الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

الجامعات العراقية والرصانة !!!


الجامعات العراقية والرصانة !!!
حسين حسن نرمو
كان للعراق أيضا ً مثل البعض من الدول العربية ، حصة في المكانة العالمية وعلى المستوى العلمي للجامعات والمتمثل سابقا ً بجامعة بغداد ، حيث المعروف عن هذه الجامعة ، والتي تعود اللبنة الأولى لتأسيسها إلى ما قبل تأسيس الدولة العراقية ، حينما تم افتتاح كلية الحقوق قبل تأسيس الدولة بشكل ٍ انفرادي ، وبعدها وتحديدا ً عام 1927 تم افتتاح كلية الطُب والصيدلة أيضا ً ، هذا تم قبل تسمية جامعة بغداد مع الكليات الأخرى نهاية الخمسينات من القرن المنصرم بتشكيلات أو بكليات وربمّا بمعاهد أكثر من السابق ، تلتها في بداية الستينات تأسيس جامعة المستنصرية ، ثم جامعتي الموصل والبصرة عام 1967 والجامعة التكنلوجية الرصينة ظهرت في الميدان العلمي العراقي منتصف السبعينات  ...
نعم الجامعات العراقية وتحديدا ً التي ذكرناها أعلاه ، كانت تتمتع قبل التسعينات من القرن المنصرم بمكانة عالمية بين الجامعات ، وتتنافس الصدارة في الكثير من المجالات ، ولا سيما البحث العلمي ، رغم قلة الكادر التدريسي واعتمادها على إبرام العقود مع أساتذة من دول صديقة ، سبق وأن مارسوا مهنة التدريس في جامعات رصينة في الهند وباكستان ومصر و ... و...  . لذا ووفق شهادة الأمم المتحدة ( اليونسكو ) للتربية والتعليم والثقافة ، كانت تعتبر الجامعات العراقية من أفضل جامعات المنطقة ، فيما تخص الحركة العلمية والمختبرات وتكنلوجيا متطورة متوفرة للطالب مع الدعم الحكومي ( هذا طبعا ً قبل عام 1979 ) ، بحيث جامعة بريطانية ، أجرت دراسة عن كفاءة الطلاب القادمين من خارج المملكة المتحدة ، كانوا الطلاب العراقيون يحصلون على المرتبة الثانية بعد الصينيين ، وكانت الجامعات العراقية حينذاك ، تشرف على ، وتدعم القاعدة الصناعية من الكهرباء والطاقة ولا سيما الطاقة الذرية .
بدأت ظاهرة افتتاح الجامعات غير المدروسة ، من الناحية الأكاديمية ، أو العلمية ، أو حتى المالية في الثمانينات من القرن المنصرم ، حيث الدولة كانت في حالة حرب استنزاف طويلة الأمد مع أيران،  وحتى بعد حرب الخليج الثانية في التسعينات ( زمن الحصار على العراق ) ، كلها جاءت خلافا ً للشروط والتعليمات والنظام المعمول به في وزارة التعليم العالي ، ربمّا الفكرة ( الافتتاح الموسع للجامعات ) كانت أصلا ً لتغطية الفشل والخسارة في الحروب ، حيث تم افتتاح أكثر من 9 جامعات في المحافظات وكليات تقنية ومعاهد فنية في كُل المحافظات ... لو نقارن عدد الجامعات الحكومية والأهلية والكُليات والمعاهد والتي تم تأسيسها في مرحلة ما بعد سقوط النظام عام 2003 ، بأنها كانت أكثر من المرحلة الما قبلها ، بحيث أقضية العراق أيضا ً أصبحت لها حصة من وجود جامعة ، ربمّا للمحاصصة لها تأثير أو مسقط رأس أحد القادة أو الزعماء ( الكثير منهم أميين ) الطارئين على العراق في إحدى الأقضية أو القصبات والتي تستوجب افتتاح صرح علمي فيها ، وحيث تأسيسها أيضا ً جاءت دون الاستناد على الأسس العلمية والأكاديمية ، لا بل الجامعات أصبحت ساحات أو منابر للطائفية والفساد والرداءة في الأداء وخاصة من الناحية العلمية ، بحيث فقدت حتى الجامعات العراقية القديمة الرصينة هيبتها وقدسيتها ، لتمتد التأسيس إلى إنشاء جامعتي الوقف الشيعي والسني أيضا ً ، ربمّا لتخريج علماء الفقه للطائفتين حتى يكونوا أكثر تشدّدا ً ضد بعضهم البعض ، وربمّا كُل منهما ضد الآخرين من المكونات العراقية ( الأقليات ) المغلوبين على أمرهم ... نعم خلال عقد من الزمن تم تأسيس العشرات من الجامعات والكليات وبالذات في عام 2014 ، ربمّا لنفس السبب في تغطية الفشل الذريع لحكومتي السيد نوري المالكي من 2006 ـــ 2014 ...
إذن ! نتيجة السياسة العلمية الخاطئة في زمن صدام حسين ، ( تراجعت مستوى الجامعات العراقية بعد 1979 ) أي بعد استلامه السلطة بعد الضغط على أحمد حسن البكر بالخروج من الساحة السياسية العراقية ، حيث تم تكملة السياسة الخاطئة بعد التغير نيسان عام 2003 ، نحو الديمقراطية والعراق التعددي الفيدرالي بعدم الاهتمام بالمسيرة العلمية ، لتصبح الصروح العلمية من الجامعات والكليات والمعاهد وحتى الاعداديات المهنية وغيرها ساحات للعمل السياسي ، لا بل أدخلت نظام المحاصصة فيها ، بتغير رؤساء الجامعات ، وعمداء الكليات ، والمعاهد ، وحتى مدراء الاعداديات ، والثانويات ، والمدارس الابتدائية بآخرين حزبيين بغض النظر عن الكفاءة العلمية ، هكذا تراجعت الحركة العلمية في العراق ، نتيجة غياب سياسة تعليمية رصينة ، وانتشار الفساد المستشري ، لتظهر الآلاف من الشهادات المزوّرة باسم الجامعات العراقية ، أكثريتهم لمسؤولين عراقيين في الحكومة وأعضاء البرلمان العراقي ، هذا ناهيك وبعد السقوط عن خروج ما يقارب 8000 عالما ً عراقيا ً من البلاد ومن مختلف الاختصاصات ، حيث يُستفاد منهم الدول الإقليمية والدولية في مجالات اختصاصهم ، كُل هذا عدا اغتيال أكثر من 500 عالم عراقي بعد 2003 ولا سيما في فترى الاحتقان الطائفي ... نستنتج من هذه السياسة الخاطئة ( التدخل الحزبي والطائفي والمذهبي ) ، وفي سلك التربية والتعليم ( كما في مجالات أخرى مثل سلك الشرطة والجيش ) ، سيجعل البلد في تراجع مستمر دون تقدم ، ليصبح العراق في عِداد الدول المتخلفة ، ولو عادة ً يتم تصنيف العراق وفي الكثير من المجالات ، لا سيما العلمية وفق القياسات العالمية تكون دولة العرق العظيمة ( الأولى أو الثانية ) ... لكن ! من مؤخرة قائمة التصنيفات ، وهذا ما يأسف عليه جُل العراقيين الشرفاء وأصدقاءهم الأشرفين جميعا ً ...
13 / 9 / 2017
 

ليست هناك تعليقات: