الأربعاء، 8 مايو 2013

قناة البغدادية والفساد في العراق !!!


قناة البغدادية والفساد في العراق !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

لا شك بأن الحروب عادة ً تُخَلِف المساوئ على كِلا الطرفين أو الأطراف المتحاربة  وعلى كُل الأصعدة ، سواءا ً كانت السياسية أو الاقتصادية وحتى الاجتماعية ، كثيرة هذه المساوئ التي تولد من رحم الحروب والتغيرات السياسية التي تحصل في البلدان أثر رياح التغير ، منها ظاهرة الانتقام ضد الآخر ربما بأسلوب الإرهاب والتي تولد العنف بين أجيال متلاحقة ، مثل هذه الظواهر غير المحبّذة بين الشعوب والأمم الراقية التي تنبذها والمفروض يكون التعامل في مثل هذه الحالات على أساس ثقافة التسامح والإعفاء عن السلوكيات والتصرفات التي حصلت في الماضي ، ثم الاعتماد على القانون لتحكم وتكون سيد الموقف ، لكن في تصوري وربما هذا سيكون رأي غالبية القراء الأعزاء بأن أخطر الظواهر الناتجة من الحروب هي الفساد بكافة أشكاله ووجوهه والتي تُشكل مع الإرهاب الوجه الآخر من العملة لا بل الفساد تُغذي العمليات الإرهابية  .

الجهات المختصة التي تتابع مثل هذه الظواهر متفقة بأن العراق بعد رحيل الدكتاتورية ، احتلت المراتب المتقدمة في الفساد والإرهاب معا ً ، حتى بات الإرهاب يُمارس من قبل الأكثرية لإخضاع الخصوم ، والفساد تنخر باستمرار في جسد هذا البلد الجريح منذ عقود من الزمن ، وللأسف طبعا ً أشترك الكثير من الذين كانوا حتى الأمس القريب ينادون بالوطنية والولاء للعراق في ممارسة هاتين الظاهرتين المسيئتين .

لا أتصور بأن هنالك مؤسسة حتى وإن تكون بحجم دائرة صغيرة قد نَجَت من ظاهرة الفساد المالي والإداري في العراق ، أبطالها كثيرين جدا ً ، بدءا ً من الموظفين الصِغار وإنتهاءا ً بالرؤوس الكبيرة وعلى مستوى قيادات سياسية أو وزراء وحتى أعضاء مجلس نواب وراء الكواليس ، هنالك المئات من اللجان التحقيقية في مختلف المؤسسات ذات الطابع التخصصي قد شُكِلت منها في هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية وحتى من هيئة رئاسة البرلمان واللجان المعنية الأخرى بذلك ، سواءا ً كانت في الحكومة أو في البرلمان ، وهنالك الآلاف من المتهمين في هذا الشأن ، للأسف الكثير منهم لا زالوا في دفة الحكم وممارسة أعمالهم في مختلف الدوائر وكأن الأمر لا تعنيهم حتى بعد صُدور قرارات ضدهم لضلوعهم في قضايا الفساد .  

من وجهة نظر الكثير ، بأن الأجهزة المكافحة لظاهرة الفساد في العراق بذلت جهودا ً مضنية للحد ّ منها أو بهدف القضاء عليها بشكل أو بآخر ، ليتم إدانة الكثير من الذين تتطاولوا على المال العام ، منهم على مستوى عال ٍ من المسؤولية بدرجة وزراء وفما دون ، ربما منهم بدرجة القادة العسكريين وفي مختلف الملفات الخاصة بالفساد ، لكن للأسف العتب في عدم تنفيذ الأوامر الصادرة من الأجهزة المعنية التحقيقية والقضائية تقع على عاتق الجهات التنفيذية ذات العلاقة ، والتي كانت ولا تزال تحت أمرة الذين مارسوا كل صلاحياتهم بشتى الوسائل لعدم محاسبة أو معاقبة أنصارهم المنحرفين والمدانين من قبل المحاكم ، لتوصل أحيانا ً إلى الاتفاقات بين أقطاب العملية السياسية حول عدم تنفيذ الأوامر ، لذا نرى بأن هنالك الكثيرين من المُدانين في صفقات كثيرة من الفساد هم أحرار طليقين ، يسرحون ويمرحون ويقيمون حفلات فخمة بالأموال المسروقة في مختلف الدول الأوربية والأمريكية لتكتب عنهم مختلف وسائل الأعلام العالمية والعربية المرئية والمقروءة والمسموعة ... من القنوات الإعلامية التي أبدعت في كشف الحقائق عن الفساد بشكل عام وخاصة الفساد المالي وهي قناة تلفزيون البغدادية ومن خلال أحد البرامج القيمة ستوديو التاسعة والذي يقدمه مذيع عراقي كفوء ومبدع ( وليس فلسطيني كما يدعون البعض من المتضررين من كشف الحقائق ) ، هذا البرنامج ومن خلال الوثائق المعروضة أذهل غالبية أبناء الشعب العراقي بمن فيهم المسؤولين من الخط الأول ، بحيث أصطدم حتى القادة أنفسهم  بالواقع الموجود من حجم الفساد المالي في العراق الديمقراطي الفيدرالي الجديد ، لذا نرى بأن في حالة تعاون جدي بين القناة والذين يمتلكون الوثائق طبعا ً لا بالافتراء والانتقام والتشهير بالآخرين ، حتى لو تم عرض الوثائق التي تدين المفسدين فقط على شاشة التلفاز ، في تصوري لها تأثير جدي في الحّد من ظاهرة الفساد داخل أروقة الوزارات وباقي المؤسسات التي تحصل فيها الفساد ، هذا ناهيك لو كان هنالك أكثر من قناة إعلامية وأكثر من برنامج مثل ستوديو التاسعة في تلفزيون البغدادية ، لكان بالإمكان تحديد هذه الظاهرة ومثيلاتها المسيئة في العراق أو ربما القضاء عليها في المستقبل بشكل نهائي وهذا ما يأمل كُل مواطن عراقي حريص على مصلحة بلاده لدرء مثل هذه الأخطار أو الأمراض المزمنة التي باتت تعصف بالبلاد وتدخله في أنفاق مظلمة من الصعب اجتيازها لولا الجهود الخيرة من أبناءها .

بغداد في

7 / أيار / 2013 


ليست هناك تعليقات: