النازحين الأيزيديين والمساعدات الانسانية
!!!
حسين حسن نرمو
الحديث عن المساعدات الانسانية بعد نزوح
أهالي شنكال الجماعي والمأساوي والذي عُرِض من على شاشات التلفزة المحلية
والعالمية ، والذي هزّ الضمير الانساني الحي ّ بالتعاطف مع الحدث الفريد من نوعه
بعد الرحلة القاسية مع الطبيعة في عز ّ الصيف العراقي ، وهُم أي أهالي شنكال الذين
فرّوا تاركين وراءهم كُل ما يملكون لإنقاذ أنفسهم ، وهنالك مَن تركوا فلذّات
أكبادهم المعوقين وآباءهم وأجدادهم الكُبار في السن لقدرهم المحتوم والذين لم
يتمكنوا من المشي على الأقدام في العُراة وخلال الرحلة الطويلة والتي استغرقت
لأيام معدودة عبر الحدود السورية وفي المناطق الخاضعة للتنظيمات الكوردية المحسوبة
على حزب العمال الكردستاني ، والذين أبدوا المساعدات اللوجستية لتأمين طُرق فرارهم
من شنكال وهُم مشكورين بالتأكيد على مثل هذه المساعدة الانسانية الفريدة من نوعها
، ومِن ثُم بدأوا النازحين بالدخول إلى الأراضي الخاضعة لسلطة القوات الكوردستانية
لإقليم كوردستان العراق . نعم الحديث عن المساعدات الانسانية يجب أن يبدأ من
مواطني إقليم كردستان ، هنا لا نرغب بالحديث عن ما قُدِمَ من قبل حكومة إقليم
كردستان لأنها مُلزمة كطرف رسمي ومسؤول لتقديم ما يُمكن تقديمه ، لكن ! نود أن
نُشيد بدور الأهالي من أبناء محافظة دهوك وقضاء زاخو وباقي المناطق الكوردستانية
إلى الحدود الايرانية عن استقبالهم اللامحدود وبحفاوة لتقديم كُل ما يساعد
النازحين من الماء والغذاء وكُل المستلزمات الضرورية ، والذين أثبتوا بأنهم أهل ٌ
للأزمات والمصاعب وهُم مستمرين لحد الآن بتقديم ما يمكن تقديمه إلى اخوانهم
النازحين الشنكاليين ، وهذه لم تكن المرة الأولى للقيام بمثل هذا الدور ، حيث كلنا
نتذكر دور الأهالي أنفسهم حينما قدموا وعلى شكل طوابير للتبرع بدماءهم لضحايا
كارثة كر عزير وسيبا شيخدري عام 2007 .
هنا نود أن نُشيد بدور أحد المواطنين من
أهالي زاخو وهو الأخ نيجيرفان رمضان عيسى على سبيل المثال طبعا ً لا الحصر لأنهم
في الحقيقة كثيرين قدموا المساعدات ، ولأن قصة هذا المواطن مستوحاة من تلفزيون
روداو ومن خلال تقرير للإعلامي المُبدع بركات عيسى والذي بثه بشكل مفصل عن دوره
بإيواء أكثر من 800 عائلة نازحة من شنكال لمساعدتهم بالخيم والأرزاق والماء منذ
البداية ومشروعه الخاص مستمر لحد الآن ... لذا لا بُد من تقديم الشكر والعرفان
لمثل هذه الشخصية وبالتأكيد لِكُل الذين أبدوا المساعدة من أمثاله وهُم محل
التقدير والاحترام لدى الأيزيديين .
وأيضا ً في مجال المساعدة الانسانية الفورية
بعد النزوح ، رأينا بأن لا بُد من الإشادة بالدور الذي قام به رجل الأعمال
الأيزيدي ( علي يزدين ) وعلى سبيل المثال أيضا ً لا الحصر ، حيث قدم الكثير من
خلال عمل مطابخ ميدانية عملاقة أمام منزله في مجمع خانك لإطعام القادمين وهُم بالآلاف
طبعا ً وعبر تشكيل فريق طوعي من أقاربه لتقديم المساعدة ، هذا ناهيك عن تحضير
مكائن لخياطة ملابس الأطفال والنساء من النازحين ، وجُل العمل على حسابه الخاص ،
هذا ما يُشكر عليه على مثل هذا العمل الانساني الفريد من نوعه أيضا ً .
فيما يخص جمع التبرعات والمساعدات الطوعية من
الخارج ومن قبل الجالية الأيزيدية في المانيا وباقي الدول الأوربية وحتى أمريكا ،
هؤلاء أيضا ً كانوا السباقين في المساعدة وفي مختلف المدن التابعة لتلك الدول ومن
خلال فرق ( كروبات ) طوعية قاموا بجمع المبالغ النقدية وارسالها إلى حيث النازحين
من خلال وسطاء أو حتى جلب تلك المبالغ من قبل بعض المتبرعين أنفسهم والذين حضروا
إلى هنا على حسابهم الخاص لتوزيعها وتوثيقها وثُم تسجيلها وفق قوائم بالأسماء
الذين يستلمون المساعدات . لكن ! كنا نامل أن يكون التوزيع عبر مكتب منظّم لا
بالشكل الذي تَمَ ، بغية ايصال المساعدة لأكبر قدر ممكن من النازحين ، وكنا نأمل
أيضا ً أن يتم تخصيص جُزء من هذه التبرعات لغرض ايصالها إلى الكثير من العوائل
العالقة والتي أبَت لحد الآن ترك الجبل في شنكال وكذلك المقاتلين الصامدين
والمدافعين الأمناء عن الأرض والعَرض ، حيث هؤلاء تعهدوا على أنفسهم ومن خلال
الكثير من المنابر والمكالمات الهاتفية والقنوات التلفزيونية بالدفاع حتى الموت عن
شنكال الجريحة .
طالما نحن لا زلنا في صدد الحديث عن موضوع
المساعدات أيضا ً ، نرى بأن لا بُد من الإشادة وقول كلمة مفعمة بالشكر وبالغ
التقدير للفريق الأكثر تنظيما ً منذ بداية الأزمة ومن مجمع شاريا والذين تطوعوا
وبذلوا جهودا ً استثنائيا ً في تقديم المساعدات الوافدة إليهم من مختلف الجهات
التنظيمية وغيرها إلى إحدى قاعات لالش في المجمع حيث مقر عملهم ، والتوزيع يتم
بشكل منظّم ووفق برنامج مُعِد من قبلهم ، هذا الفريق المكون من أساتذة جامعيين
وناشطين في مجالات أخرى وهُم الأساتذة د . سعيد خديدة والصحفي المعروف خدر دوملي
والحقوقي سعود مصطو والأستاذ جتو مراد كشتو والأستاذ جعفر سمو ورجل الدين شرو
ابراهيم كشتو والأعزاء النقيب ريبين شيخ علو ، شفان سليمان ، كريت نمر ، دلكش سليم
، آزاد شيخ مراد ، كمال بسو ، مصطو ميرزو ، بايز خلات ، نذير ماني ، عرفان لؤي ،
كمال حميد ، جلال يزدين وآخرين أعزاء وإن لم نذكر أسماءهم . ومن الجديرر بالذكر
بأن مدراء المدارس ومدرسيها ومعلميها يشاركون على شكل مجاميع في عمل المساعدات
وهنالك مجاميع على شكل كروبات في القرى داخل المجمع من المختارين وآخرين يساعدونهم
في إيصال المساعدات إلى النازحين في أماكن تواجدهم ، ويجب أن لا ننسى دور مركز
شرطة شاريا بكافة منتسبيها وبلدية شاريا أيضا ً مع كوادرها في مساعدة الفريق
الرئيسي للإغاثة ، نعم هؤلاء يستحقون
الشكر والثناء والمكافئة المعنوية ، وطبعا ً الجهود مستمرة ، لكن بحاجة إلى إعادة
التنظيم وذلك لالتزامات هذا الفريق الدراسية ونشاطاتهم الأخرى ، حيث المعروف وضمن
السياقات العالمية بأن الفرق الطوعية للإغاثة ومساعدة اللاجئين يجب أن لا يتجاوز
فترة عملهم الأسبوعين ، بعدها يتم تسجيل فرق العمل ومنهم غير المسجلين لدى الأمم
المتحدة
مهما تحدثنا عن الجهود الفردية للمساعدات في
أزمة نازحي شنكال ، نرى بأن لا بد من التدخل الدولي الفوري والمستمر المتمثل
بالأمم المتحدة لإغاثة النازحين الشنكاليين المتواجدين في الحدود الإدارية لمحافظة
دهوك خاصة وبالتأكيد باقي المحافظات الكوردستانية ، حيث الوضع لا يتحمل المزيد من
المعاناة بعد ترك ديارهم في الأحداث الأخيرة وتعرضهم لحملة جينوسايد منظّمة لم
يسبق لها في التاريخ المعاصر ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ، هذا
ما نأمل من الجهات المعنية ذات العلاقة ...
دهوك في
11 / سبتمبر / 2014