الخميس، 28 يونيو 2012

التسامح الديني والتعايش السلمي بين الأمس واليوم !!!


التسامح الديني والتعايش السلمي بين الأمس واليوم !!!
بغداد / حسين حسن نرمو
غالبية الظواهر تخضع لمنحنى تصاعدي أو تنازلي إلى أن تصل أوجّها أو إلى الحضيض ، ثم تبدأ تتأرجح أو تتذبذب بين المسار الصحيح أو السليم وغيره ، أو بين ما هو إيجابي وعكس ذلك أيضا ً ... ربما تخضع ظاهرة التسامح الديني والتعايش السلمي لهذه القاعدة وعلى مستوى الدول ذات التنوع القومي والديني المذهبي مثلما هو في العراق ذات النسيج ألفسيفسائي ، باعتباره بلد ٌ متعدد القوميات والأديان والمذاهب والطوائف حسب ما هو مثبّت في دستوره الدائم بعد الألفية الثالثة وبعد توجه البلد نحو الديمقراطية على أنقاض أعتى الدكتاتوريات بشهادة غالبية الدول والشعوب . خضعت في العراق أيضا ً وتحديدا ً في كردستان ظاهرة الوعي القومي الكردي للقاعدة نفسها والتي بدأ منحناها أيضا ً بالهبوط بعد أن كان في القمة خلال عقود من نضال الشعب الكردي ضد الدكتاتوريات المتعاقبة لنيل الحقوق وتحقيق الأهداف وفق المبادئ الصحيحة ، حول موضوع الوعي القومي الكردي بين الأمس واليوم كان لنا مقال مفصّل فيما مضى ، أردنا التذكير فقط ، كون الأسباب التي أثرت على تحريف مسار هذه الظاهرة وظاهرة التسامح الديني والتعايش السلمي في العراق واحدة وهي بعض أطراف الإسلام السياسي المتطرّف لا غيرها والتي تحرّض على العنف والتميز وعدم قبول الآخر كإنسان ، لا بل وصف الآخر بغير المؤمن من وجهة نظر تلك الأطراف المعادية للإنسانية بشكل عام وعدم الاعتراف بِغير الذي في عقولهم والمنافي للقيم والأعراف الموجودة على أساس الاحترام المتبادل  وضرورة التسامح والتعايش المشترك لكافة مكونات الشعب من قوميات وأديان ومذاهب مختلفة ، متناسين هؤلاء بأنهم يعيشون في عصر ٍ يختلف عن عصر ٍ مضى عليه عشرات القرون .

القارئ والمتتبع للمصادر التي كتبت عن تاريخ العراق الحديث سواءا ً قبل تأسيس الدولة العراقية أو بعدها ، نرى بأن كان هنالك تأكيد دائم على مبدأ التسامح بين الأديان والتعايش الأخوي بين أبناء الشعب العراقي ، لا بل حتى كانت هنالك بصمات تاريخية في هذا المجال من خلال مشاركة أبناء المكونات الدينية ( الأقليات ) في الحكومات التي تشكلت مثل حكومة الشيخ محمود الحفيد والحكومات الأخرى التي تلت بعد عام 1921 . يجب أن لا ننسى دور كافة مكونات الشعب في المحن التي واجهت العراق منها على سبيل المثال لا الحصر ، مشاركة الشيخ محمود الحفيد مع الكثير من أبناء الشعب الكردي تضامنا ً مع إخوانهم العرب في ثورة العشرين وكذلك مقاومة الشخصية الأيزيدية المعروفة داود الداود الاحتلال البريطاني في النصف الأول من القرن المنصرم وتحديدا ً في شنكال .

نعتقد ووفق المبادئ العامة للديمقراطية وحقوق الإنسان في الدستور العراقي الدائم الجديد ضمن المواد الخاصة بالحقوق والحريات ، لذا من المفترض لا بل من المؤكد وعلى أبناء الشعب العراقي الواحد المشاركة الجدية في رفع مستوى منحني التسامح الديني والتعايش السلمي وقبول الآخر و ... و ... وخاصة بعد سقوط الدكتاتورية ووجود أرضية مهيأة ومناسبة لعمل ما يُمكن عمله وفق مبادئ الإنسانية ، لكن للأسف والظاهر بأن الذين هددّوا باستعمال العنف ، استهدفوا المجموعات الدينية والأثنية الصغيرة ، ناهيك عن استهداف مختلف الشرائح في المجتمع العراقي أيضا ً ، مما ساعد كُل هذا على إضعاف أواصر العلاقة والمحبّة بين المكونات حتى من أتباع الديانة الواحدة من الشيعة والسنّة .

لذا نأمل من كُل الذين تورطوا في تحريض كُل ما هو مناف ٍ للأديان وللإنسانية جمعاء أن يتعلموا من تجارب العالم في التسامح والتعايش وأن يحذوا حذو القادة العراقيين الوطنيين بعد تأسيس الدولة العراقية ( مثلما فَعَلَ الشخصية العراقية الشيعية البغدادية المعروفة جعفر أبو التمن ، حينما أستقبل مع وفد تحت قيادته ، يضم شبابا ً من السنّة والشيعة موكبا ً مسيحيا ً كان في طريقه إلى إحدى الكنائس في بغداد للاحتفال بعيد الجسد ، لينثروا الورود ويرّشوا الماء المعطر على موكب إخوانهم المسيحيين وليهتفوا ب ... عاش مجد سيدنا المسيح ، عاش إخواننا المسيحيين ، عاشت الوحدة العراقية ... عاشت الوحدة الوطنية ) . ويجب أن لا ننسى موقف الراحل الباشا نوري السعيد ، حينما دار الحديث بينه وبين الرئيس اللبناني حينذاك كميل شمعون ، بعد أن مازح الأخير مع الباشا ليقدم مقترحا ً عن تبادل البشر بين لبنان والعراق ( قسما ً من الفلسطينيين وقسما ً من الشيعة في لبنان مقابل المسيحيين العراقيين ) هذا ما حصل خلال لقاءهما في القصر الأبيض في بغداد ، مما أثار حفيظة الباشا نوري الشخصية السنّية العراقية المعروفة على مدى عقود بعد تأسيس الدولة العراقية ليقول للرئيس اللبناني ( حسبتك عاقلا ً ، كيف تريدني أن أعطي لك الورود الفياحة وهي تُجَمّل العراق و ... و ... )  نعتقد في مثل هكذا مواقف متكررة في التعامل مع بعضنا البعض ، بأننا سنقود سفينة العراق إلى برّ الأمان ...

 / 6 / 2012 22


الأحد، 24 يونيو 2012

العراق والأيادي الأمينة !!!


بغداد / حسين حسن نرمو

لا توجد ديمقراطية مُطلقة في أية دولة من دول العالم مهما بلغت من مستوى الرقي والتقدم ، لذا لا توجد دولة في العالم تخلو من ظاهرة الفساد المالي أو حتى الإداري ، لكن بدرجات متفاوتة وفق نسب مئوية تقل جدا ً جدا ً في البلدان الأكثر ديمقراطية ، ليزداد منحني الفساد كلما أصبح الحُكم مستبدا ً أكثر ليصل القمة أحيانا ً وخاصة الدول التي تحصل فيها حروب ٌ مدمّرة ، والعراق في هذا المجال لا يُحسد عليه ، حيث ما إن انتهى حرب ٌ أو انتهت معركة حتى دخلت في أخرى ، أطولها قادسية القائد الضرورة ، أشرسها أم المعارك بعد احتلال الكويت وإضافة المحافظة التاسعة عشرة ( 18 + 1 يساوي 15 ) ، في حين وفق هذه المعادلة الحسابية خسر النظام البائد حينذاك إدارة ثلاث محافظات والمتمثل حاليا ً بإقليم كردستان بعد الحماية الدولية عام 1991 عدا المناطق المستقطعة ، ومع نهاية الحكم الدكتاتوري واحتلال بغداد بأسرع وأسهل المعارك بين القوات المتحالفة والتي كانت غير متكافئة من حيث التجهيز العسكري طبعا ً والتقدم التكنولوجي الحاصل في الدول العالمية مع جيش صدام المليوني والذي كان يفتقر إلى السلاح المتطور .

لذا نرى بأن منحني الفساد المالي والإداري والمستشري حاليا ً في العراق أرتفع جدا ً ليوصل إلى المديات العليا ، حيث تعد العراق من الدول الأكثر فسادا ً ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب بل على مستوى العالم أجمع ، هذا الارتفاع المفرط في الفساد والمفروض أن يُسجل مستويات أدنى من النظام السابق على الأقل بعد التغيير نحو الديمقراطية ، لكن في تصوري بأن السبب الرئيس في هذا هو بروز ظاهرة أخرى خطرة في الميدان السياسي العراقي وهي ( المحاصصة ) والتي شجعت على الفساد أكثر بشقيه المالي والإداري بعد توزيع المناصب بين الكُتل السياسية الكبيرة منذ بداية العهد الجديد بعد سقوط بغداد وحُكم بريمر ثم مجلس الحُكم الانتقالي انتهاءا ً بالانتخابات البرلمانية لدورتين متتاليتين ، حيث لا يتم تشكيل الحكومات إلا بعد إتمام توزيع المناصب المهمة وغير المهمة حسب المحاصصة المقيتة وفق آلية النقاط بدءا ً من الرئاسات الثلاث مرورا ً بالوزارات السيادية والخدمية وانتهاءا ً بأدنى المستويات حتى على مستوى السلك الدبلوماسي ، وبالتأكيد غير ملتزمين بالشروط والمواصفات التي تعطي الأولوية إلى الشخص المناسب في المكان المناسب ، حيث على سبيل المثال لا الحصر هنالك أكثر من ثلاثة آلاف درجة خاصة لا ينطبق عليهم الشروط ، حيث من غير المعقول في الدول ذات النظام المؤسساتي والذي نفتقر إليه في العراق بامتياز حاليا ً، أن يتم تعين مدراء عامين أو وكلاء وزراء غير مهنيين وبدون أن يعرفوا ماهية وظيفتهم وآلية عملهم في الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة وهذا ما نأسف عليه جدا ً ... فبالتأكيد هؤلاء سيقعون في شباك الفساد ويساعدون على تنشيطه وديمومته حتى إن لم يقصدوه وربما بمساعدة الآخرين المخضرمين في هذا المجال .  

إذن ! العراق ووفق كُل الإحصاءات غارق ٌ في كابوس مظلم ، حيث الفساد ينخر في جسده من قِبَل أبناءه سياسيي ومعارضي الأمس والحاكمين أو السلطويين اليوم ، لذا يأمل كُل عراقي ووطني في نفس الوقت أن يأتي اليوم الذي ينتهي مثل هذه الحالات التي تسئ بالسمعة الوطنية العراقية وكذلك هيبة الدولة ، لتقل الفساد إلى مستويات أدنى أو حتى القضاء عليها بشكل يرضي كُل الأطراف ، نأمل أيضا ً من الساسة والإداريين وكافة المسؤولين في كافة مرافق الدولة الاحتكام لضمائرهم والكُل يعمل من موقعه ليكون مثالا ً يقتدي به مثلما فعل آمر السرية في الكلية العسكرية العراقية نهاية العشرينات من القرن المنصرم حينما كان آمرا ً للأمير غازي والذي كان طالبا ً في الكلية أبان العهد الملكي حينما توسط آمر حظيرة الأمير غازي في الكلية العسكرية لدى جلالة الملك فيصل الأول للتوصية عليه لدى إدارة الكلية ، مما أرسل جلالة الملك حينذاك مرافقه إلى المسؤولين في الكلية ، وهذا ما أثار حفيظة آمر السرّية ليصدر قرارا ً بطرد آمر الحظيرة من الكلية بعد توسطه لدى الملك وعن طريق الأمير غازي ، لكن سرعان ما تم تخفيف القرار إلى اعتباره راسبا ً في صفه ِ حتى يكون عبرة لغيره بعد تدَخل آمر الكلية ... ليتوجه آمر السرية الرائد سعيد سلمان إلى الأمير غازي وطلب منه أن يخرج من الصف ويقف أمام السرية قائلا ً له ( يا غازي قُل لصاحب الجلالة إن الكلية في أيد ٍ أمينة ، فلا داعي لأن يتدخل في أمورها ، فلدى جلالته مهمات أخرى أهم من أمور الكلية ... هذا النص مقتبس من كتاب " مذكرات فؤاد عارف مرافق الملك غازي والوزير في العهد الجمهوري ص 56 ) ، لذا كلمتنا الأخيرة أن يأتي اليوم الذي يستفيقوا قادة العراق من كوابيسهم ويسمعوا إلى مواطنيهم الذين يستغيثون بالنداءات والصلوات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه واحتضان الوطن ليبقي في أيادي أمينة والحفاظ عليه من المفسدين والمسيئين الذين لا يشبعون ، كي يقودوا سفينة الوطن الجريح إلى بر الأمان وهذا أمل الغالبية من العراقيين الوطنيين لتحقيق أحلامهم المشروعة جدا ً .
24 / 6 / 2012


الخميس، 21 يونيو 2012


دولة رئيس الوزراء وقرعة الشقق السكنية !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

بداية ً ، أود التعليق على ظاهرة أخرى قد تكون غريبة أيضا ً في الدول ذات النظام المؤسساتي وهي منتشرة حاليا ً في العراق وربما في إقليم كوردستان أيضا ً ، حيث تقوم بعض الوزارات غير المعنية بالأعمار والإسكان ببناء المدارس مثلا ً وإحالة الكثير من المشاريع إلى المقاولين المحسوبين عليهم للتنفيذ وذلك بعد افتتاح شُعَب هندسية في الوزارات ، في حين وزارة الأعمار والإسكان بشركاتها العديدة والمختصة في مجال تنفيذ المشاريع بشتى الأنواع تنظر وتنتظر تنفيذ مثل هذه المشاريع والتي هي من صُلب اختصاصها .

 مشاريع الوحدات السكنية  الخاصة بوزارة الهجرة والمُهَجرّين تخضع أيضا ً للظاهرة التي اشرنا إليها في المقدمة والتي كان من المقرر توزيعها على الموطنين المشمولين بالهجرة أو التهجير القسري في الوقت المناسب في مدينتي الصدر والشعلة وفي العاصمة بغداد والتي تنفذها الوزارة وهي في الحقيقة من اختصاص الشركات الهندسية المتخصصة في البناء العمودي ، طالما نحن في سيرة هذه الشقق السكنية والتي أشرف على توزيعها دولة رئيس الوزراء نوري المالكي كقرعة أولى والتابعة إلى وزارة الهجرة والمهجّرين والتي هي بالأساس ولحد الآن لا توجد على أرض الواقع كوحدات سكنية كاملة ، إنما هنالك هياكل عمارات فعلا ً والمقرر بناءها وعلى ما أعتقد هي ( 63 ) عمارة وبواقع أكثر من ألف وحدة سكنية ، قد تكون البعض من هذه العمارات لَم تُبنى كهيكل أيضا ً لِحَد الآن .

لذا نعتقد بأنه ومِن المعمول به ، حينما تُوَزع أو تُخَصص الوحدات السكنية تتم عبر آليتين ، أما عن طريق التسجيل المباشر حتى قبل البدء ببنائها عبر لجان أو حتى شركات خاصة بذلك من خلال إدارتها أو مديرها التنفيذي ، أو بعد إكمال بناءها وتسليمها من الجهات المُنَفّذة للمشروع ، تتم توزيعها أيضا ً عبر لجان متخصصة أو حتى عبر القرعة مثلما حضرها دولة رئيس الوزراء وبحضور مسئولين معنيين ، لكن ! يتم تسليم مفاتيح الوحدات السكنية بعد إجراء القرعة مباشرة ً ومثلما حصل وتحصل بشكل مستمر في إقليم كوردستان بعد بناء الوحدات السكنية وإعطاء مفاتيحها لذوي الشهداء والمؤنفلين والذين ضحوا بدمائهم وهم يستحقون كُل التقدير .

أما ما حصل في العراق وفي هذا الوقت والتوقيت تحديدا ً والعملية السياسية تَمُر بأزمة كبيرة بعد بروز أكثر من تيار ضد أداء الحُكومة والمحاولات الجدية بسحب الثقة منها ، فهذا لها أكثر من مؤشر ربما يكون ايجابيا ً من وجهة نظر رأس السُلطة التنفيذية ، لا سيما وأشار من خلال كلمته أثناء حضوره سحب القرعة ، متحدثا ً ومُدافعا ًعن ديمقراطيته وفي نفس الوقت أكد على عدم قبوله تجاوز الخُطوط الحمراء حسب رأيه في الديمقراطية ، ليقول للمعارضين أو بالأحرى المُطالبين بسحب الثقة عن أداء الحكومة بأنها أي الحكومة تعمل من أجل مواطنيها ليُقدم الدليل بتوزيع الكثير من الشُقق السكنية غير المأهولة لحد الآن على الناس المحتاجين في مدينتي الصدر والشُعلة ... هذا أولا ً ... أما ثانيا ً وحسب اعتقادي بأن التوقيت في التوزيع له دلالة أخرى وذات أهداف سياسية بهدف الدعاية الانتخابية لمجالس المحافظات المزمع إجراءها نهاية العام الحالي لِكَسب المزيد من الأصوات في هاتين المنطقتين بالذات ( الصدر والشعلة ) على حساب بقية الأطراف السياسية والمتنافسة في مثل هذه المناطق المهمة والحساسة في بغداد العاصمة تحديدا ً ...

20 / 6 / 2012