الجمعة، 29 أغسطس 2008

أزمة أختيار مدير عام شؤون الأيزيدية في أقليم كوردستان ... إلى أين ؟


بقلم / حسين حسن نرمو
h.nermo@gmail.com
أثارالزميل المهندس كامل خديده موضوعا ً مثيرا ً للجدل ومهما ً للغاية خاصة في هذه المرحلة حول عدم تعين مدير عام شؤون الأيزيدية في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية / أقليم كوردستان لحد الآن ، رغم صدور قرار بهذا الشأن من برلمان كوردستان عام 2007 ، نص الموضوع ، ترجمه إلى العربية الصحفي المبدع خدر دوملي والذي له باع طويل في الكتابة والمداخلات حول الشأن الأيزيدي ، آخرها المداخلة المنطقية والقيّمة جدا ً مع قناة الجزيرة ، أثناء أستضافتها السيد أنور معاوية " أمير الطائفة الأيزيدية في العراق حسب إدعاءه " . أ ُثير موضوع المدير العام أصلا ً على خلفية المقابلة التي أجرتها جريدة " ئه فرو" في دهوك مع معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية في أقليم كوردستان في حزيران الماضي ، الذي هو " أي الوزير " رمى الكرة في ملعب الآخرين حول عدم أختيار شخصية أيزيدية ، ليشغل المنصب الشاغر في وزارته والذي خصص له غرفة في ديوان الوزارة على حد قول السيد الوزير .
قبل التطرق إلى تفاصيل هذه الأزمة ، وطالما مصدر الأثارة هو " الوزير " المسؤول الأول والمباشر في هذا الموضوع ، لذا لا بد أن يتحمل هو أيضا ً جزءا ً من اللوم أو العتاب على الأقل من الناحية الأدارية ، نتيجة الأهمال والمتابعة من قبل المعنيين في مثل هذه القضية التي تخص مِلاك مديرية عامة في وزارته ، ربما هذا ناتج ٌ أصلا ً من فقدان الرقابة البرلمانية لمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة من البرلمان من قبل الحكومة المنبثقة منه . طالما نحن في سيرة البرلمان والرقابة . أما كان من المفترض أن يتم متابعة مثل هكذا موضوع مهم يخص الأيزيدية من قبل البرلمانيين الأيزيديين الثلاث ؟
إذن !! الوزير المعني بَرّأ نفسه ، من أن موضوع أختيار الشخص المناسب لمثل هذا المنصب غير مرتبط به شخصيا ً كما أشار في مقابلته مع الجريدة المذكورة . الأطراف الأخرى المسؤولة والمهتمة بالشأن الأيزيدي العام ، خاصة بعد أنتفاضة آذار عام 1991 في أقليم كوردستان ، والذي تعودنا منهم على تمشية مثل هذه الأمور هي : ـــ
أولا ً : الأتحاد الوطني الكوردستاني والجهات الأيزيدية ذات العلاقة به ، سواءا ً على مستوى شخصيات أو المكتب الخاص بشؤون الأيزيدية ، مقره الحالي في أربيل العاصمة ، المشرف على المكتب والذي يشغل أيضا ً منصب مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الأيزيدية السيد عيدو باباشيخ أكد بأن منصب المدير العام لشؤون الأيزيدية في الأقليم هو من حصة الطرف الآخر من المعادلة السياسية ، هذا أمر معقول لأن " حكومة أقليم كوردستان / السليمانية سابقا ً " ، أستحدثت هذه المديرية وتم تعين السيد خيري شنكالي مديرا ً عاما ً في حينه ، حيث يحتفظ بمنصبه لحد الآن ، ولو تعلق الأمر بهم لما أحتاجوا إلى جهود للبحث ، بأعتبار المرشح والمعيّن أصلا ً موجود .
ثانيا ً : الحزب الديمقراطي الكوردستاني والجهات ذات العلاقة بالشأن الأيزيدي ، وهي مركز لالش الثقافي والأجتماعي واللجنة الأستشارية ، نعتقد بأنهم كانوا سابقا ً من السبّاقين لحسم مثل هذه الأمور ، ومن الجهات الغنية بالمرشحين ، ولو تعلق الأمر بهم " فقط " ومن صلاحياتهم ، لما أختلفوا أو تأخروا بحل ٍ لمثل هذه الأزمات .
ثالثا ً : الجهة الأخرى والمهمة من وجهة نظر الكثير وربما الأكثر شرعية لدى غالبية الأيزيديين " المغلوبين على أمرهم " ، هذه الجهة المتمثلة برأس الهرم الأيزيدي " سمو الأمير " ، أنضم إلى قائمة مصادر القرار الخاصة بالشأن الأيزيدي في أقليم كوردستان بعد 9 / نيسان / 2003 ، حيث كان سموه مع ال ( 90 % ) من الأيزيديين تحت رحمة النظام البائد . نظرا ً لصراع المصالح في العراق الجديد والأقليم ، قلما ترى جهة معينة أو شخصية مهما تكون مكانتها ، أستطاعت البقاء على الحياد ، لذا أنضم سموالأمير بعد تحرير باقي مناطق الأيزيدية إلى أحد الأطراف السياسية القوية في الميدان ، ربما لمقتضيات المصلحة الخاصة والعامة أيضا ً في هذه المرحلة ، رغم ذلك واجه سموه صعوبات جَمَة أمام مصادر القرار الأخرى الذين أحترفوا في التعامل مع " الفوق الكوردي " . من الجدير بالذكر أن نقول بأن للأمير أيضا ً أجندات خاصة به لكنها دائما ً " في طور التأجيل " وغير محسومة في حينها . حول موضوعنا أعلاه ، أود أن أشير إلى زيارة وزير الأوقاف والشؤون الدينية في الأقليم إلى معبد لالش في أكتوبر 2006 والتقى حينذاك مع سمو الأمير ، حيث طلب الأخير من معاليه بأن لا يكون أختيار الشخصيات الأيزيدية وخاصة للمناصب المرتبطة بالأمور الدينية " أختيارا ً سياسيا ً " ، ليؤكد في الأخير بأن مثل هذه الأمور من صلب أختصاصه كأمير لهذه الأقلية الدينية ، بعد أن أمتعض من بعض الأختيارات والتعينات على مستوى عراق المركز ، لا ريب فيه بأن كلام سموالأمير منطقي جدا ً ، ومن المنطقي أيضا ً أن لا يعترض أحدا ً على مثل هذا الطلب حتى لو كان على مستوى القيادة ، إلا في حالة المساومة أو التنازل وللأسف نحن في عصر يتغلب " المصالح على المبادئ " .
إذن !!! هل هي أزمة مرشّحين أم هي أزمة بين الجهات ذات العلاقة حول أختيار المرشح ؟
بالتأكيد ، الأحتمال الأرجح هو الشق الثاني من السؤال ، الأطراف ذات العلاقة التي ذكرناها آنفا ً يرون وحسب رؤيتهم للواقع بأن لكل طرف له الأحقية في أختيار المرشح ، سواءا ً كان مركز لالش الثقافي
والأجتماعي ، الذي أثبت وجوده بعد الدعم اللامحدود من قبل حكومة السيد نيجيرفان بارزاني خاصة ًبعد المؤتمر الثاني للمركز نهاية عام 1994 وأنسحاب الأنصار المحسوبين على الطرف الثاني " الأتحاد " من الأنتخابات في المؤتمر ، قدم المركز ما قدم من الخدمات وبعض المشاريع ، كل هذا ستصفى وستعود ملكيتها وعائديتها إلى مديرية شؤون الأيزيدية المستقبلية منها القاعات ومئات الموظفين " المجيوريون " الذين تم تعينهم بتسكية من مركز لالش تقدر عددهم بأكثر من 700 ، هؤلاء ربما سيتم غربلتهم كجزء من " حملة مكافحة الفساد في كوردستان " ، الكثير من مثل هذه الأجراءات ستقلل من شأن المركز وتؤثر على دوره الحالي إذا لم يكن المدير العام وطاقم المديرية منهم وفيهم ، لذا هم حاولوا وسيحاولون جهد الأمكان للفوز على الطرف الآخر في مجال أختيار الشخصية المناسبة لهم ، حيث قيل بأن أحد مرشحيهم كان " طالب كلية " . أما الطرف الآخر المتمثل بسمو الأمير والذي يرى أيضا ً بأن كل الشرع والقوانين الدينية يعطي له الحق في الأختيار لمثل هذه الحالات التي تمس الأمور الدينية ، لذا فهو أي " سمو الأمير " سيكون المتضرر الأكثر في حالة عدم أختيار المرشح المناسب من وجهة نظره وموجها ً من قبله ، حيث سيكون بالتأكيد للمديرية وصاية على معبد لالش بما فيه الواردات التي ستصب في ميزانية المديرية ، ومن المحتمل أن يتقاضى سموه راتبا ً مخصصا ً وفق النظام الأداري لها ، لذا فهو حريص جدا ً على الأختيار . هذا ناهيك بأن بعض الأخوة المحسوبين على نفس الجهة والذين يعيشون في المهجر ، أرادوا المشاركة في القرار في هذا الأختيار، بحكم نضالهم المعروف في الأيام الصعبة ، لذا أقترحوا على مراجعهم أيضا ً لتسمية مرشحين من قبلهم ، إلا أن أختيارهم عُورِض مع القانون وأجندات الأطراف الرئيسية الأخرى ، الذين أعطوا لأنفسهم الأحقية والشرعية ومملوكية مثل هذه القرارات .
لذا الصراع بين الأقطاب أو الجهات ذات العلاقة بالشأن الأيزيدي ، لم يكن في يوم ما صراعا ً من أجل قُرَة عيون الأيزيديين ، إنما كان دوما ً صراع المصالح ، صراع من أجل تثبيت الأقدام ، صراع من أجل إبراز الذات ، صراع من أجل عرض العضلات وإلغاء الآخر و ... و ....
هنا لا بد من القول بأن مهما يكن حجم الخلاف أو الصراع بين هذه الأقطاب أو الجهات والمراجع ذات العلاقة بالشأن الأيزيدي ، فَهُم مطالبين أمام الله والضمير الأنساني والجماهير المؤمنة بقضيتهم بترك الخلافات جانبا ً ، وعدم الأهتمام ب " فخفخة المناصب " أو " طَبطَبة على الأكتاف " والدعم من المسؤولين ، هُم مدعويين بالتفكير الجدي بالمصلحة العامة ومبدأ الحوار مع أنفسهم أولا ً ثم الحوار مع الآخرين من نفس الفصيل السياسي ، أما الآخرين المحسوبين على الطرف الثاني من المعادلة السياسية مدعويين أيضا ً لنفس الهدف والأتجاه ، والجميع مطالبين بالجلوس على الطاولة من أجل الأهداف السامية والمصلحة الأيزيدية العليا ، ولتكن حسم أختيار المرشح المناسب لمديرية شؤون الأيزيدية مفتاحا ً للحوار .
ألمانيا في
28 / آب / 2008

ليست هناك تعليقات: