قوانين وقرارات كثيرة ... يمكن اختزالها ب (
السوسيال ) !!!
بغداد / حسين حسن نرمو
مجلس النواب العراقي بدورتيه الأولى والثانية
الحالية ، وقبلهما المجلس الوطني والجمعية الوطنية ، والتي مارسوا أعمالهم بعد
سقوط بغداد واحتلالها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وانهاء النظام الدكتاتوري
وعلى أمل الانسجام مع نظام ديمقراطي موعود سلفاً ، بعدها وبممارسة ديمقراطية غريبة
لتقسيم الكعكة بين القائمين ، أو الذين سيطروا على مقاليد الحُكم بشكل أو بآخر ،
وحتى بالانتخابات لدورتين متتاليتين ، وفوز نفس التيارات وربما نفس الوجوه
وبأساليب معروفة في الانتخابات الشرق أوسطية ، ليتم التقسيم وفق مبدأ المحاصصة
المعروفة في العراق ، وربما الفريد في نوعه ، وفي غالبية الدول ذات النظام
الديمقراطي ، مما ساعد أو ربما أدى إلى فقدان الولاء الوطني ... لذا وكما هو معروف
وخلال دورتين برلمانيتين لمجلس النواب العراقي ، لم يتمكن هذا الصرح المهم في
تاريخ الشعوب من تشريع قوانين مهمة جدا ً بعد سقوط الدكتاتورية ، من هذه القوانين
مجلس الاتحاد والمحكمة الاتحادية وقانون النفط والغاز وقوانين أخرى كثيرة تهم
المصلحة العامة للبلد ، وهذا طبعا ً بسبب المنافسة غير المعقولة وغير مبنية على
الولاء للعراق ، هذا التنافس هو بين الكُتَل الكبيرة والمعروفة والتي تم تشكيلها
على أساس عرقي أو مذهبي أو قومي ، بعيد كُل البعد عن الوطنية والولاء للبلد وهذا
ما نأسف عليه بالطبع ... لكن نرى بين الفينة والأخرى يتم طرح مقترحات قوانين خاصة
من هذه الكتلة أو تلك ، أو من هذا التيار أو ذاك داخل أروقة البرلمان لتخص شريحة معينة
من أبناء الشعب العراقي ، وقد تكون الشريحة محسوبة على أتجاه أو مذهب محدد أو حتى
قومية محددّة دون غيرها ، مما قد يثير حفيظة الكُتل أو الأحزاب الأخرى بعد الشعور
بالغبن ، لأنها لا تخص باقي أبناء الشعب العراقي ، ليقفوا بالمرصاد ضد هذا القانون
أو ذاك وبأدلة نقلية وموضوعية ، حتى يتم انحراف مسار المقترح الخصوصي ، ليكون أكثر
عمومية أو شمولية ً لاستفادة بعض الشرائح
الأخرى ، وهنا أقصد بالاستفادة المادية كأن تكون تعويض أو استحقاق أو راتب أو أي
مساعدة مالية ...
من القوانين والقرارات بتعويض مادي ، سواءا ً
الصادرة من مجلس النواب ، أو تنتظر صدورها وربما على مستوى إقليم كوردستان أيضا ً
من قبل الجهات ذات العلاقة فيه ، أو حتى
من مجلس الوزراء التنفيذي والتي خصت أو تخص شرائح مظلومة فعلا ً من الاجراءات
التعسفية للنظام السابق ومنها ل ... السجناء السياسيين ، المنفيين أو المبعدين ،
المؤنفلين ، الحلبجيون ، الشهداء ، ضحايا الانتفاضة الشعبانية والآذارية ، المهجّرين قسريا ً ، الهجرة
المليونية في إقليم كوردستان ، الأيلوليون والكولانيون ( نسبة إلى ثورتي أيلول
وكولان الكورديتين المعروفتين ودعم هؤلاء أيضا ً محسوب ٌ على نسبة 17 % لإقليم
كوردستان وهي بالأخير من الموازنة الاتحادية ) ، والمرحلين إلى مجمعات قسرية (
المشمولين بصكوك العشر ملايين حسب المادة 140 من الدستور العراقي ) ، وكذلك قوانين
وقرارات أخرى خصت شرائح أخرى مثل منحة المختارين وطلبة الجامعات العراقية في
الدراسات المختلفة وربما حتى تشمل المنحة طلبة الإعدادية أيضا ً ، ورعاية الأطفال
ورعاية الأرامل وكبار السن ، ورعاية الأيتام وأخيرا ً محتجزي مُخيم رفح الذين
تعرضوا إلى أقسى أنواع التعذيب داخل الأراضي السعودية ، مما أدى هذا المقترح والذي
ربط بتعديل خاص لقانون السجناء السياسيين ( تصوروا هم محتجزين وربما من الناحية
القانونية لا يمكن مقارنتها مع السجناء السياسيين ) والذي سبق وأن تم تشريعه ، هذا
المشروع الأخير أثار حفيظتنا نحن كنواب كورد في البرلمان العراقي وذلك لعدم الإشارة
إلى معاناة الأكراد في المخيمات الإيرانية والتركية وبشكل جماعي أبان الانتفاضة في
عام 1991 ، علما ً إننا لم ولن نكون من المعارضين لتعويض وإنصاف أخوتنا العراقيين
سواء كانوا من الشيعة أو السنة ومن ضحايا النظام البائد ، لكن وبعد المداولة
المستمرة تم إضافة ضحايا حلبجة المعروفين إلى مشروع القانون الأخير ...
في تصوري بأن مقترحات التعويضات والقرارات من
الحكومة العراقية كَثُرت بشكل لا تتحمل ميزانية الدولة ، لتصبح غالبية الموازنة
السنوية تشغيلية أكثر مما تكون استثمارية ، ولا يمكن بناء واعمار دولة مثل العراق
دخلت حروب شتى بهذا الشكل وبدون تخطيط منّظم أثناء تشريع القوانين ... هنالك شيء
وللأسف طبعا ً تحصل في غالبية الحالات ، حينما تكون هنالك شريحة مستحقة كُل
الاستحقاق للاهتمام بها ومحاولة إيجاد وسيلة لمساعدتها وخاصة من الناحية المادية ،
نرى بأن الكثيرين ومن غير المستحقين يبرزون في الميدان للانضمام بشكل أو بآخر إلى
المشاركة في استحقاق هذه الشريحة المظلومة في سبيل الحصول على امتيازات وهم لا
يستحقونها ، وهذا يتم للأسف بالكثير من الطُرق والأساليب الملتوية من المحسوبية
والمنسوبية والتوسط من قبل المسؤولين لأدراج هؤلاء الغير مستحقين ليشاركوا الكعكة
مع الشريحة المظلومة والتي هي بالأساس من استحقاق المشمولين فعلا ً ... طالما
الأمر كذلك وكُل العراقيين رجالا ً ونساء ، شيوخا ً وأطفال يحسبون أنفسهم مظلومين
وهم بحاجة بشكل أو بآخر إلى الدعم وخاصة المادي منه ، لذا نرى ومن الضروري جدا ً واستفادا
ً من تجارب الآخرين وخاصة الأوربيين لاستحداث نظام عام ب ( السوسيال ) ، أو ما
يسمى بالرعاية الاجتماعية بشكل عام ولتشمل الكُل وحسب الاستحقاق مع استحداث صندوق
خاص برعاية الطفل وتشجيعه على الدراسة حتى الحصول على شهادة متخصصة بمهنة محددة ،
لكن مع التأكيد وكذلك تنظيم دوائر خاصة بالعمل لتسجيل كُل الذين يرغبون بالمساعدة
، هذا النظام لا يمكن أن يكتب له النجاح ما لم يتم دعم وتنشيط القطاع الخاص ، ليتم
استثمار كافة المعامل العملاقة في العراق ومحاولة أحياءها من جديد ، وكذلك استحداث
الكثير والكثير من المعامل الميدانية ، سواء كانت الصغيرة أو العملاقة ، وتشجيع
الناس على العمل دائما ً لمعالجة ظاهرة البطالة ، وبدون الاتكال على ما يأتيهم من
الغيب ، حيث يتصور المواطنين ، بأن دولة مثل العراق ، تمتلك هذا الكم الهائل من
الموارد النفطية ، ولا بد من توزيعها على
الشعب ، وهذا ما يفكر به غالبية الشعب ، ونعتقد بأن الاعتماد على نظام السوسيال ودوائر
العمل والاعتماد على النظام الضريبي مثلما هو موجود في بعض الدول الأوربية وسيكون
هنالك بارقة أمل من التقدم الذي سيحصل في المستقبل .
19 / 7 / 2013