الاستثمار
في العراق الجديد !!!
حسين حسن
نرمو
الاستثمار
، كلمة ذات معنى خاص وتعني الكثير في البلد أو البلدان الذي أو التي يُراد توظيف
الأموال من أجل البناء أو إعادة البناء ، ومن أجل الإعمار أو إعادة الإعمار ...
إذن على
مستوى العراق وقبل سقوط النظام عام 2003 ، ذروة البناء الاستراتيجي وغيره كانت إلى
الثمانينات من القرن المنصرم ، حيث كانت فترة إنعاش اقتصادي بعد تأميم النفط و (
إنهاء ) الثورة الأيلولية الكوردية بموجب
اتفاقية الجزائر المشؤومة على الشعب الكوردستاني بين الثلاثي ( شاه إيران وهواري
بومدين وصدام حسين ) ... لكن ! لا تأتي الرياح بما تشتهي السُفن ، حيث سرعان
اندلعت الحرب العراقية الايرانية بعد رحيل الشاه ، ثم اغتيال بومدين مسموما ً ،
ومحاولة تحديد سلوك وتصرفات دكتاتور العراق بالضغط عليه وتوريطه في حروب إقليمية
ودولية ، مثل حرب الخليج الثانية ، والحصار الذي فُرِض عليه إلى أن كانت نهايته
المشؤومة في قبو ٍ لا تعيش فيه الإنسان ، إلا الهاربين من أمثاله ...
حروب
الخليج المتتالية والضربات التي تخللتها من التحالف الدولي الأمريكي والبريطاني ،
حيث كانت ذات تأثير على تدمير البنية التحتية للاقتصاد العراقي ، بدءا ً من مشروع
الطاقة النووية ، معامل التصنيع العسكري ، محطات الطاقة الكهربائية و ... و...
والكثير من المشاريع الاقتصادية الأخرى ، هذا ناهيك عن الحصار الاقتصادي الناتج عن
احتلال النظام العراقي لدولة الكويت في آب عام 1990 ، مما كان وراء الشلل أو
الركود الاقتصادي قرابة عقد ونيف من الزمن قبل سقوط النظام في نيسان عام 2003 ...
بعد سقوط
النظام ، وفترة العام أو السنة الذي كان ( بريمر ) حاكما ً مدنيا ً في العراق ،
تلتها حكومتين قصيرتين في العمر برئاسة السيدين أياد علاوي وابراهيم الجعفري ، حيث
لم تتجاوز فترة حكمهما العامين ، كانت القيادات العراقية مشغولة أكثر بكيفية إدارة
الدولة ، لأنها كانت مرحلة حديثة وتكاد لا تُصَدَق من قبل الكثيرين منهم ، نعم وفي
اعتقاد الكثير بأن خلال الفترة اعلاه ، كانت كلمة الاستثمار غائبة عنهم ...
لكن ! بعد
الاستفتاء على الدستور وتشكيل الهيئات ومنها الاستثمار وانتخابات الدورة
البرلمانية الأولى وتشكيل حكومة المالكي الأولى أيضا ً ، بدأت القيادات ، نقصد
الكُتل والأحزاب السياسية القديمة والحديثة تُفكر في كيفية استغلال المشاريع
المطروحة من قبل وزارة التخطيط للبدء في الاستثمار ، ومحاولة الاحتواء على
المشاريع لمصالح الدوائر الاقتصادية للأحزاب والتيارات السياسية ، وفق خطط مدروسة
مع الجهات الحكومية ذات العلاقة عبر فلاتر الوزارات وشخص الوزراء ، حيث ُ جُلهم تم
الاختيار على أساس عقد الصفقات الاقتصادية والتي تتعلق بالمشاريع الخدمية الرُبحية
لصالح الجهات السياسية ، لذا الدوائر الاقتصادية المتكاملة للأحزاب وكما أسلفنا ،
أجمعوا عبر متعهديهم أو مقاوليهم للحصول على المشاريع الخدمية والمهمة ( مشروع
الماء الصالح للشرب في بغداد ) نموذجا ً والذي تلكأ لسنوات بعد الإرساء عليهم ، نعم
تمكنوا من الحصول على المشاريع من الدولة وبشتى الطُرق الديماغوكية والملتوية ...
لا بل دخلوا العديد من أعضاء مجلس النواب على الخط في هذا المجال ، رغم منعهم
وبموجب القانون من ممارسة أي عمل خلال فترة تواجده في البرلمان ، إلا إنهم عملوا
وخلال اللجان البرلمانية والتي لها علاقة مع الجهات التنفيذية بِحُكم الجانب
الرقابي بالحصول على الكثير من المشاريع عبر أقاربهم وذويهم ، حتى وإن لم يكونوا
أهلا ً لها من الناحية الاختصاصية والخبرات العملية ... وفي حالة إحالة بعض
المشاريع إلى الشركات الدولية والإقليمية وكانت أحيانا ً تحت يافطة وهمية ، ومن
الشركات غير الرصينة من الناحية التقنية أو حتى افتقارهم للأرصدة المالية ، ليتم
استغلالها من قبل الحيتان الكُبار والجهات التنفيذية للدولة العراقية وفق نسب
مئوية ك ( حصص ) لهم سلفا ً ، وهذا ما حدث فعلا ً بكشف الكثير من العقود في الوزارات
المعنية ولا سيما وزارات الدفاع والداخلية والكهرباء ، حيث الأكثر تعاملا ً مع
الشركات الاجنبية ، فيما تخص استيراد صفقات الأسلحة أو الأجهزة الفنية الخاصة بكشف
المتفجرات ، أو حتى الصفقات الخاصة بمحطات توليد الطاقة الكهربائية ، مما كانت
وراء هدر أموال العراق بالمليارات من العملة الصعبة ...
بالمناسبة
، وبعد عدم إعطاء أو إحالة بعض المشاريع من الجهات التنفيذية إلى أقارب أو أشخاص
تابعين لأعضاء مجلس النواب ، مما حصلت نوع من الانتقام والضغط عبر الأساليب
القانونية والخاصة بالاستضافة أو الاستجواب البرلماني ، حيث كنت شاهدا ً على جمع
تواقيع حول استجواب أحد الوزراء ومن قبل أحد أعضاء البرلمان ، بعد أن قام الأخير
بإعداد ملف كامل حول الأخطاء التي حصلت في وزارته ، كان هذا فقط لأن معالي الوزير
لم يوافق على إحالة أحد المشاريع المهمة في البصرة إلى الدائرة الخاصة بالمقاولات
التابعة لمعالي السيد النائب والذي كان محسوبا ً على كتلة كبيرة في البرلمان في
البرلمان العراقي ، ونتيجة لمثل هذه الحالات المتجاوزة أصلا ً على أصول إحالة
المشاريع وفق آلية تقديم العطاءات من الشركات وحتى المقاولين الكُبار ، حيث تم
استغلال الاستثمار بوحداته الموجودة مثل الهيئة في بغداد ومديرياتها في المحافظات
، وفق القاعدة الخاطئة غير المبنية على الولاء للوطن والشعب العراقي عامة ، إنما
كانت ولحد الآن ضمن دائرة المستفيدين من الأحزاب والكُتل وحتى الشخصيات التابعة
لهم ... كانت النتيجة التلكؤ المستمر وغير المُبرّر في المشاريع الضخمة
والاستراتيجية لحد الآن ، هذا ما أكد السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء بإعطاء
الفرصة لتكملة المشاريع المتلكئة في إحدى تصريحاته ، حيث هنالك الكثير من هذه
المشاريع ذات نسب انجاز مختلفة وباقية غير كاملة منذ ما يقارب عقد من الزمن وعدم
تطبيق القانون على منفذيها من المقاولين والشركات بالتقصير المتعّمد أحيانا ً
كثيرة ، وذلك خوفا ً من محاسبة الرؤوس الكبيرة المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر
في تنفيذ مثل هذه المشاريع ...
الخلاصة ... نستنتج من ما وِرِد ، وكل ما يتعلق
بملف الاستثمار في العراق ، بعد سقوط النظام ولِحَد الآن ، كان للأسف ( استثمارا ً
مزيّفا ً ) ، لأنها كانت خارج سياقات القواعد الأصولية للاستثمار العالمي لبناء
البلدان ( العراق نموذجا ً ) ، أو بالأحرى إعادة البناء والإعمار لِكُل ما تمَ
تدميره في العراق ، نتيجة الحروب والهفوات ، حيث كان الأولى بالقادة العراقيين ، إعداد
صندوق خاص بالإعمار من واردات النفط ، مثل ما حصل في العهد الملكي ، رغم قِلَة وارد
النفط حينذاك ، ثُمَ تسليم ملف الاستثمار إلى الشركات الأجنبية الرصينة المعتمدة
لدى دُوَلِهم ، هنا نقصد الحصول على الضوء الأخضر من الدول قبل شركاتها بالعمل في
العراق ، وفق القواعد والقوانين الدولية ،
لإعادة إعمار الدمار والخراب الذي حل ّ ببلاد الرافدين .
4 / نيسان
/ 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق