الاثنين، 8 يونيو 2009

الخصوصية الأيزيدية والأتحاد الوطني الكوردستاني !!!

بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
لو نتابع الأدبيات الحزبية للأتحاد الوطني الكوردستاني والمؤلفات لكوادره الصادرة من مراكز دراساته أو المطبوعة على حساب مؤلفيها ، أو حتى وسائل الأعلام المرئية والمقروئة والمسموعة التابعة للأتحاد ، نرى من خلال كل ما ذكرناه أعلاه ، بأن هنالك بصمات واضحة للأيزيديين في تاريخ هذا الكيان السياسي المهم في الساحة الكوردستانية بدءا ً من تأسيسه في الأول من حزيران / 1975 في سوريا ، وذلك من خلال مشاركة بعض الكوادر المتقدمة ، النازحة من كوردستان العراق إلى أيران ، ثم الألتحاق بالمؤسسين للأتحاد بعد أتفاقية الجزائر المعروفة المتآمرة على القضية الكوردية حينذاك .
بعد الأنتفاضة الآذارية والهجرة المليونية ، ثم الحماية الدولية لحدود خط العرض 36 ، أصبح للأتحاد موطئ قدم لممارسة المهام الحزبية مثله مثل التنظيمات الأخرى في بعض مناطق تواجد الأيزيدية في بهدينان ، الحق يقال ، أبدى الأتحاد الوطني أهتماما ً جديا ً وواضحا ً بالأيزيديين ، لجعل الكثير من المواقع الحساسة مثل الأعلام والتلفزيون على سبيل المثال لا حصرا ً تحت إشراف الكوادر الأيزيدية منهم الجدد المنضوين تحت لواءه . غالبية قادة الأتحاد ، أكدوا ويؤكدون دوما ً الأهتمام بهذه الشريحة المهمة في المجتمع الكوردستاني بأعتبارها أو أعتبارهم " الكورد الأصلاء " ، هذا ناهيك عن أهتمام وتأكيد السيد مام جلال الأمين العام للأتحاد بالخصوصية الأيزيدية ، ليعتبر نفسه ، خلال لقاءاته وأحاديثه مع أبناء هذه الشريحة ، بأنه أي مام جلال المحامي والمدافع الأمين عن حقوق الأيزيدية في كل ِ مكان وزمان ، لا بل وَصَفَ العلاقة بين الأيزيديين والأتحاد مرة أثناء لقاء ٌ لي مع سيادته في أربيل العاصمة أواخر عام 1992 حيث كانت في ضيافته أيضا ً آنذاك إحدى الصحفيات الفرنسيات بأن ( الدم الأيزيدي أختلط مع دماء شهداء الأتحاد الوطني الكوردستاني ، لذا وحسب وصفه ِ بأن حينما تختلط الدماء ، ستكون من الصعب جدا ً فرزها مرة أخرى ) . أستمر الأهتمام حتى أثناء تشكيل حكومة السليمانية ، بعد حالة اللاسلم واللاحرب بين الحزبين الرئيسين والتي أفرزتها الأقتتال الداخلي بينهما عام 1994 . ورغم عدم وجود الأيزيديين تحت سيطرة تلك الحكومة أنذاك ، إلا أنها أستوزَرت شخصيتين أيزيديتين ، إحدى تلك الوزارات التي أنيطت لهما كانت فعلية وهي الزراعة والثانية كانت لشؤون مجلس الوزراء ، بعد سقوط النظام في نيسان 2003 ، فتحت حكومة السليمانية أبوابها للأيزيديين وخاصة الخريجين والكفاءات لغرض التعين ضمن حدودها الأدارية . وقرار تعين قاضيين أيزيديين في حدود المنطقة الأدارية لمحافظة السليمانية أثناء تولي الدكتور برهم صالح رئاسة الحكومة فيها ، كان بمثابة كسر الطوق أو الحاجز النفسي الذي فرضته الظروف على هذه الشريحة بعدم أحقية منتمي هذه الديانة العريقة والتي كانت بالأصل ديانة كل الكورد لتسنمهم مثل هذه الوظيفة بأعتبارهم ليسوا بأهل الكتاب مثل الآخرين وخاصة بعد قرار إبعاد قاضي التحقيق والأيزيدي الوحيد في سلك القضاء في منطقة دهوك من منصبه ، ربما لضغوط خارجة عن إرادة السلطة المحلية آنذاك ، قد يكون قرار تعين القضاة آنذاك ، كانت إحدى الركائز التي أعتمدت عليه مؤخرا ً مجلس القضاء في كوردستان ، بالموافقة الرسمية بأحقية الأيزيديين أيضا ً مثلهم مثل الآخرين ، بتقديم طلبات التعين في سلك القضاء وفق الشروط والضوابط التي تُطبق على الكُل في هذا المجال . قد يكون من وجهة نظر قيادة الأتحاد الوطني الكوردستاني وخلال فترة ما يقارب العقدين من الزمن من ممارسة السلطة في كوردستان ، بأنهم قد راعوا الخصوصية الأيزيدية في أكثرية المراحل السياسية التي مرت بها ... أما ما هو حجم ما قُدِم للأيزيدية عموما ً من خلال هذه الوظائف التي ذكرناه ؟ قد لا تهم أو لم تتم المتابعة الجدية من القيادة نفسها ، التي أعطت كل الثقة لهؤلاء المقربين الذين في نظر غالبية الأيزيديين ، أخفقوا في مهامهم والتي من المفترض أن تقدم الكثير لآبناء جلدتهم من خلال مراجعهم ، بالتأكيد لهم أي الذين تسنموا الوظائف ما يُبَرِر وبَرَرّوا فعلا ً في أكثر من مناسبة بأنهم قدموا ما في وسعهم للأخرين .
رغم مراعاة الخصوصية الأيزيدية في ما ذكرناه أعلاه وربما في وظائف ومناصب أخرى ومعروفة لدى القراء الأعزاء من قبل قيادة الأتحاد الوطني ، إلا أن وجهة نظر الشارع الأيزيدي تقول غير ذلك و ترى بأن الأتحاد ، والطرف الآخر من المعادلة السياسية الكوردستانية القوية والمتحالِفَين أو المتفقين ستراتيجيا ً في كل صغيرة وكبيرة الآن أكثر من أي وقت ، بأنهم ما زالوا مقصرين في مراعاة خصوصية الأيزيديين أسوة ً بالآخرين وفق نسبهم السكانية على أرض الواقع ، رغم أن الأيزيديين أثبتوا بالتصويت والأستفتاء دائما ً لصالح كوردستانهم ، آخرها في أنتخابات مجلس محافظة نينوى المعروفة . بالطبع خير مثال على رأي الشارع الأيزيدي المتداول وحديث الساعة الآن الذي يؤكد على التقصير ، بعد إعلان أسماء المرشحين لأنتخابات برلمان كوردستان التي من المقرر أجراءها في 25 / تموز المقبل ، لوجود مرشحين أثنين فقط أحدهم محسوب على البارتي مضمون الفوز والآخر ( كاتب هذا المقال ) المحسوب على الأتحاد الوطني في نهاية القائمة ، الذي لا يحالفه الحظ في الفوز ، ويرى الأيزيديون بأن القيادة الكوردستانية قد قلصّت التمثيل الأيزيدي من ثلاث مقاعد في الدورة البرلمانية الحالية إلى مقعد واحد ، في حين كانوا يأملون بزيادة العدد مثلهم مثل باقي الشرائح والتي يزيد تعداد الأيزيديين عليهم ، حتى بات الكثير من ابناء الأيزيدية يعَلِقون على تقدير قيادة الأتحاد الوطني الكوردستاني للخصوصية الأيزيدية هذه المرة جاءت معكوسة أو مقلوبة بحيث لو تم التعامل مع القائمة من الأخير لكانت الخصوصية الأيزيدية لدى الأتحاد في مقدمة الأهتمام والمراعاة ، هذا ما يُعَلِق عليه الشارع الأيزيدي الآن .
أول ردّ فعل شبه رسمي على هذا الأجراء الغير مرضي من وجهة نظر غالبية أبناء هذه الديانة ، كان من الجهة ذات العلاقة والرسمية في التعامل مع القيادة فيما ما يتعلق بالأيزيديين المنضوين تحت لواء الأتحاد الوطني ، هو ما جاء على لسان المشرف على أعمال مكتب شؤون الأيزيدية التابع للأتحاد والذي يمارس مهام المستشارية لشؤون الأيزيدية أيضا ً لدى رئيس جمهورية العراق الفيدرالي السيد عيدو باباشيخ الذي تطرق إلى الموضوع في مقال نُشِر حصرا ً في جريدة شارستانيه ت " المدنية " الصادرة من المكتب نفسه تحت عنوان ( لا زال صوتنا غائبا ً ) والذي أعطى تعليلا ً لما حدث بعدم وجود صوت أيزيدي في عضوية القيادة للحزبين " الفوق الحزبي " . رغم منطقية هذا التعليل ونؤيد بغياب هذا الصوت ، إلا أن وحسب استطلاع الكثير من الآراء التي تؤكد بوجود أسباب أخرى أدت إلى ما هو عليه ، منها ذاتية " داخلية " ناتجة عن الصراعات الداخلية بين الأقطاب الرئيسية والتي لا تخدم الأتحاد الوطني الكوردستاني دائما ًو أبدا ً ، ويجب أن لا يُهمل الجانب الآخر أيضا ً " الخارجي " القائم على الستراتيجية بين الحزبين الذي أثر ويؤثر بشكل أو بآخر على مثل هذه الحالات التي يؤسف عليها لتصبح شريحة مثل الأيزيدية أو ربما شرائح أخرى ضحايا لمثل هذه الأجراءات التي من الممكن طبعا ً تجاوزها لو تم التعامل مع القضية وفق مُخَطط جدي ومدروس سلفا ً .

ألمانيا في الثامن من حزيران / 2009