( ناديه
مراد ) و( يزدا )والخصوصية الأيزيدية !!!
حسين حسن نرمو
كثيرة ٌ كانت المعاناة الأيزيدية خلال أحداث
عَصَفَت بِكِيان هذا المُكون الميزوبوتامي الأصيل ، منها قديمة جدا ً ، وهي حملات
الجينوسايد ( إثنان وسبعون ) حملة تعرضوا لها أبناء الأيزيدية ، كادت في الكثير من
الحملات أن يتم إبادتهم عن بُكرة أبيهم ، لكن إصرارهم ، كفاحهم ، دفاعهم المستميت
عن دينهم ومقدساتهم و وجودهم ، كانت وراء بقاءهم و ديمومتهم في أرض المعمورة ، هذا
ما قرأناه وسمعناه وباستمرار والأجيال قبلنا عن هذه ( الفرمانات ) ضد أجدادنا العِظام
بُغية إبادتهم تحت ذرائع شتى منها الكفر وعدم الخضوع أو إشهار إسلامهم حينذاك ...
أما ما حَدَثَ للأيزيدية خلال العقدين الأول
والثاني من الألفية الثالثة للميلاد ، تحديدا ً ما حصل في مجمعي ( سيبا شيخ خدرى و
كرعزير ) عام 2007 من حادثي الانفجار المُروّعتين ، أودى بحياة المئات من أبناء
المكون الأيزيدي و جرح أضعاف أضعاف الموتى من الشيوخ والنساء والأطفال ... وكذلك
كارثة شنكال في 3 / 8 / 2014 المعروفة والسيئة الصيت ، وما تعرض له أبناء هذا
المكون المغلوب على أمره ، من الاضطهاد ، القتل الجماعي ، سبي النساء والبيع في
أسواق نخاسة الألف الثالث الميلادي وعلى أيدي أشرس تنظيم إرهابي تقتل الناس تحت
راية ( الله أكبر ورسوله ) ، هذا ما تنافيه كُل الشرائع السماوية وفق التصنيف
اللاهوتي ( ذات التعاليم والآيات
المُنزَلة ) وكذلك الديانات غير السماوية أيضا
ً حسب رأي وتفسير الآخرين ، حيث هؤلاء أيضا ً يؤمنون بالله الواحد الأحد سواءا ً
كان عن طريق وسيط بينهم وبين الله أو حتى بشكل ٍ مباشر مثل الأيزيديين
على سبيل المثال لا الحصر ...
هذين الحدثين في عام 2007 و 2014 ، أصبحتا
شاخصتين ، وأكبر دليل لأتباع المُكون الأيزيدي ، كي يكونوا على دراية ً تامة بتعرض
الأسلاف إلى أبشع صنوف الاضطهاد والظُلم
والقتل والسبي ، نعم رأينا بأم الأعين ما تعرّض له بني جلدتنا خلال هاتين
الحادثتين ، وخاصة الكارثة الأخيرة في شنكال ، بعد أن أصبحوا مواطنيها لقمة ً سائغة في أفواه وحوش القرن الواحد
والعشرين من التنظيمات السلفية من القاعدة ، وأكملها داعش بالقتل والاغتصاب وسبي
وبيع الشنكاليات في أسواق النخاسة في الموصل العراقية والرقة السورية ...
بالتأكيد كارثة شنكال الأخيرة ، كانت محطة
مهمة في القتل الجماعي ( جينوسايد ) والاغتصاب الجماعي ( جهاد النِكاح ) ... لذا
بدأت صداها تعلو ومنحناها ترتفع باتجاه القِمة في أوساط محلية عراقية مثل البرلمان
، ثم إلى أوساط عالمية في أمريكا وعلى لسان رئيسها بعد البكاء والصراخ وطلب
استغاثة النائبة فيان دخيل من أصحاب الضمائر الحية للاستجابة والدفاع عن بني
جلدتها ، وكذلك انتشرت معاناة الأيزيدية ، لتصبح قضية الساعة ، وحدث الصحافة ، وبشكل
مستمر تقريبا ً على مدار العامين الماضيين ، لتنتشر أيضا ً على مستوى الدول
الأوربية وفي أروقة برلمانها المعروف ، حيث ازداد تعاطفهم وبشكل ملحوظ مع المكونات الصغيرة في العراق
من الأيزيديين والمسيحيين والصابئة والشبك والكاكئيين وحتى التركمان الشيعة
أيضا ً ، هكذا بانت طبعا ً من خلال تقديم مشاريع الحماية المستقبلية للمكونات
أعلاه من قبل البعض من الدول إلى الأمم المتحدة ومفوضيتها لحقوق الأنسان في جنيف
...
خلال هذه الأحداث ولحد الآن ، ظهرت عدة
نشاطات ومشاريع ، منها فردية أحيانا ً ، وجماعية منظمّة أحيانا ً أخرى ، تابعة
وتحت لواء بعض الأحزاب تارة ً ، وخارجة عن سُلطة واحتواء الأحزاب تارة ً أخرى ،
فَشَلت البعض من هذه المشاريع ولم تتمكن وعدم الاتفاق على إيصال الرسالة وفق
الأهواء والأمزجة والتدخلات الجانبية
أحيانا ً ، نجحت البعض القليل من هذه المشاريع بعد الأيمان والاتفاق بين القائمين
والمشرفين على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الأيزيدية أحيانا ً أخرى ...
إذن ! من ضمن المشاريع المهمة ، والتي برزت
في الميدان بعد تعرض الأيزيدية إلى حملة جينوسايد
ذات الرقم ( 74 ) والخاصة بكارثة شنكال في وبعد 3 / 8 / 2014 ، نعم المشروع
الذي أخذ منحى ً أيزيديا ً أكثر ، بعيدا ً عن التدخلات الجانبية ونقصد الحزبية
المحلية ، حيث تفاجئت الكثير من الجهات الحزبية ذات العلاقة بظهور مثل هذا المشروع
وفي المناطق الخاضعة تحت إدارتها وسُلطتها ، ومن خلال منظمة لا بل مؤسسة خاصة تحت يافطة ( يزدا ) ، بإشراف أو ربّما
إدارة عليا وطاقم أجنبي ظاهري وربّما بطاقم أكبر مدعوم من وراء الكواليس ، هذا
المشروع أو المؤسسة ، جمعت تحت لواءها البعض الكثير من الكوادر والشباب الأيزيديين
لتدريبهم وتهيئتهم لخدمة بني جلدتهم من خلال ، جمع المعلومات الدقيقة عن حجم
الكارثة ، والتي تركت وراءها ، من حيث عدد القتلى ( المقابر الجماعية ) ، والأسرى
الموجودين من النساء والأطفال والشيوخ والأطفال لدى داعش ، كذلك أعداد النازحين ، والتي
تجاوزت 400 ألف في المخيمات والهياكل والقرى والمجمعات والمدن ، ومحاولة مساعدتهم
من خلال الكثير من المنظمات الإنسانية للأمم المتحدة والكثير من الدول الراعية لها
، كذلك تعمل هذه المؤسسة في الفترة الأخيرة على تنفيذ مشاريع كثيرة مثل
بناء المدارس والمستوصفات ، وربّما مشاريع أخرى في القرى والمجمعات المنكوبة من
بقايا شنكال الكارثة .
نعم أثمر هذا المشروع بروز نادية مُراد
لتُصبح شخصية عالمية متميزة ، بعد اختيارها ربّما من بين الكثيرات سفيرة النوايا
الحسنة للأمم المتحدة ، وترشحها قبل ذلك لنيل جائزة نوبل للسلام ، وكذلك حصلت
ونالت على أكثر من جائزة ، وتكريم ، أو حُسن استقبال من قبل كُبار الشخصيات
العالمية ورؤساء الدول ، هؤلاء بالتأكيد تعاطفوا مع قضية المكون الأيزيدي بشكل عام
بعد تعرضهم للجينوسايد على أيدي أزلام قوى الظلام ( داعش ) ، وكذلك قضيتها الخاصة
، وما تعرضّت نادية مراد خلال فترة أسرها أو سبيها أو بيعها في أسواق داعش السيئة
الصيت ، أعتقد بأن شُجاعتها وجُرأتها على سَرد دِقة وتفاصيل ما عانتها من الاغتصاب
الوحشي من أزلام دولة الخرافة الإسلامية في الألفية الثالثة للميلاد ، نعم تلك
الشجاعة والجرأة ( الناديوية ) كانت وراء إهتمام وانتشار القضية الأيزيدية أكثر في
المحافل الدولية في أمريكا وأوربا وحتى الدول العربية ...
منتصف الشهر الأخير من عام 2016 ، قرّر
البرلمان الأوربي منح نادية مراد و صديقتها لامية جائزة زاخاروف المعروفة بحرية
الفكر وبالمهّمة والتي تلي أهميتها في المرتبة الثانية بعد جائزة نوبل ، حيث مُنِح
َ لحد الآن ومنذ عام 1988 للعديد من الشخصيات العالمية المؤثرة ، كان نصيب الأكراد
من هذه الجائزة إلى البرلمانية المعروفة ليلى زانا ... كان للأيزيديين في حفل
التكريم حضور لا بأس به سواءا ً من المدعوين من قبل مؤسسة يزدا ومنظمة الجسر الجوي
الألماني العراقي والذين حضروا عن طريق العلاقات الشخصية من خلال ممثلي الأحزاب
الكوردستانية في أوربا ( أقصد الأيزيديين ) ، عدا الكثير من أصحاب العلاقة من غير
الأيزيديين ومن الإعلاميين ، ناهيك عن حضور قناتي روداو وكوردستان 24 ونقل الوقائع
بشكل مباشر واللقاء مع الذين حضروا ، من الذي أدعى بإنابة أو يمثل سمو الأمير
، وممثل الديانة الأيزيدية في حكومة
الإقليم والمفروض أن يكونوا مع الشمل الأيزيدي في مقر البرلمان الأوربي ، خاصة بعد
حضور المُكرّمين ( نادية و لامية ) ، حيث كانا برفقة رئيس البرلمان إلى صالة
مخصّصة وبحضور كُل الأيزيديين الذين حضروا عدا الذين رافقوا أو ربّما ذهبوا برفقة
القنوات التلفزيونية أعلاه ...
خلاصة القول ، وللأسف نقول ، بأن كُل منظمة
أو مؤسسة حُرّة ، وذات الخصوصية الأيزيدية ، غير مرغوبة من قبل الأحزاب
الكوردستانية وخاصة إذا كان عملهّن خارج أجندات هذه الأحزاب ، لا بل باتت وتم
استهداف الكثير من مثل هذه النشاطات في الداخل وحتى خارج الوطن من قبل الطابور
الخامس السلبي وللأسف الأيزيدي نفسه ، لتعطيل العمل في المجال الحُر ، وها نرى
الآن العمل الجاد ، لأيقاف كافة نشاطات مؤسسة يزدا ، بعد غلق كافة مقراتها في
إقليم كوردستان ، لا بل تم تعميم سرّي لكافة المدارس في الحدود الإدارية لمحافظة
دهوك من قبل وزارة التربية في الإقليم ، بعدم التعامل والتعاون مع هذه المنظمّة بأي
شكل من الأشكال ( تصوروا التدخل السياسي في التربية والتعليم فأقرأ عليهما الفاتحة
) ، وهنا لا أستثني الأيادي الخفية من المحسوبين على المكون الأيزيدي ، والتي عملت مع الجهات المختصة كطابور خامس
وسلبي ضد خصوصية بني جلدتهم المتمثل طبعا ً في يزدا ، مثلما عملت قبلها ضد تجمعات
ومنظمات ونشاطات وبيوتات للمكون الأيزيدي في داخل الوطن ، كذلك طالت أياديهم
نشاطات الجالية الأيزيدية في الخارج وخاصة في أوربا للعمل دون تحقيق الأهداف
المرجوة والمنتظرة والتي تنتظرها أبناء هذا المكون الأصيل ، لا بل هم أصل الأكراد
وباعتراف الكتاب الشُرفاء وقادة الكورد المعاصرين والذين أبدعا في قيادة الشعب
الكوردستاني الرئيسين مام جلال وكاك مسعود المعروفين بالوطنية والنضال المستميت لنيل الحقوق وأصحاب التاريخ
المُشرّف ...
14 / 1 / 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق