الخميس، 29 ديسمبر 2011

التسامح والتعايش والمناهج الدراسية !!!

التسامح والتعايش والمناهج الدراسية !!!
النائب / حسين حسن نرمو
كَثُرَ الحديث عن التسامح الديني والتعايش السلمي في الآونة الأخيرة عراقيا ً ورُبَما كوردستانيا ً أكثر ، لا سيما بعد أحداث زاخو ، والتي أخذت حيزا َ وصدى واسع على مستوى العالم في الأعلام ، وحتى البيانات والتعليقات الصادرة من جهات عليا دولية والتي نددّت قيام الكثير من المتزّمتين والمتطرّفين دينيا ً وربما البعض الكثير من العلمانيين بشتى الذرائع للهجوم على مراكز المسّاج الجسدي والفنادق ومخازن بيع الخمور العائدة لمواطني المكونين المسيحي والأيزيدي ، لتمتد عملية الهجوم وحرق المواقع إلى مناطق أخرى من سُميل القضاء ودهوك المحافظة و ... و ... .
مثل هذا السلوك أو التصرف أثار حفيظة علمانيوا السُلطة في كوردستان الإقليم المتمثلة برئاستها ، مما سارعوا للقيام بالتحقيق المكّثف والدفاع عن حقوق المكونات الصغيرة إعلاميا ً وميدانيا ً بعد البدء بإقالة بعض المسؤولين الإداريين والأمنيين وربما الحزبيين أيضا ً .
في الوقت نفسه ، كَثُرَ العمل ميدانيا ً بعد الأحداث أيضا ً للقيام بالكثير من النشاطات عن التعايش السلمي والتسامح الديني في المناطق التي تتواجد فيها المكونات المعرّضة للاضطهاد ، نظمتها الجهات ذات العلاقة سواءا ً الإدارية أو الحزبية ، وكذلك من قبل المنظمات غير الحكومية المتمثلة بالمجتمع المدني وهي من صُلب اختصاصهم .
لكن ! المُلفت للنظر هو قيام ندوات ، لقاءات ، ورش عمل خاصة بالتعايش السلمي والتسامح الديني في مناطق أو مجمعات أو قُرى تتواجد فيها طيف ٌ أو مُكون واحد فقط ، مثلما حصل في قرية ختارة الكبيرة ذات التواجد الأيزيدي مئة بالمائة على سبيل المثال ، نعتقد بأن مثل هذا العمل يجب القيام بها في المناطق التي تتواجد فيها السُلطة وكذلك مختلف المُكونات ، وما حصل في قضاء عقره ومهرجان التعايش والتسامح هو الصواب بعينه ، نأمل أن تمتد إلى الكثير من المناطق التي تتواجد فيها المكونات من الأيزيديين والمسيحيين و ... و ... .
رغم أهمية مثل هذه البرامج وفي هذا الوقت بالذات بعد الأحداث الأخيرة وضرورة نَشر ثقافة التسامح بين جميع مكونات الشعب العراقي والكردستاني أيضا ً ومِن مختلف الأديان ، إلا إننا نؤكد مثلما أكدنا في أكثر من مناسبة أمام المراجع العليا منها معالي وزير التربية العراقي وقدمنا المقترحات مكتوبة ً بهذا الشأن في البرلمان العراقي ، بأن الخلل يَكمن في إعداد وتنظيم المناهج الدراسية وضرورة إعادة النظر فيها من الأساس ، المناهج الدراسية كانت وراء ظواهر العنف والتطرّف والإرهاب في الدول التي صدّرت المنتحّرين إلى العراق بعد سقوط بغداد . صحيح هنالك في كردستان الإقليم حُرية تعليم طلبة المكون الأيزيدي لمادة الأيزيدياتي وربما مثلها للآخرين ( المستضّعفين ) ، إلا أن المشكلة يَكمن في الطالب الآخر ( المُسلم ) والذي لا يعرف شئ عن الأيزيديين والمسيحيين وباقي المكونات إلا النظرة السيئة من أسلافه وهي بأنهم لا ينتمون إلى دينه ومِن َ المغضوبين عليهم وهذا ما نأسف عليه ... لذا من الضروري ولا بُد َ من التفكير في تشكيل فرق تربوية وتعليمية في العراق الفيدرالي ونوصي بالبدء في كردستان الإقليم لأعداد مادة دراسية على شكل كُراس باسم ( ثقافة التسامح الديني والتعايش السلمي ) لتُعمم دراستها بشكل عام في المراحل الابتدائية والمتوسطة مرورا ً بالإعدادية وصولا ً إلى الجامعة . نعتقد أخيرا ً بأن لو حصل هذا بعد الانتخابات الكردستانية وتشكيل حُكومة الإقليم عام 1992 ، لَتَم الآن إعداد جيل ناضج مشّبع بأفكار التسامح والتعايش ، وربما لم يحصل ما حصل مؤخرا ً من أحداث مؤسفة ، نأمل من المعنيين التفكير الجدّي بمثل هذه المسائل والتي تساعد على حلّ المعضلة من الجذور !!!
ألمانيا في 29 / 12 / 2011
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com

الخميس، 22 ديسمبر 2011

التلفيق بأعلى المستويات !!!

التلفيق بأعلى المستويات !!!
ألمانيا / حسين حسن نرمو
" التلفيق السياسي" كظاهرة ، تدخل في خانة إحدى وسائل الصراع العلنية أو السرية ، القانونية أو غير القانونية ، بغية إسقاط المقابل " الخصم " ، ليجعله في نظر الآخرين مكروها ً أو متهما ً وحتى مجرما ً وبشتى الوسائل الديماغوكية أحيانا ً ، لا تخلو هذه الظاهرة من بعض الحقائق التي تبنى عليها الخطوات لوقوع الشخص المعني " الضحية " وفق المخطط المُعِد لذلك ، تعتمد هذه الظاهرة على التشهير والتهم ، بالاستناد على وقائع مخفية وعلنية أيضا ً ، كانت جزء من سلوك المقابل في الماضي ، ليتم النشر والإعلان بحملة مدروسة غايتها إسقاط الهدف المنشود سياسيا ً .
العملية السياسية في العراق الجديد بعد سقوط بغداد ولحد الآن ، بُني على التوافق والمحاصّصة بين مختلف الكتل السياسية المحسوبة على القوميات والطوائف والمذاهب وباقي المكونات ، لذا تعرضت وبشكل مستمر إلى العديد من العقبات والانتكاسات التي اعترضت المسار الديمقراطي الفتي ، من هذه العقبات فقدان الثقة المتبادلة بين الكُتل السياسية ، لا سيما المحسوبين على المكون الشيعي والسني ، ربما للخلاف المعّتق بينهما وعدم قبول الآخر من قبل كُل طرف . فقدان الثقة وانشغال كُل طرف بالآخر وفق دوافع كيدية متزمتّة ، أثرت بشكل أو بآخر على المسار الوطني ، حيث ُ ولِدَت كُل الولاءات عدا الولاء للوطن وللأعمار والبُنى التحتية ، طالما بأن النية غير صافية بين القائمين على العملية السياسية العراقية ، لذا من المؤكد ستولد نتيجة الصراع والاحتقان الكثير من الظواهر غير الطبيعية لإيقاع الخصم والشريك في الوقت نفسه ، ربما في البداية بشكل سرّي لتظهر إلى العلن بعده طالما سمحت أو تسمح الظروف بذلك ، من هذه الظواهر طبعا ً ، الانتقام ، حيث تم تصفية الآلاف من العراقيين وفق هذا المبدأ ، وكذلك الاغتيال السياسي وحَدَثَ كثيرا ً في العراق ليشمل الكثير من الساسة والقياديين المحسوبين على هذا الطرف أو ذاك ، ليتم تصفيتهم من قبل هذه الجهة السياسية أو تلك ، ومن أخطر الظواهر في العراق الجديد هي التلفيق السياسي بحيث أصبحت للأسف من العاديات جدا ً ويتم الممارسة من قِبَل كُل الأطراف ضد كُل الأطراف أيضا ً على حساب المصلحة العليا للوطن ، لذا نرى بأن كافة الأطراف السياسية لديها أجهزة أمنية خاصة أو ربما أشخاص معينين في مختلف المواقع السياسية من أعلى المستويات السيادية نزولا ً إلى مواقع أدنى وفق قواعد ( المحاصصة الوطنية ) ، هذه الظاهرة برزت أكثر في الميدان السياسي مؤخرا ً لا سيما بعد قرار الانسحاب الأمريكي نهاية العام الحالي ودخول حكومة العراق في المواجهة مع الظروف الحالية للتعامل مع مختلف الملفات الحساسة منها الإرهاب المنظّم والفساد المستشري والتدخل الإقليمي ، بحيث ولِدت لدى الحكومة مخاوف من الانقلابات العسكرية أو ما شابه من قبل أطراف ربما الشركاء في العملية السياسية خاصة بعد الانفجار الذي استهدف مجلس النواب العراقي ، لتخلق أجواء من عدم الثِقة المتزايدة عن المألوف ( حيث عدم الثقة موجودة الحمد لله أصلا ً وكما أسلفنا ) ، مما جعلت أطرافا ً في العملية السياسية تبحث عن ذرائع شتى لتنفيذ عمليات التصفية من الاعتقالات وأشباهها ضد أطراف محددة من الخصوم المعروفين ، لكن للأسف بدأت الظاهرة في التوسع لتدور حول ثلاثية الهرم القيادي ( رئاسة مجلس النواب والجمهورية والوزراء ) تحت ذرائع شتى وكيدية ، ربما يتم زرع الأفراد لدى الخصم المقابل ، أو ربما عن طريق كسب الأفراد غير المشروع ليتم التلقين وفق المبادئ الخاصة بظاهرة التلفيق السياسي لإيقاع الخصم في مصيدة الحقد والانتقام للطرف القائم على تنفيذ مثل هذه الظواهر الغير لائقة ولا تخدم عملية بناء الوطن والبلد الجريح الذي دمّره الأنظمة المتعاقبة الدكتاتورية وأشباه الديمقراطية بشكل أو بأخر على مدار عقود من الزمن الغابر والحاضر وهذا ما نأسف عليه حقا ً ...
22 / 12 / 2011
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com

الأحد، 11 ديسمبر 2011

إلى الأعزاء الشنكاليين مع التقدير !!!

إلى الأعزاء الشنكاليين مع التقدير !!!

بغداد / حسين حسن نرمو
سُئلت مرة من جهة سياسية غير عراقية عن الانتماء القومي للأيزيديين في العراق ، إجابتي كانت ... هنالك قِلة قليلة ومعدودين يشعرون وربما يعتزون بانتمائهم للقومية العربية هذا أولا ً ... ثانيا ً : قبل سقوط بغداد أو بعدها ، برزت في الساحة السياسية العراقية اتجاها ً أو ربما أكثر ، يعزف على الوتر القومي الأيزيدي وهؤلاء أيضا ً قِلة ... لكن الغالبية العُظمى من الأيزيديين ، نتيجة لواقع حالهم أو استنادا ً إلى العديد من المصادر التاريخية والتي تؤكد انتماء الأيزيدية إلى القومية الكوردية ، لا بل هنالك مَن يؤكد بأنهم الأكراد الأصلاء ।

مؤيدوا الانتمائين الأخيرين هُم الأكثر تأثيرا ً على الواقع وخاصة ً في شنكال ، لذلك مُعظم النشاطات السياسية والثقافية تُنظم وتُدير من قبلهما أو تسير بهذين الاتجاهين نحو المزيد من الكسب كُل ٌ على حساب الآخر ... أما فيما يخص المنتمين أو الموالين للأحزاب الكوردستانية وخاصة الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني لهم أيضا ً نشاطاتهم الخاصة وفي مختلف المجالات للتأثير على كافة شرائح المجتمع لكسبهم إلى طرف معادلته السياسية . مبدئيا ً هذا السلوك أو التصرف فيما يخص النشاط السياسي شرعي ٌ جدا ً لكلا الطرفين السياسيين ( الحزبين الرئيسيين ) ، لكن الأمر غير الشرعي ، حينما يتعلق النشاط بالثقافة والتراث الشنكاليين وكذلك معالجة الظواهر العامة في مناطقهم ( ظاهرة الانتحار ) على سبيل المثال لا الحصر ، لذا على الذين يمثلون القيادة السياسية الكردستانية في شنكال توجيه وتشجيع كوادرهم وجمهورهم على المشاركة الفعالة لخدمة شنكال الثقافة والتراث نحو مزيد من التقدم والازدهار ، لا أن يتم تهديدهم بقطع الأرزاق في حالة المشاركة في النشاطات التي تقيم الطرف الآخر والحليف من المعادلة السياسية ، هنا في رأيي يجب أن يكون السلوك والتصرف على أساس الكوردايه تي وليس الحزبايه تي وخاصة في المناطق الواقعة تحت رحمة المادة 140 ... لكن للأسف حدث ويحدث وربما سيحدث في المستقبل العكس من لدن المسؤولين الحزبيين في شنكال بتوجيه منتسبيهم أو الموالين لهم بعدم المشاركة في النشاطات العامة والتي تُدار من الحليف الإستراتيجي ، أو حتى من قبل المنظمات والجهات المؤيدة لسياسته ، وهذا ما حصل في مهرجان خدر فقير وكذلك المؤتمر الأخير المنظم من قبل رابطة التآخي والتضامن مع منظمات أخرى وبدعم من الأمم المتحدة حول ظاهرة الانتحار والذي عُقد في مزار شرف الدين ( العزيز على والخط الأحمر لِكُل الشنكاليين ) ، الغريب في الأمر ، هذه الظاهرة التي باتت لها حضور يومي في قضاء شنكال ولم يستثنى حتى يوم انعقاد المؤتمر من حدوث حالة انتحار . لكن ! مثل هذا النشاط لم يكن محل اهتمام الوحدات الإدارية في القضاء ( القائمقام ومدراء النواحي والمجالس البلدية ) بالدرجة الأولى وأعضاء مجلس المحافظة / نينوى المتآخية والبرلمانيين الشنكاليين ، هؤلاء لم يكن لهم حضور في هذا المؤتمر المهم والذي شارك فيه محاضرين من الأساتذة الجامعيين والإعلاميين على مستوى عال ٍ والذي خرج أيضا ً بتوصيات لمحاولة الحد من الضحايا لهذه الظاهرة وللأسف وكأن الأمر لا يهمهم قط ...
هنا لا نرغب بالإطالة على القارئ الكريم ، وإنما نوصي الأعزاء الشنكاليين وقد تكون هذه التوصية لها تأثير بشكل ٍ أو بآخر على ما أقول من خلال كلام مبعثر هنا أو هناك تُكتب على شكل تقارير إلى مراجع معينة ، إنما بدافع من الضمير لا بد من القول ... الكل يعلم بأن التعدد الموجود في كردستان الإقليم هو في صالح كافة المكونات ( الأيزيدية نموذجا ً ) ، لذا على أبناء هذه المكونات وخاصة الذين يتسنمون مناصبا ً كُل ٌ من موقعه والمحسوبين على هذه الجهة السياسية أو تلك أن يكون عملهم وأداءهم بالمستوى الذي يجعل الحزب الذي ينتمون إليه في خدمة بني جلدتهم لدعم خصوصيتنا وليس العكس ، أي لا يكونوا في خدمة السياسة بدون مقابل . لذا بأن ما حصل في شنكال ولأكثر من مرة بالمقاطعة الميدانية للنشاطات المهمة والتي تصب في مصلحة أهاليها وتخدم الواقع الشنكالي وأخيرا ً في المؤتمر الخاص بظاهرة الانتحار يوم الجمعة الذي صادف 2 / 12 / 2011 توحي بعكس ما نوصي ، نأمل أن لا تتكرر مثل هذه الحالات مستقبلا ً .
11 / 12 / 2011
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

مَن سَيَحمل مَفاتيحَ العَقل الأوربي في العراق ؟؟؟

بغداد / حسين حسن نرمو
ما دفعني لِكتابة هذه السطور ، هو لقاء لي مع رئيس البرلمان البلجيكي السابق في بروكسل ، ضمن وفد برلماني من المكونات العراقية ، بناءا ً على دعوة من البرلمان الأوربي تحديدا ً من 5 إلى 7 تشرين الأول 2011 ، كان اللقاء مثل سابقاتها ولاحقاتها في الفترة أعلاه مثمرا ً فيما يخص التعاون مع العملية السياسية العراقية الفتية لدفع الديمقراطية بالاتجاه السليم ، وكذلك إمكانية الدفاع عن حقوق المكونات العراقية من ( الأيزيديين والمسيحيين والصابئة المندائيين والشبك ) ، حيث تحدث الرجل عن تجربته العريقة والذي خدم من خلالها بلده ِ وعلى حد قوله أكثر من أربعة عقود ونيف من الزمن في النيابة والرئاسة البرلمانية ورئاسة حزب ٍ أيضا ً في المنافسة الانتخابية السليمة ، تَطَرَق َ إلى نبذة مختصرة عن بلجيكا وما فيها ، حيث قال ( بأننا لا نمتلك النفط والغاز والمعادن الثمينة و ... و ... وإنما نمتلك عقولا ً لتكون مفاتيح في التحكم والتصرف لدفع عملية التطور والتقدم والازدهار في بلدنا وفي كافة المجالات ) .
طالما في النية هنا المقارنة بين التجربة في العراق وبين تجارب الآخرين والتحول من عصر الدكتاتورية إلى الديمقراطية ، وإمكانية الإشارة إلى ما تَم َ أو أ ُنجز لحد الآن وبعد سقوط بغداد من قبل القائمين على العملية السياسية العراقية لوطنهم ... لنذكر القارئ العزيز أيضا ً بأن ألمانيا وبعد سقوط برلين وانتهاء عصر أعتى الدكتاتوريات ، ربما صُنف َ أو يُصنف الآن بأن هتلر كان ولحد الآن الدكتاتور رقم ( 1 ) في العالم وبامتياز ، لكن بعد نهايته المحتومة حينذاك ومصيره مع عشيقته المجهول لحد الآن ، بَرَزَ في الميدان آنذاك شخصية أخرى ميدانية على مستوى ألمانيا بالاتجاه الايجابي والذي كان يشغل حينذاك مديرا ً لبلدية مدينة كولن أو كولونيا الألمانية كما يتم تسميتها عربيا ً ، ليُصبح أول مستشار بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، ليثبت نفسه قائدا ً ميدانيا ً في مجال أعمار البنى التحتية وسياسيا ً محنّكا ً لدفع عجلة التطور في بلده ألمانيا ، هذا البلد الذي لم تبقى مدينة ً كبيرة كانت أو صغيرة إلا وطالها التدمير في الحرب ، لتبقى ألمانيا على ما يقارب ثلاث سنوات بدون عملة نقدية ، ليتم الأعتماد على المقايضة وتبادل البضائع والسلع المتوفرة في بلدهم حينذاك ، هذا الرجل الذي تم تصنيفه الشخصية الوطنية رقم ( 1 ) ، بحيث لا تخلو مدينة من ذِكر لها ، ليتم تسمية الكثير من معالم المُدن الألمانية باسم هذه الشخصية ، إنه المستشارالراحل ( أديناور ) .
لو نقارن الوضع عندنا في العراق بعد السقوط مع ما ذكرناه من مِثالَين أوربيين ، نرى بأنهم تميزوا عنا بشئ مهم جدا ً ونحن في هذه المرحلة الحساسة وهو الولاء للبلد أو الوطن فقط لا غيره ، حيث خرجت من أذهانهم أفكار العدوان والانتقام والتحزب الضيق والمذهبية والتعصب في كافة المجالات ، ليتم غرس أفكار البناء والأعمار والتقدم وكيفية دفع عجلة الاقتصاد الوطني نحو الأمام لمواكبة العصر ، هذا كُله بالأعتماد على العقول النيرة كُل حسب الأختصاص وفي كافة المجالات . لكن للأسف بالنسبة لنا في العراق وبعد سقوط بغداد مباشرة ً ، بدأت عمليات الانتقام والتصفيات والأغتيالات والتلفيقات متناسين مبدأ التسامح والعفو ، ليتم زرع الفتنة حتى تم استغلال الظروف والأجواء الملائمة من قبل قوى الظلام المدعومة من الأرهاب الخالية من كل المبادئ الأنسانية لتبدأ الأرهاب بضرب كل الأطراف السياسية والمذهبية والدينية والقومية في العراق الجديد بدون تمييز ، كادت أن تعصف بالعملية السياسية العراقية الحديثة والدخول في متاهات الحرب الأهلية لولا جهود الخيرين من القيادات الدينية والسياسية التي باتت يقظة في هذا المجال لتمنع البلد بالسقوط في الهاوية ، ونرى بأن الحال مستمر من ناحية عدم الأستقرار وتفشي ظاهرة الفساد الأداري والمالي بحيث يمثل العراق المرتبة الثانية بعد الصومال على مستوى العالم ، وهنالك فوضى في تقليد المناصب بأساليب غريبة عجيبة بعيدا ً عن الأختصاص والمهنية والممارسة العملية والكفاءة وفق مبدأ المحاصصة المقيتة أولا ً وأخيرا ً وعلى مدار ثمان ٍ سنوات ، وهذا ما أثرت بشكل أو بآخر على سير العملية السياسية نحو الأمام وعدم حصول تطور في غالبية المجالات التي من المفترض أن تحصل الكثير من المتغيرات ، أي لا يوجد في البال شئ ٌ اسمه الوطن بحيث هنالك بدائل من خلال السلوك والتصرف والأداء ألا وهو الميل أو الولاء للدين والمذهب والقومية والطائفة والحزب أو التكتل و ... و ... وكُل ما يتعارض مع الخط الوطني العام ... إذن مضى أكثر من ثمان ٍ سنوات ونحن بانتظار طي صفحة ظاهرة المحاصصة ، مضى أكثر من ثمانية أعوام ونحن بانتظار عدم التصرف أو العزف على الأوتار التي تضعف من قدرة العراق ، ثمان ٍ سنوات ونيف ونحن بانتظار القضاء على الفساد المستشري في البلد ، أكثر من ثمان ٍ سنوات والعراقيين بانتظار القضاء على الإرهاب المنظّم ، هذه الظاهرة والفساد وجهان لعملة واحدة ، حيث الأخيرة تموّل الأولى ، أكثر من ثمان ٍ سنوات ونحن نأمل باستخدام مفاتيح العقل الأوربي مثلما أشار رئيس البرلمان البلجيكي السابق للانفتاح ودفع العملية السياسية التي تخدم عملية التقدم والازدهار ، أكثر من ثمان ٍ سنوات ولا توجد شئ أسمه الضرائب في قاموس الحكومات ، حيث لا توجد دولة في العالم لا تعتمد في وارداتها على نظام الضرائب ، أكثر من ثمان ٍ سنوات والشعب في انتظار تحسن الكهرباء وهي العمود الفقري في كافة المرافق الأقتصادية والتنموية والحياة الأعتيادية .
للقضاء على كُل هذه الظواهر المسيئة والضارة للمجتمع العراقي ، يجب أن نحتكم لمفتاح العقل والتصرف بوطنية عالية وبروح الأخوة العراقية بكافة قومياته ومذاهبه ومكوناته الكبيرة والصغيرة . إذا ً نحن بحاجة إلى شخصية كارزمية وبمواصفات الشخصيات العالمية من أمثال ( أديناور الألماني ) على سبيل المثال لا الحصر .

بغداد في 27 / 11 / 2011
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com

الخميس، 17 نوفمبر 2011

التدريسي في الجامعة وتأثيره على مستوى التعليم عراقيا ً وكوردستانيا ً !!!

بغداد / حسين حسن نرمو
التدريسي في الجامعة ، هو حامل اللقب العلمي ، هذا اللقب الذي يتميز به عن غيره ، وفقا ً للشهادة التي يحصل عليها وبعد التعين في مؤسسات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وكذلك بعد ممارسة المهنة وإمكانية تقديم البحوث العلمية للجهات ذات العلاقة ، ليحصل على اللقب وفق تسلسل علمي ( مدرس مساعد ـ مدرس ـ أستاذ مساعد ـ أستاذ وهكذا إلى البروفيسورية ) ، يبدأ بها حين حصوله على شهادة الماجستير ليُصبح لقبه العلمي ( مدرس مساعد ) ، بحيث يمكن الحصول على الألقاب الأخرى بتقديم بحثين أو أكثر يتم نشرهم في المجلات العلمية المعترفة .
أتذكر حينما كنا في الجامعة مطلع الثمانينات من القرن المنصرم ، كان الكثير من الأساتذة الجامعيين ومن ذوي الشهادات العليا ، هُم من جنسيات مختلفة من الهنود والباكستانيين والمصريين وحسب العقود المُبرَمة بينهم وبين جامعاتنا ، هؤلاء كانوا يمارسون التدريس النظري في أكثر الأحوال ، أما الأساتذة من ذوي الشهادات الأقل الماجستير وحتى البكالوريوس الأوائل ( المُعيدين ) وجُلهم من العراقيين يمارسون مهامهم بالتطبيق العملي سواءا ً كانت في الورش العملية أو في مجال حل التمارين لمختلف العلوم ، قلما نجد آنذاك أستاذا ً ماجستيريا ً يُدَرّس في المجال النظري .
لكن الوضع في العراق تَغَير ليتحول نحو الأسوء في الكثير من المجالات منها التربوي والتعليمي بعد إقدام النظام البائد على الدخول في حروب ٍ واحدا ً تلو الآخر ، بدءا ً من الحرب مع الحركة التحررية الكوردستانية ، مرورا ً بقادسية القائد الضرورة ، إنتهاءا ً بالأحتلال وسقوط بغداد ، هذه الحروب كانت لها تأثير مباشر على عودة غالبية الأساتذة المتعاقدين من الدول الخارجية إلى ديارهم ، ليدخل فيما بعد العراقيين ذوي الشهادات العليا الميدان العلمي وهُم كانوا قِلة خاصة ً في الأختصاصات العلمية ليَصبح حامل الماجستير والمُعيد أحيانا ً مُدَرّسا ً في المجال النظري والعملي معا ً .
كما هو معلوم وعلى مستوى العالم أجمع بأن الحروب المدّمرة لها تأثير على كُل الجوانب في الدُول المتحاربة ، بدءا ً بالطاقات البشرية مرورا ً بتدمير الأقتصاد والبنية التحتية وصولا ً إلى الجانب التربوي والتعليمي ، لذا من الطبيعي جدا ً أن نقول بأن مستوى التعليم في العراق عامة ً بدأ بالعَد التنازلي للهبوط من المغامرة الأولى المجنونة في الحرب العراقية الأيرانية والذي طال أمده ثمان ِ سنوات وسرعان ما أنتهى الحرب ذاك ، ليدخل القائد الضرورة في مرحلة جديدة وحرب ٍ موسّع لتتدخل الجيوش الدولية لمساعدة تحرير الكويت ، وهكذا طال التحدي بينه وبين العالم أجمع على حساب تدمير العراق ، ليوصل الحدّ بالكثير من الأساتذة الجامعيين في التسعينات من القرن المنصرم وبداية الألفية الثالثة قبل السقوط ببيع ما يملكون والبحث عن ملاذ آمن ليخدموا بلدانا ً غير بلدهم مثل ليبيا واليمن ودول أخرى وبعقود مثلما كانت الجامعات العراقية تستقبل مثل هذه الكفاءات مثلما أوردنا أعلاه ، هذا بالطبع عدا الذين قررّوا وبعد استقرار كوردستان الأقليم في التسعينات ، حيث جاؤوا الكثير من الأساتذة العراقيين ومن مختلف المُدن إلى كوردستان وهُم أصحاب شهادات عُليا وبمحض إرادتهم لتحتضنهم الجامعات ، مما كان لهم دور إيجابي في التأثير على واقع التعليم والارتقاء به ليبرز التطور العلمي بالأتجاه السليم ، بحيث هنالك بون ٌ متميز في المستوى العلمي بين الجامعات في الأقليم والعراق الفيدرالي حاليا ً ، هذا ناهيك عن البعض الكثير منهم هاجروا إلى بلدان أخرى نتيجة السياسة الهوجاء التي مارستها النظام البائد . للأسف طبعا ً ، استمرت هجرة العقول العراقية ومنهم أساتذة الجامعات بعد سقوط بغداد أيضا ً ، لا للظروف الأقتصادية هذه المرة وإنما لأستهدافهم بشكل مستمر ولحد الآن من قبل قِوى الظلام التي تستهدف العملية الديمقراطية الفتية في العراق .
إذن ! وكما هو معروف بأن هنالك أسبابا ً عدة في عهد النظام البائد وبعده أيضا ً ، كان وراء تخلف قطاع التعليم عن المستويات السابقة ، هذا القطاع كان نموذجا ً يُقتدى به في الشرق الأوسط وخاصة مستوى التعليم في الجامعات العراقية المعروفة بغداد ـ الموصل ـ البصرة ـ السليمانية والتكنلوجية . لكن بعد أفتتاح المزيد من الجامعات والكليات الحكومية والأهلية أيضا ً وخاصة الأنسانية ، حتى بات لا يخلو قضاء في العراق من وجود جامعة أو كلية ، وبالتأكيد الواقع العلمي هذا بحاجة إلى الكوادر العلمية من مختلف الأختصاصات وخاصة أصحاب الشهادات العليا من الدكتوراه والماجستير ، ليصل الحد للأسف وخاصة الكليات والجامعات الأهلية الأستعانة بكوادر من الخريجين وحتى الموظفين أحيانا ً للتدريس ، هذا طبعا ًمن دواعي الكسب السريع وغير المشروع على حساب التعليم العالي ، الكثير من الذين يقومون بمهام التدريس لا يعرفون قواعد وطرق التدريس أصلا ً لعدم الممارسة في هذا الميدان ، هذا ما يؤثر سلبا ً وأثرت بالفعل على مستوى التعليم في الجامعات والكُليات العراقية ، ويجب أن لا ننسى التدخل السلبي لبعض القوى والأحزاب السياسية المباشر وغير المباشر في واقع التعليم وفرض بعض الأوامر غير المُحبّذة والممنوعة أصلا ً في الدول الديمقراطية ، كون الجامعات لها استقلاليتها وحُرمتها ، هذا التدخل أشار إليه وزير التعليم السابق ، هذا ناهيك عن تفشي ظاهرة تقديم الهدايا إلى الأساتذة والتدريسيين مقابل درجة النجاح السلبي أو عبور الطلبة غير الكفوئين على حساب مبدأ التعليم وهذا أخطر علّة ونقطة تحول غير طبيعية نحو الأسوء في سلك التعليم وهذا ما يأسف عليه كُل المختصين المهنيين والأمناء في عملهم أو حتى في أعماق تفكيرهم ، لذا نأمل من كافة أصحاب الشأن التفكير بجدية للوقوف على مثل هذه الأسباب والتي باتت واضحة وضوح الشمس وإمكانية البدء بإيجاد الحلول والمعالجات وبشكل مدروس ، في نهاية مقالنا هذا لا بُد من القول بأن هذا الكم الهائل من المؤسسات العلمية ودون الأعتماد على الكادر الوسط والمهم جدا ً بالنسبة للعراق في هذه المرحلة بالذات أي الأعتماد على الكادر المهني وذلك بتطوير القطاعات الخاصة بتخريج مثل هذه الكوادر وفي كافة المجالات من صناعية وزراعية وتجارية و ... و ... لا يمكن دفع عجلة التطور والتقدم والأزهار في العراق الجديد ، وهذا طبعا ً ديدن كُل الدول التي تتجه نحو الديمقراطية والتي أثبتت التجارب العالمية ذلك .

بغداد في 17 / 11 / 2011
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com


الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

مهزلة التصريحات الإعلامية في مجلس النواب العراقي !!!


النائب / حسين حسن نرمو
تُدرج الصحافة في خانة السُلطات ، لتأخذ تسلسلا ً رابعا ً بعد سُلطات التشريع والتنفيذ والقضاء ، هذا وفق ما وُصف عالميا ً وكذلك المعروف والمتداول عمليا ً على أرض الواقع ، بالتأكيد هذا التسلسل لم يأتي بشكل إعتباطي وإنما للدور الذي بذلته العاملين في مجال الصحافة والإعلام في مجمل الأحداث العالمية قديما ً وحديثا ً إلى أن حصلوا على هذه الميّزة ، بحيث تمكنت هذه السلطة في التأثير وتصحيح مسار الكثير من السُلطات التنفيذية على مستوى العالم أجمع .
كما هو معروف أيضا ً بأن الصحافة هي مهنة المتاعب وقدمت الكثير من الضحايا في تغطية الأحداث ، خير دليل على ذلك بأن الصحافة في العراق وبعد سقوط بغداد قدمت مئات الشهداء من الصحفيين والإعلاميين وحتى المصورين . نظرا ً لأهمية مكانة الصحافة والإعلام ودورها المتميز كما أسلفنا ، لذا من المفترض والضروري جدا ً أن يكون العاملين في هذا المجال مهّنيين جدا ً لتحافظ الصحافة على دورها ومركزها في الريادة كسلطة رابعة للتأثير دائما ً في ميادين السياسة عالميا ً .
عراقيا ً وبعد سقوط بغداد والتوجه العام نحو الديمقراطية كدولة إتحادية برلمانية وفق قواعد الدستور ، لذا نرغب بالتركيز هنا على محورين مهّمين جدا ً مشتركين بين الجهة التشريعية العليا في الدولة كمجلس النواب والكتل السياسية من جهة ، والصحافة الحرّة من جهة أخرى والتي برزت في الساحة السياسية العراقية بعد رحيل النظام الشمولي الدكتاتوري ...
المحور الأول ... هوالتصريحات الإعلامية للسادة أعضاء البرلمان شخصيا ً وبشكل عشوائي غير مدروس وغير مبرمج وفق مزاجيات الأعضاء نفسهم أحيانا ً كثيرة والذي يدلي بتصريح كرّد فعل ٍ لمداخلة منه في موضوع ما في جلسة البرلمان الأعتيادية وحينما لا يستقبل ردّا ً إيجابيا ً سواءا ً من هيئة الرئاسة أو التأييد داخل قبة البرلمان يتوجه إلى المركز الإعلامي والإدلاء بما يرضي مزاجه ، أحيانا ً أخرى يكون التصريح ذات توجيه خاص من الكتل السياسية أيضا ً ، مما تسبب مثل هذه التصريحات نشوب خلافات بين العراق ككيان دولة وأطراف ٌ أخرى أقليمية ودولية ، هذا ناهيك عن نشوب خلاف بين الأطراف الداخلية أصلا ً والمشتركين في العملية السياسية وكذلك بين العراق كمركز وأقليم كوردستان أيضا ً .
هذا النظام أو السلوك في التعامل مع الصحافة والذي يكون أحيانا ً كثيرة سلاح ذو حدّين وغير موجود في برلمانات غالبية الدول الديمقراطية الرصينة قديما ً وحتى حديثا ً ، حيث هنالك هيكلية معتمدة لدى الكُتل النيابية في البرلمانات العالمية بالإعتماد على ( الناطق الإعلامي ) بإسم الكتلة أو أية جهة سياسية في البرلمان والذي له حق التصريح في الإعلام بإسم الكتلة أو الحزب أو التجمع تحت قبة البرلمان ، حتى اللجان البرلمانية لديها مَن يتحدّث بإسمها أمام الصحافة فيما يتعلق الأمر بالعمل أو التخصص داخل البرلمان .
لكن في العراق هنالك تجاوز في التصريح على الناطق نفسه من قبل البعض من النواب في هذه الكتلة أو تلك ، بحيث يستغرب الناطق من بعض التصريحات التي كان الأولى به في النطق بمثلها ، هذا بحق مهزلة في تاريخ الديمقراطية ، لا والأنكى من ذلك ، سرعان ما يركض النائب المصرّح وراء الصحفي أو مراسل الصحيفة أو القناة الفضائية ليدلي بتصريح آخر يتناقض مع ما أدلى به من آراء قبل ساعات معدودة ، ليُصبح في اليوم الواحد أزدواجي الراي ، لا بل يضطر أن يَكذِب نفسه بنَفسِه وهذا طبعا ً بناءا ً على الأوامر أو التوصيات أو ضغوط وأحيانا ً تهديد من مراجعهِ العليا والذي يعمل تحت لواءها .
المحور الثاني ... والذي يتعلق بأخلاقية المهنة ومدى الألتزام بها من العاملين في مجال الصحافة والذي للأسف نقول بأن هنالك الكثير منهم جاءوا بشكل أو بآخر للعمل في هذا الميدان ، حيث دخلوها ربما للحصول على المال بأي ثمن للظروف الأقتصادية التي مرّت وتمر بها العراق بعد رياح التغيير الذي أطاح بالحُكم في بغداد أولا ً قبل الربيع العربي ، لذا نرى بأن البعض من هؤلاء الذين يعملون وكأنهم مكلّفين بتحوير التصريحات والحقائق التي يدلي بها السادة النواب في البرلمان العراقي سواءا ً بإسلوب الكتابة على شكل ملاحظات من قبل الصحفي أو حتى عبر آلات التسجيل الصوتي وكذلك أسلوب الأتصالات الهاتفية المعمول به كثيرا ً في المرحلة الراهنة ، حيث نرى بأن هنالك بونٌ شاسع وأحيانا ً عكس ما يتم التصريح أو الإدلاء به من قبلنا كنواب ، لا بل نرى من على شاشات التلفزة لهذه القناة الفضائية أو تلك وعلى شكل مانشيت طويل وعريض منسّب بإسم النائب وعكس ما أدلى به ، هذا ما نأسف عليه حقا ً لتشويه الحقائق أو نقلها عكس الوقائع ، قد يجوز بأن ناقل الخبر الصحفي يخدم الجهة التي كلفته ، لكن في الوقت نفسه لا يخدم الرسالة التي من أجلها دخل المهنة وبالتالي يخون قسم المهنة أيضا ً ، حيث من المفترض ومن خلال عمله هذا أن يخدم بلده الجريح جدا ً ، هذا البلد والشعب المغلوب على أمره عانى ما عانى تحت حُكم الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ، هذا البلد والشعب أصبح ضحية المؤامرات والتصفيات السياسية والإرهاب المنّظم ، حيث قلما يمر يوم ٌ هادئ بدون إراقة دم وتدمير كَمٌ من المباني . لذا هنا ، لا بُد من توجيه كلمتنا الأخيرة لزملائنا النواب أولا ً حول الألتزام بالتصريح الذي يخدم البلد والمواطن وكُل ٌ حسب إختصاصه وإعطاء الفرصة للناطق الإعلامي الأدلاء بالتصريحات المهمة والتي تمس السياسة العامة لكُتلته أو حزبه ، وكذلك كلمتنا للأخوة العاملين في السُلطة الرابعة أن يكونوا وطنيين بِكُل ما تحمل كلمة الوطن من معنى ، لا أن يكونوا عنصريين أو طائفيين أو مذهبيين أو قومجيين أو حزبيين أو ... أو ... وأخيرا ً مهنيين في ( الصحافة وكما يجب أن تكون ) .

26 / 10 / 2011
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com

الاثنين، 29 أغسطس 2011

الألقاب الفخرية أو الرسمية ... وتأثيرها على شخصية حامليها !!!


ألمانيا / حسين حسن نرمو


قديما ً ومنذ الأزل ، كانت الألقاب تُطلق على حامليها وفقا ً لأوامر إلهية حسب رؤية الأديان أو بشرية ، بدءا ً من الأولياء والأنبياء والرسل وحتى الابن ل ( الله ) ، وكذلك لقب الخليفة أو أمير المؤمنين والإمبراطور والسلطان وأصحاب الجلالة " الملوك " وسمو الأمراء والقواد منها الضرورة والدكتاتور ، وانتهاءا ً بالألقاب الحديثة التي أطلقت ولا تزال على الرؤساء والمسؤولين الدوليين ، ليتم تسميتهم بها أو يُسَمون أنفسهم في ظل الأنظمة التي تسير بالأوامر التي تًصدر بتواقيعهم ، وأحيانا ً يكون اللقب بناءاً على إلحاح وتدخل من الشعب ، وسرعان ما ينقلب الشعب نفسه على صاحب اللقب فيما بعد مثلما حصل ويحصل باستمرار في غالبية الدول الشرق أوسطية ، التسميات عادة ً كانت وفق ظروف زمانية ومكانية معينة ربما اقتضت الضرورة لإطلاق البعض من هذه التسميات التي ذكرناها حسب وجهة نظر القائمين على السلطات .


معظم حاملي هذه الألقاب الآنفة الذكر ، لم يلتزموا بالحدود المرسومة لهم وفق قواعد التسمية أو حتى القوانين الخاصة لبعض الألقاب حديثا ً ، متجاوزين القيم والمبادئ التي من المفروض الالتزام بها ، سواءا ً كانوا هؤلاء خلفاء أو حتى أمراء المؤمنين وهكذا الآخرين والذي وصل التجاوز " الذروة " في عهد بعضهم وفي كافة المجالات من البذخ والترف والتبذير والفتح والقتل والتدمير و ... و ... . وانتقل المرض عبر المراحل التاريخية إلى الكثير من دكتاتوريات الأمس القريب واليوم ، وحتى بعض القادة الضروريين وفق متطلبات العصر الحديث . قيل قديما ً أيضا ً بأن المناصب والأموال لا يعتمدون على مقاييس وحدود معينة عند تسنم المنصب وامتلاك الأموال ، حيث حينما يكون الإنسان في منصب معين أو يمتلك أموالا ً معينة ، يرى بأنه يستحق منصبا ً أعلى ، ويتمنى بالمزيد والمزيد من الأموال ، أو يحاول بشتى الوسائل الحصول عليها حتى لو كانت بطرق غير مشروعة مستغلين مناصبهم أو القابهم ... البعض من هذه الألقاب بقيت إلهية الذكرى والبعض الآخر تاريخية المصادر بشهادة مؤلفيها المعاصرين وغيرهم ، منهم تعرضوا للانتقاد اللاذع تارة ً وللمدح المفرط تارة ً أخرى وفق السلوكيات والتصرفات في أزمانهم ومكانهم . لذا نرى بأن غالبية العصور التي انقضت ، بالأوامر التي صدرت ، بالعمليات التي نُفذت ، كُل الغنائم التي جُمِعَت وفق " نظرية الحق الإلهي المقدس " ، بالدماء التي سُفكت ، بالناس التي قُتِلت وشُوِهت بالسلاح القديم والحديث ، وللأسف نقول بأن هذه النظريات ما زالت قائمة ويتم تطبيقها عمليا ً على أرض الواقع ضد شعوب المعمورة في الكثير من البلدان التي تُقدس لحد الآن ( دكتاتوريات الألقاب ) تحت شعارات زائفة لا يمكن القبول بها في الوقت الحاضر طبقا ً لكافة لوائح الدفاع عن حقوق الإنسان في مجمل المنظمات الدولية التي تهتم بهذا الشأن ، حيث بدأت العد التنازلي لسقوط أعتى هذه الدكتاتوريات .


لكن الأهم من ذلك والذي نود الإشارة إليه هو ... هل أن الممارسة الديمقراطية الحديثة بعد سقوط الألقاب هي كما يجب وأن تكون وفق قواعد الديمقراطية الصحيحة لا سيما في بلداننا الشرقية ، سقوط بغداد نموذجا ً ؟ نقول بأن التصرف والسلوك في أكثرية البلدان المتحررة ومنها العراق طبعا ً بعد السقوط خليط من السلوك أو التصرف السابق وكذلك الطموح اللاحق لتطبيق الديمقراطية ، أما بالنسبة لنا في العراق الحديث خصوصا ً ، وبعد سقوط بغداد واحتلال العراق بشكل عام من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ومساعدة بريطانيا وبداية الممارسة الفعلية لمشروع الديمقراطية الطازج جدا ً ، فالمشروع وحسب الرأي العام هو دون المستوى المطلوب متأثرين بشكل أو بآخر بسلوكيات وتصرفات الدكتاتوريات التي حَكَمَت العراق مئات لا بل آلاف السنين . العراق بعد السقوط والاحتلال والتغيير الجديد والدستور الجديد والذي يقول بأن العراقيون متساوون أمام القانون ودون تمييز وفق المادة 14 منه عملا ً بمبدأ المساواة بين المواطنين ، لذا نرى بأن الألقاب الموجودة حاليا ً لتسمية المسؤولين الكبار في الدولة " فخامة ، دولة ، معالي وإلى آخره من التسميات " هي منافية لمبدأ المساواة بين المواطنين ، في حين تخلت الكثير من الدول الديمقراطية عن مثل هذه الألقاب مُكتَفين بكلمة السيد ليتقدم بها أسماء كُل الناس بدءا من الرئيس ولحد المواطن البسيط ، حيث نعتقد بأن الألقاب لها تأثير مباشر على شخصية الإنسان ، ليخرج عن حدود مسؤولياته ، ويرى نفسه شخصا ً فوق العادة بعد تسنم المنصب مع اللقب ، ليتم التعامل مع المواطنين العاديين من موقع محدّد وذات مسافة معينة بينه وبينهم ، وكذلك استغلال صلاحياته في الانحراف عن المسار العام والدخول مجبرا ً أحيانا ً وفي أكثر الأحيان بشكل طوعي في عالم الفساد المالي والإداري ونعتقد بأن ملفات الفساد التي ظهرت في ميادين وساحات العمل السياسي في العراق من أكثر الدلائل والشهود العصرية لما ذكرناه .


h.nermo@gmail.com


www.hnermo.blogspot.com


29 / 08 / 2011

الأحد، 17 يوليو 2011

الجامعات وأزمة التعينات بعد التخرج عراقيا ً وكوردستانيا ً !!!


بغداد / حسين حسن نرمو*

نسمع ونرى على أرض الواقع بين الحين والآخر عن افتتاح جامعة هنا وهناك من قبل المسئولين المعنيين سواء ً كانت في عراق المركز أو حتى في إقليم كوردستان ، حتى باتت العديد من الأقضية العراقية تأخذ نصيبها من وجود مثل هذا الصرح العلمي أو على الأقل كُلية من الكليات تابعة للجامعة في المحافظة ، هذا ناهيك عن افتتاح الكثير من الجامعات والكليات الأهلية وفق الضوابط والقوانين في البلد قبل وبعد سقوط بغداد وتوجه الدولة الديمقراطي والفيدرالي ، خاصة ً في المجالات الإنسانية والاجتماعية منها كليات القانون والسياسة على سبيل المثال لا الحصر ، ويجب أن لا ننسى أيضا ً عن افتتاح الجامعة الأمريكية في محافظة السليمانية منذ عدة سنوات ، وكذلك افتتاح جامعات حرة في الخارج بإشراف كوادر تعليمية عراقية على مستوى عال ٍ ربما تكون غير معترفة بها حاليا ً في عراق المركز وكذلك الإقليم منها الجامعة الحرة في الدانمارك وهولندا ، حيث تَخَرَج َ المئات وربما الآلاف من العراقيين الذين انضووا تحت لواءها وحصلوا على شهادات جامعية أولية وكذلك الشهادات العليا ( ماجستير ودكتوراه ) . قبل إبداء الرأي في الانفتاح العلمي من خلال زيادة عدد الجامعات والمعاهد في العراق عموما ً وكما أشرنا ، ارتأينا أن نشير وللأمانة إلى دور الجامعات العراقية القليلة العدد في النصف الثاني من القرن المنصرم تحديدا ً في السبعينات والثمانينات ، حيث كانوا معروفين ليسوا على مستوى العراق فحسب ، بل ذاع صيتهم على مستوى العالم من خلال دورهم في المنظمات الخاصة بالنشاطات العلمية ( اليونسكو مثلا ً ) ، حتى باتت شهادات جامعات العراق ( بغداد ، البصرة ، الموصل ، السليمانية ** وحتى الجامعة التكنلوجية في بغداد ) معترفة ومقدّرة وتتم تعديلها فورا ً في غالبية الدول المتقدمة أثناء التعديل أو الدراسة العليا فيها ، ويجب أن لا ننسى بأن خريجيها ومن ناحية التعين تتم توزيعهم مركزيا ً على الدوائر المعنية وحسب الاختصاص ، أما الأوائل على الكليات يتم تعينهم على ملاك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي . لكن وكما هو معروف بأن الحروب تدمر عادة الأخضر واليابس وبعد إقدام النظام البائد عليها ليصبح التحدي والحرب من أولويات برامجه ، مما كان لها تأثير مباشر على الصروح العلمية منها الجامعات لأضعاف دورهم والتراجع علميا ً يوما ً بعد آخر ، ومغادرة أساتذتها العراق للبحث عن ملاذ توفر لهم العيش الرغيد وحتى الكرامة بعد تعرضهم لظروف ومضايقات مادية ومعنوية لا تناسب دورهم الريادي وشخصيتهم المعنوية . في اعتقادي ، وربما يؤيدني الكثيرين من أصحاب الاختصاص طبعا ً ، بأن زيادة الجامعات بهذا الشكل والعدد ، لها تأثير مباشر على ازدياد ظاهرة البطالة وكثرة عدد الخريجين سنويا ً ، حيث تراكم العدد خاصة بعد احتلال الكويت في مطلع التسعينات ، وما ترتب على العراق من جراء ذلك السلوك والتصرف المشين والذي أدى بالبلد نحو الدمار والحصار الاقتصادي الذي دفع العراق ثمنا ً غاليا ً من هدر كافة طاقات الدولة في مختلف المجالات والقطاعات الصناعية والزراعية . نعتقد بأن العراق كدولة عانت وتعاني لحد الآن من سوء التخطيط ، أي أنها لم تولي اهتماما ً جديا ً بالتخطيط كوزارة ولم تكن لديها خطط وبرامج مستقبلية بعيدة المدى للوقوف بشكل جدي على كيفية الإدارة ومن مختلف الجوانب ومنها بالطبع سياسة التربية والتعليم العالي ، قد تكون هذا الإهمال أو اللامبالاة من جراء الحروب التي قامت بها النظام السابق مما أدى إلى ما هو عليه من عدم الاستقرار . لكن في اعتقادي وخاصة بعد سقوط النظام قبل أكثر من سبع سنوات ، كان على الساسة الجدد الاهتمام الجدي بواقع التعليم لا سيما بأن غالبيتهم عاشوا في خارج العراق والكثير منهم في الدول الأوربية والتي من المفروض الاعتماد والاستفادة من تجاربهم . نرى ضرورة أحياء التعليم التقني وتصنيف الطلبة بعد الدراسة المتوسطة وتقيمهم من حيث الدرجات والكفاءة والقدرة وإمكانية الأستمرار بالدراسة في مرحلة ما قبل الجامعة أو الدخول إلى الاعداديات المهنية في مختلف التخصصات الطبية والصناعية بفروعها والزراعية والأدارية بكافة تخصصاتها ، حيث في غالبية الدول هنالك اعتماد كبير جدا ً على الكادر الوسط ( هذا الاعتماد بدأ بها النظام السابق لكن بالأتجاه السلبي وهي التصنيع العسكري وليس المدني ) ، قد يستغرب القارئ الكريم من أن كُل المهن الموجودة وفي غالبية الدول الديمقراطية والتي تتجه نحوها والدول الرأسمالية أيضا ًهنالك اعتماد كُلي على مثل هذا الكادر الحيوي بمختلف التخصصات ، لنضرب لكم مثلا ً ( ذهبت مرة إلى إحدى المذابح في ألمانيا ، رأيت العديد من الشبان الذين يعاونون صاحب المذبحة وحينما سألت صاحبها عن هؤلاء الشباب ، قال بأنهم يعملون ليومين أو ثلاث معه والباقي من الأيام هم في المدرسة المهنية للتعليم ) ، أي ما معناه هنالك مدارس مهنية بهذا التخصص أيضا ً ليتخَرج قصابا ً بالمفهوم العامي لدينا . لذا نرى بأن على الدولة عراقيا ً وكوردستانيا ً الاهتمام بهذا الجانب ومن خلال : ــ

أولا ً : ـ إحياء جميع القطاعات وخاصة الصناعية من المعامل الموجودة أصلا ً مع زيادتها في مختلف المجالات وهذا في تصوري يجب التوجه نحو الخصخصة في هذا المجال ودعم القطاع الخاص مع الاحتفاظ بالإدارة المشتركة للمتابعة وعدم الاستغلال .

ثانيا ً : ـ تصنيف الطلبة بعد الدراسة المتوسطة وكما اشرنا بالاعتماد على الدرجات والمؤهلات التي تؤهل الطالب بالدخول إلى المدارس المهنية أو الاستمرار لمرحلة ما قبل الجامعة .

ثالثا ً : ـ توعية جميع القطاعات الطبية والفنية والإدارية والنقابية والتربوية والتعليمية والشركات ذات القطاع الخاص بالاعتماد على مثل هذه الشريحة من الطلاب وإمكانية تدريبهم أثناء الدراسة قبل التخرج ليتسنى لهم في المستقبل إيجاد فرص العمل لدى هؤلاء وحسب الكفاءة . . .


* عضو مجلس النواب العراقي

** تم نقل جامعة السليمانية إلى أربيل ليتم تغير أسمها إلى جامعة صلاح الدين لأسباب سياسية ، حيث تم إحياء الجامعة بنفس الأسم في مطلع التسعينات من قبل حكومة إقليم كوردستان .



السبت، 2 يوليو 2011

المحاصصّة ورديفاتها ... وتأثيرها على الكفاءات !!!


بغداد / حسين حسن نرمو
قبل الخوض في التفاصيل لمثل هذا الموضوع الذي يتعلق الأمر بالعراق وبامتياز بعد سقوط بغداد ، وربما بإقليم كوردستان أيضا ً لفترة ليست بالقصيرة أثناء التحالفات . أردنا أن نشير إلى التجربة الديمقراطية العريقة لجمهورية ألمانيا الغربية وألمانيا الاتحادية قبل وبعد سقوط جدار برلين ، في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ، ظهرت أحزاب وتيارات سياسية عديدة في الميدان السياسي حينذاك ، اختزلوا في مجموعة صغيرة لا تزال تحكم ، منها الرئيسية طبعا ً الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد الديمقراطي المسيحي ، خلال عقود من الزمن بعد التجربة الديمقراطية فيها لم يتحالفا الحزبان الرئيسيان أعلاه إلا مرتان فقط في تشكيل الحكومة ، المرة الثانية هما الآن مستمرين في التحالف برئاسة المستشارة ميركل ، حسب استفتاء الآراء والرؤى المختلفة في ألمانيا بأن مثل هذا التحالف لها تأثير على سير العملية السياسية والأداء الحكومي في البلاد ، وهذا يعني بأن التجارب الديمقراطية حينما تخلو من المعارضة الحقيقية ، قد تؤثر بشكل وبآخر على الإصلاح والتقدم .
العراق وكما هو معروف بلد متعدد القوميات والمذاهب والطوائف والمكونات الأخرى ، حيث ضمّن دستور جمهورية العراق كامل الحقوق منها طبعا ًالدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية من المسلمين والمسيحيين والأيزيديين والصابئة المندائيين ، لكن لم يشير الدستور إلى المشاركة السياسية لكُل هؤلاء من منطلق الدين مع مختلف التيارات السياسية المعارضة سابقا ً والمستحدثة بعد السقوط في أدارة الحكم في العراق ، حيث بدأ العراقيون ابتداءا ً من مجلس الحكم ولحد الآن بالاعتماد على المحاصصة المقيتة ثم حكومة الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية الحالية والتي برأيي كُلها تصب في خانة المحاصصة وفق المبدأ " هذا لك وذاك لي " وخاصة بالنسبة للكُتل الكبيرة بدءا ً من المناصب العليا ولحد المدراء العامين والذين أبدعوا في تغير الهيكلية الإدارية لأكثرية المؤسسات لصالح رئيسها وبالتالي لصالح التيار السياسي الذي جاء بهم .
كوردستانيا ًوبعد أول انتخابات ديمقراطية على مستوى العراق بعد احتلال وتحرير الكويت وقرارات الأمم المتحدة وسياسة الحماية لكوردستان وفق الخطوط الجغرافية ، أثبت نظام المناصفة بين الحزبين الرئيسين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني بعد منتصف عام 1992 وفق مبدأ " الففتي ففتي " ، نعم أثبت عدم التوفيق في إدارة الحكم في كوردستان ، مما أدى انشقاق البرلمان الكردستاني والحكومة الكردستانية إلى شطرين في السليمانية وأربيل ، في اعتقادي بأن الأوضاع في الإقليم وما نمُر به لحد الآن من أحداث أدى إلى استشراء الفساد المالي والإداري باعتراف المسؤولين الكبار ضحية مثل هذا النظام غير العملي على أرض الواقع ديمقراطيا ً .
عراقيا ً وبعد سقوط النظام الدكتاتوري البائد وبروز تيارات سياسية ودينية عديدة من المعارضين القدامى للنظام السابق والمستحدثين أيضا ً لتفرض نفسها محاولين بشتى الوسائل المشاركة في تقسيم الكعكة ، مما أدى إلى ظهور نظام المحاصصة المعمول به تقريبا ً لحد الآن وتحت مسميات ربما أكثر مقبولا ً إعلاميا ً وسياسيا ً بعد تشكيل الحكومات العراقية المتعاقبة مثل حكومة وحدة وطنية لمرحلة ما ، مكافحين بشتى الوسائل لعدم جر البلاد إلى صراع طائفي وحرب أهلية ، وكذلك حكومة شراكة وطنية حالية بمشاركة مختلف الكتل السياسية الكبيرة الفائزة في الانتخابات الأخيرة وحتى المكونات العراقية الأخرى من خلال التنظيمات السياسية من المسيحيين والأيزيديين والصابئة والتي بدأت تطالب بحقها في المشاركة البرلمانية وفق مبدأ الكوتة وكذلك المشاركة في الحكومة أيضا ً مطالبين بمقاعد وزارية ومناصب أخرى ، وهذا بالتأكيد ووفق النهج المتبع من المحاصصة والوحدة أو المشاركة الوطنية من أبسط حقوقهم طالما هُم مواطنين عراقيين أشار الدستور إلى الحقوق التي من المفروض الحصول عليها .
يرى الكثير بأن مثل هذا النظام المعمول به في العراق لحد الآن بعد ثمانية سنوات من رحيل النظام السابق مفيد للتجربة العراقية الحالية والذي قد يكون مستمد ٌ من التجربة اللبنانية في تقسيم الرئاسات الثلاث البرلمان ورئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء على أساس قومي ديني مذهبي ، ومن ثم أنتشر ليشمل باقي المناصب من نواب الرئاسات والوزارات الأمنية الحساسة ، رغم التأكيدات على استقلالية مثل هذه الوزارات والتي باءت أكثرية المحاولات لحل أزمة وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني بالفشل لحد الآن بعد أكثر من سبعة أشهر على تشكيل حكومة السيد نوري المالكي الثانية ، مثل هذا النظام المحاصصي قد يكون قريب جدا ً من مصالح الكتل السياسية لمشاركة الجميع في الحكم ، لكن في تصوري بأنه بعيد ٌ جدا ً عن مصالح عامة الشعب والذي دفع بمرور الزمن الثمن لتعطيل الكثير جدا ً من الممكنات لتقديمها للشعب في مختلف المجالات منها الجانب الخدماتي ، نتيجة الفساد الإداري والمالي المستشري في غالبية مرافق الدولة العراقية ، حيث يتم اختيار أو تعين المسؤول على أساس حصة هذا الكيان أو ذاك دون مراعاة الكفاءة المطلوبة على أساس التكنوقراط وإنما الأختيار في أغلب الأحيان للشخص الموالي في المكان المناسب وليس العكس أي الشخص المناسب ، بحيث المسؤول لا يفقه شيئا ً عن عمله المناط به ، لذا سيكون من السهل جدا ً الوقوع في مصيدة الفساد سواءا ً كان قاصدا ً أم لم يقصد ، وبالتأكيد لم تكن هناك عقوبات رادعة لحد الآن ضد المسؤولين وخاصة الكبار حتى تكون عبرة للآخرين ، أحيانا ً كثيرة حصلت وتحصل مساومات بين قادة الكتل السياسية حول المحسوبية والمنسوبية أثناء المخالفات لغض الطرف عن سلوكيات وتصرفات المسؤولين ، هذا بالطبع لها تأثير بالغ على النظام الديمقراطي وبالتالي المتضرر الأول والأخير هو الشعب وهذا ما نأسف عليه .
فاجئني موقف في مطار بغداد الدولي وأثناء تسليم الحقائب لاستلام ( البوردينك كارت ) من موظفة على أساس متخصصة في هذا المجال على الكومبيوتر ، والتي أستغرقت في مثل هذا العمل معي لوحدي ما يقارب ربع ساعة بعد أن استفسرت لأكثر من مرة من أصدقاءها في المهنة حول آلية العمل ، في حين هذا لا يستغرق لدى أي موظف في كُل مطارات العالم أكثر من نصف دقيقة وربما أقل من هذا الوقت أحيانا ً كثيرة ، بدا لي واضحا ً بأن مثل هذه الموظفة قد أخذت مكانا ً ليس مكانها ، وكان المفروض أن يتم التعين وخاصة في مثل هذه المواقع المهمة والحساسة على أساس الخبرة والكفاءة والاختبار على الكومبيوتر ، وهذا بالتأكيد على سبيل المثال لا الحصر وكما أسلفنا بحيث هنالك الكثير من مثل هذه الحالات في الكثير من الوزارات والمؤسسات الرسمية للدولة ، بحيث كفة هؤلاء المحسوبين والمنسوبين تؤرجح كفة الكفاءات والخبرات وحتى التخصصات الدقيقة ، لتصبح منتسبي البعض الكثير من المؤسسات والدوائر من التابعين والمؤيدين لرأس الهرم فيها وهُم مع الأخير من أنصار إحدى الكتل أو التيارات السياسية والتي كانت من وراء اختيار رأس الدائرة أو المؤسسة ، وهذا بالتأكيد على حساب الكفاءة ، الخبرة ، الخدمة ، الطاقة ، الولاء للوطن ، وحتى وفق مبدأ المحاصصة نفسها لها تأثير على التوازن بين الكتل السياسية ، في إحدى الوزارات المهمة هنالك أكثر من 100 مسؤولية مهمة من أصل حوالي 130 تقريبا ً لصالح جهة سياسية معينة على حساب الجهات والكيانات السياسية الأخرى ، إذن ! أين هي التوازن في مثل هذه الحالة والتي ستكون لهؤلاء المسؤولين حتما ً ولاءا ً لجهات غير الولاء للوطن ؟
هنالك أكثر من جهة تتحدث في الفترة الأخيرة عن ترشيق الوزارات وتشكيل حكومة أغلبية خاصة بعد انتهاء مهلة المائة يوم والتي أعطاها لنفسه دولة رئيس الوزراء نوري المالكي لتقييم أداء الوزارات وخاصة الخدمية خلال هذه الفترة ومدى الإنجاز الذي تُمَكن الوزراء من إنجازه ليتسنى لرئيس مجلس الوزراء اتخاذ الخطوات اللازمة والفعلية للتقييم أو الإقالة وربما التكريم للوزارات .
نعتقد بأن مرحلة ما بعد رحيل النظام البائد والتي أكدت على ضرورة مشاركة جميع الكيانات والتيارات السياسية في الحُكم قد أضعفت العراق أكثر من النهوض والوقوف على مدار سنوات كان بالإمكان تهيئة وأعمار البنى التحتية للدولة أكثر مما حصل في ظل النظام المحاصّصي المقيت ، نعم ( الديمقراطية الحقيقية وكما يجب أن تكون ) هي أن في حالة أي كيان أو تيار أو حزب الذي يحصد أكثرية أصوات الناخبين يقوم بتشكيل الحكومة ، مع وجود معارضة فعلية قوية تراقب وتنتقد أداء الحكومة في حالة وجود أخطاء ، بهذا يمكن تحقيق المزيد من الإصلاحات وتقديم المزيد من الخدمات إلى المواطنين وفق مبدأ التنافس الشريف الذي يصب في مصلحة الوطن والمواطن أولا ً وأخيرا ً
14 / حزيران / 2011
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com

الخميس، 24 مارس 2011

عن الإصلاح الاجتماعي والديني للأيزيدية !!!

حسين حسن نرمو

مقدمة :ــ

بين فترة وأخرى في هذا الزمن الحرج بالنسبة لنا ، تتوالى أصوات على شكل دعوات ، رسائل تبحث عن حلول كرسالة الحائر " س م " من السويد والتي سبق وأن نشرت في بحزاني نت منذ أمد والذي بحث عن حل مع مشكلته حسب ما روى بأنه يحب فتاة أرمنية ومن أجل الأرتباط الدائمي " الزواج " ، لكن العادات والتقاليد عائقة أمام حيرته ، أو النداء من قبل أمرأة ناجت " رئيسة تحرير أنا حرة " وتريد حلا ً مع مشكلة أبنها الوحيد الذي يحب فتاة من غير الطبقة التي ينتمون إليها والتي سبقت وأن نُشرت في موقع أنا حرة الذي يهتم أيضا ً بالشأن الأيزيدي ، وأحيانا تُنشر مقالة هنا أو هناك حول الموضوع نفسه " الأصلاحات " ، مَن يدري ربما في المستقبل ستلقي محاضرات ومناقشات وعلى مستوى وربما أيضاً دراسات بهذا الخصوص .... وهذا ما تحقق فعلا ً حيث أشار الباحث الأيزيدي الشاب والموهوب الدكتور عدنان زيان خلال مشاركته مع وفد رسمي في مؤتمر عقد في تركيا ـ هازخ وفي محاضرة قدمها مؤخرا ً حيث نُشر النشاط من قبل الصحفي خدر دوملي بامتياز بأن ( هذه الديانة أي الأيزيدية بحاجة ماسة إلى اصلاحات جزئية لنظامها الطبقي ولكي تتلائم وتغيرات العصر في سبيل الحفاظ على التقسيم الديني لها وألا فأنها ستضعف كثيرا ويصابها الوهن والتشتت ) . هذه الأصوات كلها من أجل أجراء بعض الأصلاحات الأجتماعية والدينية أيضا ً في المجتمع الأيزيدي ، ظنا ً منهم لمواكبة العصر الحديث ، عصر الأنترنيت والعولمة ، ولا سيما نحن في الألفية الثالثة بعد الميلاد . من البديهي جداً أن يُطرح مثل هكذا موضوع من قبل " النخب " وعلى مستوى ولهم باع طويل في مجال الدراسة والبحث العلمي حول هذه الديانة العريقة ، ومن النخب أيضا ً مَن تمرّدوا على الواقع في هذا المجال ( الأصلاح الديني ) ربما سيقتدى بهم في المستقبل في مجال الأصلاح " الطبقة السابعة " ، بعد أن يتجرأوا في مخاطبة المجتمع حول ما قاموا به أيمانا ً منهم بما سيحدث مثل هذا الواقع عاجلا أم آجلا ً في المجتمع الأيزيدي المعاصر ...

رأي سمو الأمير :ــ

قبل التطرق إلى تفاصيل أكثر حول الموضوع ، لنرجع قليلا ً إلى الماضي ، تحديدا ً منتصف عام 1997 ، حينما كان سمو الأمير في زيارة إلى " ألمانيا " ، المحطة الثانية بعد زيارته إلى " لندن " كالعادة ، وفي يوم ما خلال فترة إقامته ، كان في ضيافة أحد الأخوة " الويرانشاريين " من أيزيديي كوردستان تركيا ، يومها حضر أحد رجالات الدين أيضا ً " بيشيمام " ، رغم حضوره وحديثه مع سمو الأمير كان ذات مصالح شخصية بالنسبة له ولها مكتسبات من وراء زيارته تلك ، إلا أن المناقشة حينذاك كانت تمس وتتعلق بموضوعنا هذا المطروح ، لذا أردنا الأشارة إلى ذلك الحوار .. ( حيث أدعى ذلك الرجل الديني بأن له مجموعة كبيرة من المريدين ، الذين هم أو أ ُشهر أسلامهم في الماضي البعيد أو القريب ، لأسباب خارجة عن إرادتهم آنذاك ، حيث طَلب من سموه الموافقة على عودتهم إلى الأصل الأيزيدي ، وهم على أتم الاستعداد لذلك ) . توقعت أن يكون هذا الطلب بمثابة صدمة لسمو الأمير ، لا سيما لم يكن من رجل ساذج ، لكن الظاهر بأن المناقشة وقبول الرأي الآخر مع ومن قبل سمو الأمير وهو في أوربا حينذاك وربما في وقت آخر ، أسهل وأسلس بكثير حينما يكون على عرش الأمارة في الوطن . لذا تَقَبل الحديث في الموضوع ليكون رده " فرضيا ً أو جدليا ً " في نفس الوقت ، حيث قال " لو نفرض بأن ما تنوون إليه قد حصل . هل سألتم أنفسكم عن التصنيف الطبقي لهؤلاء حال قبولهم ، مشيرا ً إلى الطبقات الثلاث الرئيسية طبعا ً دون الغوض في التفاصيل الأخرى ؟ " . أتجهت الآراء في ذلك الحوار الليلي الهادئ الشيق نحو أستحداث طبقة أخرى تأوي هؤلاء وربما غيرهم أيضا ً . بعد رحلة تأمل قصيرة ، حَسَم سمو الأمير الحديث لصالح العادات والتقاليد مدعيا ً " بأنه لا يستطيع لوحده البت في مثل هذه الأمور ، حيث هنالك مجلس روحاني وكذلك الشيوخ ورؤساء العشائر خاصة في " شنكال " الذين لا يقبلون بمثل هكذا طروحات "

لماذا هذه الطبقة ( السابعة ) ؟

حينما طُرح الموضوع من قبل بعض الأخوة المهتمين جدا ً بالشأن الأيزيدي ، سواءا ً على شكل كتابات هنا أو هناك ، أو من خلال المناقشات مع القيادة الدينية في الأجتماعات لأعضاء اللجنة الأستشارية التي تم تعينها من قبل سمو الأمير ، تلك الطروحات المرفقة بالحقائق كادت أن تعصف بمستقبل مقتريحها لأصدار فتاوي آنذاك بتحريمهم أو ربما تجريمهم بحق الديانة ، لولا أحداث شنكال في آب / 2007 ، التي غطت بشكل أو بآخر على المشاريع أو المقترحات بهذا الخصوص ، نعم طرحوا الأخوة حينذاك وبكل جرأة عن ممارسات وسلوكيات بعض الأيزيديين في المهجر والتي وصلت وخاصة جيل الشباب منهم إلى مرحلة الأندماج مع المجتمع الأوربي الملئ بسلوكيات تناقض مجتمعنا الأيزيدي المبني على بعض العادات والتقاليد منذ القدم والبالية بالنسبة لمجتمعنا في الوقت الحاضر ، حيث وصل البعض فعلا ً إلى ممارسة " الزواج المثلي " ، هذا ناهيك عن أقتران الكثير من الشبان بالأوربيات من أجل الصداقة والزواج أيضا ً في الدول التي يعيشون فيها ، لذا جاء الطرح وفق ما يرون ويشاطرون الكثير آراءهم في ما سيحدث للجالية الأيزيدية في المستقبل ، حيث لا يستثنى أحدا ً مهما تكون مكانته في المجتمع من أن يحصل في عقر داره لينال نصيبه من الأنتماء إلى الطبقة السابعة " على مستوى الأولاد أو الأحفاد " ، سواءا ً الآن أو في المستقبل ، بالتأكيد الواقع في المهجر يختلف تماما ً عن الوطن الأم ، ولولا هجرة أعداد كبيرة من الأيزيديين خارج الوطن الأم في النصف الثاني من عقد التسعينات من القرن الماضي لأسباب أقتصادية ، وبعد أنهيار النظام الدكتاتوري في العراق في نيسان 2003 ، أزدادت النسبة أكثر لتكون على شكل هجرة جماعية ، خاصة بعد أحداث الشيخان المعروفة ومقتل العمال الأيزيديين من بعشيقة وبحزاني وفق مخطط إرهابي منظّم ، هذا ناهيك عن العملية أو العمليات الأرهابية الجبانة التي تعرض لها ويتعرض الأيزيدية الآن وبشكل مستمر في شنكال وباقي المناطق الأيزيدية ، هاجروا ويهاجرون أعدادا ً كبيرة من الأيزيديين خوفا ً على مستقبلهم ، بعد تعرضهم إلى القتل على الهوية الدينية ، باتوا يؤمنون بأن أوربا هو الملاذ الآمن لهم كأقلية دينية مضطهدة على مدار قرون في موطن سكناهم ، نعم لولا هجرة هذه الأعداد الكبيرة من الأيزيديين إلى الشتات ، لتأخر في أعتقادنا هذا المشروع " الطبقة السابعة " المطروح من قبل أصحاب الشأن إلى أجل غير مسمى .

الطبقة السابعة موجودة :

لا نريد النبش في الماضي البعيد كثيرا ً ، حيث بعض الأخوة شَخّصوا قبلي حالات أو تجاوزات على العرف والعادات أو التقاليد في مجال الزواج بين الطبقات أو خارجها ، معظم أصحاب تلك التجاوزات إن لم نقل كلها من ذوي الرؤوس الكبيرة في المجتمع آنذاك ، أي كان التجاوز من مصدر القوة ولكون أصحابها ذا نفوذ ، دُفنت تلك التجاوزات في زمانها ومكانها ، لتذوب الذ ُرّية في الطبقة التي ينتمي إليها " الفحل " وبالتالي في المجتمع كله . طالما لا نريد النبش في الماضي كثيرا ً وبالتأكيد الحاضر أهم مرحلة زمنية بالنسبة لنا ، لذا لا بد أن نشير إلى هذه المرحلة فيما يخص هذا الموضوع المهم جدا ً على الساحة في الزمن المعاصر ، لا نريد المقارنة بين واقعين ، حيث هنالك بونا ً شاسعا ً بينهما ، الواقع الذي نشأ فيه الأيزيديون في موطن الآباء والأسلاف وواقع الغربة الذي لجأنا إليه سواءا ً بالأختيار أو أ ُجبرنا على ذلك وخاصة في الفترة الأخيرة بعد تعرض الأيزيدية إلى القتل على الهوية كما أسلفنا . في هذا المجال أرتأينا أن نشير إلى ما قال عالم الاجتماع العراقي المعروف " الدكتور علي الوردي " في إحدى مقابلاته مع الأستاذ حميد المطبعي وفي كتاب للأخير بعنوان " علي الوردي يدافع عن نفسه " ، حيث قال الوردي " من طبيعة الأنسان بشكل عام يؤمن بصحة ما نشأ عليه في بيئته الأجتماعية من معتقدات وقيم وأعراف وتقاليد وهو يبقى مؤمنا ً بصحتها إذا ظل قابعا ً في بيئته القديمة لا يفارقها ، إنما لا يكاد يفارقها حتى يبدأ الشك يراوده في صحة ما نشأ عليه في بيئته القديمة " . ها بدأ الكثير من الأيزيديين يفارقون موطن الآباء والأجداد إلى الأبد وبدأوا يستقرون في المهجر ، ربما ينطبق مثل هذه النظرية لعلي الوردي على جيل الناشئين والشباب الأيزيديين إلى حد ما بعد أختلاطهم وأندماجهم بالمجتمع الغربي ، أما الكبار الذين عاصروا أكثر من جيل لهم الخبرة في التعامل مع المجتمع الأوربي وراء الكواليس وفي أعلى درجات " التوب سيكريت " ، الأطفال الذين يولدون في المهجر سيكون مصير غالبيتهم الأندماج التام مع المجتمع الجديد الذي يعيشون فيه شئنا أم أبينا . بقي أن نشير بأن هنالك حالات تجاوز أو تم التعامل معها عن قناعة من قبل أصحابها والتي حصلت سواءا ً كانت هنا في المهجر أو حتى في الوطن في الآونة الأخيرة مشمولة بها ذوي الرؤوس الكبيرة ، بدءا ً من ذ ُرية الأمراء أو رجال الدين فوق العادة وحتى الباحثين في مجال الديانة الأيزيدية وكذلك بعض الرموز الأجتماعية ، لكن يجب أن لا ننسى بأن هؤلاء المتجاوزين هم أنفسهم معززين مكرّمين من لدن القيادة الدينية لا بل هم المفضّلين على باقي أتباع الديانة عندهم ، بحيث دور أو بيوت هؤلاء أولى من الآخرين لأحتضان قيادتنا الدينية خلال جولاتهم وصولاتهم الأوربية .

كلمة أخيرة :

لا بد من القول ، بأن كلمتنا الأخيرة موجهة إلى أولئك المثاليين المصرّين في المحافظة على الجمود العقائدي والرافضين للتجديد والإصلاح في ( كل المجالات ) وليس في ما يقال عن أستحداث الطبقة السابعة فحسب ، هؤلاء يظنون بأن التجديد أوالأصلاح مهما كان نوعه خطر عليهم ويهدد مكانتهم في العروش التي بُنيت لهم منذ الأزل ، ربما البعض من هذه العروش خارجٌ عن الاستحقاق . في اعتقادي بأن هؤلاء لا يتمكنون من إيجاد حلول للكثير من المشاكل التي تعاني منها المجتمع الأيزيدي الراهن في مجال الأصلاحات ، ما لم يتم انتخاب مرجعية سياسية ودينية ، وفق آلية معترفة ومن خلال مؤتمر عام للأيزيدية ، يجمع أكثر عددا ً من أبناء المجتمع ومن مختلف شرائحه ، السياسيين ، المثقفين ، أساتذة الجامعات ، الطلبة الجامعيين ، رؤساء العشائر ، الوجوه الاجتماعية ، الشيوخ ، علماء الدين ، وبمشاركة ومباركة القيادة الدينية الحالية بدءا ً بسمو الأمير ومجلسه الروحاني ولجنته الاستشارية المختارة من قبله ...

h.nermo@gmail.com

www.hnermo.blogspot.com

20 / آذار / 2011

الجمعة، 11 مارس 2011

( ميسل ) كلمة تعني مدينة الموصل !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

لست من المعنيين أو المتخصّصّين باللغات حتى لو كانت لغتي الأم والتي هي الكُردية ، أو لغتي الثقافية العربية وحتى اللغات الأخرى والتي تعلمناها بدرجات سواءا ً أثناء دراستنا الجامعية مثل الانكليزية ، وفي منفانا الأجباري الأختياري أيضا ً في ألمانيا قرابة عقد ونيف من الزمن تعلمنا البعض من لغة وطننا الثاني بعد التجنس فيه وهي الألمانية ، لكن مع الحفاظ على جنسية وطني الأصلية العراقية . وهذا لا يعني بأننا لسنا من المهتمين بهم ، نحاول تعليم كل ما هو جديد ، بقدر ما يتعلق الأمر بثقافة وتطوير الوطن العراق وكوردستان نحو الأحسن وخاصة نحن مقبلين على الديمقراطية التي نتمنى أن تليق بالنضال والتضحيات والدماء التي أ ُريقت من أجل الوصول إلى ما وصلناه إليه الآن .

في كوردستان الوطن / العراق ، هنالك لهجتان معروفتان متداولتان ومعمول بهما ، اللهجة السورانية والكرمانجية ( البهدينانية ) . تعليميا ً اللهجة السورانية وبالحروف العربية المعروفة هي المتداولة أكثر في عموم كوردستان ، بدءا ً من مرحلة الأبتدائية وصولا ً لنهاية مرحلة الجامعة ، عدا الكليات التي تقتضي الدراسة باللغة العلمية وهي الانكليزية ، ربما لأن هذه اللهجة كانت السائدة وعلى اعتبار المناطق التي يتحدثون بها كانت الرائدة أو منبع للثقافة الكوردية منذ القدم وقد يكون احتمال وارد ، أما على مستوى الخطابات الرسمية للدوائر الحكومية والثقافة بشكل عام أو الأعلام المقروء والمسموع بالتأكيد لكل منطقة خصوصيتها ، هنا أقصد اللهجتين معا . أما أن يتم تداول لهجة أو لهجات أخرى محصورة بمدينة واحدة أو بلدة صغيرة في المنطقة وتعميمها ليرى الكُل واستخدامها في العلامات المرورية على الطُرق الدولية إشارة ً إلى مُدن وقصبات معروفة مثل مدينة الموصل ( محافظة نينوى ) وحتى ناحية أتروش المعروفة شمال مدينة الموصل حوالي 60 كيلومتر على سبيل المثال لا الحصر حيث الأسماء أعلاه مثبت في كُل الوثائق العراقية والكوردستانية غير الأسماء المتداولة في العلامات المرورية في المناطق القريبة منهما في كوردستان . نعم هنالك علامات مرورية معروفة على الطريق الدولي والطرق الأخرى القريبة من محافظة دهوك تشير إلى مدينة ( ميسل ) وتعني مدينة الموصل وكذلك ( أتريش ) وتعني ناحية أتروش المعروفة وحتى قصبات وقُرى أخرى لا نريد ذكرها ،هاتين الكلمتين ( ميسل وأتريش و ... و ... ) ، معروفتين بتقديري وفق اللهجة الدهوكية إن صح التعبير ، علما حتى في زمن النظام البائد كانت هنالك خصوصية لمثل هذه العلامات وآثارها شاخصة لحد الآن قُرب قضاء عقرة المعروفة والتي تشير إلى مدينة الموصل ب ( مووصل ) مكررا ً الواو ، ربما لتأتي تنسيقا ًمع اللهجة الكوردستانية المتداولة . لا أدرى كيف يفسرون الزوار العرب مثل هذه العلامات والذين يأتون من بلدانهم إلى المنطقة وهم كثيرين بالتأكيد بعد الأنفتاح والأستثمار في كوردستان سواءا ً من سوريا أو بلد آخر ولا يجيدون غير لغة بلدانهم وكيف سيكون ردود أفعالهم بعد معرفة الحقيقة . لذا نرى ضرورة إعادة النظر في مثل هذه الحالات وإعادة كتابة مثل هذه العلامات لا بل لا يجوز تكرارها والتي يتم التعامل معها دوليا ً كونها على الطرق القريبة من الحدود الدولية وبالتالي مردودها يكون سلبيا ً على كوردستان الإقليم والذي يتطور شيئا ً فشيئا وفق القواعد والضوابط المناسبة والتي تتوالم مع التقدم الحاصل في الدول المتقدمة نوعا ًما .

h.nermo@gmail.com

www.hnermo.blogspot.com

بغداد في 11 / آذار / 2011

الجمعة، 4 فبراير 2011

قادسية ( كجكه )... قادسية ( كه وره ) ؟

بغداد / حسين حسن نرمو

كجكه و كه وره ، كلمتان كورديتان تعنيان الصغيرة والكبيرة ، تسبقان كلمة ( قادسية ) مثلما ورد في عنوان المقال ، هاتان الكلمتان تشيران إلى قريتان في المنطقة الواقعة بين قضاء بردرش بأتجاه أربيل عاصمة أقليم كوردستان ، هذه التسمية وتسميات كثيرة أخرى أطلقها النظام البائد على قرى ومجمعات وربما مناطق أو حتى عمليات عسكرية في أقليم كوردستان العراق جراء سياسة التعريب وحملات أخرى تعرض لها الشعب الكوردستاني والتي تم التخطيط لها ربما منذ زمن أبعد من حكم النظام السابق . من أغرب وأخطر التسميات التي أطلقها النظام البائد في ارجاء المعمورة والتي كانت لها صدى ً واسعا ً جدا ً على مستوى العالم بأسره بحيث هزت الضمير الأنساني الصاحي ، كونها قد أطلقت على عمليات عسكرية ضد شعبه وبما تُعرف عالميا ً بحملات الجينوسايد ( الأبادة الجماعية ) الا وهي عمليات الأنفال السيئة الصيت ، حيث الغرابة والخطورة التي أشرنا إليها تكمن في كلمة ( الأنفال ) باعتبار الكلمة تلك سورة منزلة وكما ورد في القرآن الكريم ، مثل هذا السلوك أو التصرف لم ولن تليق بمبادئ الديانات السماوية ومنها الأسلام طبعا ً . بالنسبة للمناطق المستقطعة من كوردستان الأقليم ، المعروفة الآن أكثر ولا تزال خاضعة تحت رحمة المادة 140 من الدستور العراقي ، المناطق تلك كانت لها حصة الأسد لمثل تلك التسميات العربية القديمة كأسماء لمعارك أسلامية مثل معركة القادسية وكما أسمينا عنوان المقال ومعارك أخرى مثل حطين على سبيل المثال لا حصرا ً ، حيث الغريب في الأمر طبعا ً ، تم أطلاق مثل هذه التسميات على مناطق مثل المجمعات السكنية القسرية وقرى عصرية مستحدثة وحتى نواحي بعد عمليات الترحيل القسري أيضا ً والتي كانت ذات أهداف سياسية معروفة لعزل هذه المناطق ومنعها من التواصل مع الحركة الكوردية المعاصرة ومنها طبعا ً مناطق الكورد الأيزيديين ( تصوروا ) المعروفة في أقضية شنكال والشيخان و تلكيف ومناطق أخرى . بعد رحيل النظام الدكتاتوري في العراق أثر عملية تحرير العراق والأحتلال فيما بعد وسيطرة الأحزاب الكوردستانية وأختيار أو أنتخاب المسؤولين الأداريين في المناطق المستقطعة أو المتنازعة عليها حسب تعبير آخر ، أختفت البعض الكثير من تلك التسميات للقرى والمجمعات وتسميات عديدة أخرى بشكل طوعي أحيانا ً ، حيث كانت لهم بالأصل أسماءا ً معروفة لدى أهاليهم ، وأحيانا ً أخرى تم أزالة أو منع تسميات عديدة ما هَبَ ودَب كأن تكون لمحلات أو شوارع و ... و ... لتصل إلى ممارسات أخرى مثل الأكلات والدبكات وحتى الملابس وفق توجيهات صارمة من قبل مسؤولي المناطق تلك بحيث تجاوزوا حدود ونطاق مسؤولياتهم والتي كان الأولى بهم التركيز على مسائل أخرى تخدم المواطن أكثر ، لكن للأسف الكثير من التسميات تلك باقية في دوسيات الأوراق الثبوتية والرسمية لهم ربما تحتاج إلى وقت وقرارات تلغي القرارات السابقة والمجحفة بحق الجغرافية والتاريخ لمناطقنا . هنا يتبادر إلى الأذهان وطالما هنالك توجيه بهذا الخصوص لأزالة الآثار المترتبة على نوع من التمييز والتغيير الديمغرافي والذي كانت نتيجة السياسات المتراكمة للنظام البائد وفي مناطق حرة وتابعة مئة بالمئة ومحسومة أصلا ً لصالح الأقليم ، هنا أقصد هاتين القريتين تحت مسمى القادسية والتي كانت معركة معروفة لمرحلتين في الماضي البعيد جدا والماضي القريب أيضا ً مع الدولة الجارة أيران ، المعركة التي أبتلعت خيرة الشباب العراقي والأيراني ايضا ً على مدار ثمانية سنوات وخلفت بالنسبة لشعبنا العراقي الكثير من الأرامل والأيتام نتيجة السياسة الهوجاء التي مارسها ( القائد الضرورة ) طيلة فترة حكمه قرابة ثلاث عقود ونيف من الزمن ، تلك المعركة في الزمن المعاصر والغابر أيضا ً ، لم تكن للكورد فيهما ناقة ولا جمل إلا إذا كان ذات منظور وبعد إسلامي ، لذا نرى ضرورة إعادة النظر في التسميات لهما وربما لمناطق أخرى لم تكن أمام أنظار المهتمين بهذا الشأن ، لكن هاتين القريتين تقعان على الشارع العام والشبه دولي بالنسبة للمنطقة التي تربط محافظتي دهوك وأربيل العاصمة ، لا سيما تَمُرُ قوافل الكثير من المسؤولين عبر هذا الطريق بشكل يومي تقريبا ً .

بغداد ـ الثالث من شباط / 2011

h.nermo@gmail.com

www.hnermo.blogspot.com