بغداد / حسين حسن نرمو
ليس من طبعي أن أمدح َ شخصية معينة ، مهما
تكون مكانته ِ بقدر ما يكون المدح على أساس المهنية والمصلحة العليا للبلد ، لأنني
معروف بالنقد وأي مقال لي لا يحتوي على نقد بناء طبعا ً بعيدا ً عن التشهير لا أرى
فيه طعما ً للقراءة لا لي ولا حتى للقراء الأعزاء . الشخصية المعنية في عنوان
المقال هو الوزير وصاحب القرار الجرئ هو السيد محمد توفيق علاوي وزير الاتصالات
العراقي والذي قدم استقالته قبل فترة إلى دولة رئيس الوزراء العراقي السيد نوري
المالكي . هذا الوزير التقينا معه بحكم العمل مرات عدّة ، وهو الذي تبوأ هذا
المنصب وفق مبدأ المحاصصة في الحكومات العراقية المتعاقبة بعد سقوط بغداد والاحتلال
الأمريكي ، نعم ترأس وزارة مهمة جدا ً والتي تُصنّف دائما ً في الدول النفطية
بوزارة النفط الثانية ، كون هذه الوزارة تأتي بواردات إلى الدولة من تأجير الفضاء
، سواء ً من خلال عقود شركات الهواتف النقالة أو القنوات الفضائية والراديوات ،
ناهيك عن شبكات الإنترنيت و .. و ... وفق مبدأ المنافسة المهنية . في العراق وقبل
السقوط كانت هنالك شركتين للهواتف النقالة تعملان في إقليم كردستان ، بعدها دخلت
أخرى في الميدان وفق مبدأ المنافسة ، حيث تم بيع التراخيص للشركات الثلاث بعد أربع
سنوات من سقوط النظام وتحديدا نهاية عام 2007 ، لتُصبح العمل تحت سيطرة ربما محدودة للدولة ، حيث لحد الآن لم تُستخدم
بوابات النفوذ الدولية العراقية من قبل الشركات المذكورة وبإمكان الدول المجاورة
مراقبة كافة الخطوط للتلفونات حتى لكبار المسئولين ، كذلك استغلت الكثير من
القنوات الفضائية والراديوات وشركات الإنترنيت المدعومة من الأحزاب والقادة
السياسيين الظروف في البلد خاصة بعد الاقتتال شبه الطائفي في بغداد وباقي
المحافظات ، لتتم استخدام الفضاء العراقي لمصالحها دون دفع الاستحقاقات المفروضة
عليهم للدولة وتحديدا ً لوزارة الاتصالات والتي هي الراسمة لسياسة البلد في مجال الاتصالات
وكذلك هيئة الإعلام والاتصالات والتي هي المنفّذة لسياستها ، هذه الاستحقاقات
تُقدّر بمليارات الدولارات والتي هي بالأخير مُلك للشعب وحده مع باقي الواردات في
كُل المجالات ، نعم البعض من هذه الشركات تمكنت من التأثير على إصدار بعض القرارات
والتوصيات من الجهات العليا في الدولة لصالحها ولفترة من الفترات ، بحيث تحكمت في
سياسة البلد بِحُكم علاقاتها أو ربما استثمارات القادة السياسيين في الشركات . لذا
بالتأكيد الذي يترأس مثل هذه الوزارة أو حتى هيئة الإعلام والاتصالات سيقع في حيرة
من الأمر أحيانا ً كثيرة حينما يريد العمل وفق مبدأ المهنية العالية وذلك لحساسية
التعامل في مثل هذه الملفات الشائكة والتي بدأت تُدمّر البنية التحتية للدولة
والتي لا تسمح أو لا تجعل العراق من التطور في الكثير من المجالات والقطاعات
الحيوية بِحُكم التدخلات العجيبة لأصحاب الشأن المتنفّذين خدمة ً للمصالح الشخصية الضيقة المفروضة على
المصلحة العليا للدولة والمفروض أن تكون ككيان محافظ على مصالح الشعب المغلوب على
أمره . الكُل يعلم وكما هو معروف في العراق الحديث الديمقراطي التعددي المحاصصي ،
بأن الكُرسي الوزاري غال ٍ جدا ً ، بحيث قيل ولأكثر من مرّة وعلى مستوى الإعلام
بأن تم دفع مبالغ طائلة من أجل الحصول على هذا الكُرسي أو ذاك في هذه الوزارة أو
تلك ، وهذا أمر غير مُستبعد في هذه الفترة بالذات ربما للفوز بالبعض من العقود
المغرية والتي تَدّر بالأموال الطائلة للمتنفذّين ، لذا من الصعب جدا ً أحيانا ً
التضحية بالتنازل عن الكُرسي الوزاري بالذات حتى لو كان على حساب الجهة أو الكتلة
التي دَعَمَت الشخصية المتربّعة عليه . في تصور بأن هذه الاستقالة أو محاولة إبعاد
هذه الشخصية من الوزارة كما يتم الترويج حاليا ً في البعض من وسائل الإعلام لا
تَمُر مرور الكِرام ، ربما ستشهد رفع الغبار عن البعض الكثير من الملفات الخاصة
بالفساد والتي تنخر بكيان الدولة الدولة العراقية وسيكون هنالك تبادل إتهامات أو
حتى التلفيق سيأخذ جانب مهم في هذا الملف بالذات ، على كُل نأمل أن يخرج معالي
الوزير من هذه الأزمة منتصرا ً وبذلك سيدخل أسمه في قائمة الشُجعان الذين لعبوا
دورا مهما ً جدا ً في التاريخ العراقي الحديث بعد الدكتاتورية ولو في تصوري بأنهم
قليلين جدا ً أيضا ً .
31 / أب / 2012