المُرشح والبرنامج الانتخابي !!!
حسين حسن نرمو
المعروف عن النظام الانتخابي في العراق بعد
التجربة الديمقراطية وخلال الدورة البرلمانية الأولى ، كان بالقائمة المغلقة ،
والذي يحق للناخب التصويت للقائمة فقط ، حيث الكُتل والأحزاب تتحكم وتعطي الأولوية
لِمَن تُريد الفوز بالتسلسلات الأولى ... بعد المُطالبة الشعبية وبمباركة
المرجعيات الدينية ، تم تعديل النظام الانتخابي في قانون الانتخابات لعام 2010
للعمل ضمن القائمة نصف مفتوحة ، مما أعطى للناخب بالتصويت للمرشح مع القائمة التي
ينوي التأييد لها ، لذا رأينا بأن المواطنين كانوا أصحاب القرار بالذين يُمثلونهم
، لكن المُرشحين وبعدها البرلمانيين ضمن
القوائم ، أصبحوا تابعين أو خاضعين للكُتل ، وبالتالي هُم ليسوا أصحاب القرار ، وحينما
يحاولون الخروج عن نطاق أحزابهم ينالون الويل وربما التهديد والوعيد ...
فيما يخص البرنامج الانتخابي ، ومنذ البداية
وبعد تسجيل الكيان لدى المفوضية ، يعد الحزب أو تعد القائمة برنامجها الانتخابي
المؤلف من مجموعة من النقاط ، والتي ترى القائمة بأنها ستتمكن من كسب المزيد من
الأصوات للناخبين للفوز بالمقاعد البرلمانية ، وربما المناصب التنفيذية وحسب الحجم
والنفوذ بما يقابل التمثيل في البرلمان ، وبالتالي الدفاع ومحاولة تطبيق برنامجها
خلال الدورة البرلمانية قدر الإمكان ... لذا في اعتقادي بأن المرشحين داخل القائمة
وخلال الدعاية الانتخابية عليهم الالتزام بِما وُرِد في البرنامج الانتخابي
لقائمته أو حزبه ... لكن الذي نرى وخاصة في الدعاية الانتخابية للدورة البرلمانية
الثالثة ، ومُرشحي القوائم يتحدثون بلغة الأنا وسوف ( يُطَبق ، يُعَين ، يُنفِذ و
... و ... ) متناسين بأن ما يقولون ليس من اختصاصهم ، لا بل تتعذر حتى قائمته
مجتمعة ً من تنفيذ أو تمرير مثلما يتحدثون في البرامج وخططهم المستقبلية إن فازوا
في الانتخابات ، وللأسف طبعا ً رأينا في الدعاية الانتخابية مُرشحين وهُم على
مستوى من الاختصاص من القُضاة والحقوقيين وربما الآخرين من ذوي الخبرة وهم بالطبع
أدرى من غيرهم بما سيجري داخل أروقة البرلمان ، نعم قالوا البعض بأنهم (
سَيُطَبقون ) المادة 140 على سبيل المثال لا الحصر ، متناسين بأن تطبيق مثل هذه
المادة ، وربما مواد أو حتى قوانين أخرى مهمة مثل النفط والغاز وقانون الأحزاب
ومجلس الاتحاد المركونة على الرفوف في مجلس النواب العراقي ، تعجز الكُتل وهيئة
الرئاسة البرلمانية حتى من الادراج على جدول الأعمال للقراءة الأولى ، وأعتقد بأن
مثل هذه القوانين والمواد مرهون بإعلان صيغة العلاقة بين الإقليم والمركز
العراقيين بعد الفيدرالية المهزوزة ، وكأن تكون العلاقة في المستقبل القريب إنشا
لله أما على أساس الكونفدرالية أو حتى الاستقلال التام ...
هنا لا بُد َ وأن نشير ونُذكر الأعزاء
المرشحين وبالتأكيد هُم على علم ٍ بذلك ، بأن وظيفة البرلمان والبرلماني تتكون من
شقين أساسيين وهي ... أولا ً : وظيفة تشريعية وهي إعداد مقترحات قوانين وتشريعها ،
وكذلك تشريع مشاريع القوانين المُحالة من الحكومة ورئاسة الجمهورية وبمصادقة مجلس
شورى الدولة ، وهذا هو الجزء المُهم ، حيث العراق في مثل هذه المرحلة بعد سقوط
النظام بحاجة إلى تشريعات مهمة وجديدة تنسجم مع الواقع الحالي والمستقبلي المتجه
نحو الديمقراطية ( كما يجب أن تكون ) ، وكذلك إلغاء الكثير من القرارات المُجحفة
من مجلس قيادة الثورة المنحل ، وأيضا ً قرارات ( بريمر ) السارية المفعول لِحَد
الآن ولا تنسجم مع العراق الجديد . ثانيا ً : الوظيفة الثانية للبرلمان والبرلماني
وهي الجانب الرقابي ، والتي هي متابعة عمل وأداء الحكومة من كافة النواحي والتي
تتعلق بملفات الفساد وتنفيذ القوانين النافذة والمشاريع الخدمية وفق قانون الموازنة
السنوية وضرورة إرسال الحسابات الختامية لِكُل ِ سنة إلى البرلمان قبل إقرار
الموازنة اللاحقة ... يؤسفنا القول بأن الوظيفة الثانية ضعيفة العمل بها وربما في
مواقع كثير مثل متابعة ما يحصل في الأجهزة الأمنية والجيش مشلولة من الناحية
العملية ، حيث لا يتمكن البرلماني وأحيانا حتى اللجان البرلمانية القيام بالدور
الرقابي المطلوب ، إلا إذا كان مدعوم من كتلة ً سياسية كبيرة ، وهذا في تصوري
بِحَد ذاته مجازفة لا يقوم بها أيٌ مَن كان ، مِن كُثر التهديد والوعيد من الكثير
من الدوائر المسؤولة والمُتنفذة والتي قد تؤدي إلى التصفيات الجسدية ...
لذا نُهيب بالسادة والأخوة المُرشحين أن تكون
برامجهم ضمن الحد المعقول وضمن برامج قوائمهم ، لأن لا يُمكن البرلماني أن يقوم
بتنفيذ مشاريع كتبليط الشوارع وبناء الجامعات والمستشفيات و ... و ... حيث هذه
كلها من ضمن الخطط والمشاريع الاستثمارية الاستراتيجية ويتم تنفيذها من قبل
المحافظات ومجالسها المنتخبة أيضا ً ( البرلمانات المُصغرة ) ، وهُم أولى بمثل هذه
المسؤوليات ولا يجوز القفز عليهم ... لكن ما يُمكن عمله البرلمانيين إضافة إلى
وظيفتيه ، هو المساعدة لِمَن يحتاج إليهم والقيام بواجبهم كُلها ستكون عن طريق
العلاقات الخاصة مع الجهات التنفيذية في الحكومة من الوزارات والدوائر الأخرى غير
المرتبطة بوزارة ، سواءا ً كان مجال التعين أو مجالات أخرى ، وهذا ما يفسّره
الآخرين بالمحسوبية والمنسوبية أيضا ً ...
25 / 4 / 2014