانتخابات الأخيرة والفوز بمقعد الكوتا ، لوضع خطة عمل طموحة وعلى شكل برنامج مدروس من قبل رئاسة الطائفة وهيئتها الأستشارية بمشاركة ممثلهم في البرلمان العراقي ، هذا ما أفاد به الأخير وفي لقاء خاص مع مجلة زهرة نيسان في عددها السادس والسبعون ، مبينا ً الأهداف الخاصة ببرنامجه لكسب المزيد من الحقوق والمكتسبات بقدر ما يتعلق الأمر بمكون الصابئة ، منها تفعيل مواد الدستور الخاصة بالمساواة والحقوق وتشكيل لجنة برلمانية للأقليات وتكوين مجلس أمني للأقليات ... وهلم جرا ....
ربما يستغرب القارئ الكريم ومن الوهلة الأولى من هذه المقدمة التي قد لا تتوالم مع عنوان المقال ، لكن القصد منها لأجل المقارنة لا أكثر، مع جُل الأحترام والتقدير لأخوتنا الصابئة في الوطن ، حيث ما يتمتعون به ويمارسونها على أرض الواقع ، نفتقده نحن الأيزيدية لأسباب شتى لا نريد التطرق إليها في هذا المقال غير ما يتعلق الأمر برأس الهرم والذي نعتقد بأنه السبب الرئيسي لتشتيت بني جلدته ، ربما أفتقاره لفنون وأساليب القيادة ، كذلك هنالك تشابه بين الأيزيديين وبين الصابئة إلى حد ما في تركيبة الرئاسة الدينية والهيئة أو اللجنة الأستشارية ، لكن الأختلاف في التنظيم والأستشارة العملية والسلطة الدينية . الذي يتابع المقدمة ، يرى بأن للصابئة مقعد خاص ( الكوتة ) في البرلمان العراقي ، مثل الأيزيدية أيضا ً لهم نفس المقعد ، إضافة إلى أن للأيزيدية بحُكم جغرافية المنطقة ومكان تواجدهم في محافظة نينوى وبدعم من الأحزاب الكوردستانية الأتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني حصلوا على ست مقاعد برلمانية في الانتخابات الأخيرة ... نرى بأن كان من المفترض أن يدعو سمُو الأمير هؤلاء البرلمانيين والذي شغل مقعد الكوتة أيضا ً إلى مأدبة غداء أو عشاء بحضور المجلس الروحاني واللجنة الأستشارية ( المُعَينة ) من قبله والبعض من الرموز الأجتماعية ، الدينية ، الثقافية والسياسية الأيزيدية للبحث حول تنظيم آلية كيفية التعامل مع الظروف الراهنة ، لوضع برنامج خاص ومدروس حول حقوق الأيزيدية في العراق الجديد من أجل المطالبة بها وتثبيتها في مشاريع ومقترحات القوانين التي سيتم بحثها في الدورة البرلمانية الثانية ، حيث لا يزال العراق في طور المرحلة الانتقالية والمهمة جدا ً لكُل أطياف الشعب العراقي . لكن ! للأسف لم يفعل ذلك ، لا بل أسّتكثر علينا نحن الفائزين في الانتخابات ببطاقة تهنئة شخصية أو بأسم مجلسه الروحاني ( الموقر والمُعَطّل ) ، مثلما فعلها شخصيات وعلى مستوى وزراء في الحكومة العراقية بإرسالنا بطاقات التهنئة ومن خارج الطيف الأيزيدي ، ربما لغرض في نفس يعقوب ، أو ربما كان منتظرا ً أن نقوم بالواجب والذهاب إليه لتقديم العطايا مثلما فعل بعض أخوتنا الزملاء الفائزين ذلك وهذا ما نأسف عليه .
صحيح هنالك من بين الأعضاء الجدد وحتى شخصيات ايزيدية أخرى كثيرة لا تتماشى مع رغبات وإملاءات سمو الأمير ، لكن في نهاية المطاف ، لا بد من التفكير والتخطيط من أجل المصلحة الأيزيدية العليا ، حيث بهذه المناسبة ، نود الإشارة إلى أن سمو الأمير والمجلس الروحاني كانوا في ضيافة السيد رئيس برلمان كوردستان قبل فترة ربما حول عملية التعداد العام للسكان والمساكن المزمع أجراءه خلال هذا العام ، وتم إعلانها آنذاك في وسائل الأعلام باللقاء المهم وكأن تم حل كافة مشاكل الأيزيدية ، وطلب سموه من رئيس البرلمان حينذاك مقابلة مع رئيس أقليم كوردستان ، حيث الأخير بمثابة الرئيس لكل الكوردستانيين بدون تمييز واعتبار هذا أو ذاك من مؤيدي هذه الجهة السياسية أو تلك وحبذا لو يتفرغ لمنصبه كرئيس أقليم فقط ، حيث قدم سمو الأمير لائحة أسماء بالذين يرافقونه لزيارة رئيس الإقليم وفق رؤيته الشخصية ، لكن بجهود الخيرين في أروقة البرلمان الكوردستاني تم إضافة شخصيات أخرى إلى اللائحة ، لتأخذ الزيارة صدى ً أكثر وتتجاوز تشكيلة الوفود الوجوه الكلاسيكية المعروفة والتي بات البعض منهم في خبر كان لمصالح بني جلدتهم ، هذه بالتأكيد ليست المرة الأولى التي يتم فيها تغيير جذري أو جزئي في تشكيلة الوفود الأيزيدية إلى رئاسة الإقليم ، ربما بسبب الصراعات السياسية وتعددية مصادر القرار للمكون الأيزيدي لدى الأحزاب الكوردستانية ومعاناة هذا المكون الأصيل من أزمة القيادة بامتياز ، حيث كان لدينا التجربة نفسها في تشكيلة الوفد الأيزيدي من أوربا أبان تزامن مظاهرة بروكسل المعروفة بسبب أحداث شنكال ووجود الرئيس البارزاني في البرلمان الأوربي في نهاية عام 2007 ، بعد أيعاز سيادته بزيارة وفد من المتظاهرين ، لكن انقلبت الآية حينذاك ليحل محل عكس ما أراد السيد البارزاني ( للأسف بدون علمه ) آخرين ليس لهم علاقة بالمظاهرة فحسب ، بل وقفوا ضدها آنذاك .
لذا لا بد من القول بأن المفاجئة أو عملية الإقصاء تكرّرت ، لتحصد أسماء مقترحين في تشكيلة ( الوفد السموي ) إلى رئاسة إقليم كوردستان مؤخرا ً لسببين لا ثالث لهما حسب رؤيتنا للواقع . أما هؤلاء المرفوضين غير مقبولين لدى القائمين على تهيئة وإعداد مثل هذه الوفود وفق مراسيم خاصة ذات أبعاد سياسية وحزبوية وهذا ما نأسف عليه إقليميا ً وحزبيا ً ( الحزب الديمقراطي ) لأننا أكدنا ولا نزال بأن الرئيس البارزاني هو رئيسا ً منتخبا ً لإقليم كوردستان إضافة ً إلى مهامه كرئيس حزب حاليا ً ؟ أو هؤلاء محسوبين من ( الخوارج ) عن طاعة سمو الأمير . إذا كان هو السبب ! وهذا ما نأسف عليه أيضا ً أيزيديا ً ، لأننا نرى بأن سمو الأمير هو أمير لكل الأيزيديين ، لا لحاشية معينة أو مختارة وفق المزاج ؟
بغداد في 24 / 10 / 2010