الجمعة، 10 أكتوبر 2008

بين المبادئ والمناصب بون ٌ شاسع !!!


بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
( قلما نجد المرء يقاوم ويحافظ على طبيعته الأولية أمام المال والمنصب " السلطة " )
" المبدأ " ، كلمة ذا مغزى خاص وقيمة لا تُقدر بثمن لدى الأنسان المؤمن بها ، لذا نرى بأن الكثير من الناس يتسابقون ، يتصارعون ويعملون من أجلها ، عسى ولعّل الفوز ، ليلقبوا في الآخر ب " الأنسان المبدئي " ، كأن تكون في مجال السياسة أو حتى في مجالات أخرى . نعلم بأن لكل تنظيم سياسي أو غيره ، تستند على مجموعة من الأساسيات والمبادئ ضمن منهاج ونظام داخلي مُعد من قبل بعض المنظمين المختصين تحت لواءها وأحيانا ً من القانونين ، ليتم فيما بعد إعداد برنامج عمل لتطبيق المنهاج عمليا ً أو ميدانيا ً . في الشرق غالبا ً لا يطبق إلا جزء ٌ من المنهاج المكتوب على الورق من قبل هذا التنظيم أو ذاك وبنسبة ً أقل أثناء المشاركة في السلطة .
عراقيا ً وبعد أحتلال النظام البائد دولة الكويت في 2 / آب / 1990 ، ثم البقاء فيها متحديا ً المجتمع الدولي وقوات التحالف بأساطيلها البحرية التي جاءت إلى منطقة الخليج ، تلتها العمليات العسكرية من قبل تلك القوات ضد الجيش العراقي في الكويت والهجوم البري داخل العراق أيضا ً ، ثم قيام الأنتفاضة في معظم أرجاء العراق ، باتت الرؤية آنذاك واضحة بأن لا بد من رحيل النظام الدكتاتوري عاجلا ً أو آجلا ً ، أعادت المعارضة العراقية حينذاك تنظيمها بعد قمع الأنتفاضة والهجرة المليونية ، لتتكاتف جهودها وتلتقي في الخارج والداخل بالتنسيق مع الأحزاب الكوردستانية بعد حصول الأكراد على منطقة آمنة بقرار من الأمم المتحدة للتباحث حول كيفية العمل من أجل إسقاط النظام ، ألتقوا في مؤتمرات معروفة ، بدءا ً من مؤتمر " بيروت " ، مرورا ً بمؤتمر " صلاح الدين كوردستان " ، أنتهاءا ً بمؤتمر " لندن " نهاية عام 2002 ، خرجوا بتعهدات ، أتفاقات ومقررات للعمل من أجل العراق " عراق ما بعد صدام " ، من أجل رفع الغبن عن كافة مكونات الشعب المغلوب على أمره والذي أبتلى بالأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة والقابعة على رقابه ، من أجل إرجاع الحقوق المغتصبة إلى أصحابها ، من أجل إلحاق المناطق المنسلخة إلى أصلها " كوردستان " ... ها وبعد أن أعتلوا الكراسي وأصبحوا في دست الحكم بعد التحرير والأحتلال ، نسوا المبادئ وتراجعوا في أكثرها ليزيدوا في آلام العراقيين ، ساعدوا على تشرد الملايين من الشعب منتمين لهذه الطائفة وتلك إلى خارج الوطن وحتى في الداخل أيضا ً ، نُهبت خيرة ثروات الشعب لصالح هذه الجماعة أو تلك ، نفذوا البعض منهم ولا يزال إملاءات أسيادهم على حساب البلد ومواطنيه ، لم يلتزموا بالدستور والذي تم صياغته على أيديهم وخاصة المادة 140 المتعلقة بالمناطق التي ناضلت القيادة الكوردستانية من أجلها كثيرا ً وكلفت دماء الكثير من الشهداء الأبرار وعلى مدى عقود من الزمن ، وجاءت مصادقة البرلمان العراقي مؤخرا ً على قانون أنتخاب مجالس المحافظات مغتصبين حقوق الأقليات في هذا البلد الذي عاشوا فيه آلاف السنين . إذن ! أين هي المبادئ من كل هذا والعراق مقبل على عصر الديمقراطية ؟؟
كودستانيا ً والذي يتابع ما وصل أو توصل إليه الأقليم من تقدم ٍ وزهو ٍ وأزدهار ٍ " وأستثمار ٍ كما يقال " ، كل هذا أستحصلت بنضال الشعب الكوردستاني وتضحياته عبر عشرات السنين من أجل المثل والمبادئ السامية والتي نجني ثمارها في هذا العصر " هؤلاء المناضلين والمضّحين كانوا من مختلف أطياف الشعب الكوردستاني منهم الأقليات القومية والدينية " ، ناضلوا وكما أشرنا على مدار عقود من الزمن على شكل جماعات أو تنظيمات سياسية ضد الأنظمة الدكتاتورية من أجل مبادئ وأهداف تعهدوا على تحقيقها بعد إراقة أنهر من الدماء ، لكن للأسف بعد كل هذا يرى المواطن الكوردستاني بأم عينيه ، بأن هنالك مَن أعتلى أو يعتلون مناصبا ً ، أو حتى الذين يتقاضون الأوراق الخضراء تحت يافطة ، تسميات ومسميات شتى ، منهم على غرار شيوخ التسعينات بدرجاتها في العهد البائد ، هؤلاء لم يكونوا في يوم ٍ ما من أصحاب المبادئ والقيم الوطنية أو الثورية الكوردستانية ، لا بل البعض الكثير منهم كانوا وربما لا يزال من ألّد الأعداء وشاركوا في قمع تلك القيم والمبادئ ، هؤلاء ساعدوا أيضا ً الأشرار في التنصت والوشاية للكثير من المناضلين الذين صفت بهم الدهر في أقبية وسجون النظام البائد ، ليتم أعدام الكثير من هؤلاء الأبطال على ايدي زبانية أسيادهم ، ربما تلك الأفعال لم يشفي غليلهم حينذاك ، لذا ساعدوا بشكل مباشر قوات النظام في العمليات العسكرية المشؤومة في الثمانينات من القرن المنصرم والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء العزل . إذن ! هؤلاء الذين ذكرناهم ، أ ُفسدوا في عصرهم " العهد البائد " ، ربما عملوا بعدها وأفلحوا في إفساد الآخرين ، لتطغي كفة المصالح والفساد على المبادئ والمثل والقيم ، حتى بات المواطن العادي يشعر بأن عصر المبادئ قد ولى ... ليحل محله عصر الأستغلال ، الأضطهاد ، المحسوبية ، الرشوة والفساد في أكثرية المرافق الحكومية والحزبية وهذا ما نأسف عليه ....