الاثنين، 2 فبراير 2009

الأيزيديون وتحالف " الجمعيات والمراكز " في المهجر !

بقلم / حسين حسن نرمو
في التاريخ المعاصر جدا ً لدولة العراق الحديث والذي يقطن فيها غالبية الكورد الأيزيديين ، كانت هنالك حدثان مهمان للغاية تخص الشعوب والمجتمعات والأديان العراقية عامة ً ، منها طبعا ً المجتمع والديانة الأيزيدية بشكل خاص . الحدث أو التغير الأول والمتمثل بالأنتفاضة التاريخية المعروفة على مستوى غالبية محافظات العراق في بداية العقد الأخير من القرن المنصرم ، ذلك الحدث أو التغير الذي وضع الحجر الأساس في بناء العملية السياسية العراقية الحالية المتمثلة ب " العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي " بعد أستقلالية الحكم في أقليم كوردستان لأكثر من عقد من الزمن قبل حدوث التغير الثاني والمهم جدا ً والذي أدى إلى سقوط أعتى الدكتاتوريات في العالم المتمثل بالنظام العراقي البائد ...
الهدف من عرض هذه المقدمة هو معرفة مدى أستفادة الأقلية الأيزيدية من هذين الحدثين المهمين في التاريخ العراقي المعاصر ؟ للأسف نقول بأن الأيزيديين أساؤوا التعامل مع الفترة الزمنية لهذين الحدثين والمستمرة طبعا ً ، كان تعاملهم وبمختلف الشرائح للمجتمع دون المستوى المطلوب ، حيث كانت ولحد الآن كفة الأنتماء إلى هذه الجهة أو تلك من أجل المصالح الذاتية على حساب المصلحة الأيزيدية العليا هي الأرجح والأوفر حظا ً في النهاية ، لا بل إسائتهم أدت إلى تجزءتهم وتشتتهم وتقسيمهم إلى أقطاب للصراع فيما بينهم ضمن أطراف المعادلة السياسية الكوردستانية ، وأحيانا ً داخل التنظيم أو الجهة الواحدة ، لينتشر هذه الظاهرة بين مختلف شرائح المجتمع الأيزيدي . ما يهمنا هو تأثيرها على الشريحة المثقفة بعد مرحلة التنظيم في جمعيات ، مراكز ، بيوتات وتجمعات ثقافية وأجتماعية وحتى سياسية ، على حد علم الكثير منا لم يسلم أي تنظيم ثقافي أو أجتماعي في داخل الوطن والمهجر من صبغة الأنتماء إلى هذه الجهة أو تلك سواءا ً كان الأنتماء حقيقيا ً أو مصطنعا ً من خلال إتهامات " الطابور الخامس " تحت ذرائع أو حجج واهية وكثيرة ، كأن يكون أحد أعضاءها منتميا ً إلى هذا الحزب أو ذاك على سبيل المثال لا حصرا ً ، هذا ناهيك عن محاربة التنظيمات تلك من قبل نفس العناصر بغية إلغاءها أو إضعافها على أقل تقدير ، وقد نجحت فعلا ً البعض الكثير من تلك المحاولات ...
ربما لهذا السبب " ضعف التنظيمات " وأسباب أخرى دفعت الجمعيات والبيوتات إلى إتخاذ قرار توحيد الصفوف على شكل مجاميع ، كل مجموعة تحتوي على البعض من الجمعيات المتقاربة من حيث الأفكار للتعامل مع الواقع أو الخط الذي يؤمنون به ، السباق الماراثوني الأول في مجال التنظيم الأوسع وتأسيس المجالس الأيزيدية العليا " سينترال رات " كان من حصة البيت الأيزيدي في مدينة أولدنبورغ ومركز لالش فرع ألمانيا الحديث التأسيس وعدد من الجمعيات الأخرى الذين أقدموا على هذا العمل الجماعي والمفيد من وجهة نظر الكثير وحصلوا على إجازة رسمية من السلطات الألمانية بذلك حسبما قيل على لسان المشرفين على هذا التنظيم ، تلت المجموعة أعلاه وبعد لقاءات كثيرة لشخصيات أيزيدية أجمعوا على المؤتمر الموسع الذي عُقد في الأسبوع الأخير من العام المنصرم تحديدا ً 24 ـ 25 / 12 / 2008 حول أنتخاب مجلس أيزيدي آخر " سينترال رات " .
لا أ ُريد الحديث عن التفاصيل التي تخص المؤتمر بقدر ما أنوي الأشارة إلى بداية الأتفاق على هذا الجهد الذي تمخض عنه مؤتمر المجموعة الثانية ، ربما يعلم الكثير من المشاركين في المؤتمر بأن الفكرة جاءت بعد الحوار الصريح والموضوعي جدا ً للأخ الباحث القدير هوشنك بروكا ( قضية للحوار / كوردستان الحاضرة الغائبة أيزيديا ً ) والذي كان أي الحوار له صدى ً واسعا ً في تلك الفترة ، المقترح الذي طُرح في البداية من قبل السيد حسين بير مرعان وعلى شكل أعلان قصير في المواقع الألكترونية المهتمة بالشأن الأيزيدي حول كيفية أيجاد السبل بقدر الأمكان لتحويل ما طُرح في " الحوار الهوشنكي " إلى واقع عملي . بعد الأعلان بفترة قصيرة ثم المحاولات والأتصالات الجادة من قبل صاحب الفكرة مع الكثير من الأخوة المشاركين في الحوار وآخرين أيضا ً ، عُقد أول أجتماع في دار أحد الأخوة المعنيين وبمشاركة المُحاور " الباحث " ، أتجهت الآراء في ذلك الأجتماع وحتى في الأجتماع الموسع الذي عُقد في مدينة هانوفر إلى مؤتمر أيزيدي عالمي ثان ٍ ، النص أدناه المرقم من ثانيا ً إلى رابعا ً مقتبسٌ من " برنامج عمل جلسة هانوفر لنخبة من الأيزيديين في 11 / 05 / 2008 ( ثانيا ً : دعوة لعقد أجتماع موسع للنخب المهتمة بالشأن الأيزيدي لتضم 100 إلى 150 شخصية أيزيدية في المانيا والدول المجاورة مع تحديد الزمان والمكان المناسبين لذلك ، لغرض توجيه مذكرة طلب رسمية إلى حكومة أقليم كوردستان للقيام بمساعدتنا في عقد مؤتمر أيزيدي عالمي آخر في اربيل العاصمة ، وذلك أنطلاقا ً من " كوردستان موطن الأيزيديين الأصلي " من أجل أيصال الصوت الأيزيدي إلى القيادة الكوردستانية مباشرة ً . ثالثا ً : أنتخاب لجنة بمثابة هيئة عاملة للمتابعة والتنسيق في الداخل والخارج في ما يخص الشأن الأيزيدي مع مخاطبة الوزيرين الأيزيديين في حكومة الأقليم للدعم والمساندة للأهداف المرجوة مع أستغلال فرصة زيارة الأمير تحسين بك إلى ألمانيا لمفاتحة سموه بالأمر . رابعا ً : العمل من أجل أنتخاب " برلمان مصغر " في المؤتمر القادم لمعالجة كافة المشاكل التي تخص الأيزيدية وفق متطلبات العصر . ) ...
إذن ! هذه كانت البداية ونعتقد بأنها واضحة لدى القارئ العزيز ولا تحتاج إلى أكثر من توضيح ، حيث تم في تلك الجلسة أختيار لجنة تحضيرية للمتابعة من أجل الأعداد الجيد لتحقيق الهدف أو الأهداف الأسمى التي تم التخطيط لها ، لكن سرعان ما أنسحب أو تبخر البعض من الأعضاء من تلك اللجنة ، ربما راودهم أحساس أو رأؤوا بأن الآراء والأحداث بعد ذلك تأخذ أو ستأخذ منحى ً آخر غير الذي بُني الأساس عليه ، هنا برزت فكرة التكتل الجديد لدى هؤلاء الذين أبوا التعامل مع المجموعة الثانية ، ليتم العمل وفق خصوصية الأنتماء إلى البلد الواحد " الأيزيديين العراقيين " ومحاولة التجمع أو التكتل " المجموعة الثالثة " من الجمعيات والدور الثقافية والأجتماعية لأختيار مجلس أيزيدي آخر ، هؤلاء يرون بأنهم وفي كثير من الأوقات تحدوا المصاعب من القيام بنشاطات وفعاليات في المهجر وعلى مدى الظروف التي مر بها الأيزيدية من التعرض لأحداث مأساوية بدءا ً من أحداث الشيخان في شباط / 2007 مرورا ً بالذي حدث في قصبتي بعشيقة وبحزاني في نيسان نفس العام ، ثم الهجوم الأرهابي المنظم الذي تعرض لها شنكال المنكوبة في أب / 2007 أيضا ً .
لذا ، بعد أن يتم أتخاذ الأجراءات الرسمية لدى المحاكم في ألمانيا ، سنكون أمام ثلاث " مجاميع أو تكتلات أو أتحادات أو مجالس أيزيدية عليا أو سينترال راتات " بعد أن كانوا منظّمين تحت لواء هذا المركز والبيت أو ذاك ، أو هذه الجمعية وتلك ... الذي يسأل القائمين على هذه المجاميع أو حتى من خلال قراءة أجنداتهم ، يرى بأن جُلهم يؤكدون على الشعور بالمسؤولية العليا تجاه بني جلدتهم ، بحيث يسعون ويكافحون ويدافعون عن حقوق الأيزيدية أينما كانوا وفي ظروف شتى حسبما يقولون أو يتشدقون بها ، قد يرواد للكثير بأن طالما الهدف واحد وهو خدمة الأيزيدية حسبما ينادون ويؤكدون عليه الكل في جميع المحافل الرسمية وغيرها ... إذن ! لِم هذا التشتت ولِم لا يتم توحيد الصفوف من أجل المبادئ التي ينادون بها ؟ ألا يكفي أنقسامهم على أنفسهم ؟
نرى بأن العملية ليست سهلة رغم التحالفات على شكل المجاميع التي ذكرناها أنفا ً ، ربما لتدخل الأيادي الخفية الذين يحاولون بشتى الطرق الديماغوكية للعمل والعزف على وتر بث الفرقة بين هذه التنظيمات الثقافية والأجتماعية وحتى السياسية من أجل المصالح الشخصية البحتة ليست إلا ، هذا ما يأسف عليه الكثير . ولكن ! يقال أيضا ً بأن لا يوجد شيئا ً أسمه المستحيل ، إذا أرادوا الشخصيات القائمة على هذه التحالفات أو حتى الخارجة منها والذين أبدوا بآرائهم وقدموا أقتراحاتهم ومشاريعهم النموذجية سواءا ً في الحوار مع الباحث بروكا أو حتى في مجالات أخرى ، هؤلاء ! وعذرا ً لوصف البعض الكثير منهم بأنهم مصابين ب ( عُقدة الكمال ) لكثرة إعجابهم بأنفسهم ، حيث يوصفون أو ربما يوصفون انفسهم" بالشخصية الأكثر من الكاريزمية " ، لذا نأمل ( مجرد أمل ) من هؤلاء الأقتداء " كل حسب موقعه " بالذين ضَحوا والتنازل عن الكبرياء من أجل الأهداف والآمال التي طالما تحدثوا ويتحدثون بها في كل زمان ومكان .

h.nermo@gmail.com
02 / شباط / 2009