الاستثمار
في كوردستان !!!
حسين حسن
نرمو
سبق وأن
كتبنا مقالا ً عن الاستثمار في العراق ، حيث تكون الإدارة من غرف مظلمة ، يتم
استغلال ( الاستثمار ) من قبل زبانية الرؤوس الكبيرة من القادة السياسيين وفق
أبجديات السياسة الاقتصادية من دوائرهم الاقتصادية ذات النفع الشخصي أو الحزبي أو
الكتلوي أو التياري ، لكنها فاشلة ، لو تم النظر إليها من الزاوية الوطنية ، هذه
السياسة فعلا ً آلت إلى تلكؤ ، وعدم تنفيذ المشاريع ذات النفع العام مثل مشروع
الماء الصالح للشرب وغيره من المشاريع في باقي المحافظات العراقية ، بحيث يمكن وصف
الاستثمار في العراق بعد التحرير أو الاحتلال وربّما لحد الآن ب ( المُزَيّف ) ...
طالما ، تجربة
إقليم كوردستان لها الخصوصية ضمن العراق قبل وبعد سقوط النظام البائد ، حيث تمَتع
َ الإقليم بالإدارة الذاتية بعد سحب الإدارات المركزية نهاية عام 1991 ، تلتها
إجراء انتخابات في أيار 1992 ، ثم تشكيل حكومة إقليمية فيما بعد توَلَت الإدارة في
كوردستان ... لذا كان للاستثمار أيضا ً خصوصية واستقلالية طِوال عقدين ونيف من
الزمن ، لكنها وصلت قمة النشاط بعد سقوط النظام البائد ، حينما تم تخصيص نسبة 17 %
من الموازنة العراقية العامة إلى إقليم كوردستان ، وإعطاءه كامل الحرّية لحكومة
الإقليم في تنفيذ واستثمار المشاريع ، وحسب الضرورة التي تراها رجال الحكومة
المتخصصين في الوزارات ، وهيئة الاستثمار في إقليم كوردستان ، حيث الهيئة أصبحت في
عِداد الوقوع تحت سُلطة المتنفذين ، والمحسوبين
على أطراف المعادلة السياسية ومن الكُبار ، والتي أي ( هيئة الاستثمار ) ، كانت
وربّما لحد الآن ، تعمل ضمن دائرة مغلقة من هؤلاء الرؤوس الكبيرة والشركات الشكلية
التابعة لهم ، لتنفيذ معظم المشاريع وخاصة ً ذات اللقمة الكبيرة بالملايين من
العملة الصعبة ، هذا بالطبع قبل و ربّما بعد دخول الشركات الأجنبية ، وخاصة
الإقليمية في ميدان المنافسة ، لا سيما التركية بحصة الأسد والايرانية أيضا ً لدى
الطرف الآخر من الإقليم والمعادلة السياسية .
طالما
للأتراك حصة ً كبيرة من الاستثمار في إقليم كوردستان ، سواءا ً في المجال النفطي ،
وهي أي تركيا كانت وستكون الرابح الأكبر في النفط ، وحتى في مجال عمل الشركات
التركية في مختلف المجالات الصناعية الكبيرة والصغيرة ، وربّما الشركات الأمنية
أيضا ً ، حيث على لسان الرئيس التركي السابق عبدلله كول ، حينما استقبلنا كوفد
برلماني عراقي في عام 2011 وفي قصره الصيفي في مدينة استنبول ، حيث أثناء تطرقه لدور تركيا وشركاتها في العراق
عامة ً وإقليم كوردستان خاصة ً ، حيث كانت عدد الشركات العاملة حينذاك على مستوى
العراق عامة أكثر من 500 شركة تركية ،
معظمهم في إقليم كوردستان ...
لكن !
لنرجع ونعلّق على أداء البعض من الشركات وربّما مع شُركاء محليّين في تنفيذ المشاريع وخاصة ً الكبيرة ... فقط نذكر
الساد القرّاء وخاصة الذين زاروا ويزوروا مطار أربيل الدولي ، سواءا ً بقصد السفر
أو حتى أثناء استقبال أو توديع أقارب أعزاء عليهم خلال الفترة الماضية ، لا سيما
في فصل الشتاء ، بالتأكيد كانت ولحد الآن آثار ( تنقيط الماء ) من سقوف صالات
المطار العالية واضحة تماما ً أثناء تساقط الأمطار خارجا ً ، حيث كانت تتواجد الكثير
من الأواني البلاستيكية في باحات المطار ، لاستيعاب الماء المتساقط من السقوف ،
وإن لم تكن حذرا ً لنلت قسطا ً وافيا ً من الماء المتساقط وخرجت بملابس مبلّلة ...
لا نريد التعليق أكثر على مثل هذه الحالة ، حيث آثار الاستثمار المُزيّف واضحة على
تنفيذ المطار من قبل شركة أو شركات تركية ، حيث واجهة الإقليم في دخول وخروج
الأجانب .. علما ً أنني سافرت عبر الكثير من المطارات الدولية والمحلية في تركيا ،
لم أرى مثل هذه الحالة حتى في مطار دياربكر الصغير جدا ً ، والمعروف لدى السادة
المسافرين عبر هذا المطار داخليا ً أو إلى خارج تركيا ، هذا ما تتأسف عليه
الكوردستانيين أو حتى العراقيين ( الوطنيين ) طبعا ً ...
ولا يخفى عن الناس ، بأن هنالك أمثلة كثيرة عن
الاستثمارات ، منها في مجال تنفيذ وبناء الشقق السكنية في الإقليم من قبل الشركات
التركية ، وشركات أخرى تحت إشراف أو غطاء من الرؤوس الكبيرة ، والذين تحايلوا على
المواطنين المغلوبين على أمرهم ، وبقاء البناء في المشروع في نصف الطريق ، لا يستطيع المواطن حتى تقديم الشكوى
القانونية ، لأن أصحاب الشركات المتنفذة فوق القانون ، هذا ما التمسناه من البرامج
التلفزيونية في روداو وقنوات أخرى ، هذا ناهيك عن مواصفات تنفيذ المشاريع ليست في
عِداد المواصفات المطلوبة دوليا ً رغم تكلفتها العالية على المواطنين الأبرياء ...
لنرجع
ونتطرق إلى مثال آخر في هذا المجال ونقصد الاستثمار ، وهذه المرة محليا ً ، حينما
جاء أحد المستثمرين المعروفين اقتصاديا ً قادما ً من بغداد ، ليستثمر جزءا ً من
أمواله في خدمة المواطنين في إقليم كوردستان ، هذا ما رواه لي أحد الشخصيات الأربيلية
، حيث جاء المستثمر عبر قنواته إلى عاصمة الإقليم أربيل ، أراد المستثمر فقط قطعة
أرض ( مساطحة ) لتنفيذ مشروع معامل إنتاج الألبان والأجبان ومشتقاته ، تكفي حسب ما
يدلي به الشخصية البغدادية محافظات الإقليم ( أربيل ــ السليمانية ــ دهوك ) زائدا
ً تغطية محافظة كركوك بأكملها ، كذلك تجهيز محافظة نينوى أيضا ً ، بحيث يستغني
الإقليم وأجزاءا ً أخرى من استيراد مثل هذه المشتقات من تركيا وأيران ، هذا مع
حصول الإقليم ما يعادل 25 % من الأرباح الصافية وبدون أي دعم عدا أرض المساطحة ...
للأسف طبعا ً ، جاء ردّ الإقليم ومن خلال الحلقة المغلقة و ربّما المسيطرة على
هيئة الاستثمار نفسها برفض نسبة الأرباح ، لا بل مطالبة المستثمر بنسبة 51 % من
المشاركة والأرباح أيضا ً ، هذا الرد َ لم يكن بمثابة الصدمة للمستثمر فحسب ، بل
غادر عاصمة الإقليم ومن غير رجعة تاركا ً رسالة شفهية ، مؤكدا ً لصاحبه الأربيلي ب
( أن القائمين على الاستثمار لديكم و من لَفَ لَفهُم من الرؤوس الكبيرة لا يخدمون
شعب كوردستان وإنما يخدمون جيوبهم فقط ) ، هذا ما يأسف عليه الذين يعرفون قيمة مثل
هذه الاستثمارات للبلد واستفادة مواطنيه المغلوبين على أمرهم ، يا ترى كَم مستثمر مثل
هذا الأخ البغدادي، ( أقصد في مجال
الصناعة وهي عادة ستكون الركيزة التي تعتمد عليها البلدان بعد النفط ) ، أنهزم من
سلوكيات وتصرفات الرؤوس الكبيرة والقائمين على مثل هذه الملفات المهمة والحساسة ،
هؤلاء بالطبع عائقين أمام مصلحة البلد والمواطن وأمام تقدم وازدهار الإقليم مستقبلا
ً من أجل بناء نظام اقتصادي سليم ومعافى من التدخل والسيطرة ، هؤلاء لا يهمهم غير
المصالح الشخصية ونسب المحاصصة ودلالياتهم الضخمة .
خلاصة
القول ، نعتقد وضمن المواصفات العالمية بأن الاستثمار في إقليم كوردستان دون
المستوى المطلوب ، لا بُد ّ من التوجه نحو بناء قاعدة صناعية قوية ، وعدم الإتكال
على النفط فقط ، واستيراد أبسط المستلزمات
من الخارج وخاصة الدول الإقليمية تركيا وايران ، حيث الدولتين تعترضان دائما ً على
توجه الإقليم نحو المصير النهائي في تشكيل كيان أساسي ، وها نحن على أبواب الاستفتاء وإعلان الدولة ... لذا
نعتقد بأن مصير دولة دون اقتصاد قوي ، وبمثل هذه المواصفات الحالية ستكون ذات
مستقبل مجهول ...
دهوك في
11 / 5 /
2017