الاثنين، 8 يوليو 2013

القيادة الأيزيدية ... وعلاقتها مع بغداد !!!


القيادة الدينية الأيزيدية ... وعلاقتها مع بغداد !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

حينما نتحدث عن القيادة الدينية الأيزيدية ، لا بُد َ وأن تكون متمثلة بالدرجة الأساس المجلس الروحاني تحت قيادة سمو الأمير تحسين بك ، حيث يعيش حاليا ً وفي أكثر أوقاته خارج البلاد للظروف الصحية التي يمر به سموه يستدعي تواجده أن يكون قريبا ً من الذين يعتنون به من الجانب الصحي ، ونعتقد بأن لا توجد تأمين صحي يفوق مثلما هو موجود في المانيا الاتحادية حاليا ً .

المجلس الروحاني وبداية تشكيله بعد تأسيس الدولة العراقية بسنوات قليلة كان سياسيا ً بالدرجة الأساس ، مثلما أشار إليه الباحث الأكاديمي المعروف هوشنك بروكا في مقاله الأخير بعد الصراع على الإمارة ، لذا نرى بأن القيادة الدينية أو المجلس الروحاني كانوا على علاقات متوازنة مع الجهات ذات العلاقة في الحكومات المتعاقبة أبان العهد الملكي ، خيرُ دليل على ذلك ، ما كانت تتمتع به الأميرة ميان خاتون أثناء فترة الوصاية بعلاقات واسعة ليست على مستوى الحكومة المحلية في محافظة نينوى ، بل تعدت علاقاتها مع العائلة المالكة والحكومات التي حكمت الدولة العراقية ، وكانت تطرق الأبواب لإنجاز الكثير من ما يتعلق الأمر بالديانة الأيزيدية وبني جلدتها ... ربما مرت العلاقات بين القيادة الدينية الأيزيدية والحكومات العراقية بعد قيام الجمهورية بمد وجزر ، وسرعان ما أدت إلى الانقطاع بعد لجوء سمو الأمير إلى الثورة الكوردية أبان ثورة أيلول المجيدة وعدم تمكن الحكومة من القبض عليه بعد اتهامه في قضية مفبركة ، لكنه كان أذكى من ذلك الاتهام ، مما تمكن من الانسحاب بهدوء من مركز الإمارة في قضاء الشيخان حينذاك إلى كوردستان الجبل ، ثم الاستقرار في بريطانيا دامت فترة غيابه عن الإمارة بأكثر من عقد من الزمن ... وبعد عودته من اللجوء أثر أتفاق مع الكثير من الأقطاب ، بقيت علاقاته مع الحكومة حينذاك تُحسب لها ألف حساب ولحين سقوط بغداد بعد أكثر من عقدين من الزمن ، لكن للأمانة ، كان هنالك الكثير من العلاقات بين الكثير من القيادات الأيزيدية من رجال الدين والشخصيات الأيزيدية المعروفة وشخصيات أخرى برزت في الميدان ، ربما سميت بشيوخ ذلك العصر والزمان كما كان يُقال أو يوصف هؤلاء بتسميات مختلفة ، هؤلاء كانوا على علاقة مع مختلف الجهات الحكومية بقياداتها وأجهزتها ، لكن للأسف كانت لمصالح تلك الشخصيات في أكثر الأحيان لا على أساس المصلحة الأيزيدية العليا .

هنا أود أن أركز على المرحلة الجديدة ، لا سيما بعد سقوط بغداد والدكتاتورية فيها ، وإقامة نظام ديمقراطي فيدرالي في العراق وكذلك وقوع المناطق ذات الغالبية الأيزيدية تحت نفوذ ورحمة المادة 140 من الدستور العراقي والتي للأسف لا تزال الأيزيديون يعانون من الازدواجية الإدارية في مناطقهم بين إقليم كوردستان وعراق المركز، حيث هُم أي الأيزيديون في أمس الحاجة لعلاقات مكثفة وقوية مع الحكومة المركزية للحصول على المزيد من المكتسبات التي نحن في أمس الحاجة إليها في الوقت الحاضر ... لكن للأسف تراجع مستوى العلاقات بين القيادة الدينية والحكومة المركزية إلى أدنى مستوياتها وأحيانا ً كثيرة إلى الانقطاع ، بالتأكيد لو كانت العلاقات بالمستوى المطلوب مع الرئاسات الثلاث في العراق ، لكان من السهل تمرير الكثير من الأمور والتي على الأقل تخص الديانة لا أكثر ، حيث عدم وجود مثل هذه العلاقة لها تأثير على التمثيل الأيزيدي في الكثير من الميادين ... وها بانت تأثيرها بعد البدء بأول خطوة لتطبيق قانون ديوان الأوقاف الخاصة بالديانات المسيحية والأيزيدية والصابئة وكذلك آلية اختيار  مَن يمثلهم على رأس الديوان وباقي المناصب من الوكلاء والمدراء العامين فيها وهذا ما نأسف عليه حقا ً .

بقي أن نشير بأن هنالك الكثير من الآراء والتوجهات نحو تقوية مثل هذه العلاقة من لدن القيادة الدينية أو مَن يمثلها بشكل رسمي ، هذا ما أكد لي أحد شيوخ العشائر المعروفة أثناء اللقاء معه بالصدفة في إحدى المناسبات وبعد مناقشة الكثير من القضايا وعلاقتنا مع العشائر القاطنة في محافظة نينوى ، حيث قال بالحرف الواحد ( لا بُد وأن يكون للأيزيدية والمتمثل بسمو الأمير علاقات قوية مع الحكومة المركزية في بغداد مع الحفاظ على علاقات مع باقي الأطراف ويقول بأنه يقصد العلاقات مع الإقليم والقيادات الكوردستانية بحكم وجود نسبة معينة من سكان الأيزيديين تحت سيطرة الإدارة الكوردستانية ) ، وكذلك لا بد من الإشارة إلى رأي أحد أعضاء اللجنة الاستشارية العليا للمجلس الروحاني وسمو الأمير خلال اجتماع ضم المجلس ومستشاريه مع أعضاء مجلس النواب العراقي من الأيزيديين حيث حضرتُ لأول مرة مثل هذا الاجتماع  لمناقشة ملف الأوقاف في بغداد ، حيث أشار العضو الاستشاري إلى ضرورة تقوية علاقات المجلس الروحاني الأيزيدي مع عراق المركز ولأسباب كثيرة ومعروفة لدى القاصي والداني ، وهذا ما نؤيده بالحرف الواحد ومع العلاقات المفتوحة وعلى أعلى المستويات مع الحفاظ طبعا ً على مستوى علاقاتها مع كافة القيادات الكوردستانية بدءا ً من الرؤساء وانتهاءا ً بالقيادات المحلية في مناطق تواجد الأيزيدية ... ربما هنالك تخوف ٌ من أصحاب الشأن الأيزيدي بازدواجية مثل هذه العلاقة مع المركز والإقليم وتأثير إحداهما على الآخر ، لكن في تصوري بأن القيادة الدينية حينما تكون على الحياد وعلى مسافة واحدة في علاقاتها مع كافة قيادات العراق وإقليم كوردستان ، ستكون هذه القيادة مَحَل احترام وتقدير الكُل ، طبعا ً حينما لا تفضل القيادة الدينية علاقتها مع جهة معينة على حساب جهة أخرى أو التعامل مع هذا أو ذاك الحزب على حساب الحزب الآخر ، وبحياديتها تكون قد فرضت احترامها لدى الكل ...  



بغداد في 6 / تموز / 2013  

ليست هناك تعليقات: