السبت، 7 يوليو 2012

العراق وأزمة الولاء !!!


العراق وأزمة الولاء !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

تأسست الدولة العراقية على أنقاض إمبراطورية الرجل المريض بعد الحرب العالمية الأولى بعد أن وَطَدّت بريطانيا أقدامها في الشرق عامة وكامتداد لإمبراطوريتهم الهندية وفي العراق خاصة ً بعد دخولها من البصرة وباتجاه الشمال عبر بغداد العاصمة ، ليأخذ هذا الدخول طابع الاحتلال والانتداب فيما بعد ، ليتحكموا بِكُل شاردة وواردة حتى تمكنوا من تشكيل حكومات متتالية وفق مزاج المندوب السامي البريطاني ، رغم ظهور قوى معارضة ومناوئة للاحتلال والسياسة البريطانية ، متمثلة ً بالانتفاضات والثورات ، منها ثورة العشرين على سبيل المثال لا الحصر ... لذا وربما أراد العرب في تلك الفترة والذين كانوا ينوون الاستقلال أن يقيموا علاقات مع الدول التي تنافس العثمانيين والأتراك فيما بعد وهي بريطانيا وفرنسا وآخرين .

تمكن الإنكليز بعد إقناع العراقيين وفق الآلية المتبعة حينذاك من تتويج الأمير فيصل ملكا ً على العراق ومن كسب البعض الكثير من المؤيدين إلى جانبه وبأعلى المستويات من شخصيات عراقية أو حتى ضباط سبق وأن خدموا أيام العهد العثماني ومن أصول عراقية ، لذا بأن البعض من هؤلاء بقوا حتى أواخر أيامهم يكنون الولاء للسفارة البريطانية في بغداد أكثر مما يكنون الولاء لعرش العراق ، لا بل وقفوا بالضد من الذين كانوا لهم مواقف من السفارة وضد تدخلها في شؤون العراق أو من الذين تحالفوا مع جهات دولية أخرى مثل الألمان ضد الإنكليز .

بعد ثورة 14 تموز بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم وقيام النظام الجمهوري ، توالت الولاءات أيضا ً لجهات خارجية ساعدت على تكرار الثورات والانقلابات مما دفعت الذين حكموا العراق بالحديد والنار بافتعال الأزمات والحروب ، بدءا ً  بالحرب على الأكراد مرورا ً بقادسية الثمان سنوات أنتهاءا ً باحتلال الكويت وتحدي المجتمع الدولي بأجمعه ، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية للدولة وتجويع الشعب العراقي جراء تأثير الحصار الاقتصادي المعروف والقرارات الدولية بعد السيطرة على دولة الكويت باستخدام القوة والجيش المليوني ، هذا ما فقد النظام المتمثل بالقائد الضرورة المصداقية لدى القطب الذي حكم العالم بعد أنهيار الإتحاد السوفيتي ، هذا القطب الذي عمل وجاهد بشتى الطرق على إسقاط قيادة دولة المنظمة السرية وسقوط الصنم في نيسان 2003 ، ليتم قيادة العراق بعد الاحتلال تحت حكم الحاكم المدني بريمر  وتشكيل مجلس الحكم الانتقالي من خيرة القيادات المعارضة لنظام صدام سابقا ً ، هنا لا بد من التركيز أكثر على الولاء في الفترة التي تلت السقوط وبعد التركة الثقيلة التي خلفتها الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة والتي حكمت العراق ، حيث الكثير من أقطاب المعارضة العراقية ، تعاملوا بشكل أو بآخر وبشتى الطرق مع العديد من الدول ذات النفوذ من أميركا وأوربا وحتى الدول العربية والإقليمية ، هذا ما أكدته القيادات والشخصيات العراقية المعروفة ومنهم مَن تحدث من على شاشة التلفزة بأنه تعامل مع العديد من أجهزة المخابرات الدولية لأجل إسقاط صدام حسين .

إذن !! وفي مرحلة بعد السقوط تعددت الولاءات لجهات متعددة ، ربما البعض منها كانت ولحد الآن معهودة أو مفروضة على القوى السياسية المدعومة من الخارج قبل سقوط النظام مقابل خدمات أو دعم مالي تم قبوله أثناء فترة المعارضة ، لذا نعتقد بأن المرحلة التي تَمُرُ بها العراق هي من أخطر المراحل ، حيث كما نعلم بأن الدولة التي تخرج من حرب أو حروب مدمّرة لا يمكن بناءها دون وجود ولاء لها ، أي الولاء للوطن فقط ... لكن للأسف الشديد وفي الوقت الحاضر نفتقر إلى مثل هذا الولاء ، في حين توجد الكثير من الولاءات وبقوة في الميدان السياسي العراقي ، سواءا ً كان هذا الولاء دينيا ً أو مذهبيا ً أو طائفيا ً أو مرجعيا ً أو شخصيا ً أو قوميا ً أو كتليا ً أو تحالفيا ً أو حزبيا ً ضيقا ً أو ... أو ...  . تاركين الوطن يتألم أكثر مع الجُرح العميق الذي أصابه منذ تأسيس الدولة العراقية مع توالي الحكومات والانقلابات والثورات الدموية والمؤامرات والاحتلالات ، لنُسمي كُل مرحلة من هذه المراحل بالعراق الجديد ، لكن ! أي جديد هذا الذي دمّر العراق كُل مرة ً تلو الأخرى ، ليُعيد به كُل مرة ًإلى عصر ٍ أكثر َ رِقة ً وعبودية ، لتتأخر الدولة عن محيطه العربي والإقليمي بعشرات السنين من التطور والتقدم التكنولوجي ، وهذا ما يأسف ُ عليه كُل عراقي وطني غيور على بلده ولا يملك السُلطة لتغير هذا الواقع .

7 / تموز / 2012


الجمعة، 6 يوليو 2012

دولة القانون والديمقراطية !!!


دولة القانون والديمقراطية !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

راهَنَت أو زايَدَت ثم سابَقت الكثير من القوى والكتل والأحزاب السياسية التي برزت في الميدان السياسي العراقي ، البعض منها بعد التحالفات أيضا ً على الدفاع عن الديمقراطية ، وتنفيذ بنود الدستور العراقي الدائم لأول مرة في تاريخ العراق الحديث ، بعد وجود دساتير مؤقتة مع تعديلات كثيرة جدا ً خلال عقود من الزمن ، عبر العديد من الحكومات والثورات والانقلابات التي حكمت العراق بالحديد والنار ، بدءا ً من تأسيس الدولة ، مرورا ً بقيام النظام الجمهوري ، انتهاءا ً بأشرس دكتاتورية على أرض المعمورة .

ائتلاف دولة القانون ، والمنبثق من حزب الدعوة من الكتل التي برزت وبقوة في الميدان السياسي ، لينال شهرة ً ، ربما من تسمية قائمتها الانتخابية بدولة القانون ، لا دولة الشريعة أو الشيعة أو حتى الإسلام ، باعتبار الحزب ذات صبغة دينية ، هذه التسمية لها دلالة اتجهت أو تتجه نحو العلمانية إلى حد ما ، مثلما أشار إليها النائب العلماني السابق أياد جمال الدين ، هذا الاسم أو هذه التسمية أرتاح لها الكثير من العراقيين الوطنيين ، الذين سرعان ما أدلوا بأصواتهم إلى القائمة ، أغلبهم من خارج تنظيمات الحزب ، ومن المتأملين والمؤيدين بتوحيد العراق تحت شعار دولة القانون ، التي تستند وتعود إلى الدستور الدائم بعد الاستفتاء عليه وإقراره عام 2005 بمشاركة 80 % من الشعب العراقي بكافة مكوناته ، لا التوحيد بالقوة مثلما كان في زمن النظام الدكتاتوري السابق ، حيث كان العراق موحدا ً باستخدام القوة والسلطة المركزية .

لكن ومع علامة التعجب ... الظاهر بأن الكثير من الشعارات تختفي بعد وصول أصحابها إلى السُلطة ، حيث سرعان ما تنسى كُل ما ورِد َ في المبادئ والنظام أو الدستور الداخلي للحزب أو التنظيم أو التيار أو التكتل أو الائتلاف أو ... أو ...  . وهذا هو ديدن الكثير من التنظيمات ، والذي يكون السلوك أو التصرف دائما ً مأسوفا ً عليه من قبل أنصارهم ، الذين أعطوا ثقتهم وأصواتهم لها .

دولة القانون ، ككيان دولة ، وكما يُفهم من المضمون هو الدفاع عن كل ما يتعلق بالقوانين والنظام المؤسساتي والدستور واستقلال القضاء ، لكن للأسف مسار العملية السياسية في العراق توحي وتتجه باتجاه آخر ذلك من خلال السلوك أو الأداء ، سواءا ً الحكومي أو حتى السلوك والتصرف الشخصي من غالبية الأعضاء والقيادات البارزة في الكتل أو التحالفات السياسية المشتركة في الحُكم تحت يافطة حكومة الشراكة الوطنية عفوا ً المحاصصة الوطنية ، والتي هي أساس المشكلة في العراق بعد الاتفاق على الديمقراطية التوافقية ، لكن بالتأكيد الذين يعرفون قيمتها وربما كانت مبكرة بالنسبة لنا .

الذي تابع ولا يزال ما يتم التصريح به في الأعلام العراقي وفي مختلف القنوات المرئية والمسموعة والمقروءة ، لا يرى فيه بادرة خير لحل ّ الأزمة أو الخلافات القائمة منذ سقوط بغداد ، ومنها أزمة سحب الثقة من الحكومة الحالية ، وإنما أكثرية التصريحات تتجه نحو التصعيد دائما ً ، وهذا بحق مهزلة التصريحات الإعلامية منافية للقيم والأعراف التي ننادي بها لتطبيق الديمقراطية ومتوازية مع ثقافة التهديد والوعيد ومحاولة تطبيق سياسة تكميم الأفواه بشتى الأساليب وعدم القبول أو حتى الاعتراف بالرأي الآخر ، وإلا ماذا نفسر ما قيل في إحدى التصريحات الإعلامية المسؤولة طبعا ً ومن لدن قيادات دولة القانون  ( فليتجرأ علاوي والبارزاني على استجواب المالكي ) ... إذا ً !!! هكذا ، وبهذا السلوك أو التصرف ، نبني الديمقراطية ونحمي الدستور . هذا الدستور الذي يقول كُل ما هو مناف ٍ  لما يُدَعون أو يتشدقون به ، البعض الكثير من هؤلاء في رأيي والمعروفين ( بالملكيّيّن أكثر من المَلك ) هُم أساس المشكلة والذين يثيرون الكثير من القضايا التي تعصف بالبلاد في أنفاق مظلمة أحيانا ً لا يمكن الخروج منها بسهولة ، وفي تصوري أيضا ً بأن هذا البعض ُ ذات ماض ٍ لا يُحسد عليه من السلوكيات والتصرفات وفي فترات متعددة ربما يريدون الآن استغلال الفرصة للتغطية عليها ومحاولة صقل ماضيهم وتلميعه بمثل هكذا أفعال وكأنهم المدافعين الأمناء عن المصلحة العامة . لكن للأسف كُل ما يقومون به لا يخدم مصلحة الوطن الجريح سوى الدفاع عن مصالحهم ومصالح تنظيماتهم وكُتلهم والتي لا تخدم البلد في كُل الأحوال . نأمل من كُل أصحاب الشأن تصحيح المسار الذي يمشون عليه والاحتكام إلى لغة الحوار والحوار للخروج من هذه الأزمة الخطيرة والاهتمام بمصلحة المواطن المغلوب على أمره  ومن أجل المصلحة العليا للوطن وأيضا ً الولاء للوطن فقط لا غيره .

28 / 6 / 2012