من أميرات إلى خادمات !!!
حسين حسن نرمو *
هنا ، لا أقصد من ( أميرات ) ومفردتها ( أميرة
) في عنوان مقالنا هذا ، من المنتميات إلى الطبقة أو عوائل أمراء الأيزيدية ،
والذي كالعادة واحدا ً منهم ( أمير ) يكون على رأس الإمارة الأيزيدية البالية منذ
أكثر من ثمانية قرون بعد عصر أو عصور سلالة الشيخ آدي مجدّد الديانة الأيزيدية .
فعلا ً لا أقصد ذلك ، بقدر ما يكون الوصف ( كُل امرأة في بيتها وقصرها ومع زوجها
وأولادها ، هي بِحَد ذاتها أميرة ، وخاصة
حينما تكون بين أهلها وناسها في الوطن الأم ) ... إنما في الحقيقة ، أردت المقارنة
بين وضعية المرأة الأيزيدية ، وهي في وطنها الأم معزّزة مكرّمة ، إذا كانت ربة بيت
لا تعمل أو لا تُجبِرَ على العمل ، إلا إذا أرادت هي وفق مزاجها أو أوقات فراغها ،
وحينما لا يحتاجون الأطفال إلى الرعاية المطلوبة ، هنا طبعا ً عدا الموظفة أو
المعلمة أو ... أو ... والتي تكون مُجبرة على العمل ضمن وظيفتها ، باعتبارها نصف
المجتمع ، والتي تُكمّل الرجل في مسيرته والحياة الحُرة الكريمة ، بالتأكيد هنالك
وظائف أخرى تتدرج المرأة فيها ، ربّما تصل إلى درجات عالية ومتميزة وعلى مستوى
القادة ، أو يتم انتخابها بدءا ً بالمجالس البلدية المحلية وصولا ً إلى البرلمان ،
وربّما يتم اختيارها في وظائف عُليا تصل إلى مستوى الوزارات ، هذا حسب المستوى
الدراسي والخبرة العملية للمرأة العراقية ومنها بالتأكيد الأيزيدية ... هذا ما يخص
وباختصار شديد وضعيتها في الوطن الأم قبل هجرتها الاختيارية منذ أمد ، والإجبارية
إلى حدّ ما بعد احتلال داعش لمناطق الأيزيدية ، وتحديدا ً بعد ما تعرض لها أهالينا
الأعزاء في شنكال بعد 3 / 8 / 2014 ، من القتل الجماعي ( الجينوسايد ) ، واغتصاب
النساء والبنات ، ثم سبيهّن ، وبيعهّن في أسواق النخاسة السيئة الصيت على غرار
وتكرار ما حصل في العصور الغابرة ، والتي كانت امتدادا ً لعصر الجاهلية ، نعم في
تصوري بأن المكون الأيزيدي وصل إلى قناعة بأنّ ! إذا لم يتم حمايتهم دوليا ً ، طبقا
ً لقرار صادر من الأمم المتحدة ، وفق ما حصل سابقا ً لمكونات أخرى تعرضت إلى
الاضطهاد ، حيث غير ذلك ، فهم أي الأيزيديون قلقين جدا ً على مستقبلهم في العراق
الفيدرالي وكذلك في إقليم كوردستان أيضا ً ، بعد ما تعرضوا له ، نتيجة الفكر
السلفي المتشدّد والمستمر لحد الآن ، وربّما سيأتي جماعات أخرى متشدّدة ، حاملين
نفس الفكر بعد داعش وبأسماء أخرى ، وهذا ما يتوقعونه ، لذا أصبح حاليا ً جُل
تفكيرهم على الهجرة الجماعية إلى الشتات ، والبحث عن الأمان والذي تعرض إلى الخطر أيضا ً
في دول أوربا الغربية حيث وجهة هذا المكون في هجرتهم ...
الوجه الآخر من المقارنة التي أشرنا إليها في
البداية ، هي وضعية المرأة الأيزيدية بعد هجرتها إلى الشتات ، وفي الكثير من الدول
الأوربية ، والتي تسودها ( قوة القانون ) في كُل شئ ، بدءا ً من أول تسجيل ل (
اللاجئ ) ، لحين بقاءه في الأرض الذي أختاره كي يكون بلده الثاني ... نعم القانون
، يُطَبق على الجميع وعلى قدم ٍ وساق ، وما يهمنا ، هو تشجيع أو اجبار اللاجئ من
قبل السُلطات في أوربا ، وتحديدا ً في المانيا بما فيهم النساء على العمل للقضاء
على البطالة ، والحصول على الضرائب لدعم الاقتصاد دائما ً ، وفي حالة تعذر الحصول
على فُرص العمل ، يتم تأهيلهّن للإجبار على العمل ، في مراكز أو أماكن ربما خاصة
بالدولة والمنظمات الانسانية ( الكاريتاس ) على سبيل المثال لا الحصر ، مقابل أجور
زهيدة ، كأن يكون ( يورو واحد فقط ) مقابل كُل ساعة عمل ، يستقطع أجور الساعات
الشهرية من ما يقدمه لهّن في نهاية الشهر من المساعدات للرعاية الاجتماعية أو (
الراتب ) كما يسمونه اللاجئين ... لكن الذي أردت التأكيد عليه والذي ينطَبِق على
ما جاء في عنوان المقال ، هو أن الكثير من ربّات البيوت من النساء وبعد استقرارهّن
في المهجر ، يبحثّن عن العمل في بيوت المسنين والمسنات الأوربيين والذين لا
يتمكنون من أداء واجباتهم داخل البيوت ، لتقوم نساءنا بمهمة النظافة مقابل أجور
خاصة ، بعيدة عن أنظار الجهات الرسمية لدوائر العمل في الدولة وربّما أنظار
أزواجهّن ، لشراء مستلزمات خاصة من الحلي والمقتنيات الذهبية ، تاركين أحيانا ً
كثيرة الاهتمام ببيوتهّن ، وما يحدث وسيحدث للعائلة ، وخاصة الأطفال من الانزواء
والسير بعكس أتجاه التربية السليمة ، وفق العادات والتقاليد الخاصة بالأيزيدية
لخصوصيتها ، ولا بد من الاهتمام بالأطفال ، وضرورة التوجيه وفي فترات مهمة وحساسة
من حياتهم ( المراهقة مثلا ً ) وأثناء الاندماج مع المجتمعات الأوربية للحفاظ على
خصوصية الانتماء إلى الوطن الأم ... هنا ولا بد ّ من الإشارة أخيرا ً ، بأن هذه
الحالة كانت موجودة لدى أعزاءنا من الأيزيديين وخاصة من تركيا ، هؤلاء سبقونا
بالهجرة ربّما بعشرات السنين ومَرّوا بمرارة التجربة ومعاناتها ، غالبيتهم اغتربوا
أصلا ً على أساس العمل وفق عقود دولية ، لذا أنصب جُل اهتمامهم بذلك وكيفية الحصول
على المادة كهدف أساسي ورئيسي مع ترك الكثير من الأمور ومنها حتى تربية الاطفال
تسير وفق الأجواء وواقع الأوربيين ، لتضيع الكثير من الأطفال في متاهات ، ربّما لو
تم توجيههم ، لتمكنوا من اجتياز مثل هذه المرحلة كي يبقوا لممارسة الحياة
الاعتيادية مع أهاليهم وأقاربهم ، لأن بالتأكيد هنالك فارق بين السلوك والتصرف
للأوربي مع السلوك والتصرف للشرقيين ونحن بالتأكيد جزء منهم ...
النصيرية في
20 / 8 / 2016
برلماني سابق في العراق الفيدرالي