شنكال ... و ... كوبانى في ميزان إقليم
كوردستان !!!
حسين حسن نرمو
أولا ً : ـ لنبدأ من كوبانى ، تلك المدينة
الكوردستانية السورية على الحدود المباشر مع تركيا ، هي مقاطعة أو كانتون ، تحيط
بها المئات من القرى الكردية التابعة لمحافظة حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا قبل
تعرضها إلى الدمار ، حصلت كوبانى المقاطعة أو الكانتون على نوع من الإدارة المحلية
أو الحُكم الذاتي بعد الأحداث في سوريا وشمولها بجزء من الربيع العربي ... تعرضت
هذه المدينة مؤخرا ً إلى هجمة شرسة من داعش ( دولة الخرافة الإسلامية ) ، كادت أن
تسقط المدينة بأسرها بيد هذه المنظمّة الإرهابية ،والتي باتت تُهدّد حدود البعض من
الدول الإقليمية ، مما بسطت سُلطتها على العديد من المناطق والمُدن الكبيرة في
العراق وسوريا ، امتداد سُلطة داعش وتوسع نفوذها أثارت حفيظة المجتمع الدولي وعلى رأسه
الولايات المتحدة الأمريكية ، ربما بعد شعورهم بخطورة الإرهاب على مصالحهم ودولهم
ورعاياهم في المنطقة ، لذا قبل تدخلها المباشر في كوبانى سبقها بالضربات القاتلة
في مخمور وكوير القريبتين من أربيل مما جعلت تقدم داعش تُراوح في مكانها لا بل تتراجع
في الكثير من المواقع المهمة بعد الضربات الموجعة وهجوم البيشمه ركه عليها بعد
استعادة معنوياته من الحرب مع أو على داعش ، بعد أزمة كوبانى ، استجاب التحالف
الدولي الذي شُكِل مؤخرا ً من أكثر من 60 دولة لمحاربة الإرهاب بشكل عام وفي
العراق وسوريا بشكل خاص ، كوبانى كانت إحدى محطات الضربات الجوية للتحالف بعد
مناداة القيادة الكوردستانية وفي مقدمتها رئاسة الإقليم ( حسب ما جاء وقيل على
لسان المعنيين في الإقليم ) ، حيث طلب السيد رئيس إقليم كوردستان من التحالف
الدولي لإنقاذ هذه المدينة الكوردستانية المسالمة التي تعرضت إلى أشرس هجمة بربرية
من دولة الخرافة الإسلامية ... عدا هذا الموقف ، طَلَبَ السيد مسعود البارزاني من
البرلمان الكوردستاني للمصادقة على قرار بإرسال قوات من البيشمه ركه والأسلحة إلى
كوباني ، هذا بالتأكيد كان بعد التنسيق المباشر وغير المباشر مع قوات التحالف والحكومة
التركية والتي هي معنية أكثر بالمساعدة عبر أراضيها ، يجب أن لا ننسى تفاعل الشعب
الكوردستاني مع الذي حدث في كوبانى ، ليقوم بدوره وموقفه القومي والإنساني
اللامحدود للدفاع عنها والقيام بمختلف الفعاليات والمظاهرات والاعتصامات في مختلف
دول العالم وإيصال قضيتها إلى المحافل الدولية ، هذا ناهيك عن دور الإعلام
الكوردستاني الموجه وشبه المستقل للتفاعل والتركيز على الحدث بشكل مفرط ومستمر
ولحد الآن .
ثانيا ً : ـ شنكال الحضارة ، وما حصل في 3 /
آب / 2014 من أحداث لا يمكن نسيانه على مر التاريخ المعاصر ، قرأنا التاريخ كثيرا
ً ، سمعنا كثيرا ً من التاريخ ، والحكايات على لسان المعمرين بأن المُكون الأيزيدي
تعرض إلى أكثر من 72 حملة إبادة جماعية ( جينوسايد ) خلال تاريخه الطويل مع
المقاومة الفاعلة والصامتة والتمسك الدائم بديانته المسالمة في كُل ما هو مدون
كميثولوجيا ، هذا التعرض المستمر ربما لسبب بسيط هو عدم ترك دينهم باعتبارهم غير
منتمين إلى قافلة الديانات السماوية وليسوا أصحاب إحدى الكتب المقدسة من وجهة نظر
الآخرين الذين يأتون دائما ً بحملاتهم تحت راية الفاتحين للديار الأخرى ... ما حصل
في شنكال قد فاق التصور والعقل ، حتى بات نصدّق وبشكل قاطع ، بأن كُل ما تعرض له
المكون الأيزيدي في الماضي البعيد ربما كان أبشع من ذلك ، وها قد عاد التاريخ نفسه
، لكن في الربع الأول من الألفية الثالثة ، وللأسف هذا ما لا يتصوره ويعتقده كُل
العقل وكُل الدين وكُل الإنسانية وكُل المجتمع و ... و ... و بعد نزوح جُل أهالي شنكال إلى إقليم كوردستان ،
حيث كان العدد مفاجئا ً بالنسبة لحكومة الإقليم والتي قامت بالدور المفروض على
عاتقها ، لكن لم تتمكن من الاستيعاب الكامل لمثل هذا العدد الضخم بعد نزوح ولنفس
السبب التهديد بالقتل غالبية المواطنين من المكونات ( المسيحية والشبك والكاكائيين
وباقي الأيزيديين ) من غالبية المناطق في أطراف نينوى ، حيث الذي حصل في شنكال من
الرعب والخوف والقتل الجماعي والذبح بالسيوف للناس العُزل والخطف الجماعي وسبي
النساء ، كُل هذا كان كافيا ً لنزوح كُل الأقليات ... لذا وللأمانة نقول بأن أهالي
كافة مناطق إقليم كوردستان من زاخو إلى بنجوين مرورا ً بمراكز المحافظات دهوك ــ
أربيل ــ السليمانية لم يقصّروا في الواجب الإنساني تجاه هذه الكارثة التي حلت
بالأيزيديين بالدرجة الأساس وبباقي المكونات العراقية الذين اضطرّوا الهجرة وترك
ديارهم ...
ثالثا ً : ـ فارق الوقت بين الكارثتين ( شنكال
وكوبانى ) لم يكن كثيرا ً ، الأحداث كلها ومع استمراريتها لم تتجاوز لحد الآن مائة
يوم ، طبعا ً حينما حصل ما حصل لشنكال ، كان هنالك تعاطف غير محدود من أهالي
كوبانى وباقي مناطق كوردستان سوريا وخاصة المناطق القريبة من الحدود العراقية
السورية القريبة من جغرافية شنكال ، وتأوي معسكر أو كمب نوروز لحد الآن الكثير من
العوائل الشنكالية ، هذا ناهيك عن مساعدتهم اللامحدود لوجستيا ً عبر القنوات التي
فتحوها أنصار التنظيمات الكوردستانية السورية بجناحيها السياسي والعسكري لإيصالهم
إلى مناطق إقليم كوردستان العراق ... وبعد تعرض كوباني إلى تلك الهجمة الشرسة من
دولة الخرافة الإسلامية والتعرض مستمر لحد الآن طبعا ً ، تعاطف أهالي شنكال
المهّجرين كُلهم في الشتات مع الذي حدث لأخوانهم في كوبانى بحيث أثر عليهم الحدث
لكي ينسوا البعض الكثير من معاناتهم ، ويجب أن لا ننسى بأن شنكال وكوبانى لهما
مشتركات كثيرة من ناحية الانتماء للوطن كوردستان واللغة المشتركة والحضارة
المشتركة والإنسانية المشتركة وكذلك حتى العدو الذي هاجم الأثنين فهو واحد ومشترك
، لذا من الطبيعي أن يكون هنالك تعاطف وتفاعل مشترك وقوي مع المعاناة المشتركة ،
وفي تصوري لو كان هنالك مجال لتطوع الكثير من أهالي شنكال والذهاب إلى أرض المعركة
للدفاع والقتال من أجل كوباني ، هذا إذا لم تكن هنالك مشاركة فعلية من المقاتلين
الذين تطوعوا وتدربوا في معسكرات التدريب ضمن قوات حماية الشعب الجناح العسكري
للحزب الاتحاد الديمقراطي .
رابعا ً : ـ بالتأكيد الحدثين الهامين
المؤلمين والتي تعرض أهالي شنكال وكوباني إلى مأساة حقيقية وحملة جينوسايد خاصة في
شنكال بعد القتل والخطف بالآلاف وسبي النساء أيضا ً بأعداد كثيرة ، نعم هذين
الحدثين كانا محل اهتمام الشعب الكوردستاني بشكل عام والمواطنين من المنطقتين وباقي
المناطق ... وكل ما تم من اهتمام كوردستاني سواءا ً من الجهات الرسمية الحكومية
والحزبية وتغطية إعلامية كوردستانية حزبية وغير حزبية ( شبه مستقلة ) للحدثين كان
أيضا ً محل اهتمام وأنتقاد لبعض الأحيان من قبل الكثير من أبناء الكورد الكوبانيين
وحتى ابناء شنكال وباقي المناطق ذات الغالبية الأيزيدية ، وللأمانة نقول بأن هناك الكثير
من الآراء والطروحات من أبناء المكون الأيزيدي والذين يقولون بصريح العبارة بأن
الاهتمام الكوردستاني الرسمي وبالمستويات العالية تشمل رأس الهرم الإقليمي بالحدث
الكوباني فاقت اهتمامها بما حصل من أحداث في شنكال الأيزيديين ، لأن الشنكاليين
قدموا تضحيات كثيرة تجاوزت الخمسة الآلاف لحد الآن من القتلى والمخطوفين
والمخطوفات ، وخاصة سبي النساء الأيزيديات وبيعهن في أسواق النخاسة في العراق
والدول الإقليمية ،هذا ناهيك عن تدمير البنية التحتية للقضاء كاملة ً والغالبية
للأيزيديين ، لذا الآراء في الشارع الأيزيدي والشنكاليين خاصة
تقول بأن أحداث شنكال كانت ولا تزال تتطلب المزيد من الاهتمام من القيادات
الكوردستانية العليا الحكوميين والحزبيين وهنالك انتقادات صريحة وواضحة من قبل
الأيزيديين لحركة التغير بقيادة نوشيروان مصطفى بأن أهتمامهم بالحدث كان دون
المستوى المطلوب كونهم مشاركين الآن في الحكومة وكان بإمكانهم تقديم الكثير من أجل
الأيزيديين وما حصل لشنكال من مآساة وجينوسايد .، نأمل أن تكون الانتقادات
الموضوعية دائما ً محل اهتمام المعنيين من حكومتنا وقيادتنا الكوردستانية ، لأنها
بالتأكيد ستكون الملاذ الآمن للمغضوبين على أمرهم من الأقليات ، حيث باتوا في خطر
في ظل الظروف الحالية ، والتي باتت تنتشر موجة التيارات المتطرّفة والمتشدّدة في
الكثير من الدول العربية الأقليمية ، ومَن يعلم ربما سيكون هنالك خطورة على مصيرهم
حتى في الدول الأوربية .
الثالث من تشرين الثاني
/ 2014