العراق الجديد والخدمة العسكرية الإلزامية
دهوك / حسين حسن نرمو
لا شك ، بأن تشكيل الجيش العراقي ، والذي
يصادف ذكرى تأسيسه السنوي في السادس من كانون الثاني من كل عام ، نعم جاء تأسيس
الجيش تزامنا ً مع تأسيس الدولة العراقية وتشكيل أول حكومة عراقية مؤقتة في
العشرينات من القرن الماضي ، هذا كان بعد تقاسم أرث إمبراطورية الرجل المريض بين
الدول العظمى منها فرنسا وبريطانيا ، حيث كان العراق من حصة بريطانيا ، بعدما أخذت
طابع الاحتلال والانتداب فيما بعد ، بدأت تشكيل نواة الجيش الأولى من مجموعة من
الضباط العراقيين الذين كانوا جزءا ً من الجيش العثماني ، لتأتي بعدها وخلال سنوات
قليلة ، تشكيل باقي مؤسسات الجيش من الكلية العسكرية والأركان والجوية وحتى القوة
النهرية ...
في منتصف العقد الثالث من القرن المنصرم
تقريبا ً ، تم تشريع قانون باسم ( قانون الخدمة العسكرية الإلزامية ) ، ليكون
مفروضا ً على كل شاب عراقي ، يتجاوز سن الرشد بأداء خدمة العلم ، ربما كتعبير صادق
عن المواطنة الصالحة ، وتمتين الأواصر بين أبناء النسيج العراقي بكافة أطيافه للدفاع
عن وطنهم ، وربما كان هذا الجيش في بدايات تشكيله بعيدا ً عن السياسة والسياسيين ،
لكنه أنحرف عن المسار المفروض أن يبقى غير مُسَيّس ، ربما لتدخل الساسة المسيطرين
عن الوضع حينذاك ، بدءا ً من البريطانيين والقوميين خلال فترات الحكومات المتعاقبة
والتي حكمت العراق أحيانا ً كثيرة بالحديد والنار ، خاصة بعد انقلاب 14 / تموز /
1958 وسقوط النظام الملكي ، مما كان الهدف تصفية القيادات العسكرية المهنية
الوطنية وإبعاد الجيش عن أهدافه الأساسية في حماية الوطن من العدوان الخارجي
واستخدامه كأداة وفي فترات كثيرة لقمع الشعب العراقي بكل فئاته وأطيافه سواءا ً
كانت في كردستان أو حتى في الوسط والجنوب العراقي ...
بعد المراحل أو الفترات التي مر بها الجيش
العراقي وحكم الأنظمة الشمولية آخرها فترة النظام السابق والتي طالت أكثر من ثلاثة
عقود ونيف من الزمن ، أدخل الجيش العراقي في حروب ٍ عديدة خارجية وداخلية أيضا ً
لتصفية الخصوم المعارضين للنظام وأصحاب الحقوق طبعا ً سواءا ً الأكراد أو حتى
الذين شاركوا في الانتفاضة الآذارية المباركة عام 1991 من كافة أبناء الشعب
العراقي ، لتنتهي فترة النظام بسقوط بغداد في نيسان / 2003 وسيطرة قوات الاحتلال
الأمريكي والبريطاني على البلاد برمتها عدا إقليم كردستان ، ليأتي للأسف حلّ الجيش
العراقي بقرار من الحاكم المدني بريمر والذي حكم العراق لعام واحد فقط ، ليتم
تأسيس مجلس الحكم وإصدار قانون إدارة الدولة ثم تشكيل الحكومة العراقية الانتقالية
...
في تصوري بأن قرار حل ّ الجيش لم يكن في محله
وحتى في توقيته بالذات ، بعد تسريح مئات الآلاف من شريحة المتطوعين من الضباط
ونوابها وباقي المنتسبين الذين كانوا يعتمدون فيما يخص الجانب المعيشي من وظائفهم
في مؤسسات الجيش ، مما كان السبب في ظهور الكثير من التيارات المعادية للعملية
السياسية العراقية بعد السقوط ، ربما الكثير منهم اضطروا أو أجبروا على المعاداة
بعد قطع الأرزاق ...
خلال العشر سنوات الماضية بعد سقوط النظام
البائد ، تم إعادة تشكيل الجيش العراقي وفق المبدأ الطوعي المحسوب على هذه الجهة
أو تلك ، ليتم تنظيمه في وحدات عسكرية أكبرها الفرقة العسكرية والتي تتجاوز عددها
15 عشرة فرقة ، بحيث فاق العدد المسموح به قانونيا ً ودستوريا ً ، هذا ناهيك عن
تشكيل قيادات عمليات عسكرية تضم الأجهزة الأمنية التابعة للمحافظات ، إضافة إلى
الجيش وفي مناطق متعددة ، مما تبدي وكأن العراق تدخل في حروب داخلية ، هكذا بدأ
يشعر المواطن العراقي في كل مكان بالخوف من السلوك والتصرف من الجيش والقائمين
عليه بالذات ، وحصل ما كان يتوقع المواطن العراقي بعد تدخل الجيش في محاولة منع أو
اقتحام المظاهرات والأعتصامات وما حصل في اقتحام معتصمي الحويجة باستخدام مختلف
الأسلحة مما خلف للأسف الكثير من الضحايا الأبرياء وربما سيحصل المزيد من التدخلات
والأقتحامات في المستقبل ، لكن وفق قواعد الدستور المهمة المفروضة على عاتق الجيش وهو حماية الوطن
من التأثيرات الخارجية ، مما أثار ويثير بأستمرار حفيظة الكثير من الأطراف التي
عارضت مثل هذه التشكيلات غير المتوازنة ، ربما تابع أو موالي لطرف أو مكون على
حساب المكونات الأخرى وهذا ما يؤسف عليه ...
لذا ولعدم إطالة الحديث في هذا الجانب أكثر ،
نرى ضرورة تشريع قانون جديد للخدمة العسكرية الإلزامية لأسباب كثيرة ، وذا فوائد
مع مراعاة منح رواتب مجزية لمؤديها من الشباب وتحديد المدة الزمنية باعتبار مثل
هذا القانون من القوانين المهمة والضرورية لكل المجتمعات وموجودة في الدول ذات
الديمقراطيات المتقدمة مثل ألمانيا على سبيل المثال لا الحصر ، ومن هذه الأسباب المهمة
من وجهة نظر الكثيرين ، سواءا ً كانوا أصحاب الشأن أو حتى سائر المواطنين والذين
يؤيدون وجود مثل هذا الإلزام ...
ــ بنود الدستور تلزم الشباب بأداء الخدمة
الإلزامية .
ــ زرع روح النظام والالتزام لدى شريحة
الشباب المشاركين في الخدمة الإلزامية .
ــ الخدمة الإلزامية ، تساعد الشباب على صقل
مواهبهم أكثر ، لتجعلهم متزّنين أكثر في كيفية التعامل مع الأحداث خلال تجاربهم مع
الحياة في مستقبلهم ، وفي تصوري الذي خدم ويخدم العسكرية قلما تجدهم متهورين في
التعامل مع ما يضيق أو يعرقل مسيرة حياتهم .
ــ ترسيخ الانتماء إلى الوطن والدفاع عنه .
ــ تحقيق نتائج إيجابية على الصعيد الاجتماعي
.
ــ المساهمة الجدية في تقليل ظاهرة البطالة .
ــ ضمان تحقيق تمثيل المكونات العراقية في
الجيش الحالي .
ــ إعادة توفر الثقة بين المواطن والدولة .
ــ والأهم من كل ما ذكرناه ، بناء جيش خال ٍ من
الصبغة الطائفية وبالتالي سيكون هنالك ولو بنسبة لا بأس بها الحفاظ على وجود
التوازن في الجيش العراقي من كافة المكونات ...
28 /
نيسان / 2013
www.hnermo.blogspot.com