آلية الحد ّ من خطف الفتيات الأيزيديات
...خطف ( سيمون ) نموذجا ً !!!
بغداد / حسين حسن نرمو
لا شك بأن قضية خطف الطفلة الأيزيدية ( سيمون
) مؤخرا ً من قبل أحد المحسوبين على عشيرة ( الكوران ) في الحدود الإدارية لقضاء
الشيخان ، هي بحّد ذاتها جريمّة هزت الضمير الإنساني الحي ، مما أثارت حفيظة
الكثير من المتابعين لمثل هذه القضايا غير المعقولة في كُل الأعراف والقوانين
والعادات والتقاليد لِكُل المجتمعات ، وكذلك أبناء المجتمع الكوردستاني الخليط من
الكثير من المكونات الدينية والمذهبية ، وهو بمثابة نموذج للعراق المصّغر في
الكثير من المناطق ، حيث يعيش فيها المواطن المسلم والمسيحي والأيزيدي والشبكي منه
الشيعي والسني وفق مبادئ وقواعد الجيرة منذ آلاف السنين ... كما هو معلوم بأن لدى
أهالي المنطقة وتحديدا ً قضاء الشيخان ، بأن حالة الخطف التي حصلت قبل أيام ، لم
تكن الأولى ، وفي تصوري لا تكون الأخيرة أيضا ً ، ما لم يستيقظ الضمير الإنساني في
المنطقة ، لوضع آلية للحّد من مثل هذه الظواهر غير المعقولة والمقبولة في الكثير
من المجتمعات ، التي تعيش في الظروف التي تتشابه مع ما نعيش في إقليم كوردستان ، لا
سيما بعد التطور والتقدم الذي حصل فيه من الكثير من النواحي ، منها التوجه نحو
إقليم ديمقراطي مؤسساتي . طبعا ً ، غالبية حالات الخطف التي حصلت قبل هذه الأخيرة
، لطفلة لا تتجاوز عمرها الأثني عشر ربيعا ً ، ومن قبل أبناء نفس العشيرة وربما في
مجمع سكني محدود ، كانت لفتيات ناضجات تجاوز أعمارهن سن الرشد ، مما تم اتخاذ
الإجراءات القانونية في المحاكم المختصة في إقليم كوردستان ، لتزويجهن وفق قواعد
الدين الإسلامي ، دون أخذ مراعاة شعور أبناء الديانة الأيزيدية المتعايشين معهم
منذ آلاف السنين ، وهم نفسهم ( القضاة ) الذين قاموا بالإجراء القانوني في محاكمهم
، أدرى من غيرهم بالعادات والتقاليد الخاصة بالديانة الأيزيدية ...
على كُل حال ، ما يهمني في هذه السطور
المتواضعة ، هو طرح بعض النقاط ، والتي في تصوري ، تساعد على الأقل في الحد ّ من
مثل هذه الظاهرة المتكررة بين الفترة والأخرى ، مما أدت إلى جرح مشاعر الأيزيديين
في المنطقة ، وهم أي الأيزيديين يحترمون قواعد الجيرة ، ومؤمنين بالتعايش السلمي
مع الغير ، مهما كان دينه أو مذهبه أو عقيدته ، ومن هذه النقاط ...
أولا ً ــ أبناء العشائر بشكل عام ، بحاجة
مستمرة إلى التوعية الدينية ، وخاصة الذين يعيشون في مثل مناطقنا ونحن بالتأكيد
منهم ، لذا على رجال الدين في المنطقة وقضاء الشيخان تحديدا ً ، وخاصة الأئمة
الذين يشاركون في إلقاء الخطب والمواعظ في منابر الجوامع في الأيام الاعتيادية ،
وكذلك خُطب الجمعة أن يقوموا بأدوارهم الصحيحة مثلما هو موجود في القوانين
والأعراف الدينية والدنيوية ، لتوجيه الناس على احترام مبادئ الجيرة واحترام بقية
الأديان وكذلك عاداتهم وتقاليدهم ، وحث المستمعين وإبلاغ الغائبين بالالتزام بما
يقولون .
ثانيا ً ــ كما هو معروف بأن لمناطقنا عدا
السلطة الحكومية ، سُلطة حزبية لا تزال لها دورها المهم والقوي والمتداخل مع
الحكومة وأعتقد بأن السلطة الحزبية لها الإمكانية في توجيه المواطنين ، لذا نأمل ،
ونرى من الضروري جدا ً أن تقوم الأحزاب الكوردستانية وخاصة الحزبين الرئيسين الاتحاد
الوطني والديمقراطي الكوردستاني بدورهما في مجال التوعية لتنظيماتها ( وأعتقد بأن
لا يوجد شخص مستقل في المنطقة ) ، نعم توعية كافة تنظيماتها ومن خلال كوادرها وأعتقد
بأن كوادر الأحزاب كثيرة جدا ً ، تفي
بالغرض وهم في الأخير يتقاضون الرواتب ، وممكن توجيههم لعقد الكثير من الندوات
والاجتماعات ، وحتى في المؤتمرات الثقافية والحزبية لتوعية أبناء المنطقة ، لغرض
احترام العادات والتقاليد للأديان في المنطقة ، وتربيتهم بأن المتجاوزين سيتعرضون
إلى أقصى العقوبات الحزبية والقانونية ، هذا في نظري بأنه ليس صعبا ً وأعتقد بأن
الأحزاب مقصرّة في هذا المجال ومن الضروري جدا ً إعادة النظر في سياستها في مثل
هذه المناطق ذات النموذج الفسيفسائي .
ثالثا ً ــ طالما وكما قلنا ، بأن الإقليم في
طور التوجه نحو نظام مؤسساتي ديمقراطي ، ولدينا برلمان منذ أكثر من عقدين من الزمن
، لذا نرى من الضروري جدا ً تشريع قوانين خاصة بحماية الأقليات في الإقليم ، وصدور
قرارات حاسمة لصالح الأقليات ، بمحاسبة ومعاقبة المقصّرين في مثل هذه الحالات التي
حصلت بعقوبات رادعة ، للحد ّ من مثل هذه الظواهر المخجلة حقا ً، لا سيما بأن كوردستاننا
جميل بمثل هذه الأطياف والمكونات العريقة ، ولا بد من التفكير بالحفاظ عليها ، لا
إعطاء المجال أمام المتربّصين والذين يتصيدون في الماء العكر بالعمل بمثل هذه
الفضائح ، مما نعطي دافعا ً قويا ً للهجرة الجماعية من كوردستان وأعتقد بأن بعض
الأحداث المعروفة في المنطقة كانت وراء هجرة الكثير من أبناء المكونات الصغيرة
ومنهم المكون الأيزيدي .
بغداد في 27 / ك 2 / 2013