الحصانة الدبلوماسية وذوّي المسؤولين في
العراق !!!
حسين حسن نرمو *
الحصانة الدبلوماسية ، كلمتان مثخنّتان من
حيث المعنى ، والصفة ، والتمثيل لدى الدوائر ، أو المؤسسات ، أو المجالس ، أو
الدول ، ومن قبل شخصيات تدخل سلفا ً دورات لغات عالمية ، وكذلك دورات خدمات
دبلوماسية في دولهم قبل التكليف عمليا ً ، لممارسة المهام الدبلوماسية ، سواءا ً
في السفارات ، أو القنصليات ، أو المفوضيات التابعة للأمم المتحدة ، وأحيانا ً
الأخيرة نفسها ، وحتى مجلس الأمن الدولي ، لتكون هذه الشخصيات ، واجهة الدولة في
مثل هذه المحافل الدولية .
بعد سقوط بغداد وانهيار النظام الدكتاتوري ،
ثم إحلال النظام الديمقراطي شيئا ً فشيئا ً عبر مراحل انتقالية ، بدءا ً من ( عام
) الحاكم المدني بريمر وتشكيل مجلس الحُكم الانتقالي ، مرورا ً بوزارة د . أياد علاوي والانتخابات النيابية فيما بعد
وتشكيل الحكومات المتعاقبة وصولا ً إلى الحكومة الحالية برئاسة د . حيدر العبادي ،
خلال تلك الفترة ومنذ البداية ، تم إعداد وصياغة دستور دائم للبلاد من قبل المتخصّصين
، وعرضه للاستفتاء العام حينذاك ليحصل على ثقة العراقيين ، حيث بموجبه مُنِح
الصلاحيات الدستورية للرئاسات الثلاث ، كٌل ٍ حسب موقعه ، كذلك الكثير من الحقوق
والواجبات للمواطن العراقي وفق القوانين التي تم ويتم تشريعها على ضوء الدستور ...
حتى لا نبتعد كثيرا ً عن عنوان المقال
ومضمونه ، كانت الحصانة بمضمونها العام والدبلوماسية بشكل خاص من ضمن هذه الحقوق
التي مُنِحَت ولا تزال تُمنَح للعراقيين ، نعم فيما يخص منح الحصانة وخاصة
الدبلوماسية لمختلف الشرائح للمجتمع العراقي فحدّث ولا حرج ، منهم الرسميين
والمستحقين أكثر من الآخرين ، والذين من الضروري جدا ً حصولهم على الحصانة
الدبلوماسية بموجب العمل في السلك الدبلوماسي العراقي وبِحُكم العمل أيضا ً في
السفارات والقنصليات والملحقيات العراقية لدى غالبية الدول في العالم ومن مختلف
القارات ، نقصد هنا السفراء والقناصل والوزراء المفوضين وربّما مَن هُم بدرجتهم
بالمثل في السلك الدبلوماسي ، للأسف في العراق الجديد تم اختيار الكثير من الشخصيات
( الرجل غير المناسب في السلك الدبلوماسي ) ، وفق مبدأ المحاصصة المقيتة بين الكتل
والأحزاب السياسية ، الاختيار طبعا ً ، وربّما في الكثير من الحالات فرض المرشّحين
على الجهات المعنية في الوزارة ، وفق التوافق السياسي ( هذه السفارة من حصة الكتلة
الفلانية ، وتلك السفارة من حصة الآخرين وهكذا للأسف ) ، نعم الاختيار كانت دون النظام المعمول به
عالميا ً وفق مواصفات تفرض عليهم التخرج من دورات اللغة والخدمة الدبلوماسية و ...
و ... .
الآخرين الذين كان لهم شرف الحصول على
الحصانة الدبلوماسية ومن خلال جواز السفر الدبلوماسي ، هُم بالتأكيد أعضاء مجلس
الحُكم الانتقالي والوزراء في كُل الحكومات المتعاقبة ومَن بدرجتهم من رؤساء
الهيئات وربّما المؤسسات ، كُل أعضاء الجمعية الوطنية ، أعضاء المجلس الوطني ،
أعضاء مجلس النواب العراقي للدورات الثلاث لحد الآن ، لا أدري ربّما وكلاء الوزارات
ومَن بدرجتهم والذين تجاوز عددهم لحد الحكومة الحالية أكثر من سبعمائة وكيل وزير ،
ومَن يدري ربّما المستشارين في الرئاسات الثلاث أيضا ً ، هذا وربّما الشخصيات
المماثلة في إقليم كوردستان أيضا ً مشمولين بالحصول على الحصانة ، أو على الأقل
جواز السفر الدبلوماسي ، وبِحُكم ترأس السيد هوشيار زيباري وزيرا ً للخارجية
العراقية على مدى عقد أو أكثر من الزمن ، حيث ُ من صُلب صلاحياته منح جواز السفر
الدبلوماسي لأي مَن كان في العراق الجديد ، هذا بالطبع جائز في فترة ابراهيم
الجعفري وزير الخارجية الحالي أيضا ً ... وبِحُكم الصلاحيات ، يجب أن لا ننسى بأن
تم منح جواز السفر الدبلوماسي إلى الكثير والكثير من الذين يعملون ضمن ( حاشية )
المسؤولين من الرئاسات الثلاث ولا سيما وزير الخارجية نفسه ، ومن الحاشية أيضا ً
السكرتيرات التي عملّن في المباني الرئاسية والوزارية ، الجميلات كان لهّن شرف
الحصول على الجواز الدبلوماسي في العراق وربّما في الإقليم أيضا ً ...
الأدهى من كُل ما ذكرناه ، وربّما الأغرب
تماما ً من كُل ما وُرِد َ في المقال ، هو منح أفراد عوائل كُل الوزراء
والبرلمانيين والسفراء والقناصل و ... و ... كُل أصحاب المعالي والسعادة و ... و
... نعم مُنِحَ عوائلهم أيضا ً وبموجب القانون المشرّع سلفا ً الحصانة وجواز السفر
الدبلوماسي ( أي الزوجات والأزواج والأطفال ) ...
خلاصة القول في هذا المجال ، هو أن كُل الذين
ذكرناهم والذين حصلوا على الحصانة وخاصة الدبلوماسية ، هذا بالطبع عدا الذين
شاركوا في دورات الخدمة الدبلوماسية وفق الفترات المقررّة لهم ، نعم عداهم وأكثرية
الذين أكدنا عليهم ، لا يعرفون ماهية الحصانة ولا يعلمون ماهية الدبلوماسية ، ولا
سيما طبعا ً عوائل الشخصيات ، منهم مَن أستغل هذه الصفة في الكثير من المجالات
والمحافل والمطارات ، بحيث أساؤوا إلى هذه الحصانة ، وبالتالي إلى هيبة الدولة
ذاتها ... ومنهم أزواج وربّما زوجات البرلمانيات والبرلمانيين والوزراء ، وهُم أو
هُن ّ بسلوكهم أو سلوكهّن ، وبالتصرفات ذاتها ، والتي كانت وباتت غريبة جدا ً على
المجتمع العراقي ، وربمّا خير مثال ودليل على ما نقول هو ( الحادثة المعروفة لنجلي سفير
العراق في البُرتغال وتجاوزهما أو اعتدائهما على صبي ( 15 عاما ً ) في لشبونة
العاصمة ، مما حصل للأخير ارتجاج في المُخ ودخوله في غيبوبة ولا يمكن اتخاذ
الإجراءات القانونية ضدهما ، لتمتعهما بالحصانة ) وهذا السلوك أو التصرف المُشين ، بالطبع له
تأثير مباشر على سمعة العراق والعراقيين ولا سيما على العاملين في السلك
الدبلوماسي ... لذا نرى من الضروري جدا ً إعادة النظر في نصوص مواد القانون الخاص
بمنح الحصانة ، ونعتقد والأحسن العمل على تحديد مثل هذه الحصانة على الشخصيات بشكل
عام وعدم منح عوائلهم بالذات بالحصانة والجواز الدبلوماسي ..
المانيا في 14 / 12 / 2016
·
برماني سابق في العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق