المانيا ــ حسين حسن نرمو
هذه ال ( لا ) الثانية التي أطلقها البيشمه ركه الكولاني الشهيد تمر شمدين بعد أن وقع في الأسر أثر معركة غير متكافئة مع قوات النظام البائد أبان ثورة كولان المعروفة وكما أسلفنا في الجزء الأول من مقالنا ، حينما قال في وجه الذين حققوا معه ، قال بأنه كوردي القومية وبإمتياز وليس عربي مثلما أرادوا ولا يساوم إطلاقا ً على إنتماءه القومي الأصيل ... وعلى ضوء ما تَعَنَت به أمام أزلام النظام السابق ، تم إحالته إلى محكمة الثورة السيئة الصيت في بغداد العاصمة حينذاك لإصدار أحكام جاهزة على أمثاله الذين كانوا يتحدون سياسة أو نظام الحزب الواحد ، حيث كان شعارهم دائما ً القتل أو السجن المؤبد لِمَن يعاديهم أو حتى يخالف أوامرهم وهذا هو ديدن كُل الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة التي حَكمت بالحديد والنار على الشعب العراقي المغلوب على أمره . نعم صفا الدهر بهذا البيشمه ركه في دهاليز السجون المظلمة للنظام ، حيث كان من النادر جدا ً أن يفلت من العقوبة المواطنون الأحرار الذين كانوا يدافعون عن حقوق الشعب العراقي عامة ً وحقوق الشعب الكوردستاني بشكل خاص ، وقضى سنين طِوال من عمره وهو شاب ٌ في سجن أبو غريب الغني عن التعريف وذاع صيت هذا السجن بعد الأحتلال الأمريكي للعراق وسقوط بغداد . كما هو معروف بأن النظام العراقي البائد بقيادة القائد الضرورة كان يدخل حرب تلو الأخرى ، عدا الحرب المفتوحة مع الحركة التحررية الكوردستانية دخل في حرب طويلة الأمد مع الجمهورية الأسلامية الأيرانية دامت ثمان سنوات ليخرج منه قائدا ً منتصرا ً من وجهة نظر نظامه حينذاك ، ليدفع به الغرور بعد عامين فقط من احتلال الكويت مما أدى إلى خلق حالة جديدة لقلب موازين القوى ضد النظام وقيام الأنتفاضة في غالبية محافظات العراق بدءا ً من قضاء رانية وإنتهاءا ً بالبصرة الفيحاء ، بعدها حدثت الهجرة المليونية للشعب الكوردستاني والتدخل الدولي في الشأن العراقي بالحماية الجوية لكوردستان ، حيث أضطر النظام البائد لفتح قنوات الحوار مع القيادة الكوردستانية ولمراحل في بداية التسعينات من القرن المنصرم مما أدى إلى الأتفاق على صفقات بين النظام والقيادة الكوردستانية ليشاء القدر أن يكون ملف السجناء السياسيين إحدى الملفات المهمة والتي أصرت الوفود الكوردية المفاوضة على حسمها لإطلاق سراحهم ، لذا كان البيشمه ركه ( تمر شمدين ) أحد هؤلاء السجناء الذين تم الأتفاق على إطلاق سراحهم ، وفي اليوم الموعود والمقرر على خروج هؤلاء الأبطال من السجن والذين ضحوا بسنوات شبابهم للدفاع عن قضية شعبهم ، حيث كان المقرر آنذاك وأثناء الخروج من القبو وحسب العرف المتبع في سجن أبو غريب أن يهتفوا بإسم أو يصفقوا للقائد الضرورة لكرمه المشهود وموافقته على إطلاق سراحهم . لكن ! هذا البيشمه ركه أبى أن ينفذ هذا الأمر ليقول بالحرف الواحد ( لا أصفق لِمَن حَكَمَني بالسجن المؤبد ) مفضلا ً الرجوع إلى السجن . وبالتأكيد حينذاك كان الأمر منتهيا ً والقرار كان سياسيا ً وفوق سلطات المشرفين على سجون النظام ، لذا خرجوا من السجن وهم مرفوعي الرأس ولم ينفذ ( الشهيد تمر ) ما كان من المقرر الترويج والتطبيل للنظام .
h.nermo@gmail.com
www।hnermo.bgogspot.com