شنكال
وإعادة الإعمار !!!
حسين حسن
نرمو
أولا ً :
ــ في الماضي القريب وقبل ظهور ال ( ب . ك . ك ) ...
شنكال مثل
الكثير من المناطق المستقطعة ، أو المتنازع عليها ، أو ذات الإدارتين بين المركز
والإقليم ، أو الباقية لحد الآن تحت رحمة المادة 140 من الدستور العراقي الدائم ،
المنتهية مفعولها كمادة دستورية ، أو يُمكن إحياءها وفق الآراء المختلفة ... ومن
هذه التسميات أعلاه وربّما غيرها ، حيث يعرفها أبناء شنكال وجُل القيادات المركزية
، وكذلك في إقليم كوردستان ومواطنيه ، بأن شنكال مثلها مثل نظيراتها أو أكثر منهم
على الأغلب ، ذاقت الأمرّين ، وعانت الأمرّ كثيرا ً من ازدواجية الإدارة ، وعدم
الاهتمام بها ، لا من عراق المركز ، ولا من عراق الإقليم ، أي بعد سقوط النظام وفي
عهد كُل الحكومات المتعاقبة بعد 2003 ، بدءا ً من حكومة السيد أياد علاوي وانتهاءا
ً بحكومة السيد حيدر العبادي الحالية ، عدم الاهتمام بها نابع من الخلافات ،
واختلاف الأطراف في بغداد وأربيل وفق الاتفاقات بين الحكومتين وعدم حسم أمرها لحد
الآن ...
على أرض
الواقع ، وبعد حرب التحرير أو الاحتلال الامريكي للعراق بعد سقوط نظام صدام ، كانت
الأحزاب الكوردستانية سباقة في الاستحواذ على مثل هذه المناطق ، وبعد حصول الفراغ
السياسي على مستوى العراق ومنها شنكال ، وفق جغرافيتها وغالبية سكانها من
الأيزيديين والكورد المسلمين مع الأقلية العربية والبعض من المسيحيين ، نعم سرعان
ما كانوا من المبادرين بتشكيل هيكلية جديدة للإدارات فيها ، من القائمقامية ،
البلدية ، الصحة ، البريد ، المعاهد الفنية والإدارية ، الإعداديات المهنية ،
السايلو ، معمل السمنت وكذلك المجالس البلدية ، حيث أفلحوا في غالبيتها والكثير لا
بل الأغلب من هذه التشكيلات الإدارية هُم من الأنصار والمؤيدين للحزب الديمقراطي
الكوردستاني ، أي كانت لهم حصة الأسد بِحُكم المنطقة خاضعة تحت سلطتهم ... أما
كيفية الإدارة وإعادة الإعمار ( لم يفلحوا ) فيها ، هنا أقصد تقديم الخدمات العامة
ومنها مشاريع الإعمار ، بناء المدارس ، المستشفيات ، تصوروا في مركز ناحية سنونى
هنالك مدارس طينية لحد الآن ، ولم تتمكن الإدارة وعلى ما يقارب عقد ٌ ونيف من
الزمن من بناء مدارس تليق بالمنطقة ، في حين لو سُمِحَ ببناء الجوامع ل ( فاقت ) عددها
للمدارس الموجودة ، يجب أن لا ننسى ويعرفها جيدا ً القيادات الحزبية والإدارية في
قضاء شنكال وخاصة الأيزيديين ، لم يتم لحد الآن توفير أبسط مستلزمات الحياة ، وهي
ماء الشرب حتى لو كانت من الآبار الارتوازية .... فقط نجحوا في كسب الأصوات ، شراء
الذمم ، جيش من الكوادر الحزبية ، متقاعدي الثورات ، قوات مسلحة من مختلف
التشكيلات البشمه ركه والخاص والآسايش و ... و ... وفي كُل هذا طبعا ً ، أثقلوا كاهل حكومة إقليم
كوردستان وبطرق ذكية لإضافة رواتب هذه التشكيلات ومنها الوهمية إلى ملاكات الحكومة
، حيث فاق عدد موظفي الإقليم مقارنة مع العراق بالرواتب والدرجات الوظيفية وبالذات
الدرجات الخاصة العالية ، مما نشأت أزمة اقتصادية معقدة وغير متوقعة في الإقليم
مؤخرا ً ، أدت إلى شبه إفلاس في النظام المالي لحكومة الإقليم ، بالتأكيد حديثنا عن
شنكال وتم العمل بهذا النظام في عموم مناطق
الإقليم ...
إذا ً ! طِوال
الفترة الماضية ونقصد بعد 2003 ، حينما يتم الحديث عن تقديم الخدمات والمشاريع
لمثل هذه المناطق وخاصة شنكال ، سرعان ما يكون الجواب جاهزا ً من لدن المسؤولين
الحزبيين ، وحتى الحكوميين الجدد ، وعلى مستوى الكُبار ( لأن هؤلاء أيضا ً وفي
كثير من الأحيان ملكيين أكثر من الملك أي حزبيين فوق العادة ومن منتسبي التنظيم
الداخلي ) ، نعم يقولون بأن شنكال غير محسومة أمرها ، ولا بدّ من الانتظار لحين
تطبيق المادة 140 ، والتي حسب رأي المتواضع بأنها لم ولَن تطبّق أصلا ً ، إلا أن
تصبح أمرا ً واقعا ً من النواحي كافة ، هذا إذا كانت حكومة إقليم كوردستان
والقيادات الكوردستانية ، صادقة في التعامل مع مثل هذه الملفات لكافة المناطق ،
والوقوف على مسافة واحدة من حيث تقديم الخدمات وتأهيلها ( ولو للأسف طبعا ً ، هنالك
لحد الآن فرق شاسع وواضح جدا ً في الاهتمام بين خانقين وكركوك وباقي المناطق
مقارنة ً مع شنكال ومناطق أخرى ذات الغالبية للمكونات من الأيزيديين والمسيحيين
والكاكائيين والشبك ) ...
ثانيا ً :
ــ بعد ظهور حزب العمال الكوردستاني ( ب . ك . ك ) ...
ظهور أو
دخول حزب العمال الكوردستاني ( تركيا ) ، وحليفته حزب الاتحاد الديمقراطي ( سوريا
) بشكل علني ومع قواتهما العسكرية إلى الميدان السياسي وجغرافية غرب دجلة وخاصة ً
شنكال ، كانت بعد الكارثة التي حلّت بأهلها وسقوط جُل المناطق التي تسكن الأيزيدية
في شنكال تحت رحمة داعش ، كذلك الممارسة الشنيعة من مثل هذا التنظيم الارهابي من
القتل الجماعي لأهاليها وسبي نساءها وبيعهم في أسواقهم الرخيصة ... نعم دخلت
القوات العسكرية لهذين الحزبين لنجدة أهالي شنكال ، بعد تخلي صاحب الدار الشرعي ، وانسحاب
البيشمه ركه من مواقعها تحت ذرائع شتى ، مما كانت المواطنين المدنيين لقمة ً سائغة
في أفواه الدواعش المجرمين ... فعلا ً أفلحوا في النجدة وإنقاذ عشرات الالاف لا بل
مئات الالاف من المدنيين عبر أراضي سوريا ، ليستقر بهم في المخيمات والهياكل ودور
المواطنين الشرفاء في إقليم كوردستان ...
بالتأكيد
ظهور قوات عسكرية متعددة ومن اتجاهات مختلفة في المنطقة ، زادت المشاكل بعد أن
كانت موجودة أصلا ً ، لا سيما بعد استحداث قوة عسكرية خاصة بالأيزيديين تابعة
وخاضعة لتوجيهات حزب العمال الكوردستاني ، وقوة أخرى أيزيدية أيضا ً مستقلة بقيادة
الأخ حيدر ششو ، وكذلك استحداث قوات بقيادة الأخ قاسم ششو بعد أن تم احتواءها من
قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، يقال بأنها لحد الآن غير خاضعة لأوامر النشر
الرسمي بعد الزيادات المتراكمة على مِلاك وزارة البيشمه ركه وفق شبكة التنظيم
العسكري للوزارة ، وما سيزيد من الطين بلة في المستقبل ظهور ألوية عسكرية خاصة (
بيشمه ركه ) للعرب ، وأخرى للمسلمين ( الكرمانج ) من شنكال ، وبالتأكيد سيتم نشرهم
في المناطق المتاخمة لمناطق سكنى الأيزيدية ... أما الذي أضرّ المصلحة العامة
لأهالي المنطقة هو تواجد أو ظهور قوات تابعة ل ( المجلس الوطني الكوردي السوري )
على خط المواجهة العسكرية والاقتتال مع القوات الشنكالية التابعة إلى ( ب . ك . ك
) ، ليزيد المشكلة تعقيدا ً على رؤوس المغلوبين على أمرهم ، مثل هذه الأعمال
بالتأكيد لها تأثير مباشر على حياة العامة في شنكال ، مما كانت وراء هروب أو فرار
المواطنين والذين عادوا مؤخرا ً إلى مناطقهم ، مستعينين هذه المرة بالجبل الصديق
الوفي والمدافع عن أبناءها وفق جغرافيته الوعرة والمانعة من اقتحام الأعداء ...
كُل هذه
الأحداث ، خَلَقَت أرضية مناسبة للطابور الخامس السلبي ، وللأسف أقصد الأيزيديين
مرّة َ أخرى ومن خلال وسائل الاعلام الكوردستانية ذات التوجيه الخاص دائما ً ،
يبثون الارشاد والمطالبة بسحب قوات ال ( ب . ك . ك ) من شنكال ، باعتبارها السبب
الرئيسي في كُل المشاكل السياسية والاقتصادية والعسكرية في إقليم كوردستان ، لا بل
الحجة هذه المرة بأنهم وراء عدم إعمار شنكال بعد التحرير ، وتقديم الخدمات لحد
الآن ، هذا ما التمسناه من خلال اللقاءات التلفزيونية مع رؤساء المجالس البلدية في
المنطقة ، مسؤول الوحدة الإدارية ، ممثلي
شنكال على مستوى المحافظة وعراق المركز أيضا ً بتوجيه أصابع الاتهام لحزب
العمال الكوردستاني بالتعقيد وعدم إعمار شنكال ، مما قد يحدث في المستقبل اجتياح
تركي متوقع لمناطق شنكال ، على غرار تواجد قواتها في جبل بعشيقة ، وتحت ذريعة ملاحقة حزب العُمال ، ثم تشكيل
قاعدة في جبل شنكال القريب من تلعفر التركمان والحدود السورية ولحماية المصالح
الاقتصادية التركية أو المشتركة ، وسيكون بالتعاون مع قوات البيشمه ركه في الإقليم
، هذا ما صرّح به وزير الدفاع التركي في الإقدام على مثل هذه الخطوة ، للأسف طبعا
ً أن تصل الأزمة إلى هذا الحد من التعامل مع شنكال الجريحة ذات المخطوفات والسبايا
لدى داعش لحد الآن، والتي عانت وربّما لحد
الآن من حصار اقتصادي عبر الحدود مع ربيعة وزمار حسب ما يفيدون بها المسؤولين
الإداريين في المنطقة ...
إذا ً ! في
اعتقاد الكثير ولا سيما المتخصصين بأن ملف إعادة إعمار شنكال هو أكبر من تواجد
قوات ال ( ب . ك . ك ) وغيرها من القوات ، حيث بالإمكان التفاوض حول ذلك وعلى أعلى
المستويات مع حزب العمال الكوردستاني إذا كانوا جديّين في العمل ، حيث من الممكن
الاستعانة بالأمم المتحدة والأمريكان في مثل هذه القضايا ، لكن للأسف ، وبالعكس ، هنالك
إعاقة لعمل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وغيرها في مجال تقديم المشاريع
من جانب الأجهزة الأمنية والعسكرية في المنطقة ، كذلك لا يُحَبذون تنفيذ المشاريع
من الحكومة المركزية في حالة الإقدام على ذلك وبشتى الطُرق الديماغوكية ... مَن
يدري ؟ ربّما حتى لا يضمنون تأييد واسع
إلى المركز على حساب المغلوبين ، وبالأخير حكومة الإقليم ليس لديها الامكانيات على
تقديم المشاريع والخدمات لإعادة الإعمار وكما يجب أن يكون أو تكون ، كي تبقى شنكال
ومناطق أخرى ذات الغالبية الأيزيدية والمكونات الأخرى بين ( الحانة ) و ( المانة )
حتى تطير كُل اللـُحى على غرار المثل العربي ، والخاسر الأكبر هُم المغلوبين على
أمرهم ...
24 / آذار
/ 2017