البارزاني
مسعود والدولة الكوردية !!!
حسين حسن
نرمو
ثلاث
معاهدات ، تَحَكَمَت بجغرافية الكورد وحقوقه وتاريخه ، معاهدة سايكس بيكو ، قسَمَت
الجغرافيا إلى أربع جغرافيات كوردستانية تحت حُكم وسُلطة الفُرس والقومجيين الترك
والعرب قبل سقوط وانهيار امبراطورية الرجل المريض وبعدها ، لتأتي معاهدة سيفر
وتعطي بصيص أمل للكورد حول حقوقه وفق مبادئ الرئيس الأمريكي ولسون ، حيث أحد
بنودها ضرورة الاعتراف بحَق تقرير المصير لشعوب المعمورة ومن ضمنهم الشعب الكوردي
... لكن ! جاءت معاهدة لوزان ووفق مصالح الدول لا المبادئ في المنطقة والغرب عموما
ً والأمريكان أيضا ً ( بين المبادئ والمصالح بون ٌ شاسع ) ، نعم هذه المعاهدة
أبطلت ، لا بل أنسفت بنود سيفر الخاصة بحقوق الشعب الكوردي ( تراجع الغرب عن وعوده
للكورد في سيفر ، وتناساهم في لوزان والتي جاءت لصالح تركيا الكمالية ) ، في حين
وخلال تلك الفترة بالذات سنوات ( المعاهدات الاستعمارية ) ، شارك الكورد لمساندة
الثوار العرب في ثورة العشرين جنوب العراق بقيادة الشيخ محمود الحفيد ، يجب أن لا
ننسى دور العشائر الكوردية في شمال كوردستان ( تركيا ) ، لمساندة رائد الحركة التحررية
التركية كمال أتاتورك ، بعد قراره ومسيرته نحو تشكيل الدولة التركية ، مَن يدري ، ربّما
ساند الكورد القيادات الإيرانية ( الفارسية ) في كفاحهم ونضالهم ، حيث من كُل هذا
( خرج الكورد من المولد بلا حمص ) ... اضطر الكورد بعد سايكس بيكو والمرحلة التي
تلتها القيام ب ثورات وانتفاضات ، بدأوها بثورات الشيخ محمود الحفيد مع الانكليز
والآخرين ، تلتها انتفاضات وثورات البارزان وصولا ً إلى ثورة أيلول وكولان ،
تخللتها تأسيس أحزاب ثورية أخرى مع تشكيل
جبهات الدفاع ، ضَمَت العديد من الاحزاب الكوردستانية ، لا سيما بعد اتفاقية الجزائر
الخيانية ، حيث جاء تأسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني في عام 1975 ، للمشاركة في
النضال السياسي والعسكري أيضا ً بقيادة مام جلال الطالباني ، ومشاركة خيرة القادة
الكورد حينذاك منهم المرحوم نوشيروان مصطفى على سبيل المثال لا الحصر ، سرعان ما
رفع الاتحاد الوطني شعار حق تحرير المصير وَثُبِتَ على شعار الحزب كَحَل جذري
للمشكلة الكوردية وخاصة ً فيما يتعلق بكوردستان العراق أولا ً ... هذا الشعار نفسه
تم الإقرار به من قبل من قبل برلمان كوردستان بعد الانتخابات التاريخية عام 1992
وتشكيل أول حكومة كوردستانية وعلى أساس الفيدرالية ، ليتمتع إقليم كوردستان بنوع
من الاستقلالية بعد الحماية الدولية للتحالف ضمن خطوط العرض 36 ، لينتهي الأمر
بسقوط بغداد عام 2003 ووضع دستور جديد ودائم في البلاد ، والاستفتاء عليه على أساس
العراق الاتحادي الديمقراطي الفيدرالي ومشارك الكورد في بغداد ، ليستلموا رئاسة
الدولة العراقية وخارجيتها لفترة طويلة والرئاسة مستمرة لحد الآن ، حيث بعد السقوط
، تم الاتفاق بين الكُتل السياسية على الخصوصية الكوردية وذلك بتخصيص 17 % من
ميزانية الدولة العرقية مطروحا ً منها النفقات الرئاسية لإقليم كوردستان ، لتأخذ
فيما بعد الصيغة الشرعية من الجمعية الوطنية والبرلمان العراقي ...
لكن ! بعد
ظهور ( مشكلة النفط ) وتصديره شبه المستقل من إقليم كوردستان دون الرجوع إلى عراق
المركز وشركاته أحيانا ً كثيرة ، حصلت فعلا ً مشاكل كثيرة بين الحكومتين المركزية
( أيام حُكم المالكي 8 سنوات ) وحكومة إقليم كوردستان ، لتمتد الخلاف إلى رئاسة
الإقليم والتي أصبحت على خط المواجهة مع بغداد ، حيث تعمقت الخلافات ، بحيث كانت
لها تأثير مباشر على نقاط الخلاف الأخرى فيما تخص الموازنة السنوية وتخصيصات
البيشمه ركه ومراحل تطبيق المادة 140 ، لتمتد الخلافات شخصيا ً بين رئاسة الوزارة
العراقية ورئاسة إقليم كوردستان ...
إذن !
نتيجة تلك الخلافات ، أصبح الحديث جادا ً عن الاستقلال السياسي بعد الاستقلال شبه
الاقتصادي في ملف النفط وتصديره إلى الخارج مع جزء من نفط كركوك بالاتفاق مع
الحكومة المركزية عبر شبكة الأنابيب الجديدة الإنشاء ضمن جغرافية الإقليم الواقعة
تحت إدارة وسلطة الحكومة الكوردستانية ، الحديث عن الاستقلال والدولة الكوردية ، كانت
دائما ً على لسان رأس الهرم في رئاسة إقليم كوردستان ، يتم تكراره بين الفينة
والأخرى وكما أشرنا خاصة ً بعد تعميق الخلافات بين رأسي الهرم في حكومة بغداد
ورئاسة إقليم كوردستان ، الخلافات كانت بعد مرض فخامة مام جلال رئيس الجمهورية
حينذاك المفاجئ وإبعاده الاضطراري عن الساحة السياسية العراقية ... إحدى حالات
الحديث عن الاستقلال ، كانت وعلى لسان الرئيس مسعود البارزاني حينما كنّا في
ضيافته ، كافة القيادات الكوردية في بغداد ومن كافة الاتجاهات السياسية
الكوردستانية من الوزراء والبرلمانيين ووكلاء الوزارات و... و ... . نعم
قال السيد مسعود البارزاني وبالحرف الواحد ( لو ! كان بإمكاني توفير رواتب الإقليم
من العسكريين والمدنيين ولمدة سنة واحدة كاملة ً ، لبادَرتُ الآن بإعلان الاستقلال
عن العراق ) ، هكذا قال الرئيس البارزني قبل حوالي خمس سنوات من الآن ، وحينما كان
موقفه أكثر قوة ً وشرعية ً ... في اعتقاد الكثير من الكوردستانيين وحسب التقارير المسرّبة من الجهات ذات العلاقة
لمكافحة ومتابعة الفساد وأموال القيادات ، بأن مالية القيادات الكوردستانية وبغض
النظر عن هذا الحزب أو ذاك ، حيث بإمكانهم تأمين رواتب إقليم كوردستان ، لا أقول
بشكل مستمر ، وإنما على الأقل لخمس سنوات متتالية ، دون أن تؤثر قيد شَعرة ً على
أرصدتهم المالية وبالعملة الصعبة ...
هكذا استمر
الحديث عن الاستقلال ، حتى بعد تعرض الإقليم إلى الأزمة المالية المستمرة لحد الآن
، والخانقة التي عَصَفَت برواتب الموظفين والعسكريين في إقليم كوردستان ، لتعرضهم
إلى التقشف لصالح الأزمة لأكثر من 75 % في بعض الحالات الوظيفية ، هذا ناهيك عن
حدوث شَلَل واضح في آلاف المشاريع غير
المنجزة والمتلكئة ، مما اضطرت الحكومات المحلية إلى الاعتماد على الشركات المحلية
الكوردستانية لتكملة المشاريع و( بالدَين ) ، هذا ما أشار إليه رئيس الحكومة
نيجيرفان بارزاني والمحافظين أيضا ً ... نعم الحديث الأخير عن الاستقلال جاء وبالاتفاق
بين بعض الأطراف السياسية في الإقليم عن تحديد يوم 25 / أيلول الحالي موعدا ً
للاستفتاء الشعبي على استقلال كوردستان من عدمه ، لتشمل المناطق المتنازعة عليها
وفق المادة 140 من الدستور العراقي ومن ضمنها مدينة الذهب الأسود ( كركوك ) ...
أثار القرار ، وربمّا الموعد أيضا ً حفيظة البعض من الأطراف السياسية بين معارض ٍ
ومترّدد وموافق بامتياز هذا داخليا ً ... أما خارجيا ً هنالك اعتراض وبشدة من
الدول الإقليمية على إجراء الاستفتاء ، أما الأطراف الدولية الغربية وحتى
الأمريكية ، لا يعارضون مبدئيا ً حق تقرير المصير ... لكن ! هنالك تحفظ وبشدة من
قبلهم على الموعد المبكر ، لذا غالبيتهم وربّما جُلهم مع التأجيل إلى إشعار آخر
بغية الانتهاء من المراحل النهائية للقضاء على داعش ، هكذا يبرّرون اعتراضاتهم ...
إذا !
هنالك إصرار على اجراء الاستفتاء ، وهنالك اعتراض على الاستفتاء ، وهنالك تهديد
أيضا ً بالحصار وغلق الحدود ، أو حتى التدخل عسكريا ً في منع الاستفتاء من الدول
الإقليمية ، وربّما تحصل مواجهة في بعض المناطق بين قوات الإقليم والقوات المحسوبة
على المركز ، ولا سيما في المناطق المتنازعة عليها ... مع كُل هذه الاحتمالات ، يا
ترى ماذا سيكون مصير الإقليم إذا تم فعلا ً إجراء الاستفتاء ، ربمّا ستخلط الكثير
من الأوراق ، وماذا سيكون رد ّ فعل التحالف الدولي وخاصة ً أمريكا لو حصل تدخل
إقليمي عسكري أو حتى مواجهة عسكرية محلية ... هنا ربمّا ستلعب لعبة المصالح قبل
الوعود والمبادئ ، مثلما حصل مع البارزاني الأب رحمه الله في نهاية ثورة أيلول واتفاقية
الجزائر الخيانية ، حينما رَجَحَت كفة مصالح الدول العظمى بالتعاون مع الثلاثي شركاء
الاتفاقية ( شاه أيران وصدام حسين في ضيافة هواري بومدين ) ، كُل هذا أشار إليه
البارزاني الخالد بمقولته المعروفة ، ( لولا الوعود الأمريكية لما وقعنا في الفَخ
) ، نأمل أن لا تحصل كُل الاحتمالات المشينة ، حتى لا يكون الخاسر الأكبر الشعب أو
الشعوب الكوردستانية في إقليم كوردستان .
31 / آب /
2017