الاثنين، 28 أبريل 2008

جدلية العلاقة بين اصحاب الحقوق والعملاء أوالمأجورين في كوردستان / حسين حسن نرمو

بقلم / حسين حسن نرمو
hussain-nermo@hotmail.de
كل الأنظمة ، منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى قبلها ، عارضت بشكل أو بآخر حق الكورد في كوردستانهم الموعودة ، بدءا ً من النظام الملكي مرورا ً بعراق " الجمهورية القاسمية " والأخوين العارفيين وصولا ً إلى النظام الدكتاتوري البائد ، والذي مارس الأخير الجينوسايد بحق الكورد ، مستخدما ً الأسلحة المحظورة دوليا ً " السلاح الكيمياوي " في حلبجة الشهيدة ، ثم عمليات الأنفال السيئة الصيت والتي راح ضحيتها قرابة المائتان ألف من المواطنين الكوردستانيين العزل ومن مختلف أطياف الشعب الكوردستاني .
إذن ! كلما طالبوا الأكراد بحقوقهم ، قامت القيامة عليهم ، لذا قاموا بثورات ، أسسوا منظمات وأحزاب فيما بعد ، دخلوا في مفاوضات مع مختلف الأنظمة موحدين أحيانا ً ومشتتين أحيانا ً أخرى ، فشلوا في بعضها ، توصلوا إلى حلول نصفية في بعضها الآخر ، تلك الحلول النصفية أيضا ً " بيان الحادي عشر من آذار على سبيل المثال لا الحصر " ، كانت في صالح الأنظمة وساعدت على تقويتها وبالتالي إطالة عمر الدكتاتوريات .
داخليا ً هم أيضا ً كانوا موحدين تارة ومشتتين تارة ً أخرى ، لا بل منشقين عن بعضهم البعض " سياسيا ً " ، دخلوا في تحالفات جبهوية " جود " و " جوقد " بعد التعددية الحزبية ، تحالفوا مع الأنداد أحيانا ً ضد بعضهم البعض ، عقدوا أتفاقيات ومعاهدات مع بعضهم البعض خارج كوردستان ... توصلوا في نهاية المطاف إلى حقيقة مفادها " لا بد من التحالف القوي ضد الأعداء الكثيرين داخليا ً وخارجيا ً " ، وفعلا ً ولدت أتفاقية أستراتيجية تم التوقيع عليها بين الطرفين الرئيسيين في الميدان الأتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني .
إذن ! مرت القضية الكوردية المعاصرة بفترات عصيبة جدا ً ، تم أجتيازها إلى أن جاءت الفرصة الذهبية ، بعد مغامرة الأجتياح الصدامي لدولة الكويت وأندلاع الأنتفاضة الآذارية في الكثير من مناطق العراق بما فيهم المناطق الكوردستانية .
كل الثورات والحركات التحررية وحتى الأحزاب السياسية ، معرضة إلى الأختراق من قبل المعادي ، سواءا ً كان هذا المعادي نظام حكم أو حزب آخر ، لذا فأن الحركة التحررية الكوردستانية بكافة تنظيماتها لم تكن مستثنية من هذه القاعدة ، لا بل تعرضت إلى شتى صنوف الأختراق والمعاداة من الجواسيس ، العملاء ، فرق الموت المفخخ كما حدث مع قائد الحركة المرحوم البارزاني مصطفى في بداية السبعينات ، الرسائل المفخخة والذي أستشهد أثرها المناضل صالح اليوسفي وعمليات الأغتيال في الداخل والخارج من قبل عناصر مخابراتية مدربة والمحسوبة على الطرف المعادي للحركة التحررية الكوردستانية .
للأسف نقول بأن الكثير من تلك العناصر المستخدمة في العمليات تمت أختيارها من " الجسد الكوردي ضد الجسد الكوردي " ، الذين باعوا أنفسهم بشكل أو بآخر مقابل أغراءات من الطرف المعادي للحركة ، والحالة الغريبة في كيفية تصرف الأنظمة الحاكمة في العراق الجمهوري بعد ملكية " فيصل الثاني " مع الحركة التحررية الكوردستانية هو أستغلال الخلافات العشائرية بين التي تحت سيطرتها والآخرين الموالين للحركة بما فيه رأس القيادة آنذاك ، سرعان ما توسعت الدائرة بعد الأغراءات المادية من قبل الحكومة لتشمل عشائر أخرى ومن أطياف أخرى من الشعب العراقي ، لتتصدر مثل هذه " التجربة التخوينية " إلى كوردستان توركيا أيضا ً ، أستخدمتها الحكومات التركية لقمع نضال الشعب الكوردي هناك فيما بعد ....
لم تكن مشاركة هؤلاء والذين كانوا من أقوى الموالين لأعداء الكورد في الأنتفاضة الآذارية المباركة بعد أندلاعها بدافع الحس الوطني ، إنما جاءت مشاركتهم من أجل الحفاظ على ديمومة مصالحهم ، خاصة بعد أن توصلوا إلى قناعة بأن نظام الحكم زائل لا محال . نتيجة ً لما أكتسبوا من الخبرات في التعامل مع " الفوق المسؤول " في النظام الدكتاتوري ، تمكنوا فعلا ً وبنفس الأساليب التقرب من " الفوق الكوردي المسؤول " ، منهم أقتربوا بأسلوب " النسابة الشرعية أو ... " وآخرين بالشراكة مع هذا المسؤول أو ذاك بالمال الذي تم جمعه ثمن تعاملهم مع النظام ، بحيث وصل البعض إلى مصادر القرار وتمكنوا من الأختراق في مختلف المؤسسات سواءا ً كانت الحزبية أو الحكومية أو البرلمانية ، لتتوسع الأختراق فيما بعد وتشمل المؤسسات الحكومية والبرلمانية على مستوى " العراق المركز " ، بعد أن كان البعض منهم يرتدون البدلات الزيتونية إلى التاسع من نيسان / 2003 أثناء سقوط الصنم ، حصل هذا بعد أستفادتهم من العفو السياسي من لدن القيادة الكوردستانية بعد الأنتفاضة " عفى الله عما سلف " .البعض من هؤلاء أياديهم ملطخة بدماء عشرات الآلاف من المؤنفلين الأبرياء ، شاركوا هؤلاء مع القوات الحكومية في الكثير من العمليات القتالية على معاقل ثوار الحركة التحررية الكوردستانية ، هذا ناهيك عن ملاحقة هذا أو ذاك من المواطنين الأشراف الوطنيين والذين لا يتماشون مع ما هو مخطط في أذهانهم ، حيث كانوا هؤلاء السبب في وصول الكثير من المناضلين إلى حبل المشنقة في سجون النظام الدكتاتوري البائد ، ها أخيرا ً تربعوا على كراسي ليصبحوا أصواتا ً والتي من المفترض الدفاع عن حقوق المغلوبين من المناضلين ، الشهداء الراحلين ، المرّحلين ، المظلومين ، السجناء السياسيين ، المؤنفلين ، ثوار الثورات " قادة ميدانيين . الكثير من هؤلاء المناضلين الأحياء ، البيشمه ركه ، الشهداء المؤنفلين لم يحصلوا على أستحقاقاتهم في "كوردستان الواقع " تحت ذرائع شتى وحسب مزاج القائمين على الدوائر المفتوحة لهذا الغرض ، في حين ملاحقيهم الأنداد " المعززين المكرّمين " حصلوا على أستحقاقاتهم " اللاقانونية " و " اللاشرعية " ليستلم الشخص الواحد منهم ميراثه " الراتب التقاعدي " والذي يفوق أستحقاق العشرات من الضحايا .
فيا للعجب !!!
يا ترى لو علموا هؤلاء بالأمر في حينها ....
هل كانوا سيناضلون بذلك الحماس ؟
هل كانوا سيفدون بأرواحهم من أجل المبادئ التي تربوا عليها ؟
هل كانوا سيجازفون ضمن الحلقات السرية في النضال ضد الدكتاتوريات المتلاحقة ؟
هل كانوا سيلتحقون بالجبال الشمّاء " الصديق الوفي " كقاعدة للنضال من أجل الحقوق المشروعة ؟
هل كانوا سيكتبون " الشبان " الشعارات وتعليق اللافتات في ظلام الليالي ، " ليعهدوا من خلالها أنفسهم وما بذمتهم بأن لا يبقى بعثي كوردي في أرض كوردستان " .

ليست هناك تعليقات: