السبت، 1 نوفمبر 2008

الوعي القومي الكوردي بين الأمس واليوم !


بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
حدّثنا زميل لي بالدرجة العلمية عن إحدى خطب الجمعة في الستينات من القرن المنصرم وفي جامع من جوامع قضاء العمادية ، مدينة الثقافة والتيار اليساري السياسي التابعة لمحافظة دهوك في منطقة بهدينان ، أبدى الأمام الخطيب رأيه من خلال خطبته في مستقبل القضية الكوردية ، مشيرا ً إلى تجارب الآخرين في المنطقة وتحديدا ً تركيا وأيران قبل تأسيس الدول والتي قادتهما رجال مؤمنين بالتيار القومي للوصول إلى مبتغاهم الحالي ، ليؤكد الخطيب على الأكراد أو قادتهم أن يحذون حذوهم فيما إذا أرادوا أن يكون لهم كيان دولة ، نستنتج من حديث هذا الأمام " خطيب زمانه " ، بأنه لم يكن ذا وعي قومي وشعور وطني عال ٍ بالمسؤولية فحسب ، بل أراد حينئذ تعميم ذلك الشعور والوعي ويمرّر عبر أهم فلترات زمانه هو " الجامع " للوصول إلى الناس وفي يوم التجمع الكبير للكورد المسلمين ، حيث الخطب كانت تضاهي أكثر التجمعات الحزبية كثافة ً سواءا ً كانت الأجتماعات أو حتى الندوات والدورات التثقيفية الحزبية آنذاك . الذي يقول مثل هذا الكلام وفي الجامع ، لا بد وأن تخلل في خطبه كلام كثير عن مبادئ التسامح والتعايش السلمي بين معتنقي مختلف الديانات في ذلك الوقت ... تصوروا حدث هذا في الستينات من القرن الماضي ، أستمرت الحالة أيضا ً في السبعينات وربما الثمانينات ، حيث لم نشعر نحن الكثير من العوائل ومن الأقليات أثناء تواجدنا في قرى أخواننا الكورد المسلمين في الجبال من آذار 1974 إلى آذار 1975 بعد تجدد القتال بين البيشمه ركه والقوات النظامية العراقية والطعن في بنود أتفاقية آذار / 1970 ، نعم لم نشعر بغير الكوردايه تي وكانت أبواب عوائلها وبساتينها المليئة بالفواكه المختلفة مفتوحة أمامنا .
لكن ! الذي حدث من مستجدات في العقد الأخير من القرن المنصرم وتحديدا ً بعد الأنتفاضة الآذارية وربما قبلها بسنتين أو أكثر بعد حملات الأنفال السيئة الصيت وأنسحاب القيادات الكوردستانية لفترة من ساحة النضال العملية إلى دول الجوار المعادية بشكل أو بآخر للقضية الكوردية وحقوق شعبها في كوردستان العراق لأسباب ٍ معروفة للقاصي والداني ، حدث حينذاك أختراق للبعض المحسوبين على القيادات الكوردية أو حتى أقرب المقرّبين من قبل الأجهزة الأمنية للدول المجاورة " أيران مثلا ً " لحثهم ومساعدتهم بالمال والسلاح لتشكيل بعض التنظيمات ذات الأتجاه الأسلامي ، البعيد كل البعد عن الخط القومي العام داخل كوردستان لغرض التصدير أولا ً والتأثير بشكل أو بآخر على المد القومي الكوردي الذي يشكل خطرا ً على الأكراد عندهم ومن وجهة نظرهم ... ولا يخفى أيضا ً لجوء بعض المتطرّفين المحسوبين على الكورد إلى أفغانستان للمشاركة مع مقاتلي حركة طالبان والدخول في دورات " غسل الأدمغة " ، ثم عودتهم مجددا ً إلى كوردستان مختفين عن طريق ايران ليساعدوا على تشكيل بعض التنظيمات المتشّددة أسلاميا ً ، تمكنوا هؤلاء من التأثير على بعض الذين يعملون في المواقع الحساسة لتشكيل خلايا ، تعشعشوا في أوكارهم مختفين للقيام بالكثير من العمليات المنافية للأسلام والقيم الأنسانية أيضا ً " خلية شيخ زانا نموذجا ً " ، مَن يدري ، ربما هنالك العشرات من مثل هذه الخلايا النائمة " بلباس ولباس " تعمل في الخفاء بالقرب من المراكز الحساسة ، هؤلاء الذين تعصّبوا للدين ليجعلوا هدفا ً للسلوك والتصرف الأعمى الهوجاء ضد الآخرين والذي أدى إلى تأثير كبير على الوعي القومي على الأقل لأنصارهم ومؤيديهم .
لكن في تصوري الفترة التي كانت مهيأة أكثر لأنتشار مثل هذه الظاهرة " المد الأسلامي بين الأوساط الشعبية الكوردية وتأثيره على الوعي القومي " ، طبعا ً بشقيه المعتدل ظاهريا ً والمتطرف ايضا ً ، جاءت بعد أستقرار الوضع في كوردستان عقب سحب الأدارات الحكومية للنظام البائد من الأقليم في أوكتوبر / 1991 ، ذلك الأستقرار أدى إلى زيادة الدعم من قبل دول المنطقة لا سيما " المملكة العربيةالسعودية " إضافة ً إلى " أيران " لبعض التيارات الأسلامية وأستحداث آخرين لأجل الأغاثة أولا ً ، ثم أتجهت بعدها إلى النشاط السياسي الأسلامي ، أنشئت أو تأسست على أثرها كليات أسلامية ، ، بناء الكثير من الجوامع ، مساعدة المحتاجين ذوي الدخل المحدود وكذلك الطلبة في الأعداديات والجامعات وحتى تشجيع الناس على أداء الصلاه في الجوامع مقابل " المال " ، لذا أ ُولى ثمرات تلك الجهود المبذولة من قبل المنظّمين وتنظيماتها بانت في مجال أنتخابات إتحادات الطلبة في المعاهد والجامعات والتي فازت قوائمها بأغلبية التمثيل ... الذي نؤسف عليه هو أستغلال الفجوة التي حصلت بين الحزبين الرئيسيين " الأقتتال الداخلي " من قبل هذا التيار أو ذاك بممارسة النشاط السياسي الأسلامي بحرية وبعيدا ً عن الأنظار لأنشغال الآخرين كما أسلفنا ب " صراع المصالح " ، مما زادوا هؤلاء من حجم تنظيماتهم وأعداد مؤيديهم بالأساليب التي ذكرناه ، حتى باتت طوابير سيارات المصلّين في الجوامع تُعيق الشوارع والطرقات على المارة في المدن المزدحمة .
كما هو معروف ووفقا ً لكل المقاييس وفي ظل الأنظمة التي تحصل فيها الفساد الأداري والمالي ، حيث عادة المستفيدين من مثل هذه الظاهرة فئة قليلة مقارنة ً بالشعب كله ، لذا لا بد وأن تحصل نوع من المعارضة التي تكون أيضا ً إحدى أوجه التطور الحضاري وقد تكون أهم من الحكومة في أمر الأصلاحات إذا سار في الأتجاه السليم ، نرى بأن المعارضة في أقليم كوردستان بنظامه الحالي تأخذ منحى آخر ذا توجه أسلامي تؤثر على الأتجاه القومي في المدى البعيد ، حيث نرى في الأفق القريب والبعيد بأن هذا المنحني " المد الأسلامي " في تصاعد مستمر حتى باتوا يقرأون ويخططون ويعلّمون كوادرهم وأجيالهم اللاحقة على كيفية التخطيط للقرون القادمة والذي قد يؤثر في المستقبل على النظام السياسي في الأقليم كما حصل وتحصل الآن في تركيا العلمانية في الأنتخابات البرلمانية ولأكثر من مرة بحيث حتى " الكورد " المتواجدين هناك صوّ توا بالأضافة إلى الأتراك لصالح الأحزاب الأسلامية رغم وجود حزب أو تنظيم قومي كوردي في المنافسة الأنتخابية .
يا ترى ! ماذا ستكون مستقبل العملية السياسية المستقبلية في كوردستان ؟
هل من الممكن الحفاظ على النظام السياسي المعمول به حاليا ً على المدى البعيد ؟
هل فكر أو يفكرون القادة الكورد بإجراء رادع " فيتو مثلا ً " وفق الضوابط الدستورية للطعن بعدم التأثير على النظام العلماني ، أم مشغولين بأشياء ٍ آخرى غير ذلك ؟
نأمل من الساسة الميدانيين أن يكونوا على دراية بما حصل وتحصل وقد تحصل الأسوء بما يمس الأمن القومي الكوردستاني وأتخاذ الأجراءات الصحيحة والسليمة فيما يخص المجال الذي تطرقنا إليه ...

أوربا في
الأول من نوفيمبر / 2008

الجمعة، 10 أكتوبر 2008

بين المبادئ والمناصب بون ٌ شاسع !!!


بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
( قلما نجد المرء يقاوم ويحافظ على طبيعته الأولية أمام المال والمنصب " السلطة " )
" المبدأ " ، كلمة ذا مغزى خاص وقيمة لا تُقدر بثمن لدى الأنسان المؤمن بها ، لذا نرى بأن الكثير من الناس يتسابقون ، يتصارعون ويعملون من أجلها ، عسى ولعّل الفوز ، ليلقبوا في الآخر ب " الأنسان المبدئي " ، كأن تكون في مجال السياسة أو حتى في مجالات أخرى . نعلم بأن لكل تنظيم سياسي أو غيره ، تستند على مجموعة من الأساسيات والمبادئ ضمن منهاج ونظام داخلي مُعد من قبل بعض المنظمين المختصين تحت لواءها وأحيانا ً من القانونين ، ليتم فيما بعد إعداد برنامج عمل لتطبيق المنهاج عمليا ً أو ميدانيا ً . في الشرق غالبا ً لا يطبق إلا جزء ٌ من المنهاج المكتوب على الورق من قبل هذا التنظيم أو ذاك وبنسبة ً أقل أثناء المشاركة في السلطة .
عراقيا ً وبعد أحتلال النظام البائد دولة الكويت في 2 / آب / 1990 ، ثم البقاء فيها متحديا ً المجتمع الدولي وقوات التحالف بأساطيلها البحرية التي جاءت إلى منطقة الخليج ، تلتها العمليات العسكرية من قبل تلك القوات ضد الجيش العراقي في الكويت والهجوم البري داخل العراق أيضا ً ، ثم قيام الأنتفاضة في معظم أرجاء العراق ، باتت الرؤية آنذاك واضحة بأن لا بد من رحيل النظام الدكتاتوري عاجلا ً أو آجلا ً ، أعادت المعارضة العراقية حينذاك تنظيمها بعد قمع الأنتفاضة والهجرة المليونية ، لتتكاتف جهودها وتلتقي في الخارج والداخل بالتنسيق مع الأحزاب الكوردستانية بعد حصول الأكراد على منطقة آمنة بقرار من الأمم المتحدة للتباحث حول كيفية العمل من أجل إسقاط النظام ، ألتقوا في مؤتمرات معروفة ، بدءا ً من مؤتمر " بيروت " ، مرورا ً بمؤتمر " صلاح الدين كوردستان " ، أنتهاءا ً بمؤتمر " لندن " نهاية عام 2002 ، خرجوا بتعهدات ، أتفاقات ومقررات للعمل من أجل العراق " عراق ما بعد صدام " ، من أجل رفع الغبن عن كافة مكونات الشعب المغلوب على أمره والذي أبتلى بالأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة والقابعة على رقابه ، من أجل إرجاع الحقوق المغتصبة إلى أصحابها ، من أجل إلحاق المناطق المنسلخة إلى أصلها " كوردستان " ... ها وبعد أن أعتلوا الكراسي وأصبحوا في دست الحكم بعد التحرير والأحتلال ، نسوا المبادئ وتراجعوا في أكثرها ليزيدوا في آلام العراقيين ، ساعدوا على تشرد الملايين من الشعب منتمين لهذه الطائفة وتلك إلى خارج الوطن وحتى في الداخل أيضا ً ، نُهبت خيرة ثروات الشعب لصالح هذه الجماعة أو تلك ، نفذوا البعض منهم ولا يزال إملاءات أسيادهم على حساب البلد ومواطنيه ، لم يلتزموا بالدستور والذي تم صياغته على أيديهم وخاصة المادة 140 المتعلقة بالمناطق التي ناضلت القيادة الكوردستانية من أجلها كثيرا ً وكلفت دماء الكثير من الشهداء الأبرار وعلى مدى عقود من الزمن ، وجاءت مصادقة البرلمان العراقي مؤخرا ً على قانون أنتخاب مجالس المحافظات مغتصبين حقوق الأقليات في هذا البلد الذي عاشوا فيه آلاف السنين . إذن ! أين هي المبادئ من كل هذا والعراق مقبل على عصر الديمقراطية ؟؟
كودستانيا ً والذي يتابع ما وصل أو توصل إليه الأقليم من تقدم ٍ وزهو ٍ وأزدهار ٍ " وأستثمار ٍ كما يقال " ، كل هذا أستحصلت بنضال الشعب الكوردستاني وتضحياته عبر عشرات السنين من أجل المثل والمبادئ السامية والتي نجني ثمارها في هذا العصر " هؤلاء المناضلين والمضّحين كانوا من مختلف أطياف الشعب الكوردستاني منهم الأقليات القومية والدينية " ، ناضلوا وكما أشرنا على مدار عقود من الزمن على شكل جماعات أو تنظيمات سياسية ضد الأنظمة الدكتاتورية من أجل مبادئ وأهداف تعهدوا على تحقيقها بعد إراقة أنهر من الدماء ، لكن للأسف بعد كل هذا يرى المواطن الكوردستاني بأم عينيه ، بأن هنالك مَن أعتلى أو يعتلون مناصبا ً ، أو حتى الذين يتقاضون الأوراق الخضراء تحت يافطة ، تسميات ومسميات شتى ، منهم على غرار شيوخ التسعينات بدرجاتها في العهد البائد ، هؤلاء لم يكونوا في يوم ٍ ما من أصحاب المبادئ والقيم الوطنية أو الثورية الكوردستانية ، لا بل البعض الكثير منهم كانوا وربما لا يزال من ألّد الأعداء وشاركوا في قمع تلك القيم والمبادئ ، هؤلاء ساعدوا أيضا ً الأشرار في التنصت والوشاية للكثير من المناضلين الذين صفت بهم الدهر في أقبية وسجون النظام البائد ، ليتم أعدام الكثير من هؤلاء الأبطال على ايدي زبانية أسيادهم ، ربما تلك الأفعال لم يشفي غليلهم حينذاك ، لذا ساعدوا بشكل مباشر قوات النظام في العمليات العسكرية المشؤومة في الثمانينات من القرن المنصرم والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء العزل . إذن ! هؤلاء الذين ذكرناهم ، أ ُفسدوا في عصرهم " العهد البائد " ، ربما عملوا بعدها وأفلحوا في إفساد الآخرين ، لتطغي كفة المصالح والفساد على المبادئ والمثل والقيم ، حتى بات المواطن العادي يشعر بأن عصر المبادئ قد ولى ... ليحل محله عصر الأستغلال ، الأضطهاد ، المحسوبية ، الرشوة والفساد في أكثرية المرافق الحكومية والحزبية وهذا ما نأسف عليه ....

الجمعة، 29 أغسطس 2008

أزمة أختيار مدير عام شؤون الأيزيدية في أقليم كوردستان ... إلى أين ؟


بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
أثارالزميل المهندس كامل خديده موضوعا ً مثيرا ً للجدل ومهما ً للغاية خاصة في هذه المرحلة حول عدم تعين مدير عام شؤون الأيزيدية في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية / أقليم كوردستان لحد الآن ، رغم صدور قرار بهذا الشأن من برلمان كوردستان عام 2007 ، نص الموضوع ، ترجمه إلى العربية الصحفي المبدع خدر دوملي والذي له باع طويل في الكتابة والمداخلات حول الشأن الأيزيدي ، آخرها المداخلة المنطقية والقيّمة جدا ً مع قناة الجزيرة ، أثناء أستضافتها السيد أنور معاوية " أمير الطائفة الأيزيدية في العراق حسب إدعاءه " . أ ُثير موضوع المدير العام أصلا ً على خلفية المقابلة التي أجرتها جريدة " ئه فرو" في دهوك مع معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية في أقليم كوردستان في حزيران الماضي ، الذي هو " أي الوزير " رمى الكرة في ملعب الآخرين حول عدم أختيار شخصية أيزيدية ، ليشغل المنصب الشاغر في وزارته والذي خصص له غرفة في ديوان الوزارة على حد قول السيد الوزير .
قبل التطرق إلى تفاصيل هذه الأزمة ، وطالما مصدر الأثارة هو " الوزير " المسؤول الأول والمباشر في هذا الموضوع ، لذا لا بد أن يتحمل هو أيضا ً جزءا ً من اللوم أو العتاب على الأقل من الناحية الأدارية ، نتيجة الأهمال والمتابعة من قبل المعنيين في مثل هذه القضية التي تخص مِلاك مديرية عامة في وزارته ، ربما هذا ناتج ٌ أصلا ً من فقدان الرقابة البرلمانية لمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة من البرلمان من قبل الحكومة المنبثقة منه . طالما نحن في سيرة البرلمان والرقابة . أما كان من المفترض أن يتم متابعة مثل هكذا موضوع مهم يخص الأيزيدية من قبل البرلمانيين الأيزيديين الثلاث ؟
إذن !! الوزير المعني بَرّأ نفسه ، من أن موضوع أختيار الشخص المناسب لمثل هذا المنصب غير مرتبط به شخصيا ً كما أشار في مقابلته مع الجريدة المذكورة . الأطراف الأخرى المسؤولة والمهتمة بالشأن الأيزيدي العام ، خاصة بعد أنتفاضة آذار عام 1991 في أقليم كوردستان ، والذي تعودنا منهم على تمشية مثل هذه الأمور هي : ـــ
أولا ً : الأتحاد الوطني الكوردستاني والجهات الأيزيدية ذات العلاقة به ، سواءا ً على مستوى شخصيات أو المكتب الخاص بشؤون الأيزيدية ، مقره الحالي في أربيل العاصمة ، المشرف على المكتب والذي يشغل أيضا ً منصب مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الأيزيدية السيد عيدو باباشيخ أكد بأن منصب المدير العام لشؤون الأيزيدية في الأقليم هو من حصة الطرف الآخر من المعادلة السياسية ، هذا أمر معقول لأن " حكومة أقليم كوردستان / السليمانية سابقا ً " ، أستحدثت هذه المديرية وتم تعين السيد خيري شنكالي مديرا ً عاما ً في حينه ، حيث يحتفظ بمنصبه لحد الآن ، ولو تعلق الأمر بهم لما أحتاجوا إلى جهود للبحث ، بأعتبار المرشح والمعيّن أصلا ً موجود .
ثانيا ً : الحزب الديمقراطي الكوردستاني والجهات ذات العلاقة بالشأن الأيزيدي ، وهي مركز لالش الثقافي والأجتماعي واللجنة الأستشارية ، نعتقد بأنهم كانوا سابقا ً من السبّاقين لحسم مثل هذه الأمور ، ومن الجهات الغنية بالمرشحين ، ولو تعلق الأمر بهم " فقط " ومن صلاحياتهم ، لما أختلفوا أو تأخروا بحل ٍ لمثل هذه الأزمات .
ثالثا ً : الجهة الأخرى والمهمة من وجهة نظر الكثير وربما الأكثر شرعية لدى غالبية الأيزيديين " المغلوبين على أمرهم " ، هذه الجهة المتمثلة برأس الهرم الأيزيدي " سمو الأمير " ، أنضم إلى قائمة مصادر القرار الخاصة بالشأن الأيزيدي في أقليم كوردستان بعد 9 / نيسان / 2003 ، حيث كان سموه مع ال ( 90 % ) من الأيزيديين تحت رحمة النظام البائد . نظرا ً لصراع المصالح في العراق الجديد والأقليم ، قلما ترى جهة معينة أو شخصية مهما تكون مكانتها ، أستطاعت البقاء على الحياد ، لذا أنضم سموالأمير بعد تحرير باقي مناطق الأيزيدية إلى أحد الأطراف السياسية القوية في الميدان ، ربما لمقتضيات المصلحة الخاصة والعامة أيضا ً في هذه المرحلة ، رغم ذلك واجه سموه صعوبات جَمَة أمام مصادر القرار الأخرى الذين أحترفوا في التعامل مع " الفوق الكوردي " . من الجدير بالذكر أن نقول بأن للأمير أيضا ً أجندات خاصة به لكنها دائما ً " في طور التأجيل " وغير محسومة في حينها . حول موضوعنا أعلاه ، أود أن أشير إلى زيارة وزير الأوقاف والشؤون الدينية في الأقليم إلى معبد لالش في أكتوبر 2006 والتقى حينذاك مع سمو الأمير ، حيث طلب الأخير من معاليه بأن لا يكون أختيار الشخصيات الأيزيدية وخاصة للمناصب المرتبطة بالأمور الدينية " أختيارا ً سياسيا ً " ، ليؤكد في الأخير بأن مثل هذه الأمور من صلب أختصاصه كأمير لهذه الأقلية الدينية ، بعد أن أمتعض من بعض الأختيارات والتعينات على مستوى عراق المركز ، لا ريب فيه بأن كلام سموالأمير منطقي جدا ً ، ومن المنطقي أيضا ً أن لا يعترض أحدا ً على مثل هذا الطلب حتى لو كان على مستوى القيادة ، إلا في حالة المساومة أو التنازل وللأسف نحن في عصر يتغلب " المصالح على المبادئ " .
إذن !!! هل هي أزمة مرشّحين أم هي أزمة بين الجهات ذات العلاقة حول أختيار المرشح ؟
بالتأكيد ، الأحتمال الأرجح هو الشق الثاني من السؤال ، الأطراف ذات العلاقة التي ذكرناها آنفا ً يرون وحسب رؤيتهم للواقع بأن لكل طرف له الأحقية في أختيار المرشح ، سواءا ً كان مركز لالش الثقافي
والأجتماعي ، الذي أثبت وجوده بعد الدعم اللامحدود من قبل حكومة السيد نيجيرفان بارزاني خاصة ًبعد المؤتمر الثاني للمركز نهاية عام 1994 وأنسحاب الأنصار المحسوبين على الطرف الثاني " الأتحاد " من الأنتخابات في المؤتمر ، قدم المركز ما قدم من الخدمات وبعض المشاريع ، كل هذا ستصفى وستعود ملكيتها وعائديتها إلى مديرية شؤون الأيزيدية المستقبلية منها القاعات ومئات الموظفين " المجيوريون " الذين تم تعينهم بتسكية من مركز لالش تقدر عددهم بأكثر من 700 ، هؤلاء ربما سيتم غربلتهم كجزء من " حملة مكافحة الفساد في كوردستان " ، الكثير من مثل هذه الأجراءات ستقلل من شأن المركز وتؤثر على دوره الحالي إذا لم يكن المدير العام وطاقم المديرية منهم وفيهم ، لذا هم حاولوا وسيحاولون جهد الأمكان للفوز على الطرف الآخر في مجال أختيار الشخصية المناسبة لهم ، حيث قيل بأن أحد مرشحيهم كان " طالب كلية " . أما الطرف الآخر المتمثل بسمو الأمير والذي يرى أيضا ً بأن كل الشرع والقوانين الدينية يعطي له الحق في الأختيار لمثل هذه الحالات التي تمس الأمور الدينية ، لذا فهو أي " سمو الأمير " سيكون المتضرر الأكثر في حالة عدم أختيار المرشح المناسب من وجهة نظره وموجها ً من قبله ، حيث سيكون بالتأكيد للمديرية وصاية على معبد لالش بما فيه الواردات التي ستصب في ميزانية المديرية ، ومن المحتمل أن يتقاضى سموه راتبا ً مخصصا ً وفق النظام الأداري لها ، لذا فهو حريص جدا ً على الأختيار . هذا ناهيك بأن بعض الأخوة المحسوبين على نفس الجهة والذين يعيشون في المهجر ، أرادوا المشاركة في القرار في هذا الأختيار، بحكم نضالهم المعروف في الأيام الصعبة ، لذا أقترحوا على مراجعهم أيضا ً لتسمية مرشحين من قبلهم ، إلا أن أختيارهم عُورِض مع القانون وأجندات الأطراف الرئيسية الأخرى ، الذين أعطوا لأنفسهم الأحقية والشرعية ومملوكية مثل هذه القرارات .
لذا الصراع بين الأقطاب أو الجهات ذات العلاقة بالشأن الأيزيدي ، لم يكن في يوم ما صراعا ً من أجل قُرَة عيون الأيزيديين ، إنما كان دوما ً صراع المصالح ، صراع من أجل تثبيت الأقدام ، صراع من أجل إبراز الذات ، صراع من أجل عرض العضلات وإلغاء الآخر و ... و ....
هنا لا بد من القول بأن مهما يكن حجم الخلاف أو الصراع بين هذه الأقطاب أو الجهات والمراجع ذات العلاقة بالشأن الأيزيدي ، فَهُم مطالبين أمام الله والضمير الأنساني والجماهير المؤمنة بقضيتهم بترك الخلافات جانبا ً ، وعدم الأهتمام ب " فخفخة المناصب " أو " طَبطَبة على الأكتاف " والدعم من المسؤولين ، هُم مدعويين بالتفكير الجدي بالمصلحة العامة ومبدأ الحوار مع أنفسهم أولا ً ثم الحوار مع الآخرين من نفس الفصيل السياسي ، أما الآخرين المحسوبين على الطرف الثاني من المعادلة السياسية مدعويين أيضا ً لنفس الهدف والأتجاه ، والجميع مطالبين بالجلوس على الطاولة من أجل الأهداف السامية والمصلحة الأيزيدية العليا ، ولتكن حسم أختيار المرشح المناسب لمديرية شؤون الأيزيدية مفتاحا ً للحوار .
ألمانيا في
28 / آب / 2008

الأربعاء، 20 أغسطس 2008

ظاهرة التلفيق ..... السياسي نموذجا ً !!!

بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
" التلفيق " كظاهرة وبشكل عام ، تدخل في خانة إحدى وسائل الصراع العلنية أو السرية ، القانونية أو الغير قانونية ، بغية إسقاط المقابل " الخصم " ، ليجعله في نظر الآخرين مكروها ً ، أحيانا ً ، لا تخلو هذه الظاهرة من بعض الحقائق التي تبنى عليها الخطوات لوقوع الشخص المعني " الضحية " وفق المخطط المعد لذلك ، تعتمد هذه الظاهرة على التشهير والتهم ، بالأستناد على وقائع مخفية ، كانت جزء من سلوك المقابل في الماضي ، ليتم النشر والأعلان بحملة مدروسة غايتها أسقاط الهدف المنشود ، سواءا ً كان أجتماعيا ً أو سياسيا ً .
لذا وطبقا ً لمبدأ الظاهرة أعلاه ، تعرض ويتعرض الكثير من رجال السياسة ، الأقتصاد ، العلماء وأكثرية الذين يعملون في مجالات مهمة إلى التلفيق بشكل أو بآخر ، الحقيقي أو المزيف ، لأهداف وأغراض كثيرة ، وبشتى الطرق المشروعة أو الغير مشروعة ، كأن تكون على شكل دعايات ضد الشخصيات المعنية ، وأستغلال علاقات البعض منهم في الصفقات السياسية أو التجارية ، ليصل الحد إلى التلفيق فيما يخص صلب الحياة الشخصية للمستهدفين ، كأن يكون الحال في العلاقات مع الجنس الآخر ، لفضحهم أمام الملأ ، سواءا ً كانت هنالك علاقة فعلا ً أو حتى أتهامهم زورا ً بذلك لتحقيق ما يربون إليه ، ليتم أحيانا ً أخرى فبركة قصص ، بتكليف البعض ذوي النفوس الضعيفة " النساء أيضا ً " للتمثيل على الضحية وفق أدوار مرسومة من الجهات المكلفة بالتلفيق !!!
" التلفيق " على مستوى الدول ، وكذلك بين الأحزاب والتنظيمات السياسية ، يمكن تسميتها ب " التلفيق السياسي " ، التي تكون عادة ذات أهداف سياسية بحتة سواءا ً كان المقصود به أخضاع الخصم والعمل لصالح الجهة المنفذة لعملية التلفيق أو أسقاطه . هذه الحالة موجودة حتى في الدول ذات النهج الديمقراطي تحت ذرائع ومبررات شتى بالأعتماد على مبدأ الصراع اصلا ً ، والتي " الديمقراطية " أيضا ً هي الصراع ضد الأستبداد والفساد و .. و .. في كل المجتمعات ، خير مثال على ما وردناه أعلاه في زمن الديمقراطية ومكانها " الولايات المتحدة " هو فضيحة " الرئيس كيلنتون ومونيكا لوينسكي " داخل البيت الأبيض والمعروفة والتي كانت وليدة الصراع رغم حقيقتها ، لتحصل حالات أخرى وكثيرة في الدول ذات النظام الديمقراطي ليتم الأعلان عنها حتى على مستوى الصحافة مثل أسرائيل ايضا ً ، هذا ناهيك في الكثير من الدول الأوربية ، حيث كان في السابق وعلى مستوى ألمانيا مثلا ً ، يتم أستثمار مسألة " الأنحراف الجنسي " في الأطاحة بالقادة العسكريين .
بالتأكيد لدى الأنظمة والأحزاب المستبدة خبرة ً أكثر من الآخرين في مجال التلفيق ، كونهم ينوون القيادة بشكل مستمر وبدون منازع ثم عدم قبول المنافسين ، لذا وحسب النهج الذي يسيرون عليه ، أبتكروا شتى الوسائل لقمع ، أنهاء وإسقاط مَن يعارض نهج القائد أو رئيس الحزب المستبد ، الذي يرى نفسه " ظل الله الواحد الأحد على بقعة الأرض التي تحت قيادة الحكيمة دائما ً من وجهة نظره " .
في الشرق الأوسط والعراق تحديدا ً وبحكم أستبداد الأنظمة فيه بأمتياز ، كان النظام العراقي البائد من أكثرهم أستخداما ً لمثل هذه الوسائل والأساليب الأبتزازية لغرض التنكيل بالمواطن العراقي المغلوب على أمره ، ومن خلال الأجهزة الكثيرة لمتابعة المعارضين لنهج " القائد الضرورة " ، والذي ذهب للأسف الكثيير من الضحايا الأبرياء ليس وحدهم ، إنما أقاربهم من الدرجة الرابعة أيضا ً ، حتى باتت هنالك أزمة في العهد البائد وعلى مستوى الداخل أسمها " الوطنية " و " أناس وطنيين " ، إلا إذا كان من خلال التعاون مع السلطات بشكل أو بآخر للتغطية على النشاط المعارض والحفاظ على وطنيتهم ، ربما كان ينطبق هذا أكثر على القادة العسكريين في الجيش العراقي .
في العراق الجديد وبعد التحرير والأحتلال ، أستمر الترويج لهذه الظاهرة وبشكل علني على مستوى الصحافة والفضائيات بين القادة والتنظيمات السياسية المختلفة من أجل الصراع على السلطة ، لأتهام بعضهم البعض وكشف الأوراق حول تعاونهم مع الأجهزة الأمنية والمخابراتية الأقليمية والأجنبية قبل سقوط النظام .
بما أن " كوردستان الأقليم " جزء من العراق ، كانت ولا تزال في دوامة الصراعات مع الأنظمة والحكومات المتعاقبة من أجل الحقوق المشروعة ، عاشت أيضا ً في حالة الصراع مع الذات قبيل " الأقتتال الداخلي " ، لذا كانوا وربما لا يزال " التنظيمات السياسية " من المروّجين لهذه الظاهرة ضد أنصار بعضهم البعض ، بعد العجز أحيانا ً عن عمليات التصفية ، ويتم هذا من خلال بعض الأجهزة الأمنية الخاصة المحسوبة عليهم أو " طابور خامس خاص " مدعوم من نفس الجهات .
هذا فيما يخص الجانب السياسي لهذه الظاهرة والذي قد لا يؤثر على الكثير أو لا يتأثر به الكثير أيضا ً ، لكن الشئ المؤسف والمؤثّر والمؤلم حقا ً هو أنتشار مثل هذه الظاهرة " التلفيق " كالمرض المعدي بين أبناء الأقلية أو الطائفة الواحدة ، أو بين أبناء الشعب الواحد ، وبالتالي بين أبناء المجتمع الواحد ، التي تؤثر على سلوك وشخصية الأنسان وعلى المدى البعيد ، أملنا هو الشفاء من مثل هذه الأمراض ، ونتجنب جميعا ً مثل هذه الظواهر التي أثرت وتؤثر في السلوك ، التصرفات ، الأخلاق وحتى في العلاقات بين أقرب المقرّبين وهذا ما نأسف عليه .

ألمانيا في
18 / آب / 2008

ظاهرة الأغتيال السياسي ... العراق نموذجا ً !!!

بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
" الأغتيال " مصطلح يُطلق على عملية قتل ، يتم التخطيط والتنظيم لها مسبقا ً ، لأستهداف شخصيات سياسية ذات أفكار ورؤى مخالفة للقائمين على عمليات الأغتيال ، هذه الظاهرة ناتجة عن أسباب أخرى عدا السياسية ، منها الدينية ، العقائدية وأحيانا ً أقتصادية أو أنتقامية ، تحدث هذه الظاهرة " الأغتيال " في جميع دول العالم دون أستثناء مع أختلاف الأسباب كما أسلفنا من حادثة إلى أخرى ، وتنتعش عادة مثل هذه الظاهرة وتنمو في ظل الأنظمة الأستبدادية أكثر من الأنظمة الأخرى .
يختلف حجم الجهة المنفذة لعمليات الأغتيال من أشخاص إلى منظمات ، أجهزة أمنية ، مؤسسات قمعية وحتى الحكومات أيضا ً تكون وراء بعض العمليات . لذا وفق ما يراه الكثير من المهتمين والمناوئين لهذا الشأن ، بأن الأغتيال السياسي يندرج في خانة الصراعات السياسية ، ليتحول بعدئذ إلى الوجه الأعنف من الصراع بعيدا ً عن لغة الحوار لينتهي إلى التصفية الجسدية ، وهذا ما يعارضه الكثير من المنظمات ذات الشأن الخاص بحقوق الأنسان والمجتمع المدني وفق مبادئ " منظمة حقوق الأنسان العالمية " التي تأسست وأنشئت على ضوئها مثل هذه المنظمات .
لا شك وكما قلنا بأن لا توجد دولة في العالم إلا وحدثت فيها أغتيالات سياسية بدءا ًمن الولايات المتحدة كدولة عظمى وعلى مستوى الرؤساء والقادة مثل " جون كينيدي " على سبيل المثال ، مرورا ً بأوروبا أيام " هتلر " و " موسوليني " ، وصولا ً للشرق الأوسط كما حدث في مصر أغتيال الرئيس أنور السادات ، الذي كان من بين القادة العرب المتفهمين للوضع العربي الأسرائيلي بشكل جيد ، ليتعامل مع القضية بشكل علني لا وراء الكواليس ، وكذلك أغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق في حادث مروع هزّت المجتمع الغربي والأوربي والعربي عامة ً حكومات ومنظمات ، وحوادث أخرى من الأغتيال السياسي لا مجال لذكرها في مقالنا هذا .
أما عن العراق ، فحّدث ولا حرج . ففي التاريخ المعاصر لهذا البلد ، منحني الأغتيالات في تصاعد مستمر وفي ظل الحكومات والأنظمة المتعاقبة التي حكمت بالحديد والنار . كل الأنظمة التي حكمت العراق وعلى مدى عقود من الزمن قاومت المعارضة السياسية التي تنادي بالديمقراطية بشكل أو بآخر من خلال تشكيل العديد من الأجهزة الأمنية والمخابراتية لملاحقة المناوئين لها من أجل الوقوع في مصيدتها ، لذا تم تدريب أزلامهم على شتى صنوف وأنواع الملاحقة منها الأغتيالات سواءا ً كانت في الداخل أو في خارج العراق .
إذن ! كل التنظيمات والأحزاب المعارضة للنظام البائد وخاصة الذين رفعوا شعار أسقاطه منها الحزب الشيوعي العراقي والمجلس الأعلى وحزب الدعوة والوفاق و ... نالوا نصيبهم من الأستهداف للتصفية بدءا ً من رؤسائها وقياديها والأعضاء النشطين . رغم أن الأكراد وخلال فترة كفاحهم لم يرفعوا شعار أسقاط النظام ، إلا أنهم نالوا أيضا ً حصتهم من الملاحقة والأغتيال حتى حينما كانوا متحالفين مع النظام البائد في حقبة السبعينات أثر أتفاقية الحادي عشر من آذار ، حيث تعرض البارزاني الخالد ونجله المرحوم أدريس البارزاني إلى محاولتي أغتيال في حاج عمران وبغداد من قبل أزلام النظام ، وآخرين كثيرين من خيرة قادتها أمثال المرحوم صالح اليوسفي في بغداد تم أغتياله برسالة ملغومة ، هذا ناهيك عن أنهم لم يفلتوا من العقاب الجماعي وفي حوادث معروفة لدى المجتمع الدولي أثناء قصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيمياوي وأنفلة ثمانية آلاف من البارزانيين ثم حملات الأنفال الجماعية المعروفة والتي راح ضحيتها أكثر من التعداد السكاني لأحدى الدول الصغيرة أو تعداد بعض الأمارات الخليجية .
أما بعد زوال النظام ودخول القوات المتحالفة تحت صبغة الأحتلال ولحد الآن ، أختلطت كل الأوراق ليتحول العراق إلى بلد الرعب بعد تسهيل مهمة دخول التنظيمات المتشددة من قبل الأطراف المعادية للعراق ليزداد وتيرة الأغتيالات في معظم أرجاء البلاد . بالرغم من تعرض الكثير من السياسيين " المعارضين بالأمس للنظام " إلى حوادث أدت إلى تصفية البعض منهم من قبل " المعارضة المعكوسة " التي كانت بالأمس تحكم البلد بالحديد والنار وبالتعاون التام مع التيارات السلفية والأرهابية الأخرى ، إلا أن غالبية حالات القتل والأغتيال التي حصلت وتحصل في العراق الحديث بعد سقوط النظام ، كانت بدافع وروح أنتقامية بين العراقيين من مختلف الطوائف ، حتى أصبح القتل ليس على الهوية فحسب بل حتى على الأسماء ايضا ً ، هذا أسمه علي أو حسن أو حسين من الشيعة يقتلون من قبل المتشددين السنة ، والذين يحملون أسماءا ً ك " عمر " و" عثمان " و ... يقتلون من قبل المتشددين الشيعة ، لكن هنالك مكونات أخرى مثل المسيحييين والصابئة والأيزديين حُلل قتلهم للأسف من قبل السلفيين المتشددين على الأنتماء الديني ، علما ً بأن الأيزدي يسمى ب " علي ، حسن ، حسين ، عمر وعثمان و .. " .
إذن !! أصبح العراقيين ضحية الصراعات العقائدية ، السياسية ، الأسلاموية والعلمانية ، حتى باتت تنفذ عمليات أغتيال منظمة في أروقة المؤسسات الحكومية التي يرأسها هذه الشخصية أو تلك منتمي إلى هذا الحزب أو ذاك التنظيم ، أو محسوب على هذه الطائفة أو تلك .
مهما نكن عاطفيين أو نجامل أنفسنا ، لا نستطيع أن نستثني " كوردستان الأقليم " من هذه الظاهرة والتي تحدث في كافة أرجاء المعمورة كما أسلفنا . من وجهة نظر " كوردستان الحزب " لكل تنظيم له الحق في أدارة جهاز أمني ، والذي من المفروض أن تنحصر مهمة مثل هكذا أجهزة في الدفاع عن الأخطار التي تهدد أمن الحزب في حالة الصراع مع الأقطاب الخارجية التي تعمل بالضد من القضية التي يدافع عنها الأحزاب الكوردستانية وفق المبادئ العامة للمنهاج والنظام الداخلي له ، هذا الأمر الذي يكون فيه الشرعية والمنطقية إلى حد ما حول كيفية تعامل الجهاز الحزبي والأمني مع العدو الخارجي في الصراع . أما الذي لا يرضي المنطق والضمير الأنساني الكوردستاني هو حول وجود العديد من الأجهزة الأمنية والمنظمات السرية وفرق الموت " رجال المهمات الصعبة " التابعة للبعض المسؤولين المحسوبين على هذا التنظيم أو ذاك وربما أحيانا ً بدون علم القيادة العليا للأحزاب الكوردستانية ، المرؤوسين " المأجورين " هم الذين ينفذون ما يأمرهم به رؤسائهم في تنفيذ عمليات اغتيال " القتل الداخلي " المحسوبين على الأطراف الأخرى وبالعكس وأحيانا ًتصفية المحسوبين على نفس الطرف أو الجهة المنفذة للعمليات ، لتنقلب أحيانا ً أخرى الأية على المنفذين أنفسهم " فرق الموت " ، حيث يتم بين الحين والآخر تصفية البعض من هؤلاء " المأجورين " الذين قاموا بتنفيذ الكثير من العمليات وعلى أيدي آخرين مأجورين بنفس الطريقة ولنفس التنظيم خوفا ً من أكتشاف أمرهم .
هذه الظاهرة " الأغتيال " العشوائية إلى حد ما في الفترة الأخيرة بعد سقوط النظام البائد ، وكذلك المخططة والمنظمة أيضا ً منذ زمن بعيد في المنطقة معتمدة على الأجهزة الأمنية والمخابراتية والمنظمات السرية وفرق الموت المصطنعة أصلا ً ، قد أثرت وتؤثر ليس على المبادئ العامة لحقوق الأنسان فحسب ، بل لها تأثير على سير وأداء ومستقبل التجارب الديمقراطية الفتية في المنطقة " تجربة كوردستان نموذجا ً " أمام الرأي العام العالمي بشكل أو بآخر ، مثلما حصل من تأثير على دور تجربة الأقليم وعلى مستوى الأعلام في الحملة الأخيرة على أوكار الأرهابيين في مدينة الموصل " الحدباء " .
طالما هنالك إدعاء ، اقتداء ، أيمان ووجود الديمقراطية ، لذا ومن أجل ديمومتها والمحافظة عليها ، من المفترض ولا بد على الذين يدعون ، يقتدون أو يؤمنون بوجودها التفكير بالعمل على التخلص والتحرر من نظام المنظمات السرية وإلغاء الأجهزة الأمنية والمخابراتية المرتبطة بهذا التنظيم أو ذاك وتحت أمرة أي مَن كان والفائضة عن الحاجة " حسب مفهوم الديمقراطية " التي عملت وتعمل على قمع وتخويف وأغتيال المواطن العراقي المغلوب على أمره والذي بات وكما قيل على لسان الشاعر الشعبي العراقي البصراوي المعروف " عباس جيجان " في إحدى قصائده ( مِن كُثر ما عندي خوف من الحكومات ، أشوف الناس كل الناس شرطة ) وهذا ما ينطبق فعلا ً على المواطن العراقي . إذن ظاهرة الأجهزة الأمنية الكثيرة عملت على زرع عقدة الخوف في نفسية المواطن العراقي بكافة أطيافه ، حيث لم يتحرر منها ويتأثر بتلك العقدة حتى بعد الرحيل عن الوطن والعيش في الدول الأوربية المتقدمة أثناء التعامل أو حتى مشاهدة الشرطة عن بعد .
ألمانيا في 27 / 07 /2008

أميريكا ومدى جديتها في التعامل مع ملف كوردستان العراق !!

بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
في مانشيت عريض لجريدة الراصد العراقية المعروفة سابقا ً بعد أتفاقية الجزائر المشؤومة والتي كانت حصيلتها نكسة عام 1975 على الكورد ، ذلك العنوان كان مقتبسا ً من إحدى الصحف التي أجرت لقاءا ً مع البارزاني الخالد بعد النكسة والذي قال ( لولا الوعود الأميريكية لما وقعنا في الفخ ) ، هذا ما قاله زعيم الحركة التحررية الكوردية بدون منازع آنذاك حول الأتفاقية والنكسة .
إذن ! كانت القيادة الكوردية تدرك حينذاك الموقف الأميريكي المبني على المصالح في العالم ، ورغم ذلك لجأ البارزاني الراحل إلى الولايات المتحدة بعد أحداث 1975 ، ليبقى هناك إلى أن وافاه الأجل في آذار 1979 ، حيث قيل بأن سبب وفاته كان مصطنعا ً بعد أن قرر البارزاني الرجوع إلى ايران واللقاء مع الأمام الخميني بعد نجاح مناصري الأخير في الثورة الأسلامية والسيطرة على الحكم ثم مغادرة الشاه " محمد رضا بهلوي " إلى جمهورية مصر العربية . بمناسبة الحديث عن أميريكا ومصالحها في تلك الآونة أي بعد أندلاع القتال بين قوات البيشمه ركه والجيش العراقي في آذار 1974 بعد سحب إعتراف النظام البائد بأتفاقية آذار ، أستخدم النظام في المعارك كافة الأسلحة بما فيها " قنابل النابالم " ذات القدرات التدميرية حتى في الصخور الجبلية ، تلك القنابل كانت تلقى من طائرات ضخمة ذات صوت مميز أثناء تحليقها في سماء كوردستان وتسمى بطائرات " باجر أو توبوليف " ، تلك الطائرات الضخمة الحاملة لأطنان من القنابل كانت مجهولة المواصفات لدى أميريكا وأجهزتها التقنية ، أرادت أن تعرف " كيفية تصميمها " من قبل خصمها التكنلوجي حينذاك "الأتحاد السوفيتي " ، لذا أعطت الأوامر لحليفتها " أيران الشاهينشاهي " بمحاولة ونصب قاعدة " صواريخ هوك " المضادة للطائرات في كوردستان لرصد وإسقاط إحدى تلك الطائرات ، فعلا ً تم ما ارادت الولايات المتحدة بأسقاط إحداها لياتي الخبراء والمختصين بالشؤون الجوية الأميريكية لغرض التصوير وأخذ بعض العينات من هيكل الطائرة .
إذن ! لولا المصالح الأميريكية لربما لم تحصل نكسة عام 1975 ، كما أشار البارزاني الخالد في تصريحه لوسائل الأعلام بعدها ، أقتضت مصلحتها ايضا ً في نصب إحدى أحدث القواعد للصواريخ لأداء مهمتها ثم تفكيك القاعدة ونقلها حينذاك إلى المكان التي أتت منها .
في الحرب العراقية الآيرانية وعلى مدى ثمان سنوات ، قدمت أميريكا الدعم لصدام حسين ضد أيران ذات النظام الأسلامي من خلال الدعم اللوجستي اللامحدود من قبل دولة الكويت طبقا ًلتوجيهات أميريكا ، وتقديم الكثير من المعلومات حول المواقع المهمة عن طريق " طائرات الأواكس " الأميريكية الصنع والسعودية التمليك والأستخدام . لذا رغم ما تعرض له الكورد قبل وبعد نهاية الحرب العراقية الأيرانية من قبل النظام البائد ، بدءا ً من قصف حلبجة بالأسلحة الكيمياوية أنتهاءا ً بحملات الأنفال السيئة الصيت ، لم يصدر اي تصريح أو بيان من الولايات المتحدة لشجب أو أدانة تلك العمليات البشعة ، لتبقى كفة المصالح " سيدة الموقف " أيضا ً مقابل كفة المبادئ العامة لحقوق الأنسان . لولا صدى الهجرة المليونية للكورد بعد أنتفاضة آذار 1991 وتأثيرها على الرأي العام العالمي وما قامت بها الكثير من المنظمات الأنسانية ذات المجتمع المدني بالمساعدة ، لَما كان لأميريكا دور مباشر في تأمين الحماية الجوية لكوردستان العراق من القوات النظامية العراقية آنئذ . أما بعد سقوط النظام والذي كان للكورد دور مهم ومن أقوى الحلفاء للولايات المتحدة بعد أمتناع حليفتها الستراتيجية " تركيا " في حلف شمال الأطلسي " الناتو " من أستخدام أراضيها لضرب العراق ، تمكن الكورد وللمرة الثانية اثناء وبعد الأنتفاضة من تحرير مدينة كركوك الغنية بالذهب الأسود وساعدوا على تحرير مناطق اخرى منها مدينة الموصل على سبيل المثال لا الحصر ، بعد التحرير والأحتلال باشهر قليلة ساعد الكورد الأميريكان أيضا ً ومن خلال أعطاء معلومات دقيقة لقوات التحالف عن مكان تواجد رئيس النظام السابق ، حسبما جاء على لسان السيد كوسرت رسول علي نائب رئيس اقليم كوردستان ولأكثر من مرة ، آخرها أثناء لقاء جريدة الشرق الأوسط اللندنية مع سيادته مؤخرا ً .
إذن ! رغم أن تجربة كوردستان الديمقراطية إلى حد ما ، والتي يمكن أن تدرج في خانة إحدى التجارب الديمقراطية الفريدة في منطقة الشرق الأوسط بعد تجربة أسرائيل ، إلا أن موقف أميريكا ومن خلال التقارير التي تعد وتقدم إلى الجهات الرسمية والأعلامية من قبل مسؤولين سابقين في الحكومات الأميريكية وآخرها الجزء الأول من التقرير المعد من قبل ديمستورا وعلى شكل مقترحات حول المناطق المتنازعة عليها والذي أقترح بإلحاق قضاء مندلي على سبيل المثال بمحافظة ديالى ، تلك المنطقة التي كانت من ضمن المطاليب الكوردية على مدار عشرات السنين وقدم الكورد الغالي والنفيس من أجل الدفاع عن مطاليبهم ، هذا ناهيك عن موقف أميريكا الرسمي الغير واضح حول المادة 140 من الدستور العراقي وبالذات فيما يخص مدينة كركوك ، علما ً بأن صياغة الدستور تم بالتوقيت الذي حددتها أميريكا ووفق ارشاداتها ، لذا جاءت زيارة السيدة كوندوليزا رايس إلى كركوك بما لا يرضي توجهات الأطراف الكوردية بعد رفض الرئيس البارزاني أستقبالها في أربيل العاصمة ، حيث قيل بأنها كانت تحمل في جعبتها أجندة حول المناطق الكوردستانية المنسلخة وخاصة مدينة النفط ، ليتم تصنيفها في أقليم خاص ومستقل بعيدا ً عن آمال وتطلعات الشعب الكوردستاني على الأقل في الوقت الحاضر ..
بعد كل الذي حصل من تحالفات وأتفاقات " شفوية " غير موثقة مبنية على الثقة والوعود المتبادلة بين الكورد وأميريكا خلال فترة زمنية طويلة من الألفيتين الثانية والثالثة قبل وبعد التحرير والأحتلال . فيا ترى ! هل ستحصل اتفاق أو تحالف ستراتيجي بينهما مبنيا ً على الدفاع عن حقوق الكورد " الشعب المليوني " ، فيما لو تم تحقيق حلمهم الذي رافقهم على مدى عقود من الزمن بإعلان الدولة الكوردية في المستقبل ؟؟؟

ألمانيا في
13 / تموز / 2008

السبت، 28 يونيو 2008

حذارٍ مِن ال " ثورة في الثورة " في كوردستان ... رؤية مستقبلية


بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
شهد النصف الأول من القرن المنصرم حَدثين هامين مدمرين معروفين جداً هي الحربين العالمين الأولى من ( 1914 _ 1918 ) والثانية من ( 1939 _ 1945 ) ، هذين الحربين كان لهما تأثير مباشر على أحياء وبروز الكثير من القضايا في العالم وتغير خارطة الكثير من المناطق والبلدان ، ليندلع شرارة الكثير من الثورات مع بداية سقوط أمبراطوريات ، أهم ما حدث خلال وبعد الحرب الأولى سقوط الأمبراطورية القيصرية وقيام الثورة البلشفية بقيادة الرائد " لينين " ، ثم أنهيار أمبراطورية الرجل المريض " الدولة العثمانية " ، ليتم تأسيس الدولة التركية على أنقاضها وتقسيم ممتلكات الدولة حينذاك منها العراق طبعا ً وفق أتفاقية " سايكس بيكو " والذي أصبح العرب والكورد ضحيتها تحت صبغة الأحتلال الطويل الأمد ، جاءت " لوزان " عام 1923 لتكون على حساب حقوق الكورد وفق ما أُقر في أتفاقية " سيفر " عام 1920 .
أندلعت في المنطقة شرارة الكثير من الثورات ضد الأحتلال ، منها ثورة المليون شهيد المعروفة في الجزائر وثورة العشرين في العراق وثورة الشيخ سعيد بيران في تركيا ، الذي يهمنا في هذا المقال هو ما حدث في كوردستان ، كان هنالك خلال وبعد الحرب الأولى ثورة الشيخ محمود المعروفة ضد الأحتلال الأنكليزي ، تلتها ثورات بارزان بقيادة الراحلين الشيخ أحمد ومصطفى البارزاني فيما بعد من أجل نيل الكورد حقوقهم المشروعة . لم يكن الحرب العالمية الثانية خالٍ من المفاجئات أيضا ً بالنسبة للكورد وكوردستان بعد التقسيم ، حيث برزت تنظيمات سياسية في بدايته مثل حزب " هيوا " على سبيل المثال لا الحصر ، ليتفقوا قادتها على تشكيل تنظيم أوسع متمثلا ً بالحزب الديمقراطي الكوردي / العراق عام 1946 ، بعد أن أسندوا قيادته إلى الراحل البارزاني مصطفى ، سرعان ما بادر الأخير بالمشاركة والدفاع عن " جمهورية مهاباد الكوردية الفتية " التي تم الأعلان عنها في كوردستان أيران ، ليغادر فيما بعد من هناك مختفيا ً مع قوة كبيرة إلى الأتحاد السوفيتي بعد القضاء على الجمهورية وأعدام رئيسها القائد التاريخي " قاضي محمد " في ساحة " جوار جرا " .
إذن ! بعد كل تغير ، قد تحصل أكثر من تغير بشقيه الأيجابي والسلبي لهذا أوذاك من المكونات والشعوب ، أو لهذه وتلك من الدول والمناطق ، بعد كل حدث مهم تجري أحداث أهم لصالح أو ضد الآخرين ، لذا نرى في النصف الثاني من القرن المنصرم وبعد ثورة 14 تموز / 1958 بقيادة عبد الكريم قاسم ، دعا ذلك الرمز الوطني إلى عودة البارزاني من منفاه الأجباري في الأتحاد السوفيتي ، ليتم أقرار شراكة الكورد أسوة بالعرب في العراق دستوريا ً . لكن ! للأسف وبسبب الظروف المحيطة بقادة الثورة حينذاك وربما لظروف خارجية ، تم ملاحقة وحجز قادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الموصل وبغداد ، أدى إلى أندلاع ثورة أيلول بقيادة البارزاني الأب عام 1961 . التغير الأسوء الذي حدث في العراق بعد أنقلاب تموز 1968 ، الذي أستمر ثلاث عقود ونيف لحين السقوط عام 2003 ، بعد أقل من سنتين على أستلام البعث الحكم في بغداد ، حصل أتفاق بين القائمين على السلطة المركزية " البعث " والقيادة الكوردية المتمثلة حينذاك ب " الحزب الديمقراطي الكوردستاني " بقيادة البارزاني الخالد على أتفاقية 11 آذار التي كانت من وجهة نظر القيادة الكوردية مكسبا ً تاريخيا ً ، لكن المماطلة في التنفيذ التي دامت أربع سنوات ساعد النظام على التنظيم والتسليح وتقوية العلاقات مع العالم الخارجي والذي كان بحاجة ماسة إلى ذلك باعتباره نظاما ً جديدا ً في الساحة السياسية آنذاك ، حيث تلك الفترة كانت مكسبا ً للنظام ، لذا وقبل أنتهاء الفترة المقررة للتنفيذ ، سحب أعترافه بالأتفاقية الموقعة بين الطرفين ليطعن بها وتصبح الأتفاقية مجرد حبرا ً على ورق ، أندلع القتال بينهما وبعد الشعور بالضعف خلال عام من المعارك البطولية التي قادها البيشمه ركة ضد الجيش العراقي ، سرعان ما تآمر على الثورة الكوردية والتنازل ل " شاه ايران " بشط العرب ومناطق أخرى من العراق على حساب الكورد وفق تخطيط مسبق من مهندس " أتفاقية الجزائر المشؤومة " هواري بومدين ، ليحصد الكورد أكبر نكسة جراء ذلك عام 1975 ، مما أدى إلى أنشقاق جزئي بين القيادة السياسية الكوردية والعسكرية حول كيفية التعامل مع النكسة " مواصلة القتال أو الأنسحاب من الساحة " ، لكن كفة الميزان ترجحت لصالح القيادة العسكرية بالأستسلام والأنسحاب إلى العمق الأيراني ، ذلك الحدث المأساوي في تاريخ الحركة التحررية الكوردية كان لها تأثير معنوي كبير في نفسية قادتها مع القاعدة . لكن سرعان ما تم أعادة التنظيم بعد اشهر قليلة ، ليعلن ولادة الأتحاد الوطني الكوردستاني في الأول من حزيران عام 1975 ، هذا التنظيم الذي كسر الطوق الأحادي القطب في النضال من أجل الحقوق المشروعة ، أثبت الأتحاد وجوده بسرعة البلاشفة على مستوى كوردستان في الداخل والخارج أيضا ً بعد أن تأسس على أرضية موجودة أصلا ً وهي " جمعية الشغيلة " إضافة إلى التنظيمين الآخرين " التيار الأشتراكي " و " الخط العريض " والمباشرة طبعا ً بالنضال في الداخل . بعدها بفترة قصيرة أندلعت ثورة كولان تحت أشراف " القيادة المؤقتة " حينذاك . لكن قبل وبعد أن تجرع الأمام الراحل الخميني " كأس السم " كما قال هو بنفسه ، أي الموافقة على أيقاف الحرب العراقية الأيرانية ، تعرض الكورد إلى أكثر من كارثة أنسانية متمثلة بحملة أبادة جماعية " قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية " راح ضحيتها أكثر من خمسة آلاف من المواطنين العزل ، تلتها حملات الأنفال السيئة الصيت المعروفة ، حدثت تلك العمليات الوحشية وللأسف لم يتحرك الضمير الأنساني في العالم الغربي للتعاطف مع الشعب الكوردستاني حينذاك . لكن مغامرة النظام البائد أثر أحتلال دولة الكويت ، أدت إلى أندلاع الأنتفاضة في معظم أرجاء العراق بما فيه المدن الكوردستانية ليطرح الملف الكوردي نفسه بقوة في الساحة العالمية خاصة بعد الهجرة المليونية للكورد إلى الخارج اثناء قيام النظام بقمع الأنتفاضة بعد الضوء الأخضر من قبل قوات التحالف في الخليج والعراق مما أدى إلى تعاطف المجتمع الدولي مع القضية الكوردية ليحصلوا فيما بعد على منطقة آمنة والتي كانت بحق " فرصة تاريخية " .
في العام الأول من الألفية الثالثة ، حدث ما توقع الباراسايكولوجي المعروف " نوستر أداموس " ، الذي تنبأ بالذي حدث في 11 / سبتمبر قبل مئات السنين مع توقعات وتنبؤات أخرى حدثت فعلا ً مثل الثورة الفرنسية والحربين العالميين و .... مدونة ضمن كتاب " تنبؤات نوستر أداموس " والذي قال " سيأتي ملك الأرهاب من السماء في مدينة يورك ..... " ، الذي أشار المحللون بأن كان القصد هو العمل الأرهابي بالطائرات لضرب الأبراج التجارية في مدينة نيويورك . ذلك الحدث الذي اثر بشكل أو بآخر على تغير الخارطة السياسية في العالم بعد أعلان الولايات المتحدة الحرب على الأرهاب ووضع الخطط البعيدة المدى لمكافحة ومحاربة ونقل الأرهاب خارج أميريكا بعد أن شاركت مع حلفاءها بالقضاء على حركة طالبان في أفغانستان وسقوط النظام في العراق . الذي يهمنا هو ما حدث في بلدنا العراق ، حيث بزوال النظام أنهارت الدولة بمؤسساتها نتيجة مغالطات وقع فيه الأحتلال الأميريكي منذ البداية في كيفية معالجة الموقف مما أدى إلى خلط الحابل بالنابل ، ليتعرض ممتلكات الدولة بكاملها إلى السرقة والنهب بشكل عشوائي وأنهيار الأقتصاد ليختفي عشرات المليارات من الدولارات تحت يافطة الفساد المستشري في ربوع البلاد .
إذن ! من خلال هذا السرد الموجز والمبسط وربما الممل بالنسبة للبعض ، نرى بأن كوردستان وعلى مدى عشرات العقود من الزمن في الألفية المنصرمة في حالة أنتفاضات ، ثورات ، مفاوضات وأتفاقيات مع الحكومات المتعاقبة من أجل نيل الحقوق المشروعة للشعب الكوردستاني ، خلال الأعوام المنصرمة من الألفية الثالثة وخاصة بعد سقوط النظام في بغداد ومشاركة الكورد في القرار السياسي ، عانوا من مواجهات عدة مع الحلفاء والأصدقاء في الحكومات ، رغم أنهم أفلحوا في معركة صياغة بنود ومواد الدستور العراقي الدائم ، إلا أن كل التصورات والرؤى تتجه نحو المعركة الحقيقية في تطبيق المواد وخاصة المادة 140 من الدستور المتعلقة بالمناطق المتنازعة والمنسلخة من كوردستان الوطن والذي بات التطبيق يؤجل مرة ً تلو الأخرى وربما هذه المرة سيكون التأجيل إلى أمد بعيد .
لذا نرى بأن كوردستان لا زال في حالة الثورة ، تقودها قيادة علمانية إلى حد ما وتعاني من أزمة أو ربما أزمات داخلية سواءا ً المتعلقة بشكيل الحكومة الموحدة أو الخاصة بالفساد الأداري والمالي الذي أنتشر بشكل واسع كوباء السرطان في الجسد الكوردستاني .
لذا لا بد أن نقول وطالما بعد كل تغير تحصل أكثر من تغير وبعد كل حدث تحصل أكثر من حدث كما أسلفنا . فيا ترى !!!
هل من الممكن معالجة مثل هذا الوباء الخطير " الفساد " في المستقبل القريب بعد أستحداث رئاسة الأقليم وتوحيد الأدارتين والأتفاق الستراتيجي ؟
مَن الذي يملك الجرأة في الأقدام على مثل هذه الخطوة " مكافحة الفساد " ، بدءا ً من الرؤوس الكبيرة ؟
فيما لو تعذر أن يحصل الذي ذكرناه في المستقبل القريب . فيا ترى !
كيف سيكون مستقبل كوردستان في ظل تطور هذه الظاهرة مع نمو التيار الأسلامي ؟
ألم يتم أستغلال مثل هذه الظروف من قبل المناوئين وحتى بعض المشاركين في التجربة الكوردستانية للقيام ب " ثورة في الثورة " وبأساليب شتى ، بعد أن أعادوا البعض تنظيمها مؤخرا ً ليتم أستغلال الناس البسطاء تحت ستار أو غطاء الدين ؟
نتمنى أخيرا ً أن يكون " التيار القومي " سيدا ً للموقف في كل زمان ومكان في كوردستان !!!
ألمانيا في
27 / حزيران / 2008

الثلاثاء، 10 يونيو 2008

عن القَسَم المهني أوالوظيفي !


بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
1. في صيف عام 1984 ، تخرجنا من الكلية في جامعة الموصل / العراق ، حيث العراق آنذاك ، شهد أطول حرب خاضه النظام البائد ضد أيران والمعروف بالحرب العراقية الأيرانية على مستوى العالم ، حسب النظام المعمول به عسكريا ً في تلك الفترة يتم تجنيد الخريجين إلى كلية الضباط الأحتياط في العاصمة بغداد / معسكر الرشيد لغرض أجراء الفحوصات الطبية واللياقة البدنية ، ثم تدريبهم على " المشاة " لمدة ستة أشهر ، يتم تصنيفهم بعد ذلك وحسب الأختصاصات إلى دورات تدريبية أخرى على الصنف لمدة ثلاثة أشهر وزجهم بعد ذلك في طاحونة الحرب التي لم تظهر في الأفق حينذاك نهايته . في نهاية كل دورة ، هنالك حفل تخرج ، يحضر كبار الضباط من مختلف صنوف الجيش العراقي ويحضر أيضا ً ممثلا ً عن القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية حينذاك ليسمعوا جميعا ً القَسَم " أ ُقسم بالله العظيم .... " الذي يردده الضباط المتخرجين من كل دورة بأن يكونوا أوفياء للعهد الذي قطعوا على أنفسهم لخدمة الوطن .
تسرحنا " خريجي الكليات العلمية " فيما بعد ، بضغط من منظمة اليونسكو العالمية على الحكومة العراقية حينذاك والذي حُدد فترة الخدمة لخريجي الكليات العلمية كما أسلفنا ، لكن للأسف خلال فترة معايشتنا في الخدمة العسكرية والتي دامت ثلاث سنوات ، بأن معظم الضباط إن لم نقل جُلهم وعلى مستوى عال من الرتب العسكرية من الذين عاشرتهم وعن قرب بحكم عملي كمهندس مشرف على المخازن والعجلات المبردة والمجمدة ومعامل الثلج الميدانية في سلوكهم وتصرفاتهم الميدانية لم يكونوا أهلا ً ل " القسم " الذي رددوه وفق المبادئ التي من المفروض السير عليها .
2 . في صيف عام 1988 ، كنت في زيارة عمل ميدانية إلى ناحية العياضية التابعة لقضاء تلعفر للأشراف على طلبة المعهد الفني بعد التسريح من الجيش والعمل في مؤسسة المعاهد الفنية لوزارة التعليم العالي العراقي كتدريسي ، حيث كان تحت أشرافي أحد الطلبة الذي لديه تطبيق عملي في المركز الصحي للناحية أعلاه ، بعد الأطلاع على الحالة التطبيقية للطالب ، كان لا بد من مصادقة رئيس المركز على التقرير المعد من قبلي لتقديمه إلى الجهات ذات العلاقة فيما بعد ، لذا لا بد لي من التعرف على شخصية ذلك المدير والذي كان طبيبا ً من المتخرجين الجدد ، حيث من لكنة اللهجة التي تحدث بها معي ، تبين لي أنه من داخل مدينة الموصل " مصلاوي " ، لكن من خلال حديثه ولحيته الخفيفة ، يشير إلى أنه أسلامي الفكر والتوجه خاصة حينما أقترحت عليه بعد التعارف بمحاولة نقله إلى مناطق أخرى قريبة من مدينة الموصل ، كناحية بعشيقة أو قضاء الشيخان على سبيل المثال لا حصرا ً . لم أكن أتوقع أبدا ً الرد من قبله بذلك الأسلوب الذي لا يليق بمهنته كطبيب فقط ، حيث قال " بأن سكنة المناطق تلك هم أناس يزيديين غير مؤمنين وغيرها من الألفاظ النابية التي لا أود ذكرها ....... " . إذن ! أين هو ذلك الطبيب وربما آخرين كثيرين من الرسالة الأنسانية وفق المبادئ التي تم تدريسها في الكلية على مدار ست سنوات ؟ وأين هو من ذلك القسم الذي ردده بعد التخرج مع زملاءه من أجل أن يكونوا أمناء ، حاملين تلك الشهادات ليتعاملوا مع كل الناس بنفس المستوى ؟ بالطبع حينما عرّفت نفسي له أكثر بأنني أحد ابناء تلك " الأقلية المنبوذة " من وجهة نظره ، كان الموقف محرجا ً جدا ً بالنسبة له ....
3 . الفقرتين أعلاه 1 و 2 ، تحدثنا عن حالتين في الماضي ربما البعيد ، لكن المرحلة الأهم بالنسبة لنا هي " الحاضرة عراقيا وكوردستانيا ً " بعد التغير الذي حصل بزوال النظام البائد عن كاهل الشعب العراقي بعربه وكورده وأقلياته .
عراقيا ً : بعد التحرير أو الأحتلال ، شُكل مجلس الحكم ، أ ُجريت أنتخابات ، دخلوا النواب البرلمان ، شُكلت حكومات وفق مبدأ المحاصصة أحيانا ً وبالتوافق أحيانا ً أخرى حسب رؤية القائمين على الحكم في العراق ، أبتعد البعض من التيارات والأحزاب عن العملية السياسية خلال الخمس سنوات بعد التغير غير راضين لا بل البعض معترضين اساسا ً على الدستور العراقي الذي أجتاز الأستفتاء وسط صعوبات جمة . إذن خلال الفترة الماضية والتي تجاوزت نصف عقد من الزمن على النظام الجديد في العراق نحو الديمقراطية ، برزت على الساحة الكثير من الشخصيات سواءا ً كانوا رجال دين أو رؤساء أحزاب مع قياداتها ، تم أختيار الكثير من منهم ليصبحوا نوابا ً في البرلمان ووزراء في الحكومات المتتالية ، بدءا ً من حكومة الدكتور علاوي مرورا ً بحكومة الدكتور الجعفري أنتهاءا ً بالحكومة الحالية التي يقودها المالكي ، لكن للأسف كان هنالك اختراق للبرلمان والحكومات بمؤسساتها من قبل أناس معادين أصلا ً للعملية السياسية والتغير الذي حصل في العراق ، نعتقد بأن هذه الظاهرة موجودة لحد الآن لم يتم معالجتها رغم المحاولات ، بل تم التعامل معها على اساس مبدأ المساومة بين الأطراف السياسية في الساحة العراقية الحالية " هذا عائد إلى فلان والآخر إلى علان وهكذا ... " . أكثرية الذين تسنموا المناصب وفق " قسم " مرسوم لهم يرددوها على أن يكونوا أوفياء ، أمناء على الوطن الجريح ، لكن حالما أستلموا مناصبهم ، تم أستغلال صلاحياتهم بالأنحراف عن الخط العام والمبادئ التي طالما تشدقوا بها أمام الملأ ، لذا وعلى اثر ذلك شُكلت لجنة النزاهة بفروعها ، لكنها ربما توفقت في عملها وفي بعض الحالات على مستوى الأدارات المحلية في المحافظات فقط ، أما على مستوى الحكومة المركزية في بغداد ، لم توفق في عملها ربما نتيجة التهديد والوعيد من الأرهاب والأرهاب المضاد ايضا ً ... يا ترى ! هل أوفوا بالقسم الذي رددوه ليتعهدوا أخوتهم العراقيين أن يكونوا أوفياء لهذا الوطن الذي شاء قدره أن يكون ويبقى جريحا ً نتيجة مغامرات الذين حكموه منذ تأسيس الدولة على مدار تسعة عقود من الزمن ؟
كوردستانيا ً: بعد أنتفاضة آذار المباركة عام 1991 ونتيجة مغامرات النظام البائد باحتلال الكويت ، حصل الكورد على منطقة آمنة بقرار دولي ، ليتنفسوا الصعداء بعد رحلة طويلة من النضال ضد الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة التي حكمت بالحديد والنار العراق ، تم أنتخاب أول برلمان كوردستاني في مايو 1992 ، لتتوالى تشكيل حكومات ، موحدة تارة وأحادي القطب تارة أخرى في اربيل والسليمانية خلال عقد ونيف من الزمن ليتم تعين اعضاء البرلمان من الحزبين الرئيسيين والأحزاب الأخرى وكذلك الوزراء من اكثرية التنظيمات والتيارات الموجودة في كوردستان الوطن ، معظمهم رددوا " كليشة القسم " أمام المنابر الرسمية والشعبية أيضا ً ، ليكونوا عند حسن ظن مسؤوليهم والمواطنين ، لكنهم ابدعوا في مجال الفساد الأداري والمالي أكثر حتى من أن يكتسبوا الخبرات في المجال الذي عملوا فيه ، هنالك مَن فشلوا في مهامهم أيضا ً . فيا ترى ! كم من هؤلاء الفاشلين في المهام المرسوم لهم أبدوا أستعدادهم بالتنازل عن مناصبهم أو قدموا أستقالاتهم لأعطاء المجال لآخرين أكفاء أكثر منهم ؟ هذا ناهيك عن الكثير من المسؤولين الحزبيين أو حتى الأداريين الذين قدموا تعهدات أو حتى أقسموا ب " دماء الشهداء " من خلال خطبهم الرنانة أمام الجماهير ، بأن يعملوا ما في وسعهم للدفاع عن حقوق المظلومين ، المناضلين وكذلك الشهداء الذين سقوا بدماءهم أرض كوردستان الطاهرة من أجل المبادئ التي آمنوا بها لتحرير كامل الأراضي المنتزعة من كوردستان ، ليعم الديمقراطية في أرجاء البلاد . لكن للأسف والظاهر للعيان بأن التعهدات تلك صبت وتصب في خانة المصالح للذين ساروا عكس تيار التحرر والديمقراطية . وإلا ! ماذا يفسر بأن هؤلاء الذين كانوا حتى الأمس القريب في خانة العداء للحركة التحررية الكوردستانية ، ليصعدوا الآن على أكتاف المناضلين وعلى حساب دماء شهداءنا الأبرار بعض المناصب المهمة ، سواءا ً كان على مستوى عراق المركز أو كوردستان أيضا ً ، البعض الكثير منهم مقرّبين من " قيادتنا المناضلة " ، يستلمون بين الحين والآخر المكارم من لدنها من السيارات الفارهة وعشرات الآلاف من الأوراق الخضراء ؟ حتى بات في الفترة الأخيرة يقضون هؤلاء استراحتهم مع العوائل في نعيم أوربا على حساب الميزانية المفتوحة !!
إذن ! هل هؤلاء الذين يمنحون الفرص لهؤلاء ..... هم فعلا ً أهلا ً للثقة الممنوحة إليهم من مواطنيهم ؟
هل أعطوا القيمة الحقيقية للقسم أو التعهد الذي رددوا ويرددون أمام الجهات الرسمية أو الشعبية من خلال خطبهم كما أسلفنا ؟
هل نحن في حاجة إلى القسم والتعهدات أصلا ً في مثل هذه الظروف التي تكون العلاقة مبنية على الثقة المتبادلة ، حتى لوكان الطرف الآخر هو المعادي ؟
أليس القسم سيكون حملا ً ثقيلا ً على كاهل المتدّينين من هؤلاء في دنيا الحاضرة والآخرة ؟
هذا ما أردنا أن نختتم مقالنا هذا ...
المانيا في
التاسع من مايو 2008

الخميس، 22 مايو 2008

رأي صريح في حوار هوشنك بروكا ( كوردستان الحضارة الغائبة ، أيزديا ً )

حسين حسن نرمو

h.nermo@gmail.com

أحد المنتقدين الأوائل لسلوكيات القائمين على مركز لالش، والمهتم بالشأنين العراقي عامةً والإيزيدي خاصةً، والذي دعا ولا يزال أقرانه، إلى كتابة الواقع بدون "نظارات حزبية"، وبعيداً عن "التنظير المجاني" للقبائل الحزبية، رئيس تحرير موقع قنديل الإلكتروني، الكاتب حسين حسن نرمو، كتب إليّ رأيه، مختصراً في المكتوب الآتي:

بعد أنتفاضة آذار عام 1991 كمرحلة جديدة في العراق الصدامي آنذاك ، وتحرير أجزاء من كوردستان الجنوبية الموعودة ، تنفس الأيزيديون مثلهم مثل باقي أهل المعمورة الصعداء ليستبشروا خيراً بالمرحلة تلك ، لكن حينها تنافس المثقفون الأيزيديون " الجيل المخضرم " ومن بعدهم أيضاً الأنضواء تحت لواء الأحزاب الكوردستانية لتحقيق مآربهم ، حيث البعض منهم أرادوا تغطية مخلفات تعاملهم مع النظام الصامي حينذاك ، وكذلك الحصول على مناصب ومكتسبات في تلك المرحلة ، وفعلاً تحقق ما أرادوا ، منهم مَن تبوؤوا عدة مناصب حزبية وأدارية ، لكن ولاءهم كان بالدرجة الأساس لحزبهم ، حتى بات البعض منهم يعزفون على الوتر القومي بالدرجة الأساس لتفضيله على الخصوصية الأيزيدية ، لذا حينما أقدمت المجموعة على الأقتراح بتأسيس " مركز لالش الثقافي والأجتماعي الحالي " ، لم يعارض هذا البعض " القومجيون " على الأقتراح فحسب ، بل صرّحوا بأنهم سيحاولون مع مراجعهم الحزبية بمنع الأقدام على مثل هذه الخطوة ، كونها وحسب نظرتهم تعارض مع مبادئهم القومية ، والغريب في الأمر وبعد تحقيق المقترح كان هذا البعض من الأوائل الذين تربعوا على كراسي الهيئة الأدارية للمركز واللجان الأستشارية فيما بعد ... وبدأ حينها المنافسة اللاشرعية بين الكوادر والمؤيدين للحزبين الرئيسيين ، حيث وصلت إلى حد أثرت على العلاقات الأجتماعية بين هؤلاء ، بعد أن كانوا أصدقاء حميميين في الزمن السابق للتجربة الكوردستانية الحالية ، هذا ناهيك بالطبع كان لها تأثير مباشر على الخصوصية الأيزيدية والتي من المفترض أن يتم التكاتف فيما بينهم من أجل الدفاع عن حقوق بني جلدتهم . للأسف أنتقلت الظاهرة نفسها إلى أوربا بعد هجرة البعض من تلك العقول القائمة على الخلاف مع الآخرين من أجل المصالح الشخصية الضيقة ، وكلنا شاهدنا ما حصل من خلاف بين الأقطاب من " الجيل المخضرم " في المؤتمر الأيزيدي العالمي الأول وربما الأخير والذي نُظم مشكوراً من قبل مركز الأيزيدية خارج الوطن بعد مشاركة وفد " مركز لالش الثقافي والأجتماعي " لتأكيد الأخير بأنهم سيعرضون نشاطات مركزهم في كوردستان عكس قناعة المنظمين للمؤتمر ، مما آلت إلى أنسحاب وفد لالش حينذاك ليدلوا بتصريحات عبر قنوات الأعلام لحزبهم للتشهير بالمؤتمر والقائمين عليه والذين هم بالأصل أصدقاء وأخوة في الدين . مما أضطر الناطق بأسم المؤتمر الأدلاء بتصريحات مناقضة لهم وعبر قنوات الأعلام للأتحاد الوطني رغم عدم قناعة المصدر بهذه الجهة السياسية أصلاً .وبعد أن كان النظام الصدامي على وشك السقوط وأنعقاد مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002 ، تجمع الأيزيديون أيضاً في كونفانس مصغر في مدينة أولدنبورغ الألمانية نهاية العام نفسه لأنتخاب هيئة مهمتها تثبيت والدفاع عن حقوق الأيزيدية في مرحلة ما بعد صدام حسين ، لكن للأسف جاءت مهمة الذين خالفوا المؤتمر الأيزيدي العالمي للرد بالمثل والأنتقام من القائمين عليه آنذاك بعد أن تمكنوا من أقناع الأخوة الأعزاء الدكتور خليل جندي والدكتور ممو عثمان بعدم المشاركة في تلك الهيئة المنتخبة ، وتمكنوا من أقناعهم لزيارة كوردستان ضمن وفد بعيداً عن تطلعات وآمال الأيزيديين ومنهم الذين أجتمعوا في أولدنبورغ آنذاك ، لذا في تصوري ذلك الأختراق في الأجماع الأيزيدي حينذاك كان بمثابة الضربة القاضية في جسد القضية الأيزيدية المعاصرة نفذتها للأسف تلك الأيادي التي تعمل دوماً من عدم وصول قضيتنا إلى بر الأمان وهذا ما نأسف عليه مرة أخرى .ويجب أن لا ننسى أيضاً وكما قلنا بأن المثقفين الأيزيديين الذين أنتموا إلى الأحزاب الكوردستانية بعد أنتفاضة آذار 1991 ، أصبحوا هؤلاء نفسهم حلقة الوصل بين الأيزيديين والقيادة الكوردستانية ، والتي أي القيادة تعاملت معهم على أساس نقل واقع الأيزيدية بغية تقديم الخدمات لهذه الأقلية المضطهدة العريقة الأصيلة " أصل الأكراد " ، وهؤلاء الوسطاء " في حين ليس للأيزيدية وسيط بينها وبين الله " لم ينقلوا من الحقيقة إلا بعضها ومن الواقع إلا بعضه لأسيادهم عن واقع الأيزيدية ، وحينما تكون هنالك استجابة من لدن القيادة بأعطاء الأوامر في مجال تقديم الخدمات ، لا يتابعون هؤلاء إلا إذا كانت على شكل صرفيات مباشرة وربما بالأوراق الخضراء تذهب البعض من تلك الأوراق إلى جيوبهم . وهذا ما تبين لنا حينما كنا ضمن وفد أيزيدي أستقبله مام جلال في نيسان عام 2004 ، وتم من قبلنا صياغة بعض المقترحات والمطاليب الخاصة بالأيزيدية وتقديمها لسيادته " المحامي والمدافع عن حقوق الأيزيدية بأمتياز حسب ما أكده لنا حينذاك وربما في محافل أخرى " ، بعد قراءة المطاليب أنزعج لفقرة منها والتي تخص " حفر الآبار الأرتوازية لمنطقة شنكال " ، ليتحدث مع السيد عيدو باباشيخ المستشار الحالي لسيادته ونائب المسؤول لمركز تنظيمات الموصل للأتحاد الوطني آنذاك ، حيث تبين من خلال حديثه وبلهجة عصبية بأنه أي السيد مام جلال قد أمر مسبقاً وبالتنسيق مع وزير حزبه للموارد المائية في حكومة بغداد والذي يحتفظ بمنصبه لحد الآن بأرسال معدات لحفر الآبار ، وفعلاً نُفذ الأمر حينذاك ونتيجة الأهمال من المقربين منه بعد مراجعة طاقم الوزارة مركز الموصل للأتحاد الوطني وعدم الأهتمام الجدي بالمسألة مما أضطر ذلك الطاقم من مراجعة مبنى محافظة الموصل ليتم أستغلاله من قبل الشريك السياسي وفي مناطق أخرى غير شنكال طبعاً " تصوروا كان هذا في نيسان عام 2004 " وربما هنالك حالات أخرى شبيه لهذه الحالة ....طبعا هم نفس الطاقم من المثقفين الأيزيديين والذين يعتبرون من مؤسسي " مركز لالش الأم " ، في بداية التأسيس وفي أول مؤتمر أرادوا المنتمين إلى الأحزاب الكوردستانية جر المركز إلى الدائرة السياسية التي يعملون من أجلها ، سواءاً بكسب أكبر عدد من المؤيدين لهم للحصول على أكبر عدد من المقاعد في الهيئة الأدارية لغرض أشعار مراجعهم السياسية بالفوز أو النصر على الطرف الآخر والمعادي حسب نظرة كل واحد منهم للآخر " على حساب الأيزيدياتي " ، لم تستمر هذه العملية بعد فترة " أقتتال الأخوة " ليحسم الأمر لصالح الطرف الذي يقع مركز لالش ضمن حدوده الأدارية ، ومنذ ذلك الحين أنحرف المركز عن مساره الثقافي والأجتماعي ليتم التعامل معه كإحدى المنظمات الجماهيرية للحزب الديمقراطي والذي كان يقودها حينذاك السيد عبدالله صالح عضو البرلمان العراقي الحالي ... ومن المركز أنبثقت اللجنة الأستشارية / دهوك ، التي لم توفق في عمله على كسب التأييد لهم من الجمهور الأيزيدي ، حيث لم تجتمع يوماً مع الجماهير على شكل ندوات حول معاناتهم ومطاليبهم ، أنما أقتصر عملهم على أرضاء هذا أو ذاك من المتنفذين معهم في المنطقة ووفق أهواءهم الشخصية ، رغم الأمكانيات المادية الضخمة بين أيديهم من لدن حكومة السيد نيجيرفان بارزاني ، حيث وحسب أحد مصادر القرار المقربة منهم بأنه تم صرف مبلغ ما يعادل أكثر من ستة مليار دينار عراقي " يقابل خمسة ملايين دولار " كدفعة واحدة ، إلا أن مجمل المبالغ التي صرفت على القاعات التي تم بناءها ومشاريع أخرى لا تساوي نصف المبلغ أعلاه حسب نفس المصدر ..حول عدم شرعية اللجنة الأستشارية / دهوك أقترح الأخ جهور سليمان أحد أعضاء الوفد على السيد مام جلال أثناء أستقباله لنا كوفد أيزيدي في نيسان عام 2004 على توسيع اللجنة وبالتنسيق مع حكومة أربيل آنذاك لتشمل الحكومتين مع إضافة أسماء شخصيات مستقلة كي تستمد شرعيتها من الأكثرية الأيزيدية ، إلا أن رد مام جلال حينذاك على الأقتراح " بأنهم سيحاولون مع حكومة أربيل وإذا لم يوفقوا في ذلك سيشكلون لجنة أستشارية خاصة بهم كأتحاد وطني في حكومة السليمانية " وفعلاً جنينا للأسف طبعاً ثمرة ذلك الأقتراح بأستحداث " مكتب شؤون الأيزيدية الحالي " والذي للأسف أيضاً لم تقدم شيئاً جديداً لبني جلدته ربما لقلة أمكاناتهم المادية ، إذن ! كيف تقدم هذا المكتب خدمات للأيزيدية إذا كانت النثرية المخصصة له أقل من الراتب الممنوح للقائم أو المشرف عليه ؟؟أما فيما يخص الجمعيات والبيوتات والمراكز الثقافية في المهجر وهي الآن كثيرة أردنا أن نعلق على البعض منهم جمعية لير في الشمال والتي أخذت تتراوح في المنطقة محصورة بين مجموعة من العوائل فقط ، ويجب أن لا ننسى البيت الأيزيدي في مدينة أولدنبورك والذي أثبت وجوده في الشأن الأجتماعي أكثر وبالبناية التي بنوها وهي سر ديمومتها وبجهود ومشاركة غالبية الأيزيديين في المدينة ذاتها آنذاك ، حيث قدموا لحد الآن خدمات جليلة في إيواء الكثير من المراسيم الأجتماعية ، أما مركز الأيزيدية خارج الوطن ، أهتموا القائمين عليها بالشأن الثقافي أكثر إضافة إلى أحياء الكثير من المراسيم الدينية والأجتماعية ، وتمكنوا من إصدار مجلة أستراتيجية أكاديمية يمكن الأعتماد عليها في مجال الدراسات والبحوث وللأسف أستمرت لفترة محدودة ، وأثبت هذا المركز وجودها في الكثير من النشاطات الثقافية والدينية منها المؤتمر العالمي الأول حول الأيزيدية عام 2000 على سبيل المثال لا الحصر ، وكان لهذا المركز الدور المميز بحيث أصبح محط أهتمام الكثير لغرض متابعة نشاطاته منه النظام الدكتاتوري البائد أيضاً ، وللأسف لولا الأيادي الخفية التي عملت على التقليل من شأنه لا بل تهديمه ، ولولا بعض التقصير وقلة الأهتمام من القائمين عليه لكان لها صدىً واسعاً لحد الآن ، وخاصة أعضاء هذا المركز من الأيزيديين من الدول الأربعة أو الخمسة التي يقطنون فيها ، ومن الجمعيات الخيرية والسياسية أيضاً كانت جمعية الهويرية الخيرية والتجمع الديمقراطي الأيزيدي ، واللذان تم محاربتهما للأسف من قبل بعض أخوتنا في العقيدة الذين عملوا في الخفاء والعلن من أجل التقليل من شأنهما لا بل إلغاء الأولى تحت ذرائع وأهداف سياسية معروفة ...وهنالك الكثير من البيوتات والجمعيات التي تأسست تحت غطاء سياسي لهذه الجهة أو تلك ، وأخيراً مركز لالش الثقافي والأجتماعي في مدينة بيليفيلد أيضاً والذي نتمنى له النجاح في المهام المرسوم له خدمة للأيزيدياتي بعيداً عن الأهداف الحزبية الضيقة ... نرجع إلى النقطة المهمة والجوهرية في القضية الأيزيدية وهي القيادة الدينية والذي أمثلها دائماً وربما أكون على خطأ وهم القائمين على الأمارة والذين في تصوري لم ينفعوا الأيزيدية بقدر ما كانوا ينفعون لمصالحهم الشخصية على مدى العصور وفي ظل الأنظمة المتعاقبة بدءاً من تأسيس الدولة العراقية " النظام الملكي " مروراً بالأنظمة الجمهورية المتعاقبة التي حكمت العراق بالحديد والنار ، الأيزيديون للأسف عاشوا في معاناة " أزمة قيادة حقيقية " في الماضي البعيد والقريب ولا زالوا يعانون ، تعتبر هذه الأزمة من المعضلات الرئيسية والتي حال دون حصول هذه الشريحة من الفسيفساء العراقي على حقوقهم المشروعة . هذه القيادة التي يمكن تمثيلها ب " رأس الهرم " كانت دائماً مع الطرف القوي من المعادلة السياسية العراقية عامة ً لمراعاة المصالح الشخصية أكثر من مصالح عامة الأيزيدية ، لذا رأينا وبعد سقوط النظام الدكتاتوري مباشرة ً في نيسان 2003 ، وقفت وبدون أية دراسة أو أستعانة أو أستشارة مع القيادات الأيزيدية الأخرى من رجال الدين وشخصيات أيزيدية على مستوى وحتى رؤساء العشائر مع أحد الأطراف القوية من المعادلة السياسية الكوردستانية ، حيث لم يبقى على الحياد ليفرض نفسه على كل الأطراف السياسية في العراق الجديد وكوردستان لنفس الأسباب التي ذكرناه أنفاً ، بغية تحقيق أكبر قدر ممكن من الحقوق لقومه المغلوبين على أمرهم . ويجب أن لا ننسى دائما بأنهم ولحد يمارسون سياسة ذكية لتوزيع الأدوار فيما بينهم ، في بداية ثورة أيلول 1961 كان أحد الأمراء من الأوائل مع الأخرين الذين أنتموا إلى صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني ليصل في السبعينات إلى عضوية اللجنة المحلية في الشيخان ، في حين قاد سمو الأمير أيام الحكومة العارفية وفي نفس فترة ثورة أيلول " الفرسان" من الأيزيدية وفي الأتجاه المعاكس " عكس التيار " ، وبالطبع سياستهم هذه مستمرة لحد الآن لنرى الآن سمو الأمير مع أحد الأطراف السياسية القوية في الميدان وأخيه مع الطرف الآخر وأبن أخيه كان عضو برلمان عراقي ورشح نجله لمنصب مستشار حكومة كوردستان وهلم جر ، لذا نعتقد بأنهم مع مصالحهم في وادِ وألأيزيدية " رعيتهم " في وادِ آخر ، ولا بد من القول بأن الأمارة في خبر كان " معطل". كل هذا ولا يعني بأن القيادة أو الحكومة الكوردستانية مستثنية من المسؤولية أمام كل ما يتعرض له الأيزيديون من الأهمال والغبن والأضطهاد في عقر دارهم ، لذا لا يسعني إلا أن أشير إلى حادثة الشيخان المعروفة في شباط العام الماضي والتي كانت تعتبر من أسوء وأخطر ما تعرض له الأيزيدية في الزمن المعاصر ، أخطر حتى من كارثة شنكال منتصف آب العام الماضي ايضاً ومقتل العمال من أهالي بعشيقة وبحزاني في نيسان نفس العام ، من وجهة النظر المستقبلية وفق قاعدة التعايش مع الأديان الأخرى . لكن للأسف دور الحكومة والقيادة الكوردستانية المتمثلة برئاسة الأقليم كان دون مستوى الأهتمام بمثل هذا الحدث الخطير ، الذي كان من الواجب على " رئيس أقليم كوردستان " زيارة مركز الحدث " قضاء الشيخان " مثلما زار مؤخراً قرى قره داغ أثناء القصف التركي الأعتيادي والشبه يومي ، للوقوف على الأسباب التي أدت إلى ذلك الحدث ومعاقبة المسؤولين من حزبه مباشرة، حيث بالتأكيد لو حدث وأن زار سيادته القضاء كما قلنا ، لساعد بشكل أو بآخر على رفع معنويات الأيزيدية المنهارة أصلاً ولحد الآن ، التي أدت بالنتيجة إلى زيادة أعداد الذين هاجروا ويهاجرون باستمرار المنطقة إلى الشتات !!!نستنتج من كل ما ذكرناه بأن الأيزيديون قدموا " ما عليهم " أكثر بكثير من " ما لهم " في الماضي والحاضر سواءاً كان على المستوى العراقي أو الكوردستاني ورغم ذلك لم يحصلوا على حقوقهم المفروضة ، وفقاً لقاعدة المواطنة الصحيحة نرى بأن واقع حال الأيزيدية هو دون المستوى المطلوب .

الثلاثاء، 20 مايو 2008

متى يمارس الرئيس البارزاني صلاحياته في مكافحة الفساد في كوردستان ؟

بقلم / حسين حسن نرمو
قيلَ ، أو سَمعنا في أكثر من حوار أو جلسة عن رأي الرئيس البارزاني مسعود حول الفساد في كوردستان ، ربما كان في ندوة من ندواته ، أو إحدى لقاءاته مع شرائح المجتمع الكوردستاني ، بعد ورود شكاوي اليه سواءا ً كانت بالشكل المباشر ، أو وفق بيروقراطية سلسلة المراجع حول وضع الفساد الجاري في كوردستان الأقليم ، لذا كان تعليق سيادته وحسبما روي على حد قوله " بأن لو جئنا بمسؤول آخر أو غيّرنا هذا المدير أو ذاك وصولا ً إلى الجهات العليا الأدارية أو الحزبية مشيرا ً إلى المتورطين في الفساد المالي ، هذا الموجود قد وصل إلى حالة من الأشباع ، لذا لو أتينا بالجدد ربما سنحتاج إلى فترات زمنية طويلة لما سيكتسبون الخبرة زائدا ً خسارة أموال أكثر ، باعتبار الجدد ليسوا كأسلافهم ، أي سيبدأون " الأختلاس " من نقطة الصفر إلى أن يصل إلى قمة الفساد " . هذا ما قيل ، ربما من قبل أنصاره ، نتمنى أن لا يكون هذا القول أعلاه صحيحا ً ، حيث هنالك أحيانا ً نوع من التلفيق من قبل الرواة لشخصيات بارزة أو جهة حزبية وحكومية معينة ، لا سيما إذا كان صادرا ً من المتعاطفين حتى العظم مع هذا أو ذاك من الشخصيات ، أو مع هذه الجهة أو تلك من المؤسسات الحزبية أو الحكومية .

لكن ! لو نفرض بأن القول كان صحيحا ً . إذن ! هنالك أعتراف ضمني ورسمي بفساد أجهزة الأدارة الحكومية والحزبية من لدن قائد ميداني مخضرم لحزبه والراعي الأول لكوردستان الحاضرة ، رغم أن الكثير من المؤشرات والتقارير الصادرة من جهات ومصادر " تقرير مايكل روبين نموذجا ً " ، أخذت عينات ميدانية كثيرة حول الفساد في كوردستان ، تؤكد مثل هذه الأقوال في تورط الرؤوس الكبيرة ، لا في هذا المجال فحسب ، بل ربما في تمليك أجزاء كبيرة من كوردستان لحسابها الخاص ، سواءا ً كانت العقارات أو الأراضي أو حتى في مجال الأستثمار المتداول في كوردستان دون المواصفات العالمية ، ضمن دائرة ضيقة من المستفيدين والمستثمرين الكبار ، تحيط بها دوائر أوسع من المستفيدين " المقربين أولى بالمعروف " لهذه الرؤوس الكبيرة ، سواءا ً كان هذا المقرّب مقاولا ً أو مستثمرا ً ، شريطة أن يضمن حصة الكبار " الكعكة الجاهزة " ، بحيث هنالك منهم مقيمين في نعيم أوربا وهم شركاء ، ربما في مجال تمويل الكثير من المواد والمعدات من شركات أوربية قد لا تليق بالمواصفات التي من المفروض الأعتماد عليها .

قد لا يستغرب المواطن الكوردستاني من التي ذكرناه ، خاصة الذي يتفهم ويقرأ الواقع الكوردستاني قراءة عملية التي تزامنت مع المراحل التي مرت بها كوردستان خلال عقد ونيف من الزمن ، بدءا ً من تقسيم الكراسي مناصفة ً ، ثم المرحلة الأسوء في تاريخها بعد التحرير " الأقتتال الداخلي " ، مرورا ً بحالة " اللاسلم واللاحرب " التي أدت إلى تقسيم الحكومة والبرلمان إلى شطرين " الهوليري والسليماني " ، بحيث كانت الظروف مهيئة في تلك الفترة لهذا أو ذاك من الفوق المسؤول أن يستغل الوضع ليلعب " اللعبة الكبرى " في الحصول على ما يريد ، حتى لو كان على حساب " الأمن القومي الكوردستاني " . لكن في الجانب الآخر والذي يثير الأستغراب حقا ً ، أن يبقى الوضعية " الفساد " في الأقليم كما هو ، ربما زاد الأمر سوءا ً حتى بعد أستحداث " أعلى سلطة تنفيذية " وفق نص قانوني تحت مسمى " قانون رئاسة الأقليم " ، مشّرع من البرلمان الكوردستاني حسب ما جاء في ...( الفصل الأول : أحكام عامة ، المادة الأولى : يكون لأقليم كوردستان رئيس يسمى " رئيس أقليم كوردستان " ، وهوالرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية في الأقليم ) .
إذن ! الآن لدى الأقليم " رئاسة " وهي السلطة المستحدثة في كوردستان العراق ، التي أخذت حيزا ً أعلى في التنفيذ وفق قانون خاص كما أسلفنا ، هذا القانون الخاص تم تشريعه في البرلمان الكوردستاني الغني عن التعريف في الحالات التي تتطلب الضرورة السياسية والأستثناء عن المتداول أو المعروف وفق النظام الفيدرالي العالمي المعمول به في أكثر الدول المتقدمة ، الذي يعتبر من الأنظمة العملية والناجحة ، بعد أن أثبت تطبيقه على أرض الواقع .

هذه السلطة المتمثلة برئاسة الأقليم والتي إن جمعت مع السلطات الأخرى التشريعية والتنفيذية ، ستشكل نظام أو هيكل " الدولة الكوردستانية المستقبلية " ، الذي أصبح أمل وحلم كل الكوردستانيين ، رئاسة الأقليم التي أ ُقر في مسودة الدستور الكوردستاني ، أخذت صلاحيات من نص القانون الخاص بها والمتمثل بشخص " رئيسها " كائن مَن يكون ضمن ( المادة العاشرة من هذا القانون " صلاحيات الرئيس " ، الفقرة الخامسة هو " على الرئيس أصدار قرارات لها قوة القانون بعد التشاور والأتفاق مع رئيس البرلمان ومجلس وزراء الأقليم عند تعرض أقليم كوردستان ونظامه السياسي أو الأمن العام فيه أو مؤسساته الدستورية لمخاطر داهمة وتهدد كيانه " ) .
إذن ! طالما سلطة الرئاسة " حديثة العهد " ، والسلطة الحديثة أو العهد الجديد من المفروض أن تأتي أو يأتي بالجديد معها أو معه ، خاصة ً إذا كانت ولادتها مرفقة ً بصلاحيات دستورية " ثورة دستورية " على الواقع في كوردستان الأقليم ، لذا من المستغرب حقا ً أن تبقى هذه السلطة التنفيذية العليا مكتوفة الأيدي أمام أخطر ظاهرة " الفساد " ، التي لا تهدد النظام السياسي المعمول به كوردستانيا ً فحسب ، بل لهذه الظاهرة تأثير قاتل على " الأمن القومي الكوردستاني " من خلال أرتفاع " منحنى " النشاط الأسلامي اللامحدود ، والذين أي القائمين على مثل هذا النشاط ، يعتمدون ويؤكدون على " العدالة " من وجهة نظرهم ضد الفساد والفاسدين ومن المتوقع أنضمام البعض من هؤلاء الذين حصلوا على الأموال الطائلة بالطرق الغير مشروعة إلى مثل تلك النشاطات ، كما حصل بالفعل في قضية " الشيخ زانا " المعروفة على مستوى الأعلام الكوردستاني ، ربما لتسخير اموالهم في تلك الأتجاهات مقابل " التوبة " وفق منظور الذين يرشدون الناس في ذلك المنحى .
لذا الكثير من الآراء أتجهت أو تتجه وإن لم يتمكنوا الأدلاء بآرائهم بشكل صريح في كوردستان ، فيما لو قامت سلطتنا الرئاسية بأجراء وبالتشاور مع البرلمان ومجلس وزراء الأقليم وكما هو وارد في صلاحياتها لبتر تلك الأجزاء السرطانية من الجسد الكوردستاني ، سواءا ً كانت بشكل مباشر ، أو حتى تشكيل " محكمة " لتقديم تلك الرؤوس الكبيرة الضالعة في الفساد اليها ، بغية محاسبتها على غرار الشعار المعروف " مِن أين لك هذا ؟ " ، وإلا ما الرادع من أستمرارية وصعود منحنى هذه الظاهرة الخطيرة للغاية ، التي تستحق الأهتمام الجدي من لدن الرئيس البارزاني شخصيا ً ، باعتباره الراعي الأول في كوردستان وكما أسلفنا في البداية ...
يبقى السؤال الذي سألناه أحدى الشخصيات المقربة من قيادة الحزب الديمقراطي ، الذي التقى مرات مع الرئيس البارزاني وشغل منصبا ً مهما ً خلال فترة حساسة حول موضوعنا هذا أي .... لماذا لا يقدم الرئيس على مثل هذه الخطوة في مكافحة الفساد ؟ جاء جوابه على سؤالنا هذا ... فيما إذا كان في نية سيادته الأقدام على مثل هذه الخطوة فعلا ً ، يجب أن يبدأ من الذين حوله أي " أهل البيت " . وأستبعد مثل هذه الفكرة بعدها ليقول ... طالما يشغل السيد نيجيرفان بارزاني منصبه الحالي كرئيس للوزراء ... إلا إذا شغل منصبه شخصية أخرى من الطرف الآخر من المعادلة السياسية " الأتحاد الوطني " حسب الأتفاق الستراتيجي بينهما ، وهذا بالتأكيد فيما بعد ...

لكن !!! أخيرا ً نتمنى أن تأخذ الأداة الشَرطية " إذا " و " إلا إذا " لتلك الشخصية ، وأداة الأستفهام " متى " التي أخذنا منها عنوان مقالنا هذا طريقا ً قريبا ً إلى التطبيق الفعلي ، لمكافحة ظاهرة الفساد في كوردستاننا الحبيبة ...

المانيا في
السابع عشر من أيار / 2008

الصراحة والموضوعية أثارتا حفيظة " اللالشيون * " !!!


بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
الذي تابع الصحافة ، والأيزيدية بشكل خاص المتمثلة بالصفحات الألكترونية الحرة في الفترة الأخيرة ، " بحزاني نت " على سبيل المثال لا حصراً ، يرى بشكل واضح مدى تأثير الحوار أو البحث الذي يقدمه الأخ والباحث القدير هوشنك بروكا بعنوان " كوردستان الحاضرة الغائبة أيزيدياً " ، على القراء المهتمين بشكل أو بآخر بالقضية الأيزيدية المعاصرة ، حيث دخلوا في الحوار الكثير من الأخوة ، عدا المستطلعين آرائهم في الحوار والذي فاق عددهم الثلاثين كاتباً من هنا وهناك للأدلاء بآرائهم وفقاً لقواعد الصحافة والكلمة الحرة لخدمة مبادئ الأيزيدياتي . هذا الحوار الذي بني على الموضوعية بعيداً كل البعد عن المجاملة المزيفة ، بحيث دفعت ببعض الأقلام إلى الكتابة ربما لأول مرة إيماناً منهم بالقضية ، أحدث هذا الحوار فعلاً ضجة أعلامية آملين أن تصل إلى مصادر القرار ، هذه الضجة لا بد وأن تكون لها تأثير مباشر على مصالح البعض ، منهم المترفين الذين لا يرغبون إثارة مثل هذه الضجات ، التي تولد حركة فكرية بين الناس والذي يرون هؤلاء من هذه الحركة خطراً على مصالحهم الضيقة وتهدد كيانهم الراهن .


هذا الحوار الهادئ ، الهادف ،الفعال ، المتشنج أحيانا ً ، أزعج الأخوة " اللالشيون " أكثر حينما تم نشره ، وقراءته من على صفحات الناطق الرسمي بأسم حكومة أقليم كوردستان ، وإهماله من قبل صحافة أهل الدار في الوطن ، الذي من المفترض لا بل من واجب الأمانة الصحفية والأعلامية والأخلاقية أن يطلع مصادر القرار في الحكومة عليه بما فيه رئيسها السيد البارزاني نيجيرفان ، والذين للأسف يقتدون هؤلاء بأسمه في كل صغيرة وكبيرة وفق مخططاتهم اللامسؤولة تجاه بني جلدتهم ، كنا نأمل من أخوتنا اللالشيون أصحاب الشأن المشاركة في الحوار على الأقل في الدفاع عن أنفسهم ، في الوقت نفسه توقعنا رد فعلهم الغاضب مع محاولاتهم لطعن الحوار كله من الخلف بخناجرهم المسمومة ، لكن بعد نشره على موقع الحكومة كما أسلفنا تراجعوا بعض الشئ من طرق أبواب مصدر أو مصادر القرار الذي يقتدون به حول هذا الغرض ، لذا لم يكن بوسعهم إلا أن يطعنوا جزءاً مهماً من الحوار " بحزاني نت " عودة ً إلى أساليبهم الديماغوجية الرخيصة والعمل وراء الكواليس .

آلية تنفيذ خطة الطعن وبأرخص الأساليب كما ذكرنا ، فاجئت بها الضحية نفسها والتي فاقت كل التوقعات والتصورات وجاءت للأسف من خلال فضيلة " رئيس القوالين " ، حيث المعروف عنه شخصية دينية ، أجتماعية ، معنوية ، قوية ، مثقفة إلى حد ما مقارنة ً مع بقية أعضاء المجلس الروحاني ، والذي نضعه " أي رئيس القوالين " دوما ً في خانة " الرمز " من أجل دفع عجلة الأيزيدياتي إلى الأمام في دوامة الصراعات ، بأعتباره الجزء المهم من التمثيل القيادي الديني الأيزيدي ، وجه هذه الشخصية رسالة مفتوحة إلى نجله السيد سفو قوال سليمان رئيس تحرير بحزاني نت الغنية عن التعريف ، والتي أستلمنا كموقع قنديل نسخة منها ، لكننا تحفظنا على الرسالة من النشر ، متوقعين أنها ستكون بدافع من الفتنة ، تلك الرسالة التي حملت أسم " رئيس القوالين " وبفعل قلم أو ربما أقلام لآخرين ، أرادوا من ورائها التشهير والأنتقام من صفحة بحزاني نت ورئيس تحريرها ، بعد أن أثبتت الجدارة في الدفاع ليس عن حقوق الأيزيدية المغلوبين على أمرهم فحسب ، بل تدافع وبقوة عن حقوق الأقليات العراقية الأخرى كافة ، حيث بان الهدف في نهاية الرسالة بعد مقدمة طويلة ليتبرأ " كبير القوالين " من كتابات نجله والتي تمس بدافع النقد البناء والتي لا تتماشى مع مزاج هذا وذاك من " أبطال الحركة التحررية الكوردستانية الجدد " ، وخاصة فيما يتعلق بمقاله الموسوم " هل يبقى الأيزيدي غريبا ً في كوردستانه " ، مكحلا ً في البداية وبأسلوب المديح والثناء لعشيرتي البارزانيين والزيباريين ، وكأن الأخ سفو قد شتم هاتين العشيرتين ، إلا إذا أعتبروا " الأشارة إلى أستعلاء الهوية العشائرية لهما في العراق الجديد وكوردستان الحاضرة بمثابة الشتيمة " ، حيث توسعت هذه المرة دائرة الخطوط الحمراء ، ربما ستشمل في المرات القادمة عشائر تناسب هذا أو ذاك من القيادات الشابة في كوردستاننا لا تخطر على بال الكثيرين منا .

هنا لا بد وأن يتبادر إلى أذهان الكثير منا ، الكثير من الأسئلة أيضا ً، وبأداة الأستفهام هل ؟؟؟ . هل ستبقى الحال على ما هو عليه ؟ هل تعلم القيادة بمثل هكذا أفعال ؟ هل ستتعامل الحكومة والقيادة الكوردستانية بعد كل الذي حصل مع هكذا عناصر على حساب المصلحة الأيزيدية العليا ؟ هل سيتم محاسبتهم أو أعفائهم من المناصب وحرمانهم من ميراث الراتب التقاعدي ؟ وهل وهل وهل ...... ؟ سنجزم هذه ال " هلااااااااات " ومهما تكون الأجوبة سواءا ًبال " اللااااات " أو بال " النعمااااات ، ستصبُ في أعتقاد الكثير منا نهاية المطاف في خانة المصالح لهؤلاء ... إلى أن تجد القيادة آخرين ومن أمثالهم الذين ينفذون أوامر الجهات الرسمية العليا أفضل من الذين سبقتهم ، ولتكن على حساب أي مَن كان ؟؟؟



* الذين نقصدهم هنا كل الذين حاولوا من خلال مراجعهم على أفشال أو طعن مثل هكذا حوار موضوعي وبناء ، بعيد كل البعد عن التملق لهذا أو ذاك من أجل خدمة مبادئ الديانة الأيزيدية العريقة بدءا ً من أكبر رأس وإلى .... .

الأيزيديون وأزمة القيادة

حسين حسن نرمو

h.nermo@gmail.com

لو نعيد إلى الأذهان ما قرأناه وسمعناه عن دور أمراء الأيزيدية عبر التاريخ،
لوجدنا فعلاً والتاريخ يشهد ، بأن البعض منهم أدّوا الدور بأمانة مثلما كان
المفروض أن يقوموا به ، ابتداءاً من الأمير علي بك الكبير والذي راح ضحية
الدفاع عن مبادئ الأيزدياتي وعلى أيدي جلاوزة الأمير محمد الراوندوزي أمير
إمارة سوران ، مروراً بالأمير علي بك جد الأمير الحالي والذي وقف في وجه
تهديدات قائد الحملة العثمانية ( فريق باشا ) على الأيزيدية بقوة بعدم التنازل
والأستسلام ، متحملاً مشاق نفيهِ خارج منطقة إمارته إلى سيواس في كوردستان
تركيا مع زوجته آنذاك ، ويجب أن لا ننسى دور الأمير إسماعيل جول بك أيضاً
خلال رحلاته السرية إلى حد ما ، لإيصال صوت الأيزيدية إلى دار الأستانة
في استنبول وقياصرة الإمبراطورية الروسية قبيل قيام الثورة البلشفية بقيادة
القائد الرائد لينين . . . ليأتي بعد ذلك دور الأميرة ميان خاتون والتي
كانت أبواب العائلة المالكة مفتوحة أمامها ، لشخصيتها القوية والمتميزة حينذاك
. في الوصاية على الأمير الحالي . .
لكن مواقف الأبناء والأحفاد الأمراء ، اختلف مع هؤلاء بعد قيام النظام الجمهوري
بين مَن هو والأغلب متعاوناً مع الحكومات المتعاقبة ، وأحياناً على رأس قوات
غير نظامية ( الفرسان ) تم تشكيلها من قبل تلك الأنظمة لإخماد الحركة التحررية
الكوردية ، وبين مَن هو مؤيداً أو منخرطاً في صفوف الحزب الديمقراطي إبان
ثورة أيلول التاريخية ، ربما كان ويكون هذه المواقف ، جزءٌ من سيناريو لتوزيع
الأدوار فيما بينهم وفق ما تقتضي مصالحهم الخاصة لا أكثر كما يفسره الكثيرين
من بني جلدتهم . . . إذن ربما على هذا الأساس وبعد أن دخل العالم الألفية
الثالثة ( القرن الواحد والعشرين ) ، نرى بأن قيادتنا وبعد سقوط النظام الدكتاتوري
في بغداد ، لم ولن تحافظ على استقلاليتها كباقي القيادات الدينية ، وهذا
ما رأيناه التأيد المطلق لسمو الأمير للحزب الديمقراطي والدفاع عنه بقوة
في كافة المحافل بين أبناء الأيزيدية ، ربما بمقابل مادي أو حماية شخصية
، وإلا لما تجرّأ أقرب المقرّبين من سمو الأمير والمحسوب على الحزب المذكور
منذ زمن ليس ببعيد ليقول ( بأنهم أي والذين على شاكلته اشترينا الدين من
سمو الأمير مقابل حفنة من الدولارات وأعطانا الضوء الأخضر لنفعل ما نشاء
) نعم هذا هو الواقع ، وليعلم صاحب الشأن الذي هو على رأس هرم القيادة الأيزيدية
بأن هذا هو موقف المقربين منه ومحل ثقته . . . وفي الجانب الآخر جاءت خطوة
السيد نائب الأمير مؤيداً الإتحاد الوطني مشابهاً تماماً لما سبق وأن ذكرناه
، ربما لغرض في نفس يعقوب يعلمه الكثيرين منا ، لكن الحالة الغريبة وقبل
سقوط النظام الدكتاتوري بفترة معينة كُنا مجموعة هنا في المهجر وبجهود الخيّرين
من أبناء الأيزيدية ، قمنا بتأسيس مؤسسة قنديل الخيرية لمساعدة الطلبة الجامعيين
الذين لم يتمكنوا من مواصلة دراستهم في ظل الظروف المادية الصعبة آنذاك ،
وبما أن تلك الخطوة لم تكن تحت خيمة أي مَن كان منهم ، أتهمنا سيدنا النائب
أمام المرء وربما أمام السلطات الحكومية ( بالجلاليين ) وأعتبر الأموال التي
كنا نجمعه من إخوتنا في المهجر نأخذه من الأتحاد الوطني ، وها قائدنا مام
جلال احتضنه وكرّمه وأغرقه بالمال والسيارات الفارهة أخيراً ربما لكسب أصوات
. مؤيديه من أبناء الأيزيدية . .
إذن هذا هو الركن الأساسي من قيادتنا التقليدية ، أما الأركان الأخرى والثانوية
إلى حد ما لهم أيضاً مواقف مشهودة منهم المرحوم ( باباشيخ حجي أسماعيل )
والذي كان يتميز بمواقف جريئة في مصلحة الأيزيدية ، ليس أمام الأمير فحسب
بل حتى في وجه القرارات المجحفة أو التدخلات من قبل سلطة السلطات في شؤون
الأيزيدية . . . لكن نقطة الضعف فيه كان يكمن في موقفه القومي اللامحدود
والذي لا يتوالم مع منصبه الديني كباباشيخ آنذاك ، وبدليل حينما التحق عام
. في صفوف الثورة الكوردية فقد الكثير من مناصريه بين الأيزيديين . 1974
.
أما فيما يخص رئيس أو كبير القوالين ، والذي يعتبر الركن الثالث والمهم أيضاً
من قيادتنا التقليدية على الأقل في نظر الكثير من المثقفين والذين عقدوا
ويعقدون الآمال عليه ، خاصة في مجال توثيق النصوص الدينية الأيزيدية وتجميعها
في كتاب ، بعد التنقيح من قبل متخصصين و بالتنسيق مع القوالين ورجال الدين
الذين احتفظوا بهذا الأرث العريق في صدورهم وخوفاً من الضياع بمرور الزمن
، واعتباره كتاباً مقدساً عند الأيزيدية ومحاولة جعل الكتاب مصدراً لأداء
القسم سواءاً كانت في المحاكم أو حتى عند تقليد الأيزيديين مناصب مهمة في
الدولة والأقليم ، والذي يستوجب عليهم أن يحلفوا بشئ مقدس إسوةً بإخواننا
المسلمين والمسيحيين ، حيث كان من الممكن جداً تثبيت وتطبيق مثل هذا على
الأقل في كوردستان أولاً ، إذن نقول ما العيب في أن نخطو مثل هذه الخطوة
، طالما سبقونا بها اليهود في جمع التوراة بعد مائتي عام تقريباً من إنزاله
وكذلك القرآن وكلنا نعلم تم جمعها وتوثيقها في زمن ثالث خلفاء الراشدين ،
والإختلاف طبعاً في الفارق الزمني لا أكثر ، نعم نقول بأن موقف سيدنا رئيس
القوالين في هذا وربما في حالات أخرى كان يتميز بين الصمت واللاصمت ، قد
يحتفظ هو بالأسباب ربما يكون أحد الأسباب تجنباً للمواجهة مع الطرف القوي
. من المعادلة
أما مواقف غالبية رؤساء العشائر والوجوه الإجتماعية المعروفة وفي كثير من
القضايا والتي تخص صلب الأيزدياتي كانت ولا تزال بين غض الطرف والتملق ،
حفاظاً على المصالح الشخصية سواءاً مع القيادة الأيزيدية أو مع السلطات الحكومية
. المتعاقبة . .
إذن وكما قلنا في البداية نعيش الآن في القرن الواحد والعشرين ، ولا زلنا
أمام مفترق الطرق ، وفي ظل الظروف والتغيرات الجارية في الوقت الحاضر نتسائل
. . هل نحن فعلاً بحاجة إلى قيادة جديدة ؟ لكن بالتأكيد من نوع آخر وليست
بالبديلة ، ولكي لا يفهمها ويفسرها سادتنا أصحاب السمو والمعالي كما حدث
بعدم التعامل ومحاولة إجهاض ذلك المكسب الثقافي 1993 مع تأسيس مركز لالش عام
والإجتماعي حينذاك ظناً منهم سيكون البديل لهم ، وها يتعاملون الآن مع المركز
. بكل جهودهم ربما للأسباب الذي ذكرناه فيما سبق والمعروفة لدى القراء .
.
نعم نقول وللمرة تلو المرة وكما قال قبلنا الكثيرين ، بأننا أكراد لا محال
ونعتّز بقوميتنا الكردية ، لكن في الوقت ذاته لدينا خصوصياتنا وحقوقنا ،
وبالتأكيد من حقنا أن ندافع عنها ونطالب بها بشتى الطرق حتى ولو اقتضى الأمر
تأسيس كيان سياسي بقيادة شخصيات نزيهة ومرغوبة ومنتخبة من الأيزيديين ، وفي
تقديرنا ستكون العلاقة أقوى ولم تكن هنالك فجوةً بين الأيزيديين والأحزاب
الكوردية مثلما هو موجودة الآن ، ربما يكون أحد الأسباب لتلك الفجوة هو إعتماد
الأحزاب على عناصر غير مرغوبة عند الأيزيديين بما في ذلك بعض أقطاب القيادة
الحالية للأيزيدية . . . وبالتالي لِمَ هذه الحساسية من أن يكون للأيزيديين
كيان سياسي ، علماً بأن لإخوتنا في القومية العشرات منه ، بدليل كانت هنالك
مع قائمة الحزب الديمقراطي في الإنتخابات البلدية لأقليم كوردستان العراق
أكثر من عشرة منهم وماذا لو كنا واحداً من تلك الكيانات المتحالفة مع تلك
القائمة على سبيل المثال لا الحصر ، ونحن على ثقة بأن لو حصل ما ننادي به
الآن لم ولن تكون خارج حدود القوانين والأصول المتبعة سواءاً كان في العراق
. كدولة أو في أقليم كوردستان . .
قد يقول البعض بأن للأيزيديين كيان سياسي الآن ودخل المعركة الإنتخابية في
. العراق مؤخراً ، ألا وهو الحركة الأيزيدية من أجل الإصلاح والتقدم . .
نقول نعم ، وفي الوقت الذي نُثّمن موقف إخوتنا الجرئ حول إعلان مبادرتهم
بتأسيس الحركة في ظل الظروف الحساسة الذي مر بها العراق خلال العامين الماضيين
، وربما عانوا الكثير خلال تلك الفترة من المناوئين لهم . . . لكن للأسف
رفعوا شعارات رادعة وربما غير مقبولة الآن في الوسط الأيزيدي ، وبدليل خلال
. الإنتخابات الأخيرة لم يحصلوا إلا كمٍ قليل جداً من أصوات بني جلدتهم.
. لذا وحينما يتم تأسيس أي كيان سياسي نرى بأنه لا يجوز العبور فوقهم ،
وإنما يجب التنسيق معهم كنواة ، ومحاولة إصلاح تلك الشعارات ويجب أن لا ننسى
أيضاً التنسيق مع بقية الجمعيات الثقافية والإجتماعية والذين بذلوا ولا يزال
جهوداً كبيراً في التوعية في هذا المجال في الآونة الأخيرة ونخص بالذكر طبعاً
رابطة المثقفين الأيزيديين وعلى رأسها الأستاذ علي سيدو رشو . . . لذا لا
يسعنا هنا أخيراً وليس آخراً أن نلتمس من الأحزاب الكوردية أن يتقبلوا الطروحات
في هذا العصر الذي نقبل عليه سوياً ، ألا وهو عصر الديمقراطية وحريات الشعوب
. العراقية وباقي الأطياف من نسيج الشعب العراقي . .

الشهيد محمود أيزدي .. من مفجري ثورة كولان

حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com

رغم أن اتفاقية الجزائر الخيانية في آذار عام 1975, كانت بمثابة الضربة القاضية للحركة التحررية الكوردية من وجهة نظر الذين شاركوا في نسج الاتفاقية وحياكتها على الأقل , إلا أن القيادات الكوردية , أصرت بعدها على مواصلة مسيرة الكفاح المسلح ضد الظام البعثي الفاشي المتمثل بسلطة الحزب الواحد من أجل الديمقراطية للعراق وحصول الأكراد على حقوقهم المشروعة ضمن الدولة العراقية , لذا سرعان ما أشعل نار الثورة في كافة أنحاء كوردستان , وبرزت شخصيات من قوات الأنصار في ميدان الكفاح المسلح والتي فرضت نفسها , وتركت بصماتها في كثير من المعارك البطولية .

لا شك فيه بأن " محمود أيزدي " كان من تلك الشخصيات , والذي أصبح النظام العراقي وقتها في حيرة من أمرها أمام قائد مثله إبان ثورة كولان في تلك الحقبة الزمنية والتي دامت أكثر من ثلاث سنوات حتى استشهاده . ربما لا أضيف الكثير إلى ما سبقني به بعض الأخوة لإلقاء الضوء على مسيرته النضالية وعلى حد علمي كان هناك مشروع كتاب من قبل أحد الأخوة الكتاب في منطقة دهوك حول تفاصيل حياته ودوره البطولي في الحركة التحررية الكوردية خاصة إبان ثورة كولان , لكنني أريد أن أقدم لقراء الانترنيت من خلال هذه السطور سرد موجز لدوره البطولي والميداني في الثورة وديمومتها بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء .. كان الشهيد محمود أيزدي من الأوائل الذين أبدوا استعدادهم لخدمة قضية شعبه الكردي بعد نكسة 1975 , ليغادر إيران متوجهاً إلى سوريا ومنها إلى كوردستان العراق بعد أن ترك وراءه زوجته وفلذات كبده " لا يتجاوز عمر أكبرهم الخمس سنوات حينذاك " , تركوا يواجهوا مصيرهم المجهول بالعودة إلى العراق مع آلاف العائدين آنذاك ليستقر بهم المصير في جنوب العراق منفّيين بعد قرار النظام الفاشي بإبعادهم عن كوردستان , ودخل هو ميدان الكفاح المسلح مع عدد قليل من رفاقه لإشعال نار الثورة في بهدينان .

باشر في البداية بمد جسور إعادة الثقة بين قوات الأنصار وأهالي المنطقة بعد غياب دام أكثر من سنة بعد النكسة لإعادة النشاط الحزبي معتمداً بشكل أساسي على الكادحين المؤمنين بقضيتهم العادلة , وكان حذراً جداً في التعامل مع الأغنياء المتمثلين بالآغوات .

كان الشهيد حريصاً كل الحرص أثناء العمليات الذي يقوم بها مع رفاقه القلة في ميدان القتال حينذاك , لذا كان بارعاً في تمويه الحكومة البعثية ليفاجأ المسؤولين الأمنيين للنظام في المنطقة مما كان يصعب عليهم ملاحقته في كثير من الأحيان لتحركه السريع حتى كان لا يخشى من الدخول إلى المدن الكبيرة متنكراً منتحلاً شخصيات عديدة لإنجاز مهام وتنفيذ عمليات , ناهيك عن دوره البطولي في معارك عديدة خاضها مع رفاق الدرب كمعركة كلي كورتكي .. بلان .. شكفتي .. دير آلوش ومعارك أخرى عديدة وجدت صدىً لهم ليس في كوردستان فحسب وإنما في مناطق عديدة من العراق .. جدير بالذكر أن نقول بأنه اكتسب خبرته وبراعته وتفننه في القتال أيام كان متطوعاً قبل تبعيث الجيش العراقي في الستينات , وكان منتمياً حينذاك لتظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني ..

بقي أن نقول بأن الشعراء البيشمركة أشادوا بدوره البطولي في ثورة كولان وعبروا عن ذلك في قصائدهم مثل الشاعر المعروف مؤيد طيب والشاعر البيشمركة قاجاغ , ويجب أن لا ننسى ما قاله الشاعر حبيب كلش في مطلع قصيدته وما معناه " حينما نتذكر ثورة كولان يجب أن نتذكر الشهيد محمود أيزدي " تثميناً لدوره كأحد المفجرين للثورة حينذاك بعد نكسة آذار 1975

تمثيل الأيزيدية في العراق الجديد

حسين حسن نرمو

تؤكد القيادة الكردية والمتمثلة بشخصي السيد مسعود البرزاني والأستاذ جلال الطالباني وفي أكثر من مناسبة على أصالة الأيزيديين بأعتبارهم أصل الأكراد وهم أكراد أقحاح , وهذا ما يؤكده أكثر الباحثين وفق العناصر التي يعتمدونها في دراساتهم وبحوثهم حول أصالة وعراقة هذه الديانة ... والأيزيديين أيضاً لا يشّكون في إ نتمائهم القومي وأكبر دليل على ذلك حينما رفض حشد كبير من مثقفيه عام 1991 مساومة الحكومة البعثية البائدة مع وفد الجبهة الكردستانية في المفاوضات مع الحكومة المركزية على إجراء استفتاء في مناطق تواجد الأيزيدية حول الأنتماء القومي لهم على اساس وحسب نظرة البعث بأنهم عرباً لا محال .

هذا الموقف ومواقف اخرى كثيرة تؤكد مدى تمسكهم بالإنتماء القومي أي كرديتهم ...

إذن طالما نتمتع بحصانة الأصالة والعراقة لدى قادتنا الأفاضل فلا بد أن نعبر عن آرائنا وأفكارنا والتي تنصب في خدمة الأيزدياتي بجرأة ومصداقية وخاصة فيما يخص اختيار مَن يمثلنا في المواقع الإدارية العليا والحساسة ...

دعنا نعود بضعة سنوات إلى الماضي القريب وتحديداً بعد انتفاضة 1991 وانتخاب برلمان كردستان وتشكيل الحكومة لأننا نعتقد بأن العراق الجديد سيكون امتداداً لتجربة كردستان الديمقراطية في المنطقة , حيث في البداية كان التمثيل الأيزيدي مفقوداً عدا المواقع الحزبية , ووجد فيما بعد لكن تم اختيار شخصيات ( وجهاء ) على أساس الأنتماء الحزبي أو درجة الولاء لتلك الشخصيات والتي ظهرت بعد الإنتفاضة طبعاً , حتى وصل الحد أن يكون ممثلنا في أقدس مؤسسة " شخصية " تم اخياره على اساس المرجعية الدينية ودرجة الولاء أيضاً , في الوقت الذي لايليق به ذلك المنصب حسب نظرة الأيزيديين لمراجعهم الدينية وكان هو أيضاً شخصاً غير كفء لذلك المنصب .. وهذا ما نأسف عليه في الحقيقة لأنها تضيع الفرصة على العشرات من الشخصيات الأيزيدية الكفوءة والمثقفة والمستقلة , لكنهم في نفس الوقت معتزين بإنتماءهم القومي وليس الحزبي ...

هكذا إذن وبعد أكثر من عقد من الزمن على التجربة الديمقراطية ولو نسبياً في أقليم كردستان والتي كانت على مدى تلك السنوات قلعة لمناهضة الدكتاتورية ليتحقق آمال العراقيين برحيل النظام الدموي إلى حيث لا رجعة والذي كان قابعاً على رقاب شعب العراق بكل أطيافه , وها لا زلنا نحن الأيزيديين نراوح في نفس المكان لا نملك حرية اختيار مَن يمثلنا وبقي الاختيار والإعتماد مقتصراً على الأحزاب ومن حق الأحزاب الطبيعي ترشيح أشخاص منتمين أو موالين لهم لتقليد المناصب وتمثيل الأيزيدية وهذا ما حصل أيضاً في الفترة الأحيرة حينما تم ترشيح ممثلي الأيزيدية في المؤتمر الوطني العراقي على أساس المنافسة الحزبية والنتيجة تكون دائماً على حساب الأيزيديين ويقع الأختيار على تلك الشخصيات والذي تم الحديث عنهم فيما سبق بغض النظر عن ماضي تلك الشخصيات وشعبيتهم عند الأيزيديين ..

كل هذا الذي حصل وربما سيحصل أيضاً في المستقبل نتيجة أسباب عدة منها وحسب ما أراه هي عدم قدرة المراكز والجمعيات الثقافية الأيزيدية على إثبات وجودها وتوحيد كلمتها منشغلةً في صراعات فيما بينها على حساب خدمة الأيزدياتي حيث كان بإمكانهم تقديم خدمات أكثر لو حافظوا على استقلاليتها والتعامل مع الواقع الجديد للعراق بشكل مباشر دون وسيط ,ويجب أن لاننسى المراجع الدينية الذين حادو بدورهم عن الخط العام للميل لهذا الطرف أو ذاك والمفروض أن يتمتعوا بالإستقلالية ككل المراجع للأديان الأخرى , وكان بإمكان رأس الهرم الإعتماد على شخصيات منصفة ونزيهة من بني جلدته لإثبات وجودهم والمشاركة في العراق الجديد والجدير بالذكر كانت هناك محاولات فردية من شخصيات نزيهة ذات مكانة مرموقة لدى الأيزيدية لكنهم اصطدموا بجدار عازل ليواجهوا محاربة فعلية من أناس للأسف محسوبين علينا وبدعم أطراف أخرى أقوى من طاقات تلك الشخصيات النزيهة والتي حالت دون وصول تلك الأصوات إلى بيت القصيد , لا بل وصل الحد بهم أن يلاحقوا ليتم اعتقالهم أيضاً ...

طالما الأمر كذلك ولا بد من اختيار ممثلينا من قبل الأحزاب الكردية في المرحلة الراهنة , لم يكن بوسعنا إلا أن نأمل وبحكم حصانة الأصالة من الأحزاب وقادتها مراعاة بعض الأمور الهامة حينما يقع الأختيار على الأشخاص الذين يمثلون " المستضعفين الأيزيديين " ومنها ...

*حينما يتم الأختيار نرجو أن يكونوا من العناصر النزيهة لا الأنتهازية الذين على استعداد دائم لبيع المبادئ والقيم لحساب مصالحهم الشخصية وترك هذا الحزب أو ذاك من أجل المصالح الشحصية الضيقة ...

** حينما يقع الأختيار يؤخذ بنظر الإعتبار المناطق الأخرى للأيزيدية والذين تحرروا أيضاً بعد تحرير العراق , حيث للأحزاب الكردية مقرات في كل تلك المناطق

*** حبذا لو يتم الأختيار بالإعتماد على العشرات من ذوي الشهادات العليا وهم الآن أساتذة جامعات ناهيك عن وجود الآلاف من خريجي الكليات وذوي كفاءات عالية في كافة المجالات ..

وأخيراً إعلان القائمة الصفراء في المؤتمر العاشر لمركز لالش

حسين حسن نرمو

h.nermo@gmail.com

حاول الرعيل الأول من الطلبة الجامعيين ومن الشباب الأيزيديين في العاصمة بغداد خلال عقد السبعينات مراراً مع الجهات المسؤولة آنذاك للحصول على موافقة لفتح مركز ثقافي وإجتماعي خاص بالأيزيدية ، لكن محاولاتهم كانت تصطدم بجدار عازل أو ربما وفق شروط تعجيزية ومفروضة كما ترتأيه حكومة البعث وليس كما أرادوا أو خططوا لها لخدمة التراث الأيزيدي الأصيل آنذاك ... وبعد حوالي عقدين من الزمن حاول البعض من ( الرعيل الأول ) بعد أن هاجر قسم منهم خارج الوطن بسبب ظروفهم الخاصة وتعارض أفكارهم مع النظام السابق ، ثم رحيل الأخوين الأستاذ غانم اسماعيل نزام في قادسية صدام المشؤومة وفقدان الأستاذ حيدر نزام في أقبية صدام بعد اختطافه علناً وعلى مرأى من الناس من شوارع قضاء الشيخان وهو بالملابس الأيزيدية التقليدية ، والذي كان له إلماماً خاصاً بالتراث الأيزيدي الأصيل وعلى مشارف الإنتهاء لمشروع كتاب خاص بذلك ، وقيل فيما بعد بأن كان لأقرب صديق له دور في تلك العملية المخابراتية التي أدى إلى إختفاءه ربما لأنانيته وحفاظاً على مصالحه الشخصية الضيقة والمستقبلية ... نعم حاول الباقين من الرعيل الأول ، التموا حولهم الجيل الجديد من الشباب المهتمين بالشأن الأيزيدي وبمباركة الكثير من الوجهاء طارقين أبواب القيادات الكردية بعد تحرير الجزء الأكبر من كردستان في إنتفاضة آذار عام 1991 ، وكان لهم ما أرادوا بعد الدعم والتشجيع والتأكيد على الأصالة والخصوصية الأيزيدية في بعض الأمتيازات من قبل القادة الأكراد لتأسيس مركز لالش الثقافي والإجتماعي في دهوك عام 1993 ...

وما إن تم انتخاب أول هيئة إدارية بعد انتهاء مهام اللجنة التحضيرية حتى وجّه لها أصابع الإتهام بأنها محسوبة على الإتحاد الوطني الكوردستاني تحت ذريعة أكثرية أعضاء الهيئة كانوا من كوادرها والمؤيدين لهم ، نعم حكمنا عليهم قبل أن ننتظر ما سيفعلون خلال دورتهم لخدمة التراث الأيزيدي .

وهكذا توعدوا الإخوان والمحسوبين على الديمقراطي الكردستاني بالإعداد لخوض معركة انتخابات المركز بعد ها وللأسف تمكن مجموعة من هؤلاء إقناع مكتب المنظمات الجماهيرية التابعة للحزب الديمقراطي على دعمهم في الإنتخابات آنذاك ، وما إن تسرب أنباء من بعض الاخوان في تلك المجموعة نفسها حول إعداد قائمة من الجانب الآخر لتدخل المعركة الإنتخابية المزمع إجراءها نهاية عام 1994 , حتى دفع أعضاء الهيئة الإدارية والمحسوبين على الإتحاد أن يلتقوا خارج مركز لالش وفي دار أحد الأعضاء للمشاورة حول كيفية التعامل مع تلك الاشخاص أو بالأحرى مع الجهات التي كانت تدفعهم ، حيث كانت تلك الفترة حساسة بالنسبة لهم وفي فترة الهدنة الأولى التي تلت الأقتتال الداخلي عام 1994 ، وكان حضوري مع إثنان آخرين في ذلك اللقاء محض صدفة لا أكثر ، وحضر اللقاء أيضاً السيد محمود عيدو قادماً من سوريا آنذاك للمشاركة في المؤتمر ، وأجمعوا على صيغة للأتفاق مع الجانب الآخر خوفاً من فقدان ذلك المكسب الثقافي بين تلك الصراعات الغير لائقة ، وكان الإتفاق أن يكون عدد المرشحن منهم خمسة لا أكثر ثلاثة من أعضاء الإتحاد وإثنان من المستقلين هم السيد حاكم نمر والشيخ علو ، وفعلاً تم تكليف السيد خدر سليمان حيث كان أيضاً محسوباً عليهم حينذاك وذلك للمتابعة وتبليغ الفرع الأول بذلك الإتفاق ، لكن للأسف لم يتمكن من مقابلة المسؤول هناك ليترك ملاحظات بخصوص ذلك الأتفاق حسب ما ادعى فيما بعد ولم تستلم الهيئة الإدارية أي رد من الجانب الآخر مما توصلوا إلى قناعة بأن للحزب دور في دعم تلك المجموعة المكونة من ثلاثة عشر مرشحاً ، لذلك قرروا المشاركة الفعلية في مناقشة كافة فقرات المؤتمر وفي نهاية المطاف انسحبوا بهدوء عن الترشيح تاركين تلك العناصر أن يتنافسوا فيما بينهم عدا الشيح علو الذي رشح نفسه لكنه لم يحصل إلا على أصوات قليلة ليصبح عضواً احتياطاً مع تلك المجموعة ، من الطبيعي كان الإعتذار عن الترشيح مفاجئة ليس لتلك المجموعة فحسب وإنما لكافة المندوبين والذين جاءوا بهم للتلذذ بنشوة النصر على الخصم من بني جلدتهم حاملين الإثنان نفس الراية لخدمة تراث الكورد الأيزيديين.

وبعد فترة من استلام الهيئة الجديدة مهام الإدارة وفي إحدى جولاته الميدانية في محافظة دهوك ارتأى السيد مسعود البارزاني زيارة مركز لالش وما إن تم تحديد موعد الزيارة حتى قام وفد من الهيئة الجديدة بزيارة السيدخدر سليمان في داره لإقناعه بالحضور في ذلك الموعد ربما لإحراجهم أمام القائد الزائر لعدم وجود الوجوه المعروفة من الأيزيديين لدى القيادة الكردية آنذاك ، وكان لهم ما أرادوا ليحضر السيد خدر سليمان شارحاً للقائد الضيف ما جرى في العملية الإنتخابية موجهاً اللوم لقيادة الحزب في دهوك حسب ما ادعى بعد ذلك ... وبعدئذ تم تنصيب السيد خدر سليمان رئيساً فخرياً للمركز ولحد الآن مع الإحتفاظ بصاحب امتياز لمجلة لالش الدوريه ، وبعد ذلك المؤتمر حظي المركز بدعم لا محدود من لدن السيد نيجيرفان بارزاني حينما كان مسؤولاً على تنظيمات الفرع الأول واستمر الدعم بعد أن أصبح رئيساً لحكومة كردستان ـ أربيل ، وفي سنوات الألفية الثالثة أفلح بعض الوجوه الشابة بعد غياب المخضرمين لأسباب سياسية وشخصية في إدارة المركز وعلى أكمل وجه بعد أن تمكنوا من فتح فروع أخرى للمركز في سنجار وبعشيقة والشيخان وقرية ختارة النموذجية بين القرى الأيزيدية بعد رحيل النظام الدكتاتوري ، ناهيك عن صدور مجلة لالش بشكل دوري وما تحتويه من بحوث ودراسات قيمة تخدم التراث الأيزيدي الأصيل ، ثم عقد المؤتمر العاشر ونظراً لكثرة عدد الأعضاء في مركز لالش وفروعها الأربعة الأخرى اعتمدوا نظام المندوبين وبنسبة محددة من عدد أعضاء كل مركز ولم يتجاوز عددهم ( 250 ) مندوباً في المؤتمر الأخير ، وبعد انتهاء جلسات المناقشة للتقارير السنوية والفقرات الأخرى حسبما قيل تم تغير المسار المتبع سابقاً بالترشيح الفردي والإقتراع السري على إجراء الإنتخابات معتمدين وفق نظام القوائم مما كانت مفاجئة لدى الكثير من الأعضاء السابقين للهيئة والحضور أيضاً متذرعين بأنه الأنسب حالياً وفق نظام الإنتخابات والذي من المتوقع أن تجري في عموم العراق وكردستان خلال بداية العام القادم ، لكن أكثر الآراء تقول عكس ذلك تماماً حيث لا ينطبق مثل هذا النظام على انتخابات مركز لالش وخاصة ان أكثر من 80% من المندوبين الذين حضروا كانوا من المحسوبين على الحزب الديمقراطي ، إذن كيف يتم إعلان قائمة بإسم البارتي ومن الأيزيديين المخضرمين بقيادة خدر سليمان لمنافسة قائمة أخرى إن وجدت حسبما ما أعلنه السيد الوزير نمر كجو كما قيل ليقول بأن هذه القائمة للبارتي إذا كانت هناك قائمة أخرى للتحدي . من المؤكد كان يقصد بذلك القيادة الشابة والتي أبدعت في عملها في إدارة مركز لالش بعد المؤتمر العالمي حول الأيزيدية في المانيا عام 2000 ومشاركة وفد لالش حينذاك ثم الإنسحاب منه والذين أوقعوا قيادة البارتي في موقف حرج آنذاك نتيجة خلافات شخصية بين أعضاء الوفد والأخوان الموجودين هنا في ألمانيا وهم من نفس الجيل أيضاً ... ومن الطبيعي لم ولن يتجرأ أحداً على اعداد قائمة للمنافسة مع قائمة السيدان خدر سليمان والوزير نمر كجو ، ربما أصلاً لم يتهيأوا بقية الأخوان لذلك لأنهم اعترضوا على مبدأ إجراء الأنتخابات بنظام القوائم لا أكثر ... بقي أن نقول وربما هذا رأي أكثرية الأيزيديين هنا في المهجر ، نعم نقول للأخوة المخضرمين من المقيمين في اوربا وحتى الذين زاروها أيضاً وأطلعوا على الكثير من انظمة إجراء الأنتخابات ألم يجدوا اسلوب آخر للمنافسة ليتم تطبيقه في انتخابات المركز الرائد ( لالش ) ، وكذلك نقول لهم ونخص بالذكر السيد خدر سليمان والذي له علاقات واسعة مع قيادة الحزب الديمقراطي على حد علم الجميع ألم تكن من الأجدر أن تحاول مع القيادة المذكورة كي تتبوأ وظيفه اخرى ليس في كردستان وتخدم الأيزدياتي والأيزيديين حيث هم بأمس الحاجة في المرحلة الراهنة بعد تحرير العراق من الدكتاتورية ، وتدع الشباب المثقفين لإدارة المراكز الثقافية لأنهم أبدعواوحققوا شعبيه كبيره للمركز وأثبتوا جدارتهم في الإدارة خلال الأربع سنوات الماضية بعيداً عن الصراع على المصالح الشخصية الضيقة مثلما فعلتم على مدار عقد من الزمن ؟؟؟؟