الجمعة، 10 سبتمبر 2010

أزدواجية الإدارة في نينوى وتأثيرها المستمر على مناطق الأيزيدية !

بقلم / حسين حسن نرمو

بعد سقوط بغداد ورحيل النظام الدكتاتوري أثر حرب الخليج الثالثة ، تنفس غالبية الشعب العراقي ذا النسيج الفسيفسائي الصعداء ، ربما لينعموا بهواء الديمقراطية القادم من الغرب ، كما وُعِدوا أو تم الترويج لها قبل ( تحرير بلدهم ) بعد رحلة مريرة وحافلة بالمآسي والآلام على مر الحكومات المتعاقبة التي حَكَمت بالحديد والنار .
الأيزيديون كجزء أصيل من هذا النسيج ، تنفسوا أيضا ً نفسا ً عميقا ً لتحرير باقي مناطق سكناهم في أطراف مدينتهم الموصل ( العراق المُصّغر ) ، بعد أن كانت نسبة من مناطقهم لا تتجاوز 10 % قد تحرّرت أصلا ً مع الانتفاضة الآذارية المعروفة عام 1991 ، هؤلاء تعودوا على أو تكيفوا مع ديمقراطية وتجربة إقليم كردستان .
بعد كتابة الدستور لعراق ما بعد الاحتلال ، كان لهذا الطيف من النسيج العراقي القول الفصل في تثبيته أثناء المشاركة في الاستفتاء عليه في محافظة نينوى بعد أن كانت نتيجة الاستفتاء سلبية في محافظتين من محافظات العراق ، ليشاء قدر مناطق سكناهم المحررة فيما بعد خاضعة تحت رحمة المادة الدستورية 140 ، حيث كانت شروط تنفيذها تتضمن التطبيع ـ الإحصاء ثم الاستفتاء حول الإقرار الشعبي في عائديتها ، لكن للأسف وربما للظروف التي مرت بها العراق بعد السقوط أو وجود أسباب داخلية وخارجية أخرى حالت دون تنفيذ هذه المادة خلال السقف الزمني الذي تم تحديدها والتي باتت إحدى القضايا المصيرية في السجالات والحوارات بين عراق المركز وكردستان الإقليم إضافة إلى قضايا أخرى معلّقة لحد الآن والتي نأمل في أيجاد مخرج لها خلال الدورة البرلمانية الثانية والحكومة القادمة .
منذ القِدم وبحكم جغرافية المناطق التابعة لمدينة الموصل وربما بسبب حملات الاضطهاد والتي تعرضت لها الأقليات باستمرار ، لذا نرى بأن التوزيع السكاني لكل أقلية اقتصرت على منطقة أو منا طق خاصة بهم ، مما سَعَت الأحزاب الكردستانية والأحزاب المعارضة الأخرى الانخراط والعمل التنظيمي الواسع في هذه المناطق بعد تحرير أو احتلال العراق في 9 / نيسان / 2003 وطبعا ً بوجود القوات الأمريكية التي أصبحت مسؤولة عن كُل شُبر من ارض العراق آنذاك وربما لحد الآن ، حيث جرت فيما بعد نوع من الانتخابات لاختيار رؤساء الوحدات الإدارية وبإشراف مزاجي من قبل الأميريكان في بعض المناطق لتفضيل هذا المرشح على ذاك وفق مخطط مسبق من قبلهم ، هذا ما حصل نوع من الفتور بين هؤلاء المدعومين من الأحزاب الكردستانية والحكومة المحلية في محافظة نينوى فيما يتعلق بالمناطق ذات الغالبية الأيزيدية مثل شنكال والشيخان وبعشيقة وحتى القوش وخاصة بعد تشكيل حكومة المحافظة من ( الحدبائيين ) أثر انتخابات مجالس المحافظات في كانون الثاني 2009 وبعد إقصاء أو تهميش قائمة نينوى المتآخية ، مما جاءت ردة فعل الأخيرة بالمقاطعة بدلا ً من المشاركة في مجلس المحافظة كطرف معارض ، مبررّين عدم مشاركتهم بضرورة الاعتماد على مبدأ التوافق السياسي الجاري والمعمول به في عموم العراق لتشكيل الحكومات المركزية والمحلية ، هذا ما زاد من التعقيد في مسالة الازدواجية والتعامل مع الحكومة المحلية في نينوى وخاصة في مجال الميزانية المخصصة لها بغية الاستفادة منها في مجالات الأعمار والخدمات في المناطق التي ذكرناها وهذا ما يُأسف عليه ، حيث هنالك الكثير من الاستحقاقات لهذه المناطق ضاعت وتضيع بين عراق المركز الذي يبرّر عدم الدعم تحت ذريعة عائديه الإدارة والسلطة الحالية فيها للأحزاب الكردستانية ، ليضع الكُرة في ملعب سلطات الإقليم في أكثر الأحيان والتي لها أيضا ً تبريراتها بالدعم المحدود والذي لا يُلبي كُل الاحتياجات والطلبات باعتبارها خارج ٌ عن طاقة ميزانية الإقليم منتظرين تطبيق المادة 140 من الدستور وعودة المناطق تلك إلى كردستان الإقليم لتقديم المزيد من الدعم . يتردد مثل هذا الكلام على لسان مسؤولين كبار ، نعم هذا ما التمس أحد الأخوة الشنكاليين مثل هذا الرد من سؤال لمسؤول رفيع المستوى في الإقليم حول الاهتمام الجدي ب ( شنكال ) في مجال أبسط مستلزمات المعيشة مثل توفير الماء والمدارس والمستوصفات و ... و ... . ليكون رد هذا المسؤول الرفيع فوق العادة ب ( أن في حال تطبيق المادة 140 وعودة شنكال إلى أحضان الإقليم سيجعلون منها جنّة موعودة ) ، ما وُرِد داخل القوس أعلاه تُذكرني بحديث لصديق موصلي مُعيد في جامعة الموصل والذي تَخَرج من إحدى جامعات رومانيا وبعد عودته وحسبما قال بأنه طَرَح على جده من أبيه ما رآه في أوربا أثناء دراسته ، عن النعيم الذي يعيشون في أوربا ، ربما كان يقصد به أجواء الديمقراطية والأمان وتوفير جميع مستلزمات الحياة مشبّها ً بالجنة على الأرض ، سائلا ً جده العجوز ... متى ينعمون بمثلها في عراق الحضارات ؟ جاء ردّ العراقي الموصلي العجوز كلاسيكيا ً ومثاليا ً أيضا ً مخالفا ً لِما كان يقصد حفيده الشاب بأن جَنَة العراقيين في الدنيا الآخرة ...
إذن ! نعتقد بأن الشنكاليين وإخوانهم الآخرين في المناطق الأخرى المحرومين من مستلزمات الحياة البسيطة ، ربما يحلمون ، لكن لا يطمحون على الأقل في المرحلة الراهنة ، لا بالجنّة الموعودة لمسؤولنا الرفيع المستوى ولا بجنّة صديقنا الموصلي ، إنما يُطالبون ببعض الحقوق المتساوية مع الواجبات التي قاموا ويقومون بها تجاه بلدهم سواء ً على مستوى عراق المركز أو كردستان الإقليم من خلال الأداء المتميز تجاه عراقيتهم وقوميتهم الكردية ، بدءا ً من المشاركة الفعالة والمراهنة على عدم إسقاط الدستور والانتخابات للدورة البرلمانية الأولى مرورا ً بانتخابات مجالس المحافظات وصولا ً إلى الانتخابات الأخيرة بالقائمة المفتوحة ليثبتوا استحقاقهم السكاني بالمقاعد البرلمانية وفق قواعد الدستور .
طالما هنالك ازدواجية وخلط أوراق في نينوى وأطرافها بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان وكما أسلفنا ، لذا لا بد من القول والتأكيد على مطلبين جماهيريين لا ثالث لهما وربما يتفق معنا القراء الأعزاء ....
الأول تأملي ، حيث من خلاله نأمل الإسراع في حلحلة المشاكل العالقة بين قائمة نينوى المتآخية والحدباء في الموصل ليتمكنوا إخوتنا الأعضاء في مجلس محافظة نينوى / المتآخيين على بذل المزيد من الجهد والعمل لخدمة أبناء تلك المناطق الذين أدلوا بأصواتهم وعن قناعة لصالح القائمة وأعضاءها أيضا ً وفي أول تجربة انتخابية كقائمة مفتوحة وربما هذا متوقف ٌ إلى حد ما على الوضع السياسي الراهن وولادة حكومة شراكة وطنية .
الثاني والذي يخص حكومة إقليم كردستان ، هذه الحكومة معنية أيضا ً ومطلوب منها مزيد من الدعم والاهتمام ب ( الكوردستانيين ) في هذه المناطق ، وفاء ً لمواقفهم ، تضحياتهم ، شجاعتهم ، إقدامهم ومشاركتهم الفعالة والواسعة في كُل الانتخابات التي جَرَت بعد السقوط ولصالح التحالف والأحزاب الكوردستانية ، ربما يصطدم مثل هذا المطلب وكالعادة بروتين الازدواجية في الإدارة والميزانية و ... و ... ! لكن هنالك اعتقاد سائد في خيال الكثير من أبناء هذه المناطق حيث بإمكان الحكومة الكردستانية وقادة أحزابها تقديم المزيد من الدعم لها ، لو تم الإعداد والتخطيط بأسلوب سليم بعيد ٌ عن الصراع السياسي ( الحزبي ) والمصالح الذاتية وحتى ( الفساد ) ، تلك الآفة أو المصيبة الكُبرى التي باتت حاضنة ً للكثير من الظواهر السلبية والتي تضاهي خطورتها الفساد نفسها .

العراق / قرية النصيرية في
22 / آب / 2010

ليست هناك تعليقات: