الأيزيديون أكثر الخاسرين من حرب داعش
حسين حسن نرمو
ما تعرّض له الأيزيديون جراء ما حصل من
احتلال الموصل ومناطق سهل نينوى كُلها تقريبا ً كانت حملة ً شرسة من قوى الظلام
وفي العقد الثاني من الألفية الثالثة ، لأن غالبية مناطق سكنى الأيزيدية وزبدة هذه
المناطق قضاء شنكال وقصبتي بعشيقة وبحزاني تعرّضت إلى التهجير القسّري بسبب الوضع
الأمني في المنطقة كلها ، تاركين كُل ما يملكون للدواعش وغيرهم ، مما مُني َ
الأيزيديون بخسائر طائلة جدا ً طالت البنية التحتية لبعض المناطق وخاصة في بعشيقة
وبحزاني ، مما تعرضت المئات من المعامل الانتاجية والمشاريع الكبيرة لأهالي
المنطقة إلى الخراب والدمار والنهب ، هذا ناهيك عن تعرّض شنكال إلى القتل والخطف
الجماعي للنساء والأطفال والشيوخ لم يحصل لها مثيل في التاريخ الحديث ، كل هذا كان
امتدادا ً لما حصل للأيزيديين من حملات الاضطهاد والإبادة الجماعية في الماضي
البعيد تجاوزت عددها السبعون حملة أو فرمان لهذا المُكون المغلوب على أمره
والمتمسك بدينه وعاداته وتقاليده لا أكثر .
ربما يقول البعض ، بأن الكثير من الطوائف
والأقليات وحتى العشائر الكبيرة في العراق وبلدان أخرى كسوريا على سبيل المثال لا
الحصر ، تعرضوا إلى القتل والخطف بسبب هجمات داعش ، لكن نرجع ونقول بأن الأيزيديون
هُم أكثر المتضرّرين والخاسرين من حرب داعش في مناطق سكناهم في العراق وفي أطراف
الموصل تحديدا ً وللأسباب التالية ...
ــ قتل أعدادا ً كبيرة جدا ً من الأيزيديين
مقارنة ً مع الكثافة السُكانية لهم في العراق والتي لا تتجاوز تعدادهم النصف مليون
إلا بقليل .
ــ خطف وسبي نساءهم وبيعهّن في أسواق النخاسة
السيئة الصيت في الرقة السورية وربما في الموصل أيضا ً والتعامل معهّن كزوجات أو
جاريات للدواعش المتخلّفين القادمين من بلدان أخرى متخلفّة ، نعتقد بأن مثل هذا
السلوك والتصرف في القرن الواحد والعشرين غريبا ً جدا ً ولم تحصل مثل هذا إلا في
زمن الخلفاء المتخلفين والمتعصبين قبل مئات السنين أو ربما أكثر ، هذا السلوك له
تأثير نفسي كبير على أبناء هذا المكون الأصيل في العراق الفسيفسائي والذين أصبحوا
في حيرة من أمرهم وكيفية التصرف مع هذا الواقع المرير الذي حصل ويحصل وربما سيحصل
الأسوء في المستقبل .
ــ اختطاف الأطفال الأبرياء وتدريبهم في
معسكرات غسل الأدمغة وتعليمهم وتربيتهم على التطرّف بعد أن يعلنوا إشهارهم للإسلام
المتطرّف وسيتم تدريبهم ، ليصبحوا فيما بعد جنودا ً أو عساكرا ً تحت الطلب ويتم
استغلالهم في مواجهة بني جلدتهم مرة أخرى ، ربما سيصبح البعض من هؤلاء الأطفال
قادة أو أمراء لتنظيمات إسلامية متطرّفة سواءا ً كانت داعش أو تنظيم آخر يأتي بعده
بلباس آخر ، هذا ما كانت تفعله إمبراطورية الرجل المريض ( الدولة العثمانية ) في
تجنيد الأطفال في معسكرات جيوشها من الانكشاريين وغيرهم .
ــ نتيجة للأسباب الثلاث أعلاه ، هنالك إجراء
آخر يتعرض له الأيزيديون أو بالأحرى يقومون بذلك بدافع طوعي وخوفا ً على المستقبل
الغامض لهم في العراق وهي الهجرة الجماعية وبأعداد كبيرة جدا ً وبشكل يومي وخروجهم
من العراق بشتى الطرق الشرعية وغير الشرعية ، قاصدين بلاد الغربة تاركين خلفهم كُل
ما يملكون أو يبيعونها بأثمان بخسة ربما لغير الأيزيديين في المستقبل ، بالتأكيد
من بين المهاجرين كافة شرائح المجتمع الأيزيدي من الأمراء والجيل الباقي منهم وبعض
الشيوخ والوجهاء أو أولادهم ورؤساء العشائر والكثير من المثقفين وأصحاب الكفاءات
وحتى الذين كانوا في المناصب العليا من الوزراء والنواب السابقين وأعضاء مجالس
المحافظات والذين انتهت دوراتهم ، بالتأكيد هذا كُله نابع من أزمة الثقة التي حصلت
بين القيادة الكردستانية والأيزيديين بعد تعرّض شنكال إلى نكسة كبيرة لم يحصل لها في
التاريخ الحديث وكما أسلفنا ، ليحدث شرخا ً كبيرا ً لها تأثير على مستقبل هذا
المكون الأصيل في بلده الأم وأرض أجداده وقرارهم بالهجرة إلى أرض الله الواسعة
وخاصة الدول الأوربية والتي يشعرون بالأمان والعيش الرغيد وبالتأكيد هُم محقين في
ذلك لِما تعرضوا له في عقر دارهم أو وطنهم ...
لكن ! الغريب في الأمر بأن هنالك عدم اهتمام
من الجهات المفروض أن تهتم بالهجرة والحد منها ، وهذه الجهات هي حكومة إقليم
كوردستان وكذلك المجلس الروحاني أو اللجنة الاستشارية ، حيث كان المفروض التحرك في
مختلف الاتجاهات للوقوف على أسباب هذه الهجرة وعقد اجتماعات دورية ومؤتمرات على
مستوى أساتذة الجامعات لتشخيص الخلل أو الأسباب الواقعية ومحاولة المعالجة قدر
الإمكان لا السكوت شبه الدائم وكأنهم أي الجهات الرسمية وغيرها راضية عن ما تحصل
للأيزيديين من الهجرة الجماعية والتي لها بالتأكيد تأثير سلبي ربما باتجاه آخر غير
العنف كالاندماج أو بالأحرى الانصهار في مجتمعات الدول الأوربية ، وفي نهاية
المطاف ستكون الأيزيدية كديانة هي الخاسر الأكبر في مُجمل ما حصل ويحصل وربما
ستحصل للمجتمع الأيزيدي في المستقبل .
19 / 6 / 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق