رغم أن اتفاقية الجزائر الخيانية في آذار عام 1975, كانت بمثابة الضربة القاضية للحركة التحررية الكوردية من وجهة نظر الذين شاركوا في نسج الاتفاقية وحياكتها على الأقل , إلا أن القيادات الكوردية , أصرت بعدها على مواصلة مسيرة الكفاح المسلح ضد الظام البعثي الفاشي المتمثل بسلطة الحزب الواحد من أجل الديمقراطية للعراق وحصول الأكراد على حقوقهم المشروعة ضمن الدولة العراقية , لذا سرعان ما أشعل نار الثورة في كافة أنحاء كوردستان , وبرزت شخصيات من قوات الأنصار في ميدان الكفاح المسلح والتي فرضت نفسها , وتركت بصماتها في كثير من المعارك البطولية .
لا شك فيه بأن " محمود أيزدي " كان من تلك الشخصيات , والذي أصبح النظام العراقي وقتها في حيرة من أمرها أمام قائد مثله إبان ثورة كولان في تلك الحقبة الزمنية والتي دامت أكثر من ثلاث سنوات حتى استشهاده . ربما لا أضيف الكثير إلى ما سبقني به بعض الأخوة لإلقاء الضوء على مسيرته النضالية وعلى حد علمي كان هناك مشروع كتاب من قبل أحد الأخوة الكتاب في منطقة دهوك حول تفاصيل حياته ودوره البطولي في الحركة التحررية الكوردية خاصة إبان ثورة كولان , لكنني أريد أن أقدم لقراء الانترنيت من خلال هذه السطور سرد موجز لدوره البطولي والميداني في الثورة وديمومتها بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء .. كان الشهيد محمود أيزدي من الأوائل الذين أبدوا استعدادهم لخدمة قضية شعبه الكردي بعد نكسة 1975 , ليغادر إيران متوجهاً إلى سوريا ومنها إلى كوردستان العراق بعد أن ترك وراءه زوجته وفلذات كبده " لا يتجاوز عمر أكبرهم الخمس سنوات حينذاك " , تركوا يواجهوا مصيرهم المجهول بالعودة إلى العراق مع آلاف العائدين آنذاك ليستقر بهم المصير في جنوب العراق منفّيين بعد قرار النظام الفاشي بإبعادهم عن كوردستان , ودخل هو ميدان الكفاح المسلح مع عدد قليل من رفاقه لإشعال نار الثورة في بهدينان .
باشر في البداية بمد جسور إعادة الثقة بين قوات الأنصار وأهالي المنطقة بعد غياب دام أكثر من سنة بعد النكسة لإعادة النشاط الحزبي معتمداً بشكل أساسي على الكادحين المؤمنين بقضيتهم العادلة , وكان حذراً جداً في التعامل مع الأغنياء المتمثلين بالآغوات .
كان الشهيد حريصاً كل الحرص أثناء العمليات الذي يقوم بها مع رفاقه القلة في ميدان القتال حينذاك , لذا كان بارعاً في تمويه الحكومة البعثية ليفاجأ المسؤولين الأمنيين للنظام في المنطقة مما كان يصعب عليهم ملاحقته في كثير من الأحيان لتحركه السريع حتى كان لا يخشى من الدخول إلى المدن الكبيرة متنكراً منتحلاً شخصيات عديدة لإنجاز مهام وتنفيذ عمليات , ناهيك عن دوره البطولي في معارك عديدة خاضها مع رفاق الدرب كمعركة كلي كورتكي .. بلان .. شكفتي .. دير آلوش ومعارك أخرى عديدة وجدت صدىً لهم ليس في كوردستان فحسب وإنما في مناطق عديدة من العراق .. جدير بالذكر أن نقول بأنه اكتسب خبرته وبراعته وتفننه في القتال أيام كان متطوعاً قبل تبعيث الجيش العراقي في الستينات , وكان منتمياً حينذاك لتظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني ..
بقي أن نقول بأن الشعراء البيشمركة أشادوا بدوره البطولي في ثورة كولان وعبروا عن ذلك في قصائدهم مثل الشاعر المعروف مؤيد طيب والشاعر البيشمركة قاجاغ , ويجب أن لا ننسى ما قاله الشاعر حبيب كلش في مطلع قصيدته وما معناه " حينما نتذكر ثورة كولان يجب أن نتذكر الشهيد محمود أيزدي " تثميناً لدوره كأحد المفجرين للثورة حينذاك بعد نكسة آذار 1975 …
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق