الأيزيديون ... انتماءهم ... ومَن يُمَثلهم
!!!
حسين حسن نرمو
حينما سُئِلت من أحد القوميين العرب وهو من
القادة الفلسطينيين أيضا ً عن انتماء المُكون الأيزيدي من الناحية القومية ... كان
الجواب بأن المُكون من ثلاث انتماءات ، حسب الرأي أو الآراء من واقع حال الأيزيديين
...
الانتماء الأول وذات العدد القليل لا يتجاوز
العشرات أو المئات فقط من المكون الايزيدي ، هؤلاء يُحدّدون نسلهم أو انتماءهم
العربي وهذا حسب الرأي أو التفسير أو حتى المصادر التاريخية المتوفرة وفق القناعة
وهي بالتأكيد كنز ٌ لا يُفنى ... أما الانتماء الثاني ، وهذا حسب التيارات أو
الحركات السياسية الأيزيدية والموجودة على أرض الواقع وإحداها ( الحركة الأيزيدية
من أجل الإصلاح والتقدم ) ، والأخيرة نالت أو فازت بمقعد الكوتا الأيزيدية في
البرلمان العراقي لثلاث دورات متتالية وبأصوات ناخبيها ، بدأت في أول دورة بأكثر
من اثنان وعشرين ألف ناخب ، وآخر دورة بحوالي أربعة عشر ألف ناخب صوتوا لصالح
الحركة الأيزيدية ، وفازوا فعلا ً بمقعد الكوتا ... لو حسبنا معدّل هاتين
التصويتين وضربنا الحاصل في رقم معين إذا كان الناخب رئيس عائلة ، لأصبحت نسبة
المواطنين المؤيدين لهذه الحركة أو حتى تيارات أخرى منافسة بأكثر من 10 % من
الأيزيديين بشكل عام ، هؤلاء لهم رؤية خاصة من ناحية الانتماء القومي ، ويعتبرون
الأيزيدية ك ( دين ) و ( قومية ) بنفس المستوى ...
أما الانتماء الأخير وهُم الغالبية العظمى من
أبناء هذا المُكَون والذين لهم انتماء بشكل أو بآخر ، سواءا ً مقتنعين أو مرتبطين
سياسيا ً أو حزبيا ً بالقومية الكوردية ... حيث الأيزيديون يوصفون عادة ً ومن قبل
القادة الكورد بأنهم الأكراد الأ ُصلاء ، لكن في اعتقادي بالكلام وربّما بالواجبات
الملقاة على عاتقهم ، أما من ناحية الحقوق ، للأسف يعتبرون مواطنين من الدرجة
الثانية أو ربّما أكثر ترتيبا ً ...
إذا ً ! عدا الانتماء القومي هنالك انتماء
آخر وأهم في المرحلة الراهنة وهو ( الحزبايه تي ) ، والأيزيديين أيضا ً مشتتين في
هذا الانتماء بين الأحزاب الكوردستانية المحلية والإقليمية أيضا ً ، الاتحاد
الوطني الكوردستاني ( العراق ) والحزب الديمقراطي الكورستاني ( العراق ) والعمال الكوردستاني ( تركيا )
والاتحاد الديمقراطي ( سوريا ) والشيوعي العراقي والكوردستاني أيضا ً ...
لذا وفق الاحصائيات وأصوات الناخبين في آخر
انتخابات مجالس المحافظات في نينوى والذين فازوا في الانتخابات ، كانت حصة الاتحاد
الوطني وأقصد الأيزيديين طبعا ً مقعدان مقابل أربعة من الأيزيديين المحسوبين على
الديمقراطي الكوردستاني ، لا نقول بأن نسبة أصوات الناخبين للاتحاد هي النصف وإنما
بالتأكيد ما يقارب 30 % من أصوات الناخبين الأيزيديين في محافظة نينوى ، هذا
بالطبع قبل 3 / 8 / 2014 وما حصل لشنكال ، أما بعد ما حلّت الكارثة على رؤوس المغلوبين على أمرهم في شنكال
، وما قدمت من الضحايا ، أثر القتل الجماعي ، والاختطاف من الرجال والنساء والشيوخ
والأطفال ، وبيع بناتهم ونساءهم في أسواق النخاسة السيئة الصيت ما بين الموصل
والرقة السورية ، وربّما تصديرهّن إلى دول عربية أخرى ... هكذا اهتز الضمير
الأيزيدي ، لتنقلب الموازين لصالح أحزاب أخرى خارج الحدود على حساب الحزبين
الكورديين الرئيسيين ( الاتحاد والبارتي ) ، لا سيما بعد نزوح مئات الآلاف من
أهالي شنكال عبر الأراضي السورية إلى إقليم كوردستان ، ومنهم مَن استقروا وأبوا
مغادرة الأراضي السورية ليبقوا في كمب نوروز في مدينة ديرك من روشافا ، هؤلاء
نالوا الدعم والاسناد أو الحماية من قبل الجناحين العسكرّين الرجالي والنسائي لحزب
العمال الكوردستاني والأتحاد الديمقراطي ( سوريا ) ، حيث تم فيما بعد تشكيل قوات
عسكرية مدرّبة ومن الشنكاليين ومحسوبين عليهم ، ليشاركوا في العديد من العمليات
العسكرية في المناطق الحدودية ومناطق أخرى تحت سيطرة داعش ، حيث قدموا العشرات من
الشهداء في تلك العمليات ، ناهيك عن تشكيل حزب سياسي بعد أن كانت هنالك حركة أو
تيار تمارس النشاط السياسي بإشراف وتوجيه العمال الكوردستاني ، نعتقد بأن مثل هذا
التنظيم السياسي مع الجناح العسكري ( قوات حماية شنكال ) والمتواجدة حاليا ً في
خانصور والمناطق المحيطة بها ، سيتم تطويرها في المستقبل لتصبح واقع حال وتكون لهم
وزن ٌ ، ربّما في أجزاء أخرى من جغرافية شنكال ، وسيكون لهم نفوذ المشاركة في
الانتخابات العراقية وفق قواعد الدستور العراقي وقانون المفوضية العليا للانتخابات
، باعتبارهم أيزيديين وشنكاليين ... خلاصة القول بأن الاحزاب الكوردستانية ولا
سيما الديمقراطية الكوردستاني ، لا يتمكن من حصد أصوات الناخبين الايزيديين وخاصة
في شنكا ل ، مثلما كانت تحصل قبل 3 / 8 / 2014 في الانتخابات المحلية لمحافظة
نينوى وحتى البرلمان العراقي ...
أما عن تمثيل الأيزيديين أو ( مَن يُمثلهم )
على المستوين الديني ــ الدنيوي وكذلك الحزبي أيضا ً ووفق ما تطرقنا عن انتماءهم
القومي ولا سيما الحزبي ...
دينيا ً ... المفروض أن يكون سمو الأمير
والمجلس الروحاني ، يمثلون الأيزيديون شرعا ً في كافة المحافل الدولية والمحلية ،
لكن للأسف هؤلاء لم يحافظوا على حياديتهم كرؤساء دينيين مثل الديانات الأخرى
كالمسيحيين والصابئة المندائيين ، بل وفق سلوكيات التعامل مع الواقع خلال عقدين
ونيف من الزمن وتحديدا ً بعد أول انتخابات وتشكيل أول حكومة في إقليم كوردستان ،
حيث تم ترشيح أمراء أو أنجالهم ، للحصول على مناصب مهمة في الإقليم والعراق ، كأعضاء في البرلمانين العراقي والكوردستاني ، أو مستشارين ومحسوبين على طرف أو أطراف من
المعادلة السياسية الكوردستانية وحتى العربية في العراق أيضا ً ، منهم فازوا
ومارسوا أدوارهم ، ومنهم لم يُحالفهم الحظ ، ربّما ينتظرون فرص أو أدوار أخرى...
إذا ً ! هؤلاء وحسب الآراء لغالبية أبناء
المكون الأيزيدي ، بأنهم ربّما فقدوا جزءا ً كبيرا ً من شرعيتهم لتمثيل الأيزيدية
بعد المحسوبية على جهات سياسية متعددة وكما أسلفنا كوردستانية وحتى عربية ... لا
بل بدأوا ( يهدون من إهداء ) الشرعية تلك إلى ممثلي الجهات السياسية التابعين لها ،
ولا سيما رئاسة إقليم كوردستان وربّما لرئاسات أحزاب سياسية أخرى ، هذا ما صرّح به
رسميا ً السيد وكيل سمو الأمير ، خاصة بعد الزيارة الأخيرة لوفد أيزيدي رفيع
المستوى إلى أيران برئاسة سمير باباشيخ النجل الأكبر لسماحة الباباشيخ رئيس المجلس
الروحاني ، ربّما أثار حفيظة االسيد الوكيل لعدم مشاركة أي من عائلته في تشكيلة
الوفد وعدم استشارتهم أيضا ً ...
سياسيا ً ... لنبدأ من الكلام الأخير على
المستوى الديني ، يجب أن نكون واقعيين ، بأن على المستوى السياسي والعراقي بشكل
عام ، كُلنا نعلم بأن رسميا ً لدى الأيزيدية ممثل كوتا في البرلمان العراقي ، هذا
بالتأكيد وأمام كافة المحافل هو مَن يمثل الأيزيدية شئنا أم أبينا ... بعدها على
مستوى الأحزاب ، تتوزع نسب الأيزيديين وفق أعداد المؤيدين أو المنتمين إليهم ، والأحزاب
كثيرين مثلما أشرنا في البداية ، هؤلاء المنضوين تحت لواء الأحزاب لا يقبلون
باعتقادي أن يمثلهم أية شخصية من غير أحزابهم ... يجب لا ننسى بأنه بعد أحداث
شنكال عام 2014 ، هاجرت أعدادا ً كبيرة من
الأيزيديين إلى الشتات ، بحيث قاربت عددهم المائة ألف من شنكال وبعشيقة وبحزاني
ومناطق أخرى ، هؤلاء باعتقادي فقدوا الثقة بالأحزاب والعراق وإقليم كوردستان
والمسببين لكارثة شنكال ، بعد ارتفاع وتيرة ومنحني التطرف الديني والتي امتدت لتُجاورَ
مناطق الأيزيدية ، وهؤلاء لا يعتبرون رصيدا ً أو أرصدة تؤيد أو تشارك في
الانتخابات المقبلة ...
إذا ً ! عمليا ً ، الأيزيديون باتوا مثلما
عانوا ويعانون وربّما سيعانون من استمرارية أزمة القيادة ، للأسف هذه الأزمة كانت
ولحد الآن وليدة أزمات كثيرة عَصَفَت بكيان هذا المُكون ، لا سيما بعد سقوط النظام
في 2003 وعدم حصول الأيزيدية على استحقاقاتها من المشاركة الفاعلة في البرلمان (
عدد مقاعد الكوتا ) وكذلك المشاركة في الحكومات المتعاقبة مثل باقي المكونات ، هذا
ناهيك في الفترة الأخيرة ، تشتيت الأيزيدية وفق المجالس الأيزيدية العليا أو
الأعلى والتي تم تشكيلها في شنكال والمنفى ، بينما القيادة الدينية المتمثلة بسمو
الأمير والمجلس الروحاني واللجنة الاستشارية تراوح في مكانها حول تشكيل مجلسها
الأعلى الموقر ، ربّما هنالك ما لا يعجب تلك الرؤوس أو العقول ، وما دوّن في مواد
المنهاج والنظام الداخلي ، والذي تم إعداده من قبل تلك المجموعة من ذوات الاختصاص
وأصحاب الشهادات ، والذين تم اختيارهم ، وفق آلية خاصة من لجنة من الخبراء التي تم
تشكيلها وفق أمر ديواني أميري وقعه وكيل الأمير ... ولا تزال الأزمة مستمرة ،
وستؤثر على مستقبل هذا المكون المغلوب على أمره ، وهذا ما يأسف عليه الكثير
والكثير من أبناءه وحتى الآخرين من الأصدقاء والمحبين ...
13 /
3 / 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق