بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
في مانشيت عريض لجريدة الراصد العراقية المعروفة سابقا ً بعد أتفاقية الجزائر المشؤومة والتي كانت حصيلتها نكسة عام 1975 على الكورد ، ذلك العنوان كان مقتبسا ً من إحدى الصحف التي أجرت لقاءا ً مع البارزاني الخالد بعد النكسة والذي قال ( لولا الوعود الأميريكية لما وقعنا في الفخ ) ، هذا ما قاله زعيم الحركة التحررية الكوردية بدون منازع آنذاك حول الأتفاقية والنكسة .
إذن ! كانت القيادة الكوردية تدرك حينذاك الموقف الأميريكي المبني على المصالح في العالم ، ورغم ذلك لجأ البارزاني الراحل إلى الولايات المتحدة بعد أحداث 1975 ، ليبقى هناك إلى أن وافاه الأجل في آذار 1979 ، حيث قيل بأن سبب وفاته كان مصطنعا ً بعد أن قرر البارزاني الرجوع إلى ايران واللقاء مع الأمام الخميني بعد نجاح مناصري الأخير في الثورة الأسلامية والسيطرة على الحكم ثم مغادرة الشاه " محمد رضا بهلوي " إلى جمهورية مصر العربية . بمناسبة الحديث عن أميريكا ومصالحها في تلك الآونة أي بعد أندلاع القتال بين قوات البيشمه ركه والجيش العراقي في آذار 1974 بعد سحب إعتراف النظام البائد بأتفاقية آذار ، أستخدم النظام في المعارك كافة الأسلحة بما فيها " قنابل النابالم " ذات القدرات التدميرية حتى في الصخور الجبلية ، تلك القنابل كانت تلقى من طائرات ضخمة ذات صوت مميز أثناء تحليقها في سماء كوردستان وتسمى بطائرات " باجر أو توبوليف " ، تلك الطائرات الضخمة الحاملة لأطنان من القنابل كانت مجهولة المواصفات لدى أميريكا وأجهزتها التقنية ، أرادت أن تعرف " كيفية تصميمها " من قبل خصمها التكنلوجي حينذاك "الأتحاد السوفيتي " ، لذا أعطت الأوامر لحليفتها " أيران الشاهينشاهي " بمحاولة ونصب قاعدة " صواريخ هوك " المضادة للطائرات في كوردستان لرصد وإسقاط إحدى تلك الطائرات ، فعلا ً تم ما ارادت الولايات المتحدة بأسقاط إحداها لياتي الخبراء والمختصين بالشؤون الجوية الأميريكية لغرض التصوير وأخذ بعض العينات من هيكل الطائرة .
إذن ! لولا المصالح الأميريكية لربما لم تحصل نكسة عام 1975 ، كما أشار البارزاني الخالد في تصريحه لوسائل الأعلام بعدها ، أقتضت مصلحتها ايضا ً في نصب إحدى أحدث القواعد للصواريخ لأداء مهمتها ثم تفكيك القاعدة ونقلها حينذاك إلى المكان التي أتت منها .
في الحرب العراقية الآيرانية وعلى مدى ثمان سنوات ، قدمت أميريكا الدعم لصدام حسين ضد أيران ذات النظام الأسلامي من خلال الدعم اللوجستي اللامحدود من قبل دولة الكويت طبقا ًلتوجيهات أميريكا ، وتقديم الكثير من المعلومات حول المواقع المهمة عن طريق " طائرات الأواكس " الأميريكية الصنع والسعودية التمليك والأستخدام . لذا رغم ما تعرض له الكورد قبل وبعد نهاية الحرب العراقية الأيرانية من قبل النظام البائد ، بدءا ً من قصف حلبجة بالأسلحة الكيمياوية أنتهاءا ً بحملات الأنفال السيئة الصيت ، لم يصدر اي تصريح أو بيان من الولايات المتحدة لشجب أو أدانة تلك العمليات البشعة ، لتبقى كفة المصالح " سيدة الموقف " أيضا ً مقابل كفة المبادئ العامة لحقوق الأنسان . لولا صدى الهجرة المليونية للكورد بعد أنتفاضة آذار 1991 وتأثيرها على الرأي العام العالمي وما قامت بها الكثير من المنظمات الأنسانية ذات المجتمع المدني بالمساعدة ، لَما كان لأميريكا دور مباشر في تأمين الحماية الجوية لكوردستان العراق من القوات النظامية العراقية آنئذ . أما بعد سقوط النظام والذي كان للكورد دور مهم ومن أقوى الحلفاء للولايات المتحدة بعد أمتناع حليفتها الستراتيجية " تركيا " في حلف شمال الأطلسي " الناتو " من أستخدام أراضيها لضرب العراق ، تمكن الكورد وللمرة الثانية اثناء وبعد الأنتفاضة من تحرير مدينة كركوك الغنية بالذهب الأسود وساعدوا على تحرير مناطق اخرى منها مدينة الموصل على سبيل المثال لا الحصر ، بعد التحرير والأحتلال باشهر قليلة ساعد الكورد الأميريكان أيضا ً ومن خلال أعطاء معلومات دقيقة لقوات التحالف عن مكان تواجد رئيس النظام السابق ، حسبما جاء على لسان السيد كوسرت رسول علي نائب رئيس اقليم كوردستان ولأكثر من مرة ، آخرها أثناء لقاء جريدة الشرق الأوسط اللندنية مع سيادته مؤخرا ً .
إذن ! رغم أن تجربة كوردستان الديمقراطية إلى حد ما ، والتي يمكن أن تدرج في خانة إحدى التجارب الديمقراطية الفريدة في منطقة الشرق الأوسط بعد تجربة أسرائيل ، إلا أن موقف أميريكا ومن خلال التقارير التي تعد وتقدم إلى الجهات الرسمية والأعلامية من قبل مسؤولين سابقين في الحكومات الأميريكية وآخرها الجزء الأول من التقرير المعد من قبل ديمستورا وعلى شكل مقترحات حول المناطق المتنازعة عليها والذي أقترح بإلحاق قضاء مندلي على سبيل المثال بمحافظة ديالى ، تلك المنطقة التي كانت من ضمن المطاليب الكوردية على مدار عشرات السنين وقدم الكورد الغالي والنفيس من أجل الدفاع عن مطاليبهم ، هذا ناهيك عن موقف أميريكا الرسمي الغير واضح حول المادة 140 من الدستور العراقي وبالذات فيما يخص مدينة كركوك ، علما ً بأن صياغة الدستور تم بالتوقيت الذي حددتها أميريكا ووفق ارشاداتها ، لذا جاءت زيارة السيدة كوندوليزا رايس إلى كركوك بما لا يرضي توجهات الأطراف الكوردية بعد رفض الرئيس البارزاني أستقبالها في أربيل العاصمة ، حيث قيل بأنها كانت تحمل في جعبتها أجندة حول المناطق الكوردستانية المنسلخة وخاصة مدينة النفط ، ليتم تصنيفها في أقليم خاص ومستقل بعيدا ً عن آمال وتطلعات الشعب الكوردستاني على الأقل في الوقت الحاضر ..
بعد كل الذي حصل من تحالفات وأتفاقات " شفوية " غير موثقة مبنية على الثقة والوعود المتبادلة بين الكورد وأميريكا خلال فترة زمنية طويلة من الألفيتين الثانية والثالثة قبل وبعد التحرير والأحتلال . فيا ترى ! هل ستحصل اتفاق أو تحالف ستراتيجي بينهما مبنيا ً على الدفاع عن حقوق الكورد " الشعب المليوني " ، فيما لو تم تحقيق حلمهم الذي رافقهم على مدى عقود من الزمن بإعلان الدولة الكوردية في المستقبل ؟؟؟
ألمانيا في
13 / تموز / 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق