بقلم / حسين حسن نرمو
لا يختلف أثنان بأن كان للتعريب أهداف سياسية شوفينية من قبل النظام البائد ، والتي جرت في مناطق عديدة من كوردستان ، ولا سيما في مدينة كركوك الغنية بالذهب الأسود ، حيث تم تشجيع الآلاف من العوائل العربية من الجزيرة ومناطق أخرى لغرض أسكانهم في المناطق التي أختارتها سلطة البعث الحاكمة في العراق أستمرت هذه السياسة الشوفينية على مدار أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، ولم تكن مناطق الأيزيدية أوفر حظا أمام تلك السياسة ، حيث شملت أكثرية قراهم بالتدمير وجمعتهم في مجمعات قسرية تفتقر لأبسط الخدمات الأنسانية في سنجار والشيخان ودهوك ، ولم يكتفوا بذلك بل تم أسكان العرب في بعض القرى القديمة ثم توزيع الأراضي على العوائل العربية وبالتالي يزرعونها ويقطفون ثمارها على مرأى أصحابها الشرعيين المغلوبين على أمرهم ، كما كان يجري في مجمع مهد ــ الشيخان على سبيل المثال لا الحصر .. بالتأكيد لا نستغرب من الذي حصل من أجراءات تعسفية في ظل نظام دكتاتوري بشع بيده كل مفاتيح الضغط والتهديد والوعيد لكائن من كان من أبناء الشعب العراقي الأبي ..
قد يمتعض البعض من هذه المقدمة لموضوعنا المعنون أعلاه حول أستخدام مصطلح التكريد من قبل البعض ، وهو بطبيعة الحال مصطلح ذات تعبير قاسي وقاس جدا على كل أنسان مؤمن بمبادئ الديمقراطية ، ومن المفترض أن نقول بأن شتان ما بين هذين المصطلحين التعريب والتكريد أن وجد أصلا ، كالفرق بين الدكتاتورية التي دامت أكثر من ثلاثة عقود من الزمن في العراق وبين الديمقراطية التي أطلت علينا في أقليم كوردستان أولا بعد الأنتفاضة الآذارية وتحديد بعد أنتخاب برلمان كوردستان وتشكيل الحكومة الأقليمية عام 1992مؤتلفة من الحزبين الرئيسين البارتي والأتحاد ، والواضح من خلال برنامجهما هو تطبيق شعار الديمقراطية والعدالة والمساواة ليس في كوردستان فحسب ، بل نادوا بها من أجل العراق أيضا ، وها جنينا فعلا ثمار ذلك النضال في الفترة الأخيرة بعد سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد ...
أذن هذا المصطلح الذي نسمعه بين الفينة والأخرى للتعبير عن حالة معينة ومن قبل البعض لم يأت من الفراغ حسب ما نعتقد ، وأنما نتيجة أفرازات وتجاوزات معينة في مناطق سكنى الأيزيدية ...
نعتقد بأن من حقنا أن ننبش في الماضي أذا كان ذلك يخدم الموضوع المطروح ، أذن لنعود بذاكرة السادة القراء الى بداية السبعينات وتحديدا بعد بيان الحادي عشر من آذار التاريخي والذي كان وليدة نضال شعب كوردستان وضغط ثورة أيلول المجيدة بقيادة المرحوم البارزاني على الحكومات المتعاقبة وأخيرا حكومة البعث ... حيث تم بعدها أعادة هيكلة القوات العسكرية ــ البيشمركه ــ بعد حرب الأنصار في الجبال على مدار عقد من الزمن في الستينات على شكل قوات شبه نظامية آنذاك تحت مسميات الهيز أي القوة والبتاليون والسرايا و... في كافة مناطق كوردستان ، معظم القادة على رأس تلك التشكيلات كانوا من المقربين لشخص البارزاني ومن جهات بعيدة عن مناطقنا ، كان هذا أمرا طبيعيا وليس غريبا حينذاك ربما لعدم وجود القادة البارزين من منطقة بهدينان لتبوء مثل هكذا مناصب ، وأنما الغريب في الأمر بعد أستلام تلك القادة مواقع المسؤولية وفي ظل الهدنة المقررة حسب الأتفاقية بأربع سنوات لحين تنفيذها ، وظنا منهم بأن الأمر منتهيا وبأن الحكم الذاتي بات أكيدا على أرض الواقع متناسين المؤامرات والدسائس التي كانت تحيك من قبل النظام المقبور للتآمر على الأتفاقية والثورة الكوردية ، لذا أنشغل البعض منهم بأمتلاك الأراضي وبعض القرى بأكملها وبشتى الطرق الديماغوكية سواء كان تحت شعار الضغط أو التهديد أو حتى محاولة أغراء أصحابها اصليين لغرض البيع بالمال والذي حصلوا عليها بالتأكيد بطرق غير مشروعة ومن أموال الثورة آنذاك بعيدا عن أنظار القيادة العليا ، يؤسفني حقا وربما يصيبني أيضا ما قلته كوني منتميا لعائلة متنفذة حينذاك لوجود عمي وأبي في مواقع قيادية ربما في التسلسل الثاني للمسؤولية العسكرية والسياسية في المنطقة ، لكن ما باليد حيلة ، هكذا كان الواقع حينذاك ، وقضية دوشيفان ما هي الا أحدى هذه الحالات المتجاوزة على المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة من السلطات والتي كانت تفرض هيمنتها بالقوة وربما لا يزال بعيدا عن الشعارات الواردة في برامجهم وهذا ما نأسف عليه فعلا ....
لكن نرجع ونقول بأن الأسباب المباشرة لما حصل ويحصل وقد يحصل من تجاوزات على حقوق المغلوبين في كوردستان هي من قلة الوعي للعناصر الذين يقومون بهكذا أفعال ومن مواقع المسؤولية المناطة بهم ، ويجب أن لا ننسى هيمنة الحزب على المرافق الحكومية ليتم أختيار رؤساء الدوائر ومن الحزبيين لا على أساس الكفاءة والخبرة ، هؤلاء يربطون مصالحهم مع المرجع الأساسي والأقوى وهو الحزب الذي يكون دائما في موقع الدفاع عنهم ، هذا ناهيك عن عدم متابعة اللجان البرلمانية الخاصة في الوقت الحاضر لمراقبة ومحاسبة أداء الجهة التنفيذية أي الحكومة في كوردستان ، نعم نقولها بكل صراحة وسمعنا أيضا من الدكتور برهم صالح خلال أستقباله لنا العام الماضي ضمن وفد ليقول بأنه شخصيا زار ولأكثر من مرة مقر الكتلة الخضراء للبرلمان ــ الدورة السابقة ــ قبيل التوحيد لحثهم على مراقبة أداء الحكومة الذي كان يترأسها حينذاك ، لكن المفروض أن تكن العملية معكوسة تماما لتكون المبادرة من قبل اللجان المنبثقة من البرلمان للهدف أعلاه ....
قد يتسائل الكثير من القراء ، طالما الأمر هكذا ، ما هو الحل أذن ؟ نقول للأسف في الوقت الحاضر سيكون الحل بأيدي السلطة الحاكمة ــ الحزب ــ ليقوم ببعض الأجراءات والتي تتناسب على الأقل في العصر الراهن ــ عصر الديمقراطية ــ ومنها ...
أولا / توعية الكوادر التابعة لها بشكل جيد وحثهم على عدم القيام بالتجاوز على المواطنين في عصر المفروض أن تكون الديمقراطية سيدة الموقف في الساحة العراقية عامة والكوردستانية بشكل خاص ...
ثانيا / أعطاء الضوء الأخضر كاملة للبرلمانيين الذين يقع الأختيار عليهم من قبل هذا الحزب أو ذاك ليكونوا بمستوى المسؤولية التاريخية وقادرين على محاسبة الجهة التنفيذية على الأداء الغير سليم بكل حرية والأجماع على سحب الثقة من الحكومة أذا أقتضى الأمر ذلك ...
ثالثا / عدم أسناد المسؤولية الأدارية والأمنية لتلك العناصر الأنتهازية ، همهم الوحيد أرضاء وأطاعة الأوامر الصادرة من المراجع العليا ــ الحزبية ــ مقابل الحصول على الكراسي والذي بالطبع تتماشى مع المصالح الشخصية لهؤلاء ...
قد يسخر البعض من القراء الأفاضل لما دوناه من النقاط أعلاه وصعوبة تطبيقها حاليا وخاصة الذين يعيشون في في الواقع الحالي تحت السلطة الأقليمية والأخص المناطق المعلقة مصيريا بين السلطة المركزية والأقليمية كالشيخان على سبيل المثال لا الحصر ، والذي حصل فيها الكثير من التجاوزات حسبما يقال من قبل السلطة الحاكمة في تلك القصبة ... لذا لا يسعنا ألا أن نرجع الى سلاح المناشدة وهو أضعف الأيمان ، لنناشد من خلال المنابر الأعلامية السيد تمر رمضان محافظ دهوك والمعروف بعلاقاته الطيبة مع الأيزيديين ، ربما تمتد لعشرات السنين وذلك بمد جسور الثقة الشبه مفقودة مع المواطنين ضمن الحدود الأدارية لمسؤوليته للتحقيق في التجاوزات الحاصلة لأرجاع الحق الى أصحابها ونع تكرارها في المستقبل ، وهذا أملنا في السيد رمضان لثقة أهل المنطقة فيه وخاصة الذين يعرفونه عن قرب بأعتباره لا يقبل بهكذا أفعال من أي من كان وفي أي موقع من المسؤولية ... هذا ودمتم للعمل الجدي من أجل المصلحة العامة ؟؟
حسين حسن نرمو
ألمانيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق