مهزلة التصريحات الإعلامية مرة ً أخرى
حسين حسن نرمو
سَبَقَ وأن كتبنا مقال تحت عنوان ( مهزلة
التصريحات الإعلامية ) في البرلمان العراقي خلال الأربع سنوات التي سبقت التغير (
الدورة الانتخابية الثانية ) ، والتي كانت غير معقولة وغير مقبولة على مستوى
البرلمانات العالمية . البرلمانات وكما هو معروف عالميا ً لها وظيفتين أساسيتين لا
ثالث لهما ، التشريع والتصويت على مشاريع القوانين المُقَدَمة من الحكومة وكذلك
تشريع مقترحات القوانين من اللجان المختصة في البرلمان هذا أولا ً ، أما ثانيا ً
وهي بموجب القانون أو القوانين المُشَرّعة مراقبة أداء الحكومة حول إمكانية أو
إلزامية تطبيق القوانين الصادرة من البرلمان ... فيما يخص الأداء الوظيفي للبرلمان
العراقي خلال ما يقارب عقد من الزمن وهو العمر الفعلي له بعد التغير أو سقوط
النظام الدكتاتوري في بغداد إذا استثنينا فترة الجمعية الوطنية ومجلس الحُكم ، لذا
بإمكاننا أن نقول بأن أي البرلمان فشل في مهمته ِ تقريبا ً سواءا ً من الجانب
التشريعي أو الرقابي ، لأن كُل القوانين المُهمة والتي تهم كيان الدولة
الديمقراطية والفيدرالية لم يتم إقرارها لحد الآن منها قانون مجلس الاتحاد والمحكمة
الاتحادية وقانون الأحزاب والنفط والغاز و ... و ... مشاريع هذه القوانين بقت على
رفوف اللجان المختصة في البرلمان وأصبحت مصير إقرارها ضحية ً للصراعات بين الكُتل
السياسية والمُحاصصة المقيتة والتي دَمَرّت وأفسدت مؤسسات الدولة العراقية ، وحتى
مراقبة أداء الحكومة في الفترة الماضية كانت رهينة التصفيات السياسية والتي حالت
دون قيام أعضاء البرلمان من المتابعة الجدية لملفات الفساد المتراكمة والمتورطة
فيها الكثير من أصحاب النفوذ والرؤوس الكبيرة في الدولة ... رغم عجز البرلمان عن
أداء مهامه ِ ، إلا أن التصريحات الإعلامية الصادرة من المركز الإعلامي والمنسبة
إلى أعضاء البرلمان غير مقبولة أحيانا ً كثيرة ، مما كانت لها ولا تزال تأثير سلبي
على الكثير من المواقف والتي لا تخدم لا البرلمان كمؤسسة تشريعية ولا الحكومة
العراقية ، حتى باتت لها تأثير على إثارة النعرات الطائفية ولها تأثير مباشر على
الوضع السياسي وكذلك العسكري التي تمر بها العراق حاليا ً بعد دخول داعش واحتلال
بعض المحافظات ذات الغالبية السنية ، وكأن بعض الأصوات مأجورة سلفا ً لتشجيع مثل
هذه النعرات والصراعات ... وللأسف طبعا ً أنتقل مثل هذا التأثير السلبي إلى المجالس
المحلية العراقية في المحافظات وخاصة في الأحداث الأخيرة في الرمادي تحديدا ً ،
حينما صَرّح رئيس مجلس محافظة الأنبار لوسائل الإعلام قبل احتلالها مؤخرا ً ( ربما
كان التصريح خارج العراق ) بأن هنالك هجوم من قِبَل داعش على مركز المحافظة (
الرمادي ) بأعداد كبيرة جدا ً تتجاوز العشرة آلاف داعشي ، في حين أعدادهم لم
تتجاوز المئة شخص حسب المصادر الواقعة على الأرض بعد ذلك وهذا ما أكد عليه رئيس
البرلمان العراقي في لقاء مع إحدى القنوات الرسمية ، طبعا ً مثل هذه التصريحات غير
المقبولة وغير الواقعية كانت لها تأثير كبير على معنويات المقاتلين العراقيين من
الجيش والشرطة وأبناء العشائر التي كانت تدافع عن مركز المدينة ، هذا ما أكد أحد
المقاتلين من الشرطة أمام كاميرة تلفزيون البغدادية بعد سقوط الرمادي بأن
معنوياتهم انهارت بعد تصريحات رئيس مجلس المحافظة ، وبالتأكيد مثل هذه التصريحات
زادت من معنويات القوات المعادية وتقدمهم واحتلال المزيد من المواقع المهمة في
مركز المحافظة ...
إذا ً ... نستخلص من كُل هذا بأننا لا زلنا
في العراق نفتقر إلى الشعور أو الحس الوطني واستمرارية وجود أزمة الولاء للوطن بامتياز
، وهذا غالبا ً على مستوى المسؤولين والكُبار منهم ، وأعتقد بأن الأسباب معروفة
وتم التأكيد عليها لأكثر من مرة ، هذا ما يولد شعور باليأس وربما العمل بعكس الاتجاه
لدى المواطنين العاديين ... ويجب أن لا ننسى بأن البعض من السياسيين والكُبار منهم
وربما لتأثير الأجندات الخارجية عليهم والركض وراء المصالح الشخصية ، جعلهم للأسف
يسلكون طُرق ٌ أخرى عكس تيار الوطنية وبناء الوطن الجريح ، مما يظهرون للإعلام
بتصريحات غريبة عجيبة لها تأثير كبير على معنويات الوطنيين الأبرياء والذين باتوا
مقتنعين بضرورة الدفاع عن الوطن الجريح ولا بُدّ من وصوله إلى بر ّ الأمان .
المانيا في
الخامس من حزيران / 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق