الأحد، 3 فبراير 2013

آلية الحد ّ من خطف الفتيات الأيزيديات ... خطف ( سيمون ) نموذجا ً !!!


آلية الحد ّ من خطف الفتيات الأيزيديات ...خطف ( سيمون ) نموذجا ً !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

لا شك بأن قضية خطف الطفلة الأيزيدية ( سيمون ) مؤخرا ً من قبل أحد المحسوبين على عشيرة ( الكوران ) في الحدود الإدارية لقضاء الشيخان ، هي بحّد ذاتها جريمّة هزت الضمير الإنساني الحي ، مما أثارت حفيظة الكثير من المتابعين لمثل هذه القضايا غير المعقولة في كُل الأعراف والقوانين والعادات والتقاليد لِكُل المجتمعات ، وكذلك أبناء المجتمع الكوردستاني الخليط من الكثير من المكونات الدينية والمذهبية ، وهو بمثابة نموذج للعراق المصّغر في الكثير من المناطق ، حيث يعيش فيها المواطن المسلم والمسيحي والأيزيدي والشبكي منه الشيعي والسني وفق مبادئ وقواعد الجيرة منذ آلاف السنين ... كما هو معلوم بأن لدى أهالي المنطقة وتحديدا ً قضاء الشيخان ، بأن حالة الخطف التي حصلت قبل أيام ، لم تكن الأولى ، وفي تصوري لا تكون الأخيرة أيضا ً ، ما لم يستيقظ الضمير الإنساني في المنطقة ، لوضع آلية للحّد من مثل هذه الظواهر غير المعقولة والمقبولة في الكثير من المجتمعات ، التي تعيش في الظروف التي تتشابه مع ما نعيش في إقليم كوردستان ، لا سيما بعد التطور والتقدم الذي حصل فيه من الكثير من النواحي ، منها التوجه نحو إقليم ديمقراطي مؤسساتي . طبعا ً ، غالبية حالات الخطف التي حصلت قبل هذه الأخيرة ، لطفلة لا تتجاوز عمرها الأثني عشر ربيعا ً ، ومن قبل أبناء نفس العشيرة وربما في مجمع سكني محدود ، كانت لفتيات ناضجات تجاوز أعمارهن سن الرشد ، مما تم اتخاذ الإجراءات القانونية في المحاكم المختصة في إقليم كوردستان ، لتزويجهن وفق قواعد الدين الإسلامي ، دون أخذ مراعاة شعور أبناء الديانة الأيزيدية المتعايشين معهم منذ آلاف السنين ، وهم نفسهم ( القضاة ) الذين قاموا بالإجراء القانوني في محاكمهم ، أدرى من غيرهم بالعادات والتقاليد الخاصة بالديانة الأيزيدية ...

على كُل حال ، ما يهمني في هذه السطور المتواضعة ، هو طرح بعض النقاط ، والتي في تصوري ، تساعد على الأقل في الحد ّ من مثل هذه الظاهرة المتكررة بين الفترة والأخرى ، مما أدت إلى جرح مشاعر الأيزيديين في المنطقة ، وهم أي الأيزيديين يحترمون قواعد الجيرة ، ومؤمنين بالتعايش السلمي مع الغير ، مهما كان دينه أو مذهبه أو عقيدته ، ومن هذه النقاط ...

أولا ً ــ أبناء العشائر بشكل عام ، بحاجة مستمرة إلى التوعية الدينية ، وخاصة الذين يعيشون في مثل مناطقنا ونحن بالتأكيد منهم ، لذا على رجال الدين في المنطقة وقضاء الشيخان تحديدا ً ، وخاصة الأئمة الذين يشاركون في إلقاء الخطب والمواعظ في منابر الجوامع في الأيام الاعتيادية ، وكذلك خُطب الجمعة أن يقوموا بأدوارهم الصحيحة مثلما هو موجود في القوانين والأعراف الدينية والدنيوية ، لتوجيه الناس على احترام مبادئ الجيرة واحترام بقية الأديان وكذلك عاداتهم وتقاليدهم ، وحث المستمعين وإبلاغ الغائبين بالالتزام بما يقولون .

ثانيا ً ــ كما هو معروف بأن لمناطقنا عدا السلطة الحكومية ، سُلطة حزبية لا تزال لها دورها المهم والقوي والمتداخل مع الحكومة وأعتقد بأن السلطة الحزبية لها الإمكانية في توجيه المواطنين ، لذا نأمل ، ونرى من الضروري جدا ً أن تقوم الأحزاب الكوردستانية وخاصة الحزبين الرئيسين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني بدورهما في مجال التوعية لتنظيماتها ( وأعتقد بأن لا يوجد شخص مستقل في المنطقة ) ، نعم توعية كافة تنظيماتها ومن خلال كوادرها وأعتقد بأن كوادر الأحزاب كثيرة جدا ً ،  تفي بالغرض وهم في الأخير يتقاضون الرواتب ، وممكن توجيههم لعقد الكثير من الندوات والاجتماعات ، وحتى في المؤتمرات الثقافية والحزبية لتوعية أبناء المنطقة ، لغرض احترام العادات والتقاليد للأديان في المنطقة ، وتربيتهم بأن المتجاوزين سيتعرضون إلى أقصى العقوبات الحزبية والقانونية ، هذا في نظري بأنه ليس صعبا ً وأعتقد بأن الأحزاب مقصرّة في هذا المجال ومن الضروري جدا ً إعادة النظر في سياستها في مثل هذه المناطق ذات النموذج الفسيفسائي .

ثالثا ً ــ طالما وكما قلنا ، بأن الإقليم في طور التوجه نحو نظام مؤسساتي ديمقراطي ، ولدينا برلمان منذ أكثر من عقدين من الزمن ، لذا نرى من الضروري جدا ً تشريع قوانين خاصة بحماية الأقليات في الإقليم ، وصدور قرارات حاسمة لصالح الأقليات ، بمحاسبة ومعاقبة المقصّرين في مثل هذه الحالات التي حصلت بعقوبات رادعة ، للحد ّ من مثل هذه الظواهر المخجلة حقا ً، لا سيما بأن كوردستاننا جميل بمثل هذه الأطياف والمكونات العريقة ، ولا بد من التفكير بالحفاظ عليها ، لا إعطاء المجال أمام المتربّصين والذين يتصيدون في الماء العكر بالعمل بمثل هذه الفضائح ، مما نعطي دافعا ً قويا ً للهجرة الجماعية من كوردستان وأعتقد بأن بعض الأحداث المعروفة في المنطقة كانت وراء هجرة الكثير من أبناء المكونات الصغيرة ومنهم المكون الأيزيدي .

بغداد في 27 / ك 2 / 2013