التملّق والمسؤول ... الكثير منا نماذجا ً!!!
بغداد / حسين حسن نرمو
طالما هنالك رأي أو مَن ْ يُعَرف ظاهرة
التملّق ، بأنها وسيلة مُلتوية للوصول إلى الأهداف على حساب المبادئ ... فإذن !
هنالك تطابق مع ما رُوِج عن الميكا فيلية ، حيث الغاية تُبرّر الوسيلة مهما كانت
وصفها من قبل الآخرين ، ولهذا قيل ، بأن مَنْ يُمارس السياسة ، يمارسها في عُزلة
عن الأخلاق والقيم وحتى المبادئ ، لذا نرى بأن مَنْ يتصف بمثل هذه الظاهرة ، هو
الذي يتودّد إلى الغير لتحقيق المصالح حتى لو أقتضى له بالخضوع والتذلّل ،
والمتملقون لا يعارضون أي شئ حتى لو كان ضده ... علما ً أن مثل هذا السلوك أو
التصرف له أضرار نقص الشخصية مع ذهاب المروءة
ويجب أن لا ننسى بأن أضرارها تَمُس المجتمع أيضا ً ، لِتَصِل إلى خِداعه أي
المجتمع ، ووضع الشخص غير المناسب في
المكان المفروض أن يكون مناسبا ً ، وبمثل هذه الوسيلة ( التملّق ) وهي بالتأكيد
نوع من أنواع النفاق والتي من خلالها يجلس على الكُرسي الذي لا يستحقه...
هذه الظاهرة ومُروّجيها كانت وكانوا موجودين
منذ القِدَم ، ربما في زمن الأنبياء والرُسل والخُلفاء وحتى ( الأمراء ) لحد الآن
، ومِنْ بعدهم زادت هذه الظاهرة لِتَبرز الكثير من الشعراء الذين قَدَموا قصائد المدح والثناء وربما التملّق لهم ، حتى
باتت وسيلة من وسائل كسب الأموال من الحاكمين في ذلك الزمان ، هذا السلوك من قبل
هؤلاء ، كان محل أمتعاض وعدم رضا الكثير من أقرانهم من الشعراء والأدباء والكتاب
المعاصرين لهم ، وحتى الذين من بعدهم وخير مثال على ذلك ، النقد البناء والمستمر
من قبل عميد الباحثين الاجتماعيين العراقيين الأستاذ علي الوردي رَحِمَه الله ،
لأمثال هؤلاء الذين كانوا دائما ً في حضرة ومع رأي السلاطين مرورا ً ووصولا ً إلى
المسؤولين الكِبار في هذا الزمن المستمر ، وللأسف هذه الظاهرة موجودة ربما بنسبة
أكثر في ظل الحكومات الدكتاتورية وحتى الديمقراطيات الحديثة أيضا ً ...
يُقال وبالتأكيد أثبت الواقع ذلك ، بأن
الثورات والكثير من الحركات في العالم أجمع عامة ً وخاصة في الدول شرق الأوسطية
تَبلع رجالها أي مناضليها ( إن صح التعبير ) ، خاصة ً الذين قَدَموا خدمات جليلة ،
لا بل تضحيات كثيرة من أجل المبادئ التي كانوا يؤمنون بها مع الأحزاب والثورات ،
ليوصلوا فعلا ً إلى الأهداف المرجوة ، لكن في النهاية ، وسرعان ما يصبحوا من
المُهَمشين ، وربما بِفعل الفاعلين ليصبحوا ( المتملّقين ) هُم أصحاب القضية ،
ليرتفعوا السلالم والمناصب على حساب أصحاب الحق والمبادئ ، وكأنهم هُم الأبطال لا
غيرهم ، ويجب أن لا ننسى العنصر النسوي أيضا ً ، لكنهن غالبا ً يصعدن إلى المناصب
العليا بفعل الجنس اللطيف ( هنا لا أقصد الكفوئات أو المهنيات ) والقليل منهن
يتصفون بظاهرتنا المشار إليها في عنوان المقال . لذا نرى في العراق الجديد ، بعد
رحيل النظام الدكتاتوري ، ومن كافة مكونات الشعب العراقي بعربه وكُرده ومذاهبه
وأديانه ، نعم نرى أمثال هؤلاء الذين تَمَلَقوا للقيادات ، وصلوا فعلا ً إلى مصادر
القرار في الأحزاب والتكتلات والتحالفات والائتلافات التي تقود العراق في هذه
المرحلة الحساسة ، حيث الكثير منهم ، كانوا بالأمس القريب أصحاب الأوسمة والأنواط
والنجمات على الأكتاف والبدلات ذات اللون الزيتوني من أزلام النظام البائد ، وربما
من خلال البعض الكثير من هؤلاء ، تحصل الخروقات الأمنية الحاصلة في البلد ، والتي
ذهبت وتذهب ضحيتها الآلاف لا بل مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي ، ويجب أن لا
ننسى تجربة إقليم كوردستان في هذا المجال أيضا ً حيث سبقت العراق الجديد بعد
انتفاضة آذار 1991 والانتخابات البرلمانية وتشكيل أول حكومة كوردستانية عام 1992 ،
حيث صَعَد الكثير من هؤلاء على حساب أصحاب المبادئ والنضال ( أقصد الذين كانوا في
خانة الخندق المُضاد للحركة التحررية الكوردستانية ، وكذلك المنتمين الجُدد اصحاب
الخبرة والتجارب في الانتماء إلى هذا الحزب أو ذلك ) ، وللأسف هذه الظاهرة مستمرة لحد الآن وتشمل
جميع مكونات الشعب العراقي والكوردستاني أيضا ً ...
17 / 12 / 2013