الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

الأزمة بين المركز والإقليم والوزارة الأيزيدية !!!


الأزمة بين المركز والإقليم والوزارة الأيزيدية !!!

 

حسين حسن نرمو

لا شك بأن الأزمة الحالية بين المركز والإقليم في العراق ليست وليدة اليوم أو حتى الأمس القريب ، وإنما نتيجة خلافات حدثت ، وتحدث باستمرار، لعدم التزام حكومة المركز بالاتفاقات والمواثيق المشتركة وفق ما دُوِن في الدستور العراقي الدائم عدا ما تم الاتفاق عليه وفق مبدأ التوافق والتي على أساسه تم تشكيل هيكلة هيئات الرئاسات الثلاث ( الجمهورية والوزراء والبرلمان ) وتوافقات أخرى ، لكن للأسف وصلت الأزمة أوجها ، حيث فيما لو حدثت مواجهة عسكرية لا سامح الله بين الطرفين ، لتحولت إلى كارثة والدخول في متاهات حرب أهلية طويلة الأمد ... بالتأكيد هذه الأزمة ، وباعتبارها حديث الساعة لحد الآن ، كانت محل اهتمام كافة أبناء الشعب العراقي والكوردستاني بكل مكوناتهما ، جرت كل المحاولات والاهتمامات الدولية والإقليمية والمحلية بامتياز ، حول أمكانية عدم إشعال فتيل الأزمة ، كون التصعيد نحو الأسوء ، ليس في صالح طرف على حساب الطرف الآخر بِحُكم داخليتها وتأثيرها على المجتمع العراقي بأسره ...

ربما يستغرب القارئ الكريم ، ومن عنوان المقال ، والربط بين الأزمة ، والوزارة الأيزيدية المرتقبة ، والتي أصبحت حديث الساعة أيضا ً على الأقل بالنسبة للأيزيديين متزامنا ً مع الأزمة الحالية بين الجيش العراقي والبيشمركه في المناطق المتنازعة عليها ، كما نعلم وبعد تشكيل حكومة إقليم كوردستان / الكابينة السابعة بقيادة السيد نيجيرفان بارزاني وخلوها من وزير أيزيدي بعد وجود حقيبة وزارية فعلية ترأسها مهندس كفوء ومهني في الكابينة السادسة بقيادة الدكتور برهم صالح ، بالتأكيد ومن الطبيعي جدا ً ، أن نطالب بحقوقنا نحن كمكون أيزيدي سواءا ً كانت على مستوى المركز والإقليم أيضا ً حينما نشعر بالتهميش أو الإهمال من قبل الفوق العراقي وحتى الكوردستاني ، لذا كَثُرَ الحديث عن عدم وجود حقيبة وزارية في الكابينة السابعة ، بعد الإعلان عنها قبل عام تقريبا ً من الآن ومن قبل أبناء الأيزيدية ، وعبروا عن استياءهم وبشتى الطرق ، منها عشرات المقالات هنا وهناك وعلى صفحات الفيسبووك ، وأحيانا ً بأسلوب التعليق والسخرية طالت أشهر عديدة ولحد الآن ، وكانت هنالك محاولة من قبل سمو الأمير أثناء لقاءه مع السيد رئيس حكومة الإقليم في 30 / نيسان / 2012 ، مما أعطى السيد نيجيرفان بارزاني وعدا ً بإضافة وزارة أيزيدية إلى حكومته ، لكن الرَجل أصطدم بحاجز استحداث مثل هذه الوزرة بتشريع من البرلمان الكوردستاني ، وهذا ما كان وراء تأخير تنفيذ وَعدِهِ ، والذي حُسِم بقرار برلماني مؤخرا ً ليتزامن هذا التشريع أو التصويت على منح الأيزيديين وزارة تهتم بشؤونهم في الإقليم مع التصعيد والتوتر الشديد الذي حصل بين عراق المركز وإقليم كوردستان العراق ، لذا بالتأكيد وكما هو واضح ٌ من الصحافة والأعلام بأن كُل القادة العراقيين والكوردستانيين مشغولين بإيجاد حلول مناسبة تَحول دون وقوع الكارثة في المناطق المتنازعة عليها ، حيث أكثرية مناطق سكنى الأيزيديين لا تزال تحت رحمة الصراع على المادة 140 ... الشئ الآخر الذي نفتقر إليه بامتياز نحن كأيزيديين وهو كيفية اختيار الشخصيات للمواقع الممنوحة لنا ، هنا أقول آلية خاصة من قبل القيادات الأيزيدية ، نرى بأن في مثل هذه الحالات ، تبرز إلى الميدان السياسي الكثير من الذين ينوون ترشيح أنفسهم ( وهذا بالتأكيد حقهم الشرعي بسبب غياب الآلية ) وبشتى الطرق وعن طريق علاقاتهم الشخصية مع القيادات الكوردستانية ، لا سيما الذين يعيشون في المهجر ، بعد إتاحة الفرصة لهم أكثر من الذين في الداخل الكوردستاني ، بِحُكم الزيارات المكوكية للسادة المسؤولين إلى الخارج ولقاءاتهم مع المغتربين ، حيث أبدع البعض من أبناء جاليتنا بتقوية علاقاتهم مع مسؤوليهم ربما القصد منها هو دعمهم في مثل هذه الحالات أو حتى الحصول على مكتسبات مادية أخرى ...

نعتقد بأن القيادة الكوردستانية ، تقع في حيرة من أمرها أمام هذه الكم من المرشحين الذين يتوسطون بشتى الطرق للفوز بالمقعد الوزاري ، ربما لأن البعض الكثير منهم مستحقين بالجلوس على كرسي الوزارة واختيار أحدهم قد يكون له تأثير على الآخرين ومعنوياتهم في العمل التنظيمي ، لذا أعتقد بأن القيادة ستختار مرشحا ً يكون محل رضي وعدم زعل الآخرين مثلما تم اختيار وزراء وأعضاء برلمان سابقين وحاليين مثل الوزير السابق جميل سليمان والنائب الحالي حازم تحسين بك ... على كل حال ، لا بد من كلمة أخيرة ، وعن قناعة أقول ، بأن أمر الوزارة لا محال ، وسيتم فعلا ً اختيار أحد الشخصيات قد يكون خارج كوكبة المرشحين الحالية ، لتُصبح مفاجئة مقبولة من كل الأطراف مثلما حصل سابقا ً ، والشئ الآخر الذي أود القول ، هو أن الموقف الحالي والأزمة التي يمر بها الإقليم والصراع من أجل البقاء لا تتحمل أو غير لائق أصلا ً بالمزيد من الضغط الإعلامي والميداني من الشخصيات المعنية في تعجيل تعين الوزير الأيزيدي والذي في تصوري سيضعف موقف الأيزيديين بشكل عام لدى الفوق الكوردستاني ، وربما يفسر البعض من الأخوة مثل هذا الطرح بالوطنية على حساب الآخرين أو غير ذلك ، أود أن أقول ، بأنني كُنت ، ولا زلت ، وسأكون من المناصرين ، ومع ، أو ربما الأوائل الذين ينادون بتسخير كُل ما يمكن تسخيره كُل من موقعه وفيما يخص الصلاحيات والإمكانيات الحزبية الكوردستانية في خدمة بني جلدتنا ... 

ألمانيا في

12 / 12 / 2012

السبت، 13 أكتوبر 2012

ظاهرة الحرائق في الدوائر الحكومية العراقية !!!


ظاهرة الحرائق في الدوائر الحكومية العراقية !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

حَدَثَني صديق ،عن بقايا ملفات في إحدى مديريات الأمن السابقة بعد سقوط النظام عام 2003 نتيجة القصف الأمريكي ، أو حتى إشعال النار في أقسام عديدة من المديريات المذكورة ربما يكون متعمدا ً من قبل أزلام النظام البعيدين عن الأنظار العامة ، الذين تعاملوا بشكل أو بآخر بصفة معتمدين أو جواسيس ربما على أقرب المقرّبين ، نعم أشعلوا النيران لإخفاء آثار الجرائم التي ارتكبوها وهي محفوظة في تلك الملفات كورقة ضغط أو أوراق ضغط تستخدمه الأجهزة الأمنية في دولة المنظمّة السرية ضد عملاءها وأحيانا ً تتم تصفيتهم جسديا ً بشكل أو بآخر لدفن أسرار جاسوسيتهم معهم في القبر . حيث نستغرب مع صديقنا العزيز وبعد سنوات عدة من الإطلاع على أسماء أو أصحاب تلك الملفات قد وصلوا إلى مستويات ربما تكون عالية في دفة الحُكم في العراق عامة ً وخاصة بعد رحيل الدكتاتورية بقوة الاحتلال وعزيمة العراقيين الوطنيين ، نعم تقلدوا الكثير منهم مناصب مهمّة وربما في مواقع حساسة كالأجهزة الأمنية على سبيل المثال لا الحصر ... وهذا ما يُذكرني بحديث لصديق ٍ آخر ، أعترف ويعترف لحد الآن بأنه تعامل مع إحدى الأجهزة الأمنية للنظام البائد ، لكن قال بأن في يوم ٍ ما من الأيام استلمنا برقية من الجهات العليا لدائرتنا الفرعية في المحافظة ، توصي بشخص معين يعرفه صديقي بِحُكم العلاقة التي تربطهم مع بعضهم البعض ، لذا والقول لصدقي العزيز ، بأنه كان يخاف منه ويحسب له ألف حساب لذلك الشخص الذي أوصى به قيادات جهازه الأمني . لكن ! بعد سقوط بغداد وانهيار كافة أركان الدولة وأجهزتها الأمنية مع حَل الجيش وبعد فترة وجيزة ، أصبح ذلك الشخص في موقع مهم من مواقع المسئولية في نفس المنطقة لأحدى الكيانات السياسية المناوئة للنظام البائد ، صديقي هذا قال بأنه لا زال يخاف منه ويحسب له ألف حساب بعد استلامه المسئولية الجديدة في العراق الجديد . على كل حال حتى لا نبتعد من الموضوع أكثر ، فأمثال هؤلاء ربما كان لهم ولا يزال خبرة معّتقة في الفساد المالي ، وإخواننا الجدد في الحُكم وبعد وصولهم إلى الجهات التنفيذية العليا , أتقنوا لعبة الفساد المالي والإداري بسرعة البرق لم يسبق لها مثيل ربما على مستوى العالم ، لتنتشر بشكل عام ، حتى لا تكاد ترى دائرة سالمة من هذا المرض الخبيث ، حيث بإصابته ، جعلت اقتصاد البلد وقوت الشعب بيد هؤلاء الفاسدين الذين يعبثون بِكُل شئ ، في حين الدوائر المعنية والخاصة بمكافحة مثل هذه الظواهر وحتى الجهات الرقابية الأخرى ، كانت ولا تزال تسجل الخروقات وتجمع المعلومات عن هؤلاء لتصبح لهم ملفات طويلة وعريضة محفوظة حتى لمسئولين كبار ، قسم منهم فرّوا من البلد وآخرين موجودين لِحَدّ الآن في دفة الحُكم وخارجها بدون ملاحقة قانونية إلا ما ندر ، لذا هؤلاء وأقصد الذين يعملون في مثل هذه الدوائر النزاهة ومكافحة الإرهاب و ... و .... هُم من المغضوبين عليهم وأصبحوا من المستهدفين من قبل أصحاب الملفات والذين شكّلوا وربما لحد الآن شبه مافيات عملوا ولا يزال على استغلال الفرص في الجهات ذات العلاقة المتابعة لقضايا الفساد والأماكن التي تحتوي على ملفاتهم بمحاولة إشعال الحرائق لتلف الموجودات فيها وربما حرق الحابل بالنابل ، كذلك محاولة استهداف الأشخاص المعنيين والمشرفين بمتابعة الملفات ، أو الذين يحاولون إثارة أو الإعلان عن قضايا الفساد التي تتعلق بِكُبار القوم الفاسدين .

إذا ً !! الغالبية من الحرائق التي تحصل في الكثير من الدوائر الحكومية أو في الأماكن الحساسة جدا ً هي بفعل فاعل لا كما تتحدث الذين يبررون هذا الحرق أو ذاك بشورت كهربائي أو ربما انفجار قنينة غاز في البناية أو ... أو ...  . وهذه الظاهرة خطيرة جدا ً وتأتي على حساب القيم والمبادئ والسلوك أو التصرف السليم والتي من المفروض أن نبدأ ببناء البلد وفق الأطر والسياقات الوطنية والولاء أو الانتماء للوطن مثلما عملت الكثير من الشعوب التي خرجت من الحروب وقامت ببناء بلدانهم بروح المواطنة والكفاءة والرجل المناسب في المكان المناسب ، لا المحاصصة  ومحاولة الاستحواذ على الكثير الزائد عن الاستحقاق مثلما حصل ويحصل باستمرار في الدول الشرق أوسطية والعراق نموذجا ً .

بغداد في 12 / 10 / 2012


 

الجمعة، 31 أغسطس 2012

وزيرٌ شُجاع وقرار جرئ !!!



بغداد / حسين حسن نرمو

ليس من طبعي أن أمدح َ شخصية معينة ، مهما تكون مكانته ِ بقدر ما يكون المدح على أساس المهنية والمصلحة العليا للبلد ، لأنني معروف بالنقد وأي مقال لي لا يحتوي على نقد بناء طبعا ً بعيدا ً عن التشهير لا أرى فيه طعما ً للقراءة لا لي ولا حتى للقراء الأعزاء . الشخصية المعنية في عنوان المقال هو الوزير وصاحب القرار الجرئ هو السيد محمد توفيق علاوي وزير الاتصالات العراقي والذي قدم استقالته قبل فترة إلى دولة رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي . هذا الوزير التقينا معه بحكم العمل مرات عدّة ، وهو الذي تبوأ هذا المنصب وفق مبدأ المحاصصة في الحكومات العراقية المتعاقبة بعد سقوط بغداد والاحتلال الأمريكي ، نعم ترأس وزارة مهمة جدا ً والتي تُصنّف دائما ً في الدول النفطية بوزارة النفط الثانية ، كون هذه الوزارة تأتي بواردات إلى الدولة من تأجير الفضاء ، سواء ً من خلال عقود شركات الهواتف النقالة أو القنوات الفضائية والراديوات ، ناهيك عن شبكات الإنترنيت و .. و ... وفق مبدأ المنافسة المهنية . في العراق وقبل السقوط كانت هنالك شركتين للهواتف النقالة تعملان في إقليم كردستان ، بعدها دخلت أخرى في الميدان وفق مبدأ المنافسة ، حيث تم بيع التراخيص للشركات الثلاث بعد أربع سنوات من سقوط النظام وتحديدا نهاية عام 2007 ، لتُصبح العمل تحت سيطرة  ربما محدودة للدولة ، حيث لحد الآن لم تُستخدم بوابات النفوذ الدولية العراقية من قبل الشركات المذكورة وبإمكان الدول المجاورة مراقبة كافة الخطوط للتلفونات حتى لكبار المسئولين ، كذلك استغلت الكثير من القنوات الفضائية والراديوات وشركات الإنترنيت المدعومة من الأحزاب والقادة السياسيين الظروف في البلد خاصة بعد الاقتتال شبه الطائفي في بغداد وباقي المحافظات ، لتتم استخدام الفضاء العراقي لمصالحها دون دفع الاستحقاقات المفروضة عليهم للدولة وتحديدا ً لوزارة الاتصالات والتي هي الراسمة لسياسة البلد في مجال الاتصالات وكذلك هيئة الإعلام والاتصالات والتي هي المنفّذة لسياستها ، هذه الاستحقاقات تُقدّر بمليارات الدولارات والتي هي بالأخير مُلك للشعب وحده مع باقي الواردات في كُل المجالات ، نعم البعض من هذه الشركات تمكنت من التأثير على إصدار بعض القرارات والتوصيات من الجهات العليا في الدولة لصالحها ولفترة من الفترات ، بحيث تحكمت في سياسة البلد بِحُكم علاقاتها أو ربما استثمارات القادة السياسيين في الشركات . لذا بالتأكيد الذي يترأس مثل هذه الوزارة أو حتى هيئة الإعلام والاتصالات سيقع في حيرة من الأمر أحيانا ً كثيرة حينما يريد العمل وفق مبدأ المهنية العالية وذلك لحساسية التعامل في مثل هذه الملفات الشائكة والتي بدأت تُدمّر البنية التحتية للدولة والتي لا تسمح أو لا تجعل العراق من التطور في الكثير من المجالات والقطاعات الحيوية بِحُكم التدخلات العجيبة لأصحاب الشأن المتنفّذين  خدمة ً للمصالح الشخصية الضيقة المفروضة على المصلحة العليا للدولة والمفروض أن تكون ككيان محافظ على مصالح الشعب المغلوب على أمره . الكُل يعلم وكما هو معروف في العراق الحديث الديمقراطي التعددي المحاصصي ، بأن الكُرسي الوزاري غال ٍ جدا ً ، بحيث قيل ولأكثر من مرّة وعلى مستوى الإعلام بأن تم دفع مبالغ طائلة من أجل الحصول على هذا الكُرسي أو ذاك في هذه الوزارة أو تلك ، وهذا أمر غير مُستبعد في هذه الفترة بالذات ربما للفوز بالبعض من العقود المغرية والتي تَدّر بالأموال الطائلة للمتنفذّين ، لذا من الصعب جدا ً أحيانا ً التضحية بالتنازل عن الكُرسي الوزاري بالذات حتى لو كان على حساب الجهة أو الكتلة التي دَعَمَت الشخصية المتربّعة عليه . في تصور بأن هذه الاستقالة أو محاولة إبعاد هذه الشخصية من الوزارة كما يتم الترويج حاليا ً في البعض من وسائل الإعلام لا تَمُر مرور الكِرام ، ربما ستشهد رفع الغبار عن البعض الكثير من الملفات الخاصة بالفساد والتي تنخر بكيان الدولة الدولة العراقية وسيكون هنالك تبادل إتهامات أو حتى التلفيق سيأخذ جانب مهم في هذا الملف بالذات ، على كُل نأمل أن يخرج معالي الوزير من هذه الأزمة منتصرا ً وبذلك سيدخل أسمه في قائمة الشُجعان الذين لعبوا دورا مهما ً جدا ً في التاريخ العراقي الحديث بعد الدكتاتورية ولو في تصوري بأنهم قليلين جدا ً أيضا ً .

31 / أب / 2012



 

السبت، 7 يوليو 2012

العراق وأزمة الولاء !!!


العراق وأزمة الولاء !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

تأسست الدولة العراقية على أنقاض إمبراطورية الرجل المريض بعد الحرب العالمية الأولى بعد أن وَطَدّت بريطانيا أقدامها في الشرق عامة وكامتداد لإمبراطوريتهم الهندية وفي العراق خاصة ً بعد دخولها من البصرة وباتجاه الشمال عبر بغداد العاصمة ، ليأخذ هذا الدخول طابع الاحتلال والانتداب فيما بعد ، ليتحكموا بِكُل شاردة وواردة حتى تمكنوا من تشكيل حكومات متتالية وفق مزاج المندوب السامي البريطاني ، رغم ظهور قوى معارضة ومناوئة للاحتلال والسياسة البريطانية ، متمثلة ً بالانتفاضات والثورات ، منها ثورة العشرين على سبيل المثال لا الحصر ... لذا وربما أراد العرب في تلك الفترة والذين كانوا ينوون الاستقلال أن يقيموا علاقات مع الدول التي تنافس العثمانيين والأتراك فيما بعد وهي بريطانيا وفرنسا وآخرين .

تمكن الإنكليز بعد إقناع العراقيين وفق الآلية المتبعة حينذاك من تتويج الأمير فيصل ملكا ً على العراق ومن كسب البعض الكثير من المؤيدين إلى جانبه وبأعلى المستويات من شخصيات عراقية أو حتى ضباط سبق وأن خدموا أيام العهد العثماني ومن أصول عراقية ، لذا بأن البعض من هؤلاء بقوا حتى أواخر أيامهم يكنون الولاء للسفارة البريطانية في بغداد أكثر مما يكنون الولاء لعرش العراق ، لا بل وقفوا بالضد من الذين كانوا لهم مواقف من السفارة وضد تدخلها في شؤون العراق أو من الذين تحالفوا مع جهات دولية أخرى مثل الألمان ضد الإنكليز .

بعد ثورة 14 تموز بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم وقيام النظام الجمهوري ، توالت الولاءات أيضا ً لجهات خارجية ساعدت على تكرار الثورات والانقلابات مما دفعت الذين حكموا العراق بالحديد والنار بافتعال الأزمات والحروب ، بدءا ً  بالحرب على الأكراد مرورا ً بقادسية الثمان سنوات أنتهاءا ً باحتلال الكويت وتحدي المجتمع الدولي بأجمعه ، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية للدولة وتجويع الشعب العراقي جراء تأثير الحصار الاقتصادي المعروف والقرارات الدولية بعد السيطرة على دولة الكويت باستخدام القوة والجيش المليوني ، هذا ما فقد النظام المتمثل بالقائد الضرورة المصداقية لدى القطب الذي حكم العالم بعد أنهيار الإتحاد السوفيتي ، هذا القطب الذي عمل وجاهد بشتى الطرق على إسقاط قيادة دولة المنظمة السرية وسقوط الصنم في نيسان 2003 ، ليتم قيادة العراق بعد الاحتلال تحت حكم الحاكم المدني بريمر  وتشكيل مجلس الحكم الانتقالي من خيرة القيادات المعارضة لنظام صدام سابقا ً ، هنا لا بد من التركيز أكثر على الولاء في الفترة التي تلت السقوط وبعد التركة الثقيلة التي خلفتها الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة والتي حكمت العراق ، حيث الكثير من أقطاب المعارضة العراقية ، تعاملوا بشكل أو بآخر وبشتى الطرق مع العديد من الدول ذات النفوذ من أميركا وأوربا وحتى الدول العربية والإقليمية ، هذا ما أكدته القيادات والشخصيات العراقية المعروفة ومنهم مَن تحدث من على شاشة التلفزة بأنه تعامل مع العديد من أجهزة المخابرات الدولية لأجل إسقاط صدام حسين .

إذن !! وفي مرحلة بعد السقوط تعددت الولاءات لجهات متعددة ، ربما البعض منها كانت ولحد الآن معهودة أو مفروضة على القوى السياسية المدعومة من الخارج قبل سقوط النظام مقابل خدمات أو دعم مالي تم قبوله أثناء فترة المعارضة ، لذا نعتقد بأن المرحلة التي تَمُرُ بها العراق هي من أخطر المراحل ، حيث كما نعلم بأن الدولة التي تخرج من حرب أو حروب مدمّرة لا يمكن بناءها دون وجود ولاء لها ، أي الولاء للوطن فقط ... لكن للأسف الشديد وفي الوقت الحاضر نفتقر إلى مثل هذا الولاء ، في حين توجد الكثير من الولاءات وبقوة في الميدان السياسي العراقي ، سواءا ً كان هذا الولاء دينيا ً أو مذهبيا ً أو طائفيا ً أو مرجعيا ً أو شخصيا ً أو قوميا ً أو كتليا ً أو تحالفيا ً أو حزبيا ً ضيقا ً أو ... أو ...  . تاركين الوطن يتألم أكثر مع الجُرح العميق الذي أصابه منذ تأسيس الدولة العراقية مع توالي الحكومات والانقلابات والثورات الدموية والمؤامرات والاحتلالات ، لنُسمي كُل مرحلة من هذه المراحل بالعراق الجديد ، لكن ! أي جديد هذا الذي دمّر العراق كُل مرة ً تلو الأخرى ، ليُعيد به كُل مرة ًإلى عصر ٍ أكثر َ رِقة ً وعبودية ، لتتأخر الدولة عن محيطه العربي والإقليمي بعشرات السنين من التطور والتقدم التكنولوجي ، وهذا ما يأسف ُ عليه كُل عراقي وطني غيور على بلده ولا يملك السُلطة لتغير هذا الواقع .

7 / تموز / 2012


الجمعة، 6 يوليو 2012

دولة القانون والديمقراطية !!!


دولة القانون والديمقراطية !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

راهَنَت أو زايَدَت ثم سابَقت الكثير من القوى والكتل والأحزاب السياسية التي برزت في الميدان السياسي العراقي ، البعض منها بعد التحالفات أيضا ً على الدفاع عن الديمقراطية ، وتنفيذ بنود الدستور العراقي الدائم لأول مرة في تاريخ العراق الحديث ، بعد وجود دساتير مؤقتة مع تعديلات كثيرة جدا ً خلال عقود من الزمن ، عبر العديد من الحكومات والثورات والانقلابات التي حكمت العراق بالحديد والنار ، بدءا ً من تأسيس الدولة ، مرورا ً بقيام النظام الجمهوري ، انتهاءا ً بأشرس دكتاتورية على أرض المعمورة .

ائتلاف دولة القانون ، والمنبثق من حزب الدعوة من الكتل التي برزت وبقوة في الميدان السياسي ، لينال شهرة ً ، ربما من تسمية قائمتها الانتخابية بدولة القانون ، لا دولة الشريعة أو الشيعة أو حتى الإسلام ، باعتبار الحزب ذات صبغة دينية ، هذه التسمية لها دلالة اتجهت أو تتجه نحو العلمانية إلى حد ما ، مثلما أشار إليها النائب العلماني السابق أياد جمال الدين ، هذا الاسم أو هذه التسمية أرتاح لها الكثير من العراقيين الوطنيين ، الذين سرعان ما أدلوا بأصواتهم إلى القائمة ، أغلبهم من خارج تنظيمات الحزب ، ومن المتأملين والمؤيدين بتوحيد العراق تحت شعار دولة القانون ، التي تستند وتعود إلى الدستور الدائم بعد الاستفتاء عليه وإقراره عام 2005 بمشاركة 80 % من الشعب العراقي بكافة مكوناته ، لا التوحيد بالقوة مثلما كان في زمن النظام الدكتاتوري السابق ، حيث كان العراق موحدا ً باستخدام القوة والسلطة المركزية .

لكن ومع علامة التعجب ... الظاهر بأن الكثير من الشعارات تختفي بعد وصول أصحابها إلى السُلطة ، حيث سرعان ما تنسى كُل ما ورِد َ في المبادئ والنظام أو الدستور الداخلي للحزب أو التنظيم أو التيار أو التكتل أو الائتلاف أو ... أو ...  . وهذا هو ديدن الكثير من التنظيمات ، والذي يكون السلوك أو التصرف دائما ً مأسوفا ً عليه من قبل أنصارهم ، الذين أعطوا ثقتهم وأصواتهم لها .

دولة القانون ، ككيان دولة ، وكما يُفهم من المضمون هو الدفاع عن كل ما يتعلق بالقوانين والنظام المؤسساتي والدستور واستقلال القضاء ، لكن للأسف مسار العملية السياسية في العراق توحي وتتجه باتجاه آخر ذلك من خلال السلوك أو الأداء ، سواءا ً الحكومي أو حتى السلوك والتصرف الشخصي من غالبية الأعضاء والقيادات البارزة في الكتل أو التحالفات السياسية المشتركة في الحُكم تحت يافطة حكومة الشراكة الوطنية عفوا ً المحاصصة الوطنية ، والتي هي أساس المشكلة في العراق بعد الاتفاق على الديمقراطية التوافقية ، لكن بالتأكيد الذين يعرفون قيمتها وربما كانت مبكرة بالنسبة لنا .

الذي تابع ولا يزال ما يتم التصريح به في الأعلام العراقي وفي مختلف القنوات المرئية والمسموعة والمقروءة ، لا يرى فيه بادرة خير لحل ّ الأزمة أو الخلافات القائمة منذ سقوط بغداد ، ومنها أزمة سحب الثقة من الحكومة الحالية ، وإنما أكثرية التصريحات تتجه نحو التصعيد دائما ً ، وهذا بحق مهزلة التصريحات الإعلامية منافية للقيم والأعراف التي ننادي بها لتطبيق الديمقراطية ومتوازية مع ثقافة التهديد والوعيد ومحاولة تطبيق سياسة تكميم الأفواه بشتى الأساليب وعدم القبول أو حتى الاعتراف بالرأي الآخر ، وإلا ماذا نفسر ما قيل في إحدى التصريحات الإعلامية المسؤولة طبعا ً ومن لدن قيادات دولة القانون  ( فليتجرأ علاوي والبارزاني على استجواب المالكي ) ... إذا ً !!! هكذا ، وبهذا السلوك أو التصرف ، نبني الديمقراطية ونحمي الدستور . هذا الدستور الذي يقول كُل ما هو مناف ٍ  لما يُدَعون أو يتشدقون به ، البعض الكثير من هؤلاء في رأيي والمعروفين ( بالملكيّيّن أكثر من المَلك ) هُم أساس المشكلة والذين يثيرون الكثير من القضايا التي تعصف بالبلاد في أنفاق مظلمة أحيانا ً لا يمكن الخروج منها بسهولة ، وفي تصوري أيضا ً بأن هذا البعض ُ ذات ماض ٍ لا يُحسد عليه من السلوكيات والتصرفات وفي فترات متعددة ربما يريدون الآن استغلال الفرصة للتغطية عليها ومحاولة صقل ماضيهم وتلميعه بمثل هكذا أفعال وكأنهم المدافعين الأمناء عن المصلحة العامة . لكن للأسف كُل ما يقومون به لا يخدم مصلحة الوطن الجريح سوى الدفاع عن مصالحهم ومصالح تنظيماتهم وكُتلهم والتي لا تخدم البلد في كُل الأحوال . نأمل من كُل أصحاب الشأن تصحيح المسار الذي يمشون عليه والاحتكام إلى لغة الحوار والحوار للخروج من هذه الأزمة الخطيرة والاهتمام بمصلحة المواطن المغلوب على أمره  ومن أجل المصلحة العليا للوطن وأيضا ً الولاء للوطن فقط لا غيره .

28 / 6 / 2012


الخميس، 28 يونيو 2012

التسامح الديني والتعايش السلمي بين الأمس واليوم !!!


التسامح الديني والتعايش السلمي بين الأمس واليوم !!!
بغداد / حسين حسن نرمو
غالبية الظواهر تخضع لمنحنى تصاعدي أو تنازلي إلى أن تصل أوجّها أو إلى الحضيض ، ثم تبدأ تتأرجح أو تتذبذب بين المسار الصحيح أو السليم وغيره ، أو بين ما هو إيجابي وعكس ذلك أيضا ً ... ربما تخضع ظاهرة التسامح الديني والتعايش السلمي لهذه القاعدة وعلى مستوى الدول ذات التنوع القومي والديني المذهبي مثلما هو في العراق ذات النسيج ألفسيفسائي ، باعتباره بلد ٌ متعدد القوميات والأديان والمذاهب والطوائف حسب ما هو مثبّت في دستوره الدائم بعد الألفية الثالثة وبعد توجه البلد نحو الديمقراطية على أنقاض أعتى الدكتاتوريات بشهادة غالبية الدول والشعوب . خضعت في العراق أيضا ً وتحديدا ً في كردستان ظاهرة الوعي القومي الكردي للقاعدة نفسها والتي بدأ منحناها أيضا ً بالهبوط بعد أن كان في القمة خلال عقود من نضال الشعب الكردي ضد الدكتاتوريات المتعاقبة لنيل الحقوق وتحقيق الأهداف وفق المبادئ الصحيحة ، حول موضوع الوعي القومي الكردي بين الأمس واليوم كان لنا مقال مفصّل فيما مضى ، أردنا التذكير فقط ، كون الأسباب التي أثرت على تحريف مسار هذه الظاهرة وظاهرة التسامح الديني والتعايش السلمي في العراق واحدة وهي بعض أطراف الإسلام السياسي المتطرّف لا غيرها والتي تحرّض على العنف والتميز وعدم قبول الآخر كإنسان ، لا بل وصف الآخر بغير المؤمن من وجهة نظر تلك الأطراف المعادية للإنسانية بشكل عام وعدم الاعتراف بِغير الذي في عقولهم والمنافي للقيم والأعراف الموجودة على أساس الاحترام المتبادل  وضرورة التسامح والتعايش المشترك لكافة مكونات الشعب من قوميات وأديان ومذاهب مختلفة ، متناسين هؤلاء بأنهم يعيشون في عصر ٍ يختلف عن عصر ٍ مضى عليه عشرات القرون .

القارئ والمتتبع للمصادر التي كتبت عن تاريخ العراق الحديث سواءا ً قبل تأسيس الدولة العراقية أو بعدها ، نرى بأن كان هنالك تأكيد دائم على مبدأ التسامح بين الأديان والتعايش الأخوي بين أبناء الشعب العراقي ، لا بل حتى كانت هنالك بصمات تاريخية في هذا المجال من خلال مشاركة أبناء المكونات الدينية ( الأقليات ) في الحكومات التي تشكلت مثل حكومة الشيخ محمود الحفيد والحكومات الأخرى التي تلت بعد عام 1921 . يجب أن لا ننسى دور كافة مكونات الشعب في المحن التي واجهت العراق منها على سبيل المثال لا الحصر ، مشاركة الشيخ محمود الحفيد مع الكثير من أبناء الشعب الكردي تضامنا ً مع إخوانهم العرب في ثورة العشرين وكذلك مقاومة الشخصية الأيزيدية المعروفة داود الداود الاحتلال البريطاني في النصف الأول من القرن المنصرم وتحديدا ً في شنكال .

نعتقد ووفق المبادئ العامة للديمقراطية وحقوق الإنسان في الدستور العراقي الدائم الجديد ضمن المواد الخاصة بالحقوق والحريات ، لذا من المفترض لا بل من المؤكد وعلى أبناء الشعب العراقي الواحد المشاركة الجدية في رفع مستوى منحني التسامح الديني والتعايش السلمي وقبول الآخر و ... و ... وخاصة بعد سقوط الدكتاتورية ووجود أرضية مهيأة ومناسبة لعمل ما يُمكن عمله وفق مبادئ الإنسانية ، لكن للأسف والظاهر بأن الذين هددّوا باستعمال العنف ، استهدفوا المجموعات الدينية والأثنية الصغيرة ، ناهيك عن استهداف مختلف الشرائح في المجتمع العراقي أيضا ً ، مما ساعد كُل هذا على إضعاف أواصر العلاقة والمحبّة بين المكونات حتى من أتباع الديانة الواحدة من الشيعة والسنّة .

لذا نأمل من كُل الذين تورطوا في تحريض كُل ما هو مناف ٍ للأديان وللإنسانية جمعاء أن يتعلموا من تجارب العالم في التسامح والتعايش وأن يحذوا حذو القادة العراقيين الوطنيين بعد تأسيس الدولة العراقية ( مثلما فَعَلَ الشخصية العراقية الشيعية البغدادية المعروفة جعفر أبو التمن ، حينما أستقبل مع وفد تحت قيادته ، يضم شبابا ً من السنّة والشيعة موكبا ً مسيحيا ً كان في طريقه إلى إحدى الكنائس في بغداد للاحتفال بعيد الجسد ، لينثروا الورود ويرّشوا الماء المعطر على موكب إخوانهم المسيحيين وليهتفوا ب ... عاش مجد سيدنا المسيح ، عاش إخواننا المسيحيين ، عاشت الوحدة العراقية ... عاشت الوحدة الوطنية ) . ويجب أن لا ننسى موقف الراحل الباشا نوري السعيد ، حينما دار الحديث بينه وبين الرئيس اللبناني حينذاك كميل شمعون ، بعد أن مازح الأخير مع الباشا ليقدم مقترحا ً عن تبادل البشر بين لبنان والعراق ( قسما ً من الفلسطينيين وقسما ً من الشيعة في لبنان مقابل المسيحيين العراقيين ) هذا ما حصل خلال لقاءهما في القصر الأبيض في بغداد ، مما أثار حفيظة الباشا نوري الشخصية السنّية العراقية المعروفة على مدى عقود بعد تأسيس الدولة العراقية ليقول للرئيس اللبناني ( حسبتك عاقلا ً ، كيف تريدني أن أعطي لك الورود الفياحة وهي تُجَمّل العراق و ... و ... )  نعتقد في مثل هكذا مواقف متكررة في التعامل مع بعضنا البعض ، بأننا سنقود سفينة العراق إلى برّ الأمان ...

 / 6 / 2012 22


الأحد، 24 يونيو 2012

العراق والأيادي الأمينة !!!


بغداد / حسين حسن نرمو

لا توجد ديمقراطية مُطلقة في أية دولة من دول العالم مهما بلغت من مستوى الرقي والتقدم ، لذا لا توجد دولة في العالم تخلو من ظاهرة الفساد المالي أو حتى الإداري ، لكن بدرجات متفاوتة وفق نسب مئوية تقل جدا ً جدا ً في البلدان الأكثر ديمقراطية ، ليزداد منحني الفساد كلما أصبح الحُكم مستبدا ً أكثر ليصل القمة أحيانا ً وخاصة الدول التي تحصل فيها حروب ٌ مدمّرة ، والعراق في هذا المجال لا يُحسد عليه ، حيث ما إن انتهى حرب ٌ أو انتهت معركة حتى دخلت في أخرى ، أطولها قادسية القائد الضرورة ، أشرسها أم المعارك بعد احتلال الكويت وإضافة المحافظة التاسعة عشرة ( 18 + 1 يساوي 15 ) ، في حين وفق هذه المعادلة الحسابية خسر النظام البائد حينذاك إدارة ثلاث محافظات والمتمثل حاليا ً بإقليم كردستان بعد الحماية الدولية عام 1991 عدا المناطق المستقطعة ، ومع نهاية الحكم الدكتاتوري واحتلال بغداد بأسرع وأسهل المعارك بين القوات المتحالفة والتي كانت غير متكافئة من حيث التجهيز العسكري طبعا ً والتقدم التكنولوجي الحاصل في الدول العالمية مع جيش صدام المليوني والذي كان يفتقر إلى السلاح المتطور .

لذا نرى بأن منحني الفساد المالي والإداري والمستشري حاليا ً في العراق أرتفع جدا ً ليوصل إلى المديات العليا ، حيث تعد العراق من الدول الأكثر فسادا ً ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب بل على مستوى العالم أجمع ، هذا الارتفاع المفرط في الفساد والمفروض أن يُسجل مستويات أدنى من النظام السابق على الأقل بعد التغيير نحو الديمقراطية ، لكن في تصوري بأن السبب الرئيس في هذا هو بروز ظاهرة أخرى خطرة في الميدان السياسي العراقي وهي ( المحاصصة ) والتي شجعت على الفساد أكثر بشقيه المالي والإداري بعد توزيع المناصب بين الكُتل السياسية الكبيرة منذ بداية العهد الجديد بعد سقوط بغداد وحُكم بريمر ثم مجلس الحُكم الانتقالي انتهاءا ً بالانتخابات البرلمانية لدورتين متتاليتين ، حيث لا يتم تشكيل الحكومات إلا بعد إتمام توزيع المناصب المهمة وغير المهمة حسب المحاصصة المقيتة وفق آلية النقاط بدءا ً من الرئاسات الثلاث مرورا ً بالوزارات السيادية والخدمية وانتهاءا ً بأدنى المستويات حتى على مستوى السلك الدبلوماسي ، وبالتأكيد غير ملتزمين بالشروط والمواصفات التي تعطي الأولوية إلى الشخص المناسب في المكان المناسب ، حيث على سبيل المثال لا الحصر هنالك أكثر من ثلاثة آلاف درجة خاصة لا ينطبق عليهم الشروط ، حيث من غير المعقول في الدول ذات النظام المؤسساتي والذي نفتقر إليه في العراق بامتياز حاليا ً، أن يتم تعين مدراء عامين أو وكلاء وزراء غير مهنيين وبدون أن يعرفوا ماهية وظيفتهم وآلية عملهم في الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة وهذا ما نأسف عليه جدا ً ... فبالتأكيد هؤلاء سيقعون في شباك الفساد ويساعدون على تنشيطه وديمومته حتى إن لم يقصدوه وربما بمساعدة الآخرين المخضرمين في هذا المجال .  

إذن ! العراق ووفق كُل الإحصاءات غارق ٌ في كابوس مظلم ، حيث الفساد ينخر في جسده من قِبَل أبناءه سياسيي ومعارضي الأمس والحاكمين أو السلطويين اليوم ، لذا يأمل كُل عراقي ووطني في نفس الوقت أن يأتي اليوم الذي ينتهي مثل هذه الحالات التي تسئ بالسمعة الوطنية العراقية وكذلك هيبة الدولة ، لتقل الفساد إلى مستويات أدنى أو حتى القضاء عليها بشكل يرضي كُل الأطراف ، نأمل أيضا ً من الساسة والإداريين وكافة المسؤولين في كافة مرافق الدولة الاحتكام لضمائرهم والكُل يعمل من موقعه ليكون مثالا ً يقتدي به مثلما فعل آمر السرية في الكلية العسكرية العراقية نهاية العشرينات من القرن المنصرم حينما كان آمرا ً للأمير غازي والذي كان طالبا ً في الكلية أبان العهد الملكي حينما توسط آمر حظيرة الأمير غازي في الكلية العسكرية لدى جلالة الملك فيصل الأول للتوصية عليه لدى إدارة الكلية ، مما أرسل جلالة الملك حينذاك مرافقه إلى المسؤولين في الكلية ، وهذا ما أثار حفيظة آمر السرّية ليصدر قرارا ً بطرد آمر الحظيرة من الكلية بعد توسطه لدى الملك وعن طريق الأمير غازي ، لكن سرعان ما تم تخفيف القرار إلى اعتباره راسبا ً في صفه ِ حتى يكون عبرة لغيره بعد تدَخل آمر الكلية ... ليتوجه آمر السرية الرائد سعيد سلمان إلى الأمير غازي وطلب منه أن يخرج من الصف ويقف أمام السرية قائلا ً له ( يا غازي قُل لصاحب الجلالة إن الكلية في أيد ٍ أمينة ، فلا داعي لأن يتدخل في أمورها ، فلدى جلالته مهمات أخرى أهم من أمور الكلية ... هذا النص مقتبس من كتاب " مذكرات فؤاد عارف مرافق الملك غازي والوزير في العهد الجمهوري ص 56 ) ، لذا كلمتنا الأخيرة أن يأتي اليوم الذي يستفيقوا قادة العراق من كوابيسهم ويسمعوا إلى مواطنيهم الذين يستغيثون بالنداءات والصلوات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه واحتضان الوطن ليبقي في أيادي أمينة والحفاظ عليه من المفسدين والمسيئين الذين لا يشبعون ، كي يقودوا سفينة الوطن الجريح إلى بر الأمان وهذا أمل الغالبية من العراقيين الوطنيين لتحقيق أحلامهم المشروعة جدا ً .
24 / 6 / 2012


الخميس، 21 يونيو 2012


دولة رئيس الوزراء وقرعة الشقق السكنية !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

بداية ً ، أود التعليق على ظاهرة أخرى قد تكون غريبة أيضا ً في الدول ذات النظام المؤسساتي وهي منتشرة حاليا ً في العراق وربما في إقليم كوردستان أيضا ً ، حيث تقوم بعض الوزارات غير المعنية بالأعمار والإسكان ببناء المدارس مثلا ً وإحالة الكثير من المشاريع إلى المقاولين المحسوبين عليهم للتنفيذ وذلك بعد افتتاح شُعَب هندسية في الوزارات ، في حين وزارة الأعمار والإسكان بشركاتها العديدة والمختصة في مجال تنفيذ المشاريع بشتى الأنواع تنظر وتنتظر تنفيذ مثل هذه المشاريع والتي هي من صُلب اختصاصها .

 مشاريع الوحدات السكنية  الخاصة بوزارة الهجرة والمُهَجرّين تخضع أيضا ً للظاهرة التي اشرنا إليها في المقدمة والتي كان من المقرر توزيعها على الموطنين المشمولين بالهجرة أو التهجير القسري في الوقت المناسب في مدينتي الصدر والشعلة وفي العاصمة بغداد والتي تنفذها الوزارة وهي في الحقيقة من اختصاص الشركات الهندسية المتخصصة في البناء العمودي ، طالما نحن في سيرة هذه الشقق السكنية والتي أشرف على توزيعها دولة رئيس الوزراء نوري المالكي كقرعة أولى والتابعة إلى وزارة الهجرة والمهجّرين والتي هي بالأساس ولحد الآن لا توجد على أرض الواقع كوحدات سكنية كاملة ، إنما هنالك هياكل عمارات فعلا ً والمقرر بناءها وعلى ما أعتقد هي ( 63 ) عمارة وبواقع أكثر من ألف وحدة سكنية ، قد تكون البعض من هذه العمارات لَم تُبنى كهيكل أيضا ً لِحَد الآن .

لذا نعتقد بأنه ومِن المعمول به ، حينما تُوَزع أو تُخَصص الوحدات السكنية تتم عبر آليتين ، أما عن طريق التسجيل المباشر حتى قبل البدء ببنائها عبر لجان أو حتى شركات خاصة بذلك من خلال إدارتها أو مديرها التنفيذي ، أو بعد إكمال بناءها وتسليمها من الجهات المُنَفّذة للمشروع ، تتم توزيعها أيضا ً عبر لجان متخصصة أو حتى عبر القرعة مثلما حضرها دولة رئيس الوزراء وبحضور مسئولين معنيين ، لكن ! يتم تسليم مفاتيح الوحدات السكنية بعد إجراء القرعة مباشرة ً ومثلما حصل وتحصل بشكل مستمر في إقليم كوردستان بعد بناء الوحدات السكنية وإعطاء مفاتيحها لذوي الشهداء والمؤنفلين والذين ضحوا بدمائهم وهم يستحقون كُل التقدير .

أما ما حصل في العراق وفي هذا الوقت والتوقيت تحديدا ً والعملية السياسية تَمُر بأزمة كبيرة بعد بروز أكثر من تيار ضد أداء الحُكومة والمحاولات الجدية بسحب الثقة منها ، فهذا لها أكثر من مؤشر ربما يكون ايجابيا ً من وجهة نظر رأس السُلطة التنفيذية ، لا سيما وأشار من خلال كلمته أثناء حضوره سحب القرعة ، متحدثا ً ومُدافعا ًعن ديمقراطيته وفي نفس الوقت أكد على عدم قبوله تجاوز الخُطوط الحمراء حسب رأيه في الديمقراطية ، ليقول للمعارضين أو بالأحرى المُطالبين بسحب الثقة عن أداء الحكومة بأنها أي الحكومة تعمل من أجل مواطنيها ليُقدم الدليل بتوزيع الكثير من الشُقق السكنية غير المأهولة لحد الآن على الناس المحتاجين في مدينتي الصدر والشُعلة ... هذا أولا ً ... أما ثانيا ً وحسب اعتقادي بأن التوقيت في التوزيع له دلالة أخرى وذات أهداف سياسية بهدف الدعاية الانتخابية لمجالس المحافظات المزمع إجراءها نهاية العام الحالي لِكَسب المزيد من الأصوات في هاتين المنطقتين بالذات ( الصدر والشعلة ) على حساب بقية الأطراف السياسية والمتنافسة في مثل هذه المناطق المهمة والحساسة في بغداد العاصمة تحديدا ً ...

20 / 6 / 2012


الأربعاء، 15 فبراير 2012

" لا " الثانية ... لا أصفق لِمَن حَكَمَني بالسجن !!!

" لا " الثانية ... لا أصفق لِمَن حَكَمَني بالسجن !!!
المانيا ــ حسين حسن نرمو
هذه ال ( لا ) الثانية التي أطلقها البيشمه ركه الكولاني الشهيد تمر شمدين بعد أن وقع في الأسر أثر معركة غير متكافئة مع قوات النظام البائد أبان ثورة كولان المعروفة وكما أسلفنا في الجزء الأول من مقالنا ، حينما قال في وجه الذين حققوا معه ، قال بأنه كوردي القومية وبإمتياز وليس عربي مثلما أرادوا ولا يساوم إطلاقا ً على إنتماءه القومي الأصيل ... وعلى ضوء ما تَعَنَت به أمام أزلام النظام السابق ، تم إحالته إلى محكمة الثورة السيئة الصيت في بغداد العاصمة حينذاك لإصدار أحكام جاهزة على أمثاله الذين كانوا يتحدون سياسة أو نظام الحزب الواحد ، حيث كان شعارهم دائما ً القتل أو السجن المؤبد لِمَن يعاديهم أو حتى يخالف أوامرهم وهذا هو ديدن كُل الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة التي حَكمت بالحديد والنار على الشعب العراقي المغلوب على أمره . نعم صفا الدهر بهذا البيشمه ركه في دهاليز السجون المظلمة للنظام ، حيث كان من النادر جدا ً أن يفلت من العقوبة المواطنون الأحرار الذين كانوا يدافعون عن حقوق الشعب العراقي عامة ً وحقوق الشعب الكوردستاني بشكل خاص ، وقضى سنين طِوال من عمره وهو شاب ٌ في سجن أبو غريب الغني عن التعريف وذاع صيت هذا السجن بعد الأحتلال الأمريكي للعراق وسقوط بغداد . كما هو معروف بأن النظام العراقي البائد بقيادة القائد الضرورة كان يدخل حرب تلو الأخرى ، عدا الحرب المفتوحة مع الحركة التحررية الكوردستانية دخل في حرب طويلة الأمد مع الجمهورية الأسلامية الأيرانية دامت ثمان سنوات ليخرج منه قائدا ً منتصرا ً من وجهة نظر نظامه حينذاك ، ليدفع به الغرور بعد عامين فقط من احتلال الكويت مما أدى إلى خلق حالة جديدة لقلب موازين القوى ضد النظام وقيام الأنتفاضة في غالبية محافظات العراق بدءا ً من قضاء رانية وإنتهاءا ً بالبصرة الفيحاء ، بعدها حدثت الهجرة المليونية للشعب الكوردستاني والتدخل الدولي في الشأن العراقي بالحماية الجوية لكوردستان ، حيث أضطر النظام البائد لفتح قنوات الحوار مع القيادة الكوردستانية ولمراحل في بداية التسعينات من القرن المنصرم مما أدى إلى الأتفاق على صفقات بين النظام والقيادة الكوردستانية ليشاء القدر أن يكون ملف السجناء السياسيين إحدى الملفات المهمة والتي أصرت الوفود الكوردية المفاوضة على حسمها لإطلاق سراحهم ، لذا كان البيشمه ركه ( تمر شمدين ) أحد هؤلاء السجناء الذين تم الأتفاق على إطلاق سراحهم ، وفي اليوم الموعود والمقرر على خروج هؤلاء الأبطال من السجن والذين ضحوا بسنوات شبابهم للدفاع عن قضية شعبهم ، حيث كان المقرر آنذاك وأثناء الخروج من القبو وحسب العرف المتبع في سجن أبو غريب أن يهتفوا بإسم أو يصفقوا للقائد الضرورة لكرمه المشهود وموافقته على إطلاق سراحهم . لكن ! هذا البيشمه ركه أبى أن ينفذ هذا الأمر ليقول بالحرف الواحد ( لا أصفق لِمَن حَكَمَني بالسجن المؤبد ) مفضلا ً الرجوع إلى السجن . وبالتأكيد حينذاك كان الأمر منتهيا ً والقرار كان سياسيا ً وفوق سلطات المشرفين على سجون النظام ، لذا خرجوا من السجن وهم مرفوعي الرأس ولم ينفذ ( الشهيد تمر ) ما كان من المقرر الترويج والتطبيل للنظام .

h.nermo@gmail.com
www।hnermo.bgogspot.com

21/ 08 / 2011

" لا " الأولى ... لست عربي القومية * !!!

" لا " الأولى ... لست عربي القومية * !!!
بغداد ــ النائب حسين حسن نرمو
لم يخطر ببال ذلك الشاب الأيزيدي القُروي العنيد أن يشك يوما ً ما في انتماءه القومي ، حيث عاش وترعرع في كنف عائلة فلاحية في إحدى قرى سهل نينوى " الدشت " جنوب جبل داسن الممتد بين قضاء الشيخان ، مرورا ً بمقر الإمارة الأيزيدية في باعذرة ، وصولا ً إلى الشارع الدولي المعروف الذي يربط الحدود التركية بمدينة الموصل . والده ذلك الرجل الأمي القصير القامة والعصبي المزاج دائما ً ، يرتدي الزي الكوردي المعروف " الخاكي " والذي يدل على أنه ( البيشمركه الأيلولي )** المؤمن بقيادتها ونهجها ، لا يجيد لغة السياسة أبدا ً ، يعتبر نفسه من رجال المهمات الصعبة وعلى استعداد للقيام بأي واجب تأمره القيادة ضد أي مَن كان حتى لو كان الهدف من أقرب المقرّبين ، الولد مثل والده وكافة أفراد العائلة ، غالبيتهم ، لا يجيدون غير لغة الأم والتي هي الكردية ، وربما البعض من العربية الركيكة بحكم الاختلاط أحيانا ً كثيرة أثناء الزيارات المتكررة لمدينة الموصل لأجل التسوق ومراجعة الأطباء .
قرّر الشاب بعد نضوجه أن يسير على خُطى والده ، ليلتحق بالصديق الوفي لبني قومه " الجبل " بعد نكسة آذار والمؤامرة المعروفة على قضية شعبه ( اتفاقية الجزائر السيئة الصيت ) ، ليكون من " البيشمركه الكولانيين " *** ، لم يكن الأبن محظوظا ً مثل أبيه ، لم يتمتع بالصفة التي أطلقها على نفسه كثيرا ً ، بعد الالتحاق بالجبل بفترة قصيرة وفي أول معركة غير متكافئة مع العدو اللدود ، شاركت فيها طائرات سمتية لقصف مواقع رفاقه مع إنزال قوات المغاوير العسكرية ، ليسقط جريحا ً من بين جرحى آخرين واستشهاد الكثير من رفاقه أيضا ً ، نُقِل على متن إحدى الطائرات تلك المشاركة في المعركة بعد وقوعه في الأسر جريحا ً إلى المستشفى العسكري في المدينة الكبيرة ( الموصل ) في المنطقة للعلاج والتحقيق معا ً لاستدراجه وأخذ المعلومات منه والتي قد تفيد السلطات في دولة المنظمة السرية في عمليات قمع أخرى . سأله ضابط التحقيق عبر مترجم ، حيث كانا " الضابط والمترجم " جالسين على كرسيين مقابل السرير الذي يرقد عليه وهو مكّبل بقيود مع السرير وحسب ما روى لي نفس المترجم فيما بعد وهو كوردي من قضاء الشيخان ، سأله أولا ً الضابط عن أسمه وعمره وعنوانه ... رد ّ عليه ليقول للمترجم ، قُل له بأن ...
أسمي : ـ بيشمركه .
عمري : ـ ثورة أيلول .
عنواني : ـ كوردستان .
ثار المحقق ليصبح كالثور الجامح وترك الكرسي جانبا ً ليتحدث بلهجة أكثر تشددا ً وقال ...
ـ نحن نعرف كُل المعلومات عنك ، لذا من الأفضل أن تعترف بكل شئ .
ـ طالما تعرفون عني كل شئ ... إذن ! لِم َ تتعبون أنفسكم ؟
ـ أنت عربي القومية ... لماذا التحقت بصفوف العصاة .
ـ مَن قال لك بأنني عربي القومية ؟
ـ لست أنا الذي أقول ، وإنما أسيادك هُم الذين قالوا بأنكم عرب !!
ـ هؤلاء وإن قالوا ذلك لا يعبرون إلا عن أنفسهم والدفاع عن مصالحهم ، أما أنا وبني جلدتي أكراد القومية ، لا بل نحن أصل الأكراد ، هذا لست أنا الذي أقول وإنما كل المصادر التاريخية !
ـ أعتقد أنك بهذا الكلام تجني على نفسك نحو المصير المجهول !
ـ أعلم ذلك جيدا ً وأعرف ما أقول ، وضعت كل الاحتمالات في الحساب بعد التحاقي بالثوار من أجل قضية شعبي !
ـ تقول ، الثوار ! هؤلاء ليسوا ثوارا ً وإنما أداة بيد العملاء !
ـ هذا رأيك ! وإنما أنا مختلف معك في الوصف .
ـ إذا ً ! لا فائدة فالحديث أو التحقيق معك ، نضطر إحالتك إلى محكمة الثورة للبت في قضيتك وربما تواجه حكم الإعدام هناك .
ـ أنا راضي بما يكتب على جبيني ومؤمن بقدري .
وفعلا ً تم إحالة البيشمركه المرحوم ( تمر شمدين ) * والمعروف من أهالي قرية حتارة الكبيرة آنذاك إلى المحاكم العليا ليصدر عقوبة السجن المؤبد بحقه أثر التحاقه بثورة كولان ووقوعه في الأسر في معركة غير متكافئة بأيدي القوات العسكرية للنظام البائد .. ولم يخرج من السجن إلا بعد انتفاضة آذار المباركة بصفقة تفاوضية بين الجبهة الكردستانية وقيادة النظام البائد في مطلع التسعينات من القرن المنصرم ، بعد أن قال بوجه كل اللذين حققوا معه حينذاك بأنه كردي القومية وئيزيدي الديانة . لنتذكر موقف هذا البيشمركه البسيط وفي أصعب المواقف التي واجهها وهو في الأسر بأيدي أشرس نظام دكتاتوري حسب التصنيف العالمي ، نعم لنتذكر هذا ولنقول كلمتنا الفصل في التعداد العام للسكان والمساكن المزمع إجراءه في المستقبل والذي نأمل أن يتم قريبا ً وأثناء ملئ استمارة التعداد وخاصة في حقلي القومية والدين .
سنكتب لكم عن ( لا ) ئه الثانية ، وكيف قالها أثناء الإفراج عنه وفق الصفقة التي ذكرناها آنفا ً .
** هنا نقصد ثورة أيلول والتي بدأت من أيلول عام 1961 إلى آذار عام 1975 .
*** ثورة كولان والتي بدأت بعد نكسة آذار عام 1975 أثر اتفاقية الجزائر السيئة الصيت ضد القضية الكردية بين شاه إيران والنظام البائد بوساطة جزائرية ولحد انتفاضة آذار المعروفة في عام 1991 .
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com

الأحد، 5 فبراير 2012

الرعاية الاجتماعية ورعاية الطفل أولا ً !!!

الرعاية الاجتماعية ورعاية الطفل أولا ً !!!


بغداد / حسين حسن نرمو
كثيرة هي الاتفاقيات والإعلانات الخاصة بحقوق الطفل منذ العشرينات من القرن المنصرم ، من الحقوق ما دُرِجَ في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 ( للطفولة الحق في رعاية ومساندة خاصين ) ، ومنها أيضا ً وضعت في اعتبارها بأن الطفل وبسبب عدم نضجه ِ البدني والعقلي يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة بما في ذلك الحماية القانونية .


كُل ما دُوِنَ في الاتفاقيات من حقوق ٍ للإنسان وللطفل بالذات وفي الكثير من البلدان في العالم بَقَت حبرا ً على ورق ومجرد أوراق مؤرشفة لا تراه العين من غبار السنين ، إنما هنالك البعض الكثير من الدول إلتَزَمَت ، لا بل شُرِعَت قوانين في بلدانها للالتزام بالاتفاقيات الخاصة برعاية الطفولة وحقوق الإنسان بشكل عام ، منها بلدان أوربا الغربية على سبيل المثال لا الحصر ، في ألمانيا مثلا ً ، عدا قانون الرعاية الاجتماعية ( نظام السوسيال ) المعروف على مستوى أوربا ، هنالك أيضا َ صندوق خاص بإسم العائلة ( فاميليين كاسى ) لرعاية الطفل بعد الولادة مباشرة ً ولحين مرحلة البلوغ ، وتستمر الرعاية للطلبة المستمرين بالدراسة حتى سن السابعة والعشرين ، ربما إعطائهم الفرصة للحصول على الشهادات العليا .


أما في العراق فَحَدث ولا حرج ، ونقول وا أسفاه للمأساة التي مرَ ويمر بها الطفل العراقي لحد الآن نتيجة السياسات الخاطئة التي حكمت العراق بالحديد والنار ودخولها في متاهات الحروب المستمرة ، مما خَلَفت تركة ً ثقيلة ، لا سيما بعد سقوط بغداد والاحتلال الأمريكي واستهداف العراق من قبل قوى الظلام المتمثل بالإرهاب الأسود وحتى الإرهاب المُضَاد الخاليين من كُل القيم والمبادئ الإنسانية ، حيث جرى خلال السنوات القليلة الماضية عمليات الانتقام من أزلام النظام البائد وخاصة في الوسط والجنوب العراقي ، تلاه عمليات تصفية الخصوم السياسيين بشتى الوسائل والطرق ، ثم القتل على الهوية لفترة طويلة وفي أنحاء العراق ، كذلك جرى قتل العراقيين أيضا ً من نيران وخلال عمليات صديقة مقاتلة ، ناهيك عن استهداف العراقيين عن طريق العمليات الإرهابية الجبانة والمستمرة لحد الآن بين فترة وأخرى ، بحيث أصبح كُل أيام الأسبوع دامية بالنسبة للعراقيين ، خَلَفَ هذا الاستهداف المستمر الكثير والكثير من الضحايا من القتلى والجرحى والمعاقين ، وكان لها تأثير كبير جدا ً على انتهاك حقوق الأطفال ، بحيث وحسب الإحصائيات التي جرت مؤخرا ً بأن هنالك أكثر من أربعة ملايين طفل يتيم في العراق ، ونتيجة استهداف الأطفال من خلال الهجمات على المدارس والمستشفيات خَلَفَت أكثر من أربعة آلاف ما بين قتيل وجريح من الأطفال خلال السنوات الماضية ... الأغرب من ذلك هو استغلال هذه الشريحة البريئة من قبل الزمر والشبكات المختلفة ، كاستخدامهم في عمليات انتحارية وفي التجسس وكذلك تهريب الأطفال العراقيين إلى خارج القطر على أيدي عصابات متخصصة لهذا الغرض ، ربما لتدريبهم ضمن فرق الموت التي تتم إعدادهم بعيدا ً عن الأضواء أو استخدامهم في المستقبل لغرض في نفس القائمين على مثل هذه العمليات ، حتى تَمَ استخدام أعداد هائلة من الأطفال العراقيين في مهنة التسول وفي بغداد العاصمة بالذات من قبل شبكات تُدير مثل هذا الاستغلال ، ويجب أن لا ننسى بأن العراق من الدول التي يعملون فيها 5 % من الأطفال وفي مختلف المواقع لدعم عوائلهم نتيجة الظروف التي يمر بها البلاد ، في حين ، وفي الدول التي ترعى الأطفال ، لا يُسمح لهم العمل ، إلا بعد السادسة عشرة من العمر ولساعات محدودة ، لا تتجاوز الأربع ساعات وبدون دفع رسوم الضرائب لا سيما الطلاب في المدارس .


لذا نرى بأن العراق قادرٌ على اعتماد نظام ، يسهم في رفع مستوى الرعاية الاجتماعية من خلال الاستفادة من الأنظمة العالمية المتطورة في هذا المجال ، وهذا ما أشار إليه السيد يونادم كنه رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي ، ليؤكد ضرورة الارتقاء بمعايير الرعاية الاجتماعية في العراق ورفع مستواها من خلال اعتماد نماذج عالمية مثل ألمانيا والسويد ، باعتبارهما من النماذج المتطورة والتي يرفع الغبن عن كُل الذين يشتركون ويأخذون المساعدات بشكل عام ، وسيكون الطفل أيضا ً من ضمن هؤلاء الذين يحصلون على الحقوق والامتيازات المفروض التمتع بها ، وبالتالي ساهمت الدولة في رفع الحيف والقضاء على الجهات التي تستغل مثل هذه الشريحة الضعيفة التي لا حول ولها من قوة ، لتقع دائما ً في مصيدة الشبكات التي تهدف إلى استغلال الضعفاء خدمة ً لمآربهم الشخصية ... مثل هذا العمل يجب أن يكون من خلال تشريع قوانين خاصة في هذا المجال ، لكن التزامن مع مثل هذا الإجراء ، يجب أن تكون هنالك إجراءات لتطوير قطاعات مختلفة مثل الصناعة على سبيل المثال لا الحصر ، والعمل على خصخصتها ، بغية الاستفادة من الضرائب والرسوم التي تساعد على دعم برامج الرعاية الاجتماعية ، ثم حث المشاركين في الرعاية والقادرين على العمل أن يتعلموا ثقافة العمل دائما ً ، وكذلك تقديم ما يمكن تقديمه من المساعدة من لدن الدولة لإيجاد فرص العمل في مختلف المجالات والقطاعات ومن خلال دوائر ومؤسسات خاصة ( الدوائر الخاصة بالعمل ) ، ومثلما هو موجود في النظام الألماني الذي أشرنا إليه وللإقتداء به مستقبلا ً .



व्व्व.ह्नेर्मो.ब्लागस्पाट.com


19 / 01 / 2012

الأحد، 1 يناير 2012

هل حَلّ البرلمان هو الحَل ؟

هل حَلّ البرلمان هو الحَل ؟
النائب / حسين حسن نرمو
قبل الخوض في رؤيتنا للأزمة السياسية الأخيرة ، التي تكاد أن تعصف بالعملية السياسية العراقية المتمثلة بحكومة الشراكة الوطنية ( عفوا ً حكومة المحاصصة الوطنية ) ، مما بدأت أطرافا ً تنادي بحَلّ البرلمان وإجراء الانتخابات المبكّرة ، ربما ستكون حلا ً للمشكلة من وجهة نظر مروجي المبادرة التي تدعو إلى حَلّ السُلطة التشريعية ، رغم صعوبة مثل هذا الإجراء والذي يحتاج إلى تصويت أغلبية مُطلقة من أعضاء مجلس النواب ، وهذا في اعتقادي صعب المنال ما لم يتم التوافق عليه من لدن الكُتل السياسية حتى يتم تمرير مثل هذا القرار كسابقاتها من القرارات والاتفاقات حول المعاناة والمشاكل التي اعترضت أداء القيادات السياسية العراقية . نعم كانت الأولى بالكتل السياسية بعد الانتخابات التي جرت في آذار 2010 ، وحَصَل ما حصل من سِجالات حول الكتلة الفائزة حتى بعد قرار المحكمة الاتحادية ، وبعد فشل مبدأ حكومة المحاصصة والوحدة الوطنية في تقديم ما يمكن تقديمه للمواطن العراقي وبناء الدولة وعدم إفلاحهم ، بدءا ً من حكومة الدكتور أياد علاوي مرورا ً بحكومة الدكتور إبراهيم الجعفري ووصولا ً إلى نهاية حكومة السيد نوري المالكي الأولى ... كان عليهم أن يقتنعوا بتشكيل حكومة أغلبية سياسية وإعطاء الفرصة حينذاك للتحالف الوطني بتشكيل الحكومة ، ودخول الكُتل والأطراف الأخرى إلى حلبة المعارضة السياسية الحقيقية في البرلمان ، وإلى حيث ديدن كافة الدول المؤمنة بالديمقراطية وكما يجب أن تكون ، والمقتنعة بضرورة وجود معارضة في المجالس النيابية ، لتقوم بالرقابة على أداء الحكومة ومحاولة تحديد مكامن الخلل في السلوك والتصرف للسُلطة التنفيذية ، وهكذا يتم الإصلاح والتقدم والتطور في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية والتي تضمن المصلحة الوطنية العليا ومصلحة المواطن قبل كُل شئ .
بعد اتفاقية أربيل والتي أدت إلى مشاركة غالبية الكُتل السياسية في الحكومة التي شكلها دولة رئيس الوزراء نوري المالكي للمرة الثانية ، ومباركة القادة
السياسيين العراقيين للحكومة بعد حصول البعض منها على مناصب مهمّة ، رغم أنها كانت ناقصة بالوزارات الأمنية ، التي تمثل 50 % من أداء الحكومة المتكاملة وفي دولة مثل العراق التي عانت وتعاني الأمرّين من مواجهة الإرهاب المنظمّ ، حيث كانت الأولى بهم أن يتم حسم ملف الوزارات الأمنية قبل الاتفاق على تشكيل وإعلان الحكومة . لكن الذي حصل ، مضى أكثر من عام وثلاثة أشهر ، والعراق يتعرض إلى الكثير من العمليات الإرهابية ، وآخرها في الأيام الأخيرة من نهاية العام 2011 بعد انسحاب آخر جندي من قوات التحالف ، ربما بمثابة جرس الإنذار ، لتتزامن الأنفجارات مع قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي والتي سببت أزمة سياسية مستعصية بين رئاسة الحكومة المتمثلة بائتلاف دولة القانون والقائمة العراقية والذي يعتبر الهاشمي من قياداتها البارزة ، حيث رُبط قضيته بالقضاء وصدور أمر إلقاء القبض موقع من قاض ٍ منفرد باسم طارق الهاشمي فقط والمفروض قانونيا ً أن تكون مذكرة إلقاء القبض باسمه الثلاثي أولا ً ثم اللقب ، مما حدا بممثلي القائمة في مجلسي النواب والوزراء بتعليق عضويتهم ردا ً على القضية وسلوك أو تصرف الحكومة في إقالة نائب رئيس الوزراء الدكتور صالح المطلك من منصبه أيضا ً وترشيح بديل عنه دون الاستعانة بمجلس النواب ، وللأسف طبعا ً هنالك الكثير من التجاوز على الصلاحيات بين الرئاسات وفي كثير من الحالات بدءا ً من تسمية قيادات الفرق والدرجات الخاصة في الرئاسات دون الرجوع إلى الأصل في التصديق بأكثرية أعضاء البرلمان العراقي ، حتى القوانين والقرارات الصادرة من السلطة التشريعية وهي تأتي في المرتبة الأولى من تسلسل السُلطات في العراق لا تحظى بالتنفيذ المباشر من السلطة التنفيذية وهذا ما يُأسف عليه . لذا رأت البعض من الكُتل السياسية ومنها كتلة الأحرار والتي دعت وعلى لسان رئيسها النائب بهاء الأعرجي بحَلّ مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات مبكرة كَحَل شامل للخروج من الأزمة المستعصية بين دولة القانون والقائمة العراقي دون الرجوع إلى إجراءات أو خيارات أخرى مثل كُل الدول الديمقراطية كسحب الثقة من الحكومة مثلا ً ، ربما لأنهم أي كتلة الأحرار تنتمي أيضا ً إلى التحالف الوطني والتي لها ما يقارب نصف الأصوات في مجلس النواب بحيث يصعب التصويت على سحب الثقة من الحكومة بقيادة المالكي ، لكن في نفس الوقت وكما قلنا بدون توافق سياسي لا يمكن التصويت أيضا ً على حَلّ البرلمان ... لكن !!! بموجب المادة 11 / رابعا ً من قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق رقم ( 2 ) لسنة 2011 يحق لمجلس النواب سحب الثقة من الوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة في حالة عدم تنفيذ ما نسبته 75 % من التخصصات الاستثمارية لوزارته أو دائرته من الموازنة العامة الاتحادية ... انتهت الفقرة رابعا ً من المادة ... هنا يُقصد بالتخصصات الاستثمارية للوزارة من قبل وزارة التخطيط والتي من المقرر أن تنجز الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة بإنجاز المشاريع والمقررة بنسبة 75 % وأكثر ، إلا أن وفق الجدول الوارد من وزارة التخطيط نفسها وبالنسب المنجزة من المشاريع الاستثمارية في كُل الوزارات الواردة إلى مجلس النواب ، لم تنجز أو بالأحرى لم تصل أي وزارة من الوزارات إلى نسبة أكثر من 40 % خلال العام 2011 أي ما يقارب النصف من المقرر عدا وزارة حقوق الإنسان التي قاربت من النسبة المقررة ، علما ً هنالك الكثير من الملاحظات على حقوق الإنسان أصلا ً في العراق وفق التقارير الصادرة من الجهات المعنية وربما من اللجنة الخاصة بحقوق الإنسان في البرلمان العراقي ، نعتقد بأن هذا كاف ٍ جدا ً للقيام بإجراء سحب الثقة من الوزراء ، نأمل من كُل الأطراف السياسية المتمثلة بقياداتها ومنها دولة رئيس الوزراء على سبيل المثال لأنهم يقولون ويؤكدون شرعية الدستور ( المسكين ) أن يكونوا عند حسن ظن ناخبيهم من الشعب العراقي وضرورة الاحتكام والالتزام بالدستور والقوانين المرعية التي تصدر من مجلس النواب العراقي .
ألمانيا
الأول من كانون الثاني / 2012
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com