الجامعات
العراقية والرصانة !!!
حسين حسن
نرمو
كان للعراق
أيضا ً مثل البعض من الدول العربية ، حصة في المكانة العالمية وعلى المستوى العلمي
للجامعات والمتمثل سابقا ً بجامعة بغداد ، حيث المعروف عن هذه الجامعة ، والتي
تعود اللبنة الأولى لتأسيسها إلى ما قبل تأسيس الدولة العراقية ، حينما تم افتتاح
كلية الحقوق قبل تأسيس الدولة بشكل ٍ انفرادي ، وبعدها وتحديدا ً عام 1927 تم
افتتاح كلية الطُب والصيدلة أيضا ً ، هذا تم قبل تسمية جامعة بغداد مع الكليات
الأخرى نهاية الخمسينات من القرن المنصرم بتشكيلات أو بكليات وربمّا بمعاهد أكثر
من السابق ، تلتها في بداية الستينات تأسيس جامعة المستنصرية ، ثم جامعتي الموصل
والبصرة عام 1967 والجامعة التكنلوجية الرصينة ظهرت في الميدان العلمي العراقي
منتصف السبعينات ...
نعم
الجامعات العراقية وتحديدا ً التي ذكرناها أعلاه ، كانت تتمتع قبل التسعينات من
القرن المنصرم بمكانة عالمية بين الجامعات ، وتتنافس الصدارة في الكثير من
المجالات ، ولا سيما البحث العلمي ، رغم قلة الكادر التدريسي واعتمادها على إبرام
العقود مع أساتذة من دول صديقة ، سبق وأن مارسوا مهنة التدريس في جامعات رصينة في
الهند وباكستان ومصر و ... و... . لذا
ووفق شهادة الأمم المتحدة ( اليونسكو ) للتربية والتعليم والثقافة ، كانت تعتبر
الجامعات العراقية من أفضل جامعات المنطقة ، فيما تخص الحركة العلمية والمختبرات
وتكنلوجيا متطورة متوفرة للطالب مع الدعم الحكومي ( هذا طبعا ً قبل عام 1979 ) ،
بحيث جامعة بريطانية ، أجرت دراسة عن كفاءة الطلاب القادمين من خارج المملكة
المتحدة ، كانوا الطلاب العراقيون يحصلون على المرتبة الثانية بعد الصينيين ، وكانت
الجامعات العراقية حينذاك ، تشرف على ، وتدعم القاعدة الصناعية من الكهرباء والطاقة
ولا سيما الطاقة الذرية .
بدأت ظاهرة
افتتاح الجامعات غير المدروسة ، من الناحية الأكاديمية ، أو العلمية ، أو حتى
المالية في الثمانينات من القرن المنصرم ، حيث الدولة كانت في حالة حرب استنزاف
طويلة الأمد مع أيران، وحتى بعد حرب
الخليج الثانية في التسعينات ( زمن الحصار على العراق ) ، كلها جاءت خلافا ً
للشروط والتعليمات والنظام المعمول به في وزارة التعليم العالي ، ربمّا الفكرة (
الافتتاح الموسع للجامعات ) كانت أصلا ً لتغطية الفشل والخسارة في الحروب ، حيث تم
افتتاح أكثر من 9 جامعات في المحافظات وكليات تقنية ومعاهد فنية في كُل المحافظات
... لو نقارن عدد الجامعات الحكومية والأهلية والكُليات والمعاهد والتي تم تأسيسها
في مرحلة ما بعد سقوط النظام عام 2003 ، بأنها كانت أكثر من المرحلة الما قبلها ،
بحيث أقضية العراق أيضا ً أصبحت لها حصة من وجود جامعة ، ربمّا للمحاصصة لها تأثير
أو مسقط رأس أحد القادة أو الزعماء ( الكثير منهم أميين ) الطارئين على العراق في
إحدى الأقضية أو القصبات والتي تستوجب افتتاح صرح علمي فيها ، وحيث تأسيسها أيضا ً
جاءت دون الاستناد على الأسس العلمية والأكاديمية ، لا بل الجامعات أصبحت ساحات أو
منابر للطائفية والفساد والرداءة في الأداء وخاصة من الناحية العلمية ، بحيث فقدت
حتى الجامعات العراقية القديمة الرصينة هيبتها وقدسيتها ، لتمتد التأسيس إلى إنشاء
جامعتي الوقف الشيعي والسني أيضا ً ، ربمّا لتخريج علماء الفقه للطائفتين حتى
يكونوا أكثر تشدّدا ً ضد بعضهم البعض ، وربمّا كُل منهما ضد الآخرين من المكونات
العراقية ( الأقليات ) المغلوبين على أمرهم ... نعم خلال عقد من الزمن تم تأسيس
العشرات من الجامعات والكليات وبالذات في عام 2014 ، ربمّا لنفس السبب في تغطية
الفشل الذريع لحكومتي السيد نوري المالكي من 2006 ـــ 2014 ...
إذن !
نتيجة السياسة العلمية الخاطئة في زمن صدام حسين ، ( تراجعت مستوى الجامعات
العراقية بعد 1979 ) أي بعد استلامه السلطة بعد الضغط على أحمد حسن البكر بالخروج
من الساحة السياسية العراقية ، حيث تم تكملة السياسة الخاطئة بعد التغير نيسان عام
2003 ، نحو الديمقراطية والعراق التعددي الفيدرالي بعدم الاهتمام بالمسيرة العلمية
، لتصبح الصروح العلمية من الجامعات والكليات والمعاهد وحتى الاعداديات المهنية
وغيرها ساحات للعمل السياسي ، لا بل أدخلت نظام المحاصصة فيها ، بتغير رؤساء
الجامعات ، وعمداء الكليات ، والمعاهد ، وحتى مدراء الاعداديات ، والثانويات ، والمدارس
الابتدائية بآخرين حزبيين بغض النظر عن الكفاءة العلمية ، هكذا تراجعت الحركة
العلمية في العراق ، نتيجة غياب سياسة تعليمية رصينة ، وانتشار الفساد المستشري ، لتظهر
الآلاف من الشهادات المزوّرة باسم الجامعات العراقية ، أكثريتهم لمسؤولين عراقيين
في الحكومة وأعضاء البرلمان العراقي ، هذا ناهيك وبعد السقوط عن خروج ما يقارب
8000 عالما ً عراقيا ً من البلاد ومن مختلف الاختصاصات ، حيث يُستفاد منهم الدول
الإقليمية والدولية في مجالات اختصاصهم ، كُل هذا عدا اغتيال أكثر من 500 عالم
عراقي بعد 2003 ولا سيما في فترى الاحتقان الطائفي ... نستنتج من هذه السياسة
الخاطئة ( التدخل الحزبي والطائفي والمذهبي ) ، وفي سلك التربية والتعليم ( كما في
مجالات أخرى مثل سلك الشرطة والجيش ) ، سيجعل البلد في تراجع مستمر دون تقدم ، ليصبح
العراق في عِداد الدول المتخلفة ، ولو عادة ً يتم تصنيف العراق وفي الكثير من
المجالات ، لا سيما العلمية وفق القياسات العالمية تكون دولة العرق العظيمة (
الأولى أو الثانية ) ... لكن ! من مؤخرة قائمة التصنيفات ، وهذا ما يأسف عليه جُل
العراقيين الشرفاء وأصدقاءهم الأشرفين جميعا ً ...
13 / 9 /
2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق