غياب النظام المؤسساتي والأزمة الاقتصادية في
إقليم كوردستان !!!
حسين حسن نرمو*
( الحزب يعني التربية ويعني المستقبل ...
مستقبل الأجيال بالانتقال من مرحلة إلى مرحلة ) ... ونستون تشرشل
ــ هذا ما قاله رئيس وزراء بريطانيا العظمى
في الحرب العالمية الثانية ــ
في النظام المؤسساتي هو أن يتمتع كُل مواطن
بالحقوق المرسومة له في الدستور وفق قوانين خاصة ، عليه أي المواطن بالتأكيد
واجبات أيضا ً ، القانون في مثل هذا النظام يُطَبق على الكُل وعلى قدم المساواة
... كُل مؤسسة من النظام وفي الدولة لها ميلاكاتها وثوابتها من الموظفين والعاملين
فيها وفق شبكة خاصة تلتزم بها القائمين على النظام المؤسساتي من الحكومات
المتعاقبة ومن خلال قوانين خاصة مثل ( مجلس الخدمة ) على مستوى المركز وبالتأكيد
سيكون للإقليم أو للأقاليم بالمثل وفق القوانين الصادرة من البرلمان ... كُل هذا
نظريا ً ...
طالما سيكون الحديث عن إقليم كوردستان وهو
لحد الآن الإقليم الوحيد ضمن الدولة العراقية والتي كانت أي العراق وإبان حُكم
صدام حسين وقبل دخولها في أتون حرب الخليج الثانية واحتلال الكويت تتمتع بنظام
مؤسساتي على الأقل فيما يخص ( جيش الوظفين ) والتعينات التي كانت وفق نظام التعين
المركزي وفي مجالات أخرى كثيرة ...
بعد انتفاضة آذار عام 1991 ودعم التحالف
الدولي بالحماية الدولية للكورد في العراق وسحب موظفي الإدارات المحلية من قبل
نظام صدام نهاية العام نفسه من مناطق إقليك كوردستان الحالي ، اضطرت حينذاك الجبهة
الكوردستانية باستلام مقاليد الأمور والإعلان عن إجراء انتخابات في 19 / 5 / 1992
، تلتها تشكيل حكومة كوردستانية بالمناصفة بين الاتحاد الوطني والديمقراطي
الكوردستاني ( ففتي ــ ففتي ) ، رغم اعتراض بعض القيادات الكوردستانية من الاتحاد
الوطني
وعلى رأسهم الأستاذ نوشيروان مصطفى على
تشكيلة المناصفة ، حيث كان رأيه حينذاك يجب أن تكون هنالك معارضة واقترح على مام
جلال والاتحاد أن يكونوا في خانة المعارضة البرلمانية ... لكن ! كوردستان كانت
تفتقر حينذاك إلى عقل إداري وغياب ثقافة الديمقراطية وكما يجب أن تكون ( الحكومة
والمعارضة ) ولحد الآن طبعا ً ، لكي تسود ثقافة ( قوة القانون ) لا ( قانون القوة
) والأخير لحد الآن سائد في إقليم كوردستان ، النتيجة كانت زيادة أعداد جيش
الموظفين والذين تم تعينهم من الطرفين السياسيين بدون تخطيط مسبق ، هذا ناهيك عن
حدوث الاقتتال الداخلي عام 1994 ، ليدخل الإقليم مرحلة ركود اقتصادي ، لأن معظم
موارد الإقليم خصصت لصرفيات الحرب بين الأخوة وشراء الأسلحة وكذلك على الكوادر
والموظفين الذين تم تعينهم وكما أسلفنا ، ومن الجانب الآخر عدم الاعتماد على
السياسة الصناعية والإقدام على تأسيس المعامل الصناعية الكبرى ، لا بل بالعكس في
محافظة دهوك وعلى سبيل المثال لا الحصر كانت هنالك معملين حكوميين ( لصناعة معجون
الطماطة وكذلك الغزل والنسيج ) تم ابتلاعهما من قبل اصحاب النفوذ ... الأنكى من
ذلك هو بعد الاقتتال والانتقال إلى فصل الحكومة والإدارة إلى حكومتين وإدارتين في
السليمانية وأربيل ، حيث عملت الحكومتان لمصالحهما المناطقية والحزبية ، هذا ما
زاد فعلا ً من جيش الموظفين والكوادر الحزبية وبرواتب طبعا ً ، ولا سيما في عهد
وزارتي السيد نيجيرفان بارزاني الرابعة والخامسة ، هذا ما أشار إليه الباحثين
الميدانيين ، لتصل أعداد الموظفين الرسميين وغير الرسميين قرابة مليون وثلاثمائة
ألف من الإداريين والكوادر الحزبية العاطلة عن العمل والأيلوليين ( المزيفيين )
أكثر من الحقيقيين و ... و ... . هذا
ناهيك عن الحمايات الوهمية للمسؤولين الحزبيين ... هذه الأعداد الهائلة لو تم
مقارنتها ووفق التعداد السكاني للإقليم مع العراق المركز مثلا ً ، فأعداد موظفي
الإقليم تكون مضاعفة ، فقط نحيطكم علما ً سيداتي وسادتي القراء بأن في تركيا مثلا
ً وهي دولة عملاقة وتعدادها تجاوزت السبعين مليون ، لكن موظفيها الإداريين
الحقيقيين والفعليين لا تتجاوز أعدادها ثلث ما هو موجود في إقليم كوردستان وحسب
إحصائيات الباحثين المتخصصين ، قارنوها في أذهانكم ... هذه من جهة ومن الجهة
الأخرى هي السياسة الاقتصادية غير الشفافة
وخاصة فيما يخص تصدير النفط من إقليم
كوردستان بعد الاستثمار من قبل العشرات من شركات النفط الأجنبية ولا سيما
الامريكية وعلى رأسها شركة اكسون موبيل المعروفة بامكانياتها المتكاملة ، ليتم
التعامل مع تركيا في هذا المجال ربما باشراف طرف من العملية السياسية وفق اتفاقيات
غير معلومة وغير شفافة مع الجهات الشرعية ذات الاختصاص في إقليم كوردستان ، حيث تم
ويتم لحد الآن وضع رأس الإقليم في فم الأسد ، ناسين أو متناسين قول نيلسون مانديلا
( لا تضع رأسك في فم الأسد حتى ولو كان من كارتون ) ...
إذا ًً ... الاحزاب الكوردستانية وبعد تجربة
الصديق الوفي ( الجبل ) لعقود من الزمن لم يكونوا موفقين في مجال الإدارة بعد
الدخول في أروقتها وكما أسلفنا بعد سحب حكومة صدام حسين إداراتها عام 1991 ، ولم
يفلحوا في تطبيق مقولة ونستون تشرشل المعروفة والتي أشرنا إليها قبل الولوج في
كتابة هذا المقال وهي الحزب يعني التربية لمستقبل الأجيال والانتقال بها من مرحلة
إلى أخرى . لكن ! الحق يقال أفلحوا في جانب واحد وهو العمل من أجل المصلحة الحزبية
ليخلفوا جيشا ً من الكوادر الحزبية والذين تم توظيفهم بدرجات وظيفية متعددة منها
درجات عليا كمدراء تنفيذيين بالآلاف أي مدراء عامين على سبيل المثال لا الحصر ، في
حين كوردستان كُلها لا تحتاج إلا إلى بضعة مئات قليلة من هذه الدرجات الوظيفية ، يقال
والعتب على القائل بأنهم استحدثوا درجات وظيفية أصلا ً غير موجودة لا في ميلاك
الوزارات ولا الهيئات الحكومية الأخرى وحتى المستقلة ، هذا طبعا ً في سبيل تعين
الكوادر الحزبية على حساب ميزانية الحكومة والذين أصبحوا عبئا ً ثقيلا ً على كاهل
حكومة إقليم كوردستان والتي هي أي الحكومة يجب أن تكون إدارية وليس حزبية ، هذا ما
عانت وتعاني لحد الآن وخاصة في الجانب المالي والتي لم تتمكن من دفع رواتب هذا
الجيش من الحزبيين أولا ً
والموظفين الزائدين عن الميلاك بمئات الآلاف
، للأسف طبعا ً هذا أثرت أيضا ً وتؤثر على حقوق ورواتب الموظفين الإداريين
الأصليين وحسب الميلاك المحدد ضمن شبكة تنظيم الوزارات والهيئات أو الدوائر غير
المرتبط بها ، لا بل ، كان ولا يزال لها تأثير على خلق أزمة اقتصادية بمرور الزمن
، وبعد مرور ما يقارب العقدين والنصف من تشكيل أو حكومة كوردستانية برئاسة الدكتور
فؤاد معصوم ، والذي يعتلي الآن كُرسي الرئاسة في العراق الفيدرالي ...
h.nermo@gmail.com
المانيا في 5 / 8 / 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق