الأنانية والمسؤول !!!
بغداد / حسين حسن نرمو
كثيرون أعطوا تعريفا ً موجزا ً للأنانية ،
هنالك مَن وصفوها بالفردية الشرّسة ، أو الغرور ، أو التكبّر ، أو حُب النفس لدرجة
جنونية ، لكنني أميل إلى ، أن المصابين بمثل هذا الداء ، هُم أتباع الأهواء غير
المُحَبذّة والذين يرغبون بالصعود على أكتاف وظهور الآخرين ، ربما ليضرّهم من أجل
الانتفاع الشخصي ، لكن للأسف بضمير ميّت ... بالتأكيد هنالك جُملة من الأسباب التي
يجعل الأنسان يوصف بالأنانية ، منها التربية الخاطئة التي يجعله شخصا ً غير واعٍ
ولا يتجنب الأحقاد والاستيلاء الفردي ، لكن في تصوري بأن الحرمان خلال فترة نموه
ووصوله إلى مستوى المسؤولية أيضا ً سبب مهم جدا ً يجعله أنانيا ً ويمارس السلوكيات
الخاطئة بالاتجاه السلبي ... بالتأكيد هذه الصفة عند الأشخاص العاديين لا يكون
تأثيرها مثل الذين في مواقع المسؤولية ولهذا سيكون تركيزنا وحتى من خلال عنوان
المقال على المسؤول ، لأن أنانيته ستكون لها تأثير واضح على المُحيط الذي يعمل فيه
.
وكثيرا ً ما كُنا نَنعُت أساتذتنا والذين
عاصروا جيلين ( المخضرمين ) وهُم معروفين سواءا ً في مجال الكتابة عن المُجتمع
الأيزيدي ، أو حتى في السياسة بعد تبوئهم مواقع المسؤولية الحزبية والحكومية ، لا
سيما في إقليم كوردستان ، حيث كانت
البداية بعد انتفاضة آذار 1991 ، نعم هؤلاء كانوا أمام سهام الاتهام بالأنانية ،
ومنهم كانوا كذلك فعلا ً ، ربما بدافع غريزي معروف لتثبيت أقدامهم وأقدام المُقرّبين
منهم والذين أولى بالمعروف حسب ما في مخيلتهم ، لكن في تصوري بأن هذا الداء أنتقل
بسرعة وبأمانة إلى الجيل الذي بعدهم ، ربما للتواصل الاجتماعي وحتى السياسي بين
الجيلين ، مما كان السلوك له تأثير مباشر على انتقال العدوى ، وهذا ما نأسف عليه .
قبل أن نوثق المقال بمثال حي ، لا بُد من
الاشارة بأن هذا الداء منتشرا ً على مستوى المسؤولية الحزبية والوظيفية وبمستويات عالية
جدا ً ، نعم ينطبق على غالبية المسؤولين في عراق المركز وإقليم كوردستان أيضا ً
... لذا لا أرغب بالإطالة على سادتنا القراء ، وأود أن أقدم مثالا ً حيا ً وواقعيا
ً ومستمرا ً لحد الآن في العملية السياسية على مستوى العراق وتحديدا ً في مجلس
النواب العراقي ( البرلمان ) في الدورة الانتخابية الثانية الحالية ، خاصة بعد فوز
المكون الأيزيدي بسبعة مقاعد موزعا ً بين الكوتا بمقعد واحد والمقاعد الباقية للتحالف
الكوردستاني منهم كاتب هذه السطور ، للأسف طبعا ً فقدنا الانسجام منذ البداية
لخدمة المصالح والمبادئ العليا ... ربما هنالك أكثر من سبب في عدم الانسجام ، منها
الخوف من الضغط والإملاءات الحزبية أو حتى من بعض الأجهزة التابعة لها أو الجهات
التي ساندت المرشح نفسه لفوزه بالمقعد ، وأعتقد في كثير من الأحيان بأن هذا
التفسير ضرب ٌ من الخيال ، أو ربما نتيجة عدوى منتقلة من شخصية إلى أخرى وعادة
علاقات هؤلاء تكون مع الجهات المسؤولة الدنيا وليس العُليا ، حيث الأخيرة منشغلة
أكثر في أمور أخرى ، مثل هذه الآراء لها تأثير على العمل بفردية وفق التعريف
الموجز للأنانية في بداية المقال حتى لو كان هذا على حساب الآخر ، وفي الكثير من
الحالات ، تحصل تداخل في المنافسة ، بإعلان عن مكسب معين ، ربما الذي أعلنه لم يحظى
بشرف العمل على تنفيذه والذي كان بالأصل لزميل آخر ، وإنما أراد الصعود على أكتاف
زميله ... وحول عدم الانسجام في البداية ، أعزو إلى سبب آخر أعلنت عنه ربما بمقال
في بداية دورتنا البرلمانية ، وهو غياب دور المرجعية في توجيه البرلمانيين من خلال
خطة عمل ( برنامج ) ، بغية توحيد الجهود الجماعية في كُل ما يتعلق الأمر بشأن
المجتمع الأيزيدي وطبعا ً لم يحصل مثل هذا العمل ، لأننا نعاني فعلا ً من أزمة
قيادة وبامتياز وهذا ما نأسف عليه ، ربما الأغرب من ما قلناه حصلت حتى مستوى أعضاء
المجالس البلدية في المحافظات والأقضية والنواحي ليصل الحد بالأعضاء الأيزيديين أن
يصوتوا لصالح مرشح أحد التيارات من الأخوة الإسلاميين لرئاسة إحدى اللجان ، ولم يصوتوا لصالح مرشح بني جلدتهم لأن الأخير
مرشح عن الطرف الآخر من المعادلة السياسية الكوردستانية ، تصوروا هذا ما حصل لنا وفي
مراكز التي من الممكن تقديم ما يمكن تقديمه لخدمة بني جلدتنا .
هنا أود أن أشير وبكل ثقة بأن الخلل يكمن
فينا وليس في الآخر ، سواءا ً كان هذا الآخر شخصا ً أم تنظيما ً أم حزبا ً أم
تكتلا ً وأم ... وأم ... لأن إضافة ً إلى
أزمة القيادة لدى مكوننا ، فأن أبناءه ( الكلام ليس معمما ً لكن على الأغلب ) والذين
يتبوؤون الكراسي مهما تكن سعر هذا الكرسي من أدنى موقع إلى أعلاه ، يعانون من ضعف
في الشخصية وبالتالي يتمتعون بالقدر الكافي من الصفات غير المُحَبَذة ومنها
الأنانية طبعا ً مما يجعلهم ومع الكثير والكثير من أبناء مكونهم المزيد من
المراوحة في المكان والزمان المحُددين لهم من قبل الآخرين المتسلطين ، وهذا
بالتأكيد من وجهة نظرهم فقط ... و حسب ما
أُحلله من وجهة نظري أراه وفي أحيانا ً كثيرة العكس طبعا ً ، وأتمنى أن أكون مخطئا
ً ، حتى نسير بالاتجاه المقبول والسليم والذي من المفروض علينا أن نخطو نحوه خدمة
ً للمبادئ العامة لمجتمعنا .
بغداد في 23 / 10 / 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق