الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

مَن سَيَحمل مَفاتيحَ العَقل الأوربي في العراق ؟؟؟

بغداد / حسين حسن نرمو
ما دفعني لِكتابة هذه السطور ، هو لقاء لي مع رئيس البرلمان البلجيكي السابق في بروكسل ، ضمن وفد برلماني من المكونات العراقية ، بناءا ً على دعوة من البرلمان الأوربي تحديدا ً من 5 إلى 7 تشرين الأول 2011 ، كان اللقاء مثل سابقاتها ولاحقاتها في الفترة أعلاه مثمرا ً فيما يخص التعاون مع العملية السياسية العراقية الفتية لدفع الديمقراطية بالاتجاه السليم ، وكذلك إمكانية الدفاع عن حقوق المكونات العراقية من ( الأيزيديين والمسيحيين والصابئة المندائيين والشبك ) ، حيث تحدث الرجل عن تجربته العريقة والذي خدم من خلالها بلده ِ وعلى حد قوله أكثر من أربعة عقود ونيف من الزمن في النيابة والرئاسة البرلمانية ورئاسة حزب ٍ أيضا ً في المنافسة الانتخابية السليمة ، تَطَرَق َ إلى نبذة مختصرة عن بلجيكا وما فيها ، حيث قال ( بأننا لا نمتلك النفط والغاز والمعادن الثمينة و ... و ... وإنما نمتلك عقولا ً لتكون مفاتيح في التحكم والتصرف لدفع عملية التطور والتقدم والازدهار في بلدنا وفي كافة المجالات ) .
طالما في النية هنا المقارنة بين التجربة في العراق وبين تجارب الآخرين والتحول من عصر الدكتاتورية إلى الديمقراطية ، وإمكانية الإشارة إلى ما تَم َ أو أ ُنجز لحد الآن وبعد سقوط بغداد من قبل القائمين على العملية السياسية العراقية لوطنهم ... لنذكر القارئ العزيز أيضا ً بأن ألمانيا وبعد سقوط برلين وانتهاء عصر أعتى الدكتاتوريات ، ربما صُنف َ أو يُصنف الآن بأن هتلر كان ولحد الآن الدكتاتور رقم ( 1 ) في العالم وبامتياز ، لكن بعد نهايته المحتومة حينذاك ومصيره مع عشيقته المجهول لحد الآن ، بَرَزَ في الميدان آنذاك شخصية أخرى ميدانية على مستوى ألمانيا بالاتجاه الايجابي والذي كان يشغل حينذاك مديرا ً لبلدية مدينة كولن أو كولونيا الألمانية كما يتم تسميتها عربيا ً ، ليُصبح أول مستشار بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، ليثبت نفسه قائدا ً ميدانيا ً في مجال أعمار البنى التحتية وسياسيا ً محنّكا ً لدفع عجلة التطور في بلده ألمانيا ، هذا البلد الذي لم تبقى مدينة ً كبيرة كانت أو صغيرة إلا وطالها التدمير في الحرب ، لتبقى ألمانيا على ما يقارب ثلاث سنوات بدون عملة نقدية ، ليتم الأعتماد على المقايضة وتبادل البضائع والسلع المتوفرة في بلدهم حينذاك ، هذا الرجل الذي تم تصنيفه الشخصية الوطنية رقم ( 1 ) ، بحيث لا تخلو مدينة من ذِكر لها ، ليتم تسمية الكثير من معالم المُدن الألمانية باسم هذه الشخصية ، إنه المستشارالراحل ( أديناور ) .
لو نقارن الوضع عندنا في العراق بعد السقوط مع ما ذكرناه من مِثالَين أوربيين ، نرى بأنهم تميزوا عنا بشئ مهم جدا ً ونحن في هذه المرحلة الحساسة وهو الولاء للبلد أو الوطن فقط لا غيره ، حيث خرجت من أذهانهم أفكار العدوان والانتقام والتحزب الضيق والمذهبية والتعصب في كافة المجالات ، ليتم غرس أفكار البناء والأعمار والتقدم وكيفية دفع عجلة الاقتصاد الوطني نحو الأمام لمواكبة العصر ، هذا كُله بالأعتماد على العقول النيرة كُل حسب الأختصاص وفي كافة المجالات . لكن للأسف بالنسبة لنا في العراق وبعد سقوط بغداد مباشرة ً ، بدأت عمليات الانتقام والتصفيات والأغتيالات والتلفيقات متناسين مبدأ التسامح والعفو ، ليتم زرع الفتنة حتى تم استغلال الظروف والأجواء الملائمة من قبل قوى الظلام المدعومة من الأرهاب الخالية من كل المبادئ الأنسانية لتبدأ الأرهاب بضرب كل الأطراف السياسية والمذهبية والدينية والقومية في العراق الجديد بدون تمييز ، كادت أن تعصف بالعملية السياسية العراقية الحديثة والدخول في متاهات الحرب الأهلية لولا جهود الخيرين من القيادات الدينية والسياسية التي باتت يقظة في هذا المجال لتمنع البلد بالسقوط في الهاوية ، ونرى بأن الحال مستمر من ناحية عدم الأستقرار وتفشي ظاهرة الفساد الأداري والمالي بحيث يمثل العراق المرتبة الثانية بعد الصومال على مستوى العالم ، وهنالك فوضى في تقليد المناصب بأساليب غريبة عجيبة بعيدا ً عن الأختصاص والمهنية والممارسة العملية والكفاءة وفق مبدأ المحاصصة المقيتة أولا ً وأخيرا ً وعلى مدار ثمان ٍ سنوات ، وهذا ما أثرت بشكل أو بآخر على سير العملية السياسية نحو الأمام وعدم حصول تطور في غالبية المجالات التي من المفترض أن تحصل الكثير من المتغيرات ، أي لا يوجد في البال شئ ٌ اسمه الوطن بحيث هنالك بدائل من خلال السلوك والتصرف والأداء ألا وهو الميل أو الولاء للدين والمذهب والقومية والطائفة والحزب أو التكتل و ... و ... وكُل ما يتعارض مع الخط الوطني العام ... إذن مضى أكثر من ثمان ٍ سنوات ونحن بانتظار طي صفحة ظاهرة المحاصصة ، مضى أكثر من ثمانية أعوام ونحن بانتظار عدم التصرف أو العزف على الأوتار التي تضعف من قدرة العراق ، ثمان ٍ سنوات ونيف ونحن بانتظار القضاء على الفساد المستشري في البلد ، أكثر من ثمان ٍ سنوات والعراقيين بانتظار القضاء على الإرهاب المنظّم ، هذه الظاهرة والفساد وجهان لعملة واحدة ، حيث الأخيرة تموّل الأولى ، أكثر من ثمان ٍ سنوات ونحن نأمل باستخدام مفاتيح العقل الأوربي مثلما أشار رئيس البرلمان البلجيكي السابق للانفتاح ودفع العملية السياسية التي تخدم عملية التقدم والازدهار ، أكثر من ثمان ٍ سنوات ولا توجد شئ أسمه الضرائب في قاموس الحكومات ، حيث لا توجد دولة في العالم لا تعتمد في وارداتها على نظام الضرائب ، أكثر من ثمان ٍ سنوات والشعب في انتظار تحسن الكهرباء وهي العمود الفقري في كافة المرافق الأقتصادية والتنموية والحياة الأعتيادية .
للقضاء على كُل هذه الظواهر المسيئة والضارة للمجتمع العراقي ، يجب أن نحتكم لمفتاح العقل والتصرف بوطنية عالية وبروح الأخوة العراقية بكافة قومياته ومذاهبه ومكوناته الكبيرة والصغيرة . إذا ً نحن بحاجة إلى شخصية كارزمية وبمواصفات الشخصيات العالمية من أمثال ( أديناور الألماني ) على سبيل المثال لا الحصر .

بغداد في 27 / 11 / 2011
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com

ليست هناك تعليقات: