الخميس، 27 أغسطس 2009

حكومة الدكتور برهم صالح والآمال المرتقبة !!


بقلم / حسين حسن نرمو
( المعارضة والحكومة وجهان متلازمان من أوجه التطور الحضاري ، لا يستقيم أحدهما بغير الآخر ، وأحيانا ً المعارضة قد تكون أهم من الحكومة في أمر الأصلاحات ) . هكذا وَصَف الباحث العراقي المعروف علي الوردي الحكومة والمعارضة في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية المتقدمة والتي تتنافس فيها الأحزاب من أجل تطبيق كل ما يتعلق بالنظام الديمقراطي لخدمة شعوبها وتطوير أنظمتها في المجالات كافة ، لذا نعتقد بأن التطور الذي حصل في مثل هذه الأنظمة أو الدول هو من جراء التنافس المبني على وضع المصالح العليا للبلاد فوق كل أعتبار .
في كوردستان العراق وبعد أنتفاضة آذار عام 1991 ، ولجملة من الأعتبارات والمبررات منها سحب الأدارات الحكومية للنظام البائد من الأقليم ، قررت القيادة الكوردستانية حينذاك أجراء أنتخابات عامة لتشكيل أول برلمان كوردستاني وحكومة كوردستانية في أيار 1992 ، ولظروف سياسية معقدة وحساسة ثم تجنبا ً للكثير من المشاكل ، تقاسم الحزبان الرئيسيان البرلمان والسلطة لفترة ما يقارب العامين ، لكن سرعان ما أنهار التحالف الثنائي بعد الأقتتال الداخلي ، تلتها حالة اللاسلم واللاحرب ، ليتم فيما بعد تشكيل حكومة السليمانية إضافة إلى حكومة أربيل . بعد سقوط النظام البائد أثر الأحتلال الأميريكي للعراق وأستحداث ظروف أدت إلى حتمية توحيد الأدارتين في كوردستان ، ثم الأتفاق الستراتيجي بين الحزبين الرئيسيين ربما لأنقاذ ما يمكن أنقاذه والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها في عموم كوردستان . في ظل الظروف التي مرت بها كوردستان العراق خلال ما يقارب العقدين من الزمن ، كان لا بد من حصول الكثير من المتناقضات التي تعارض المبادئ الأساسية للديمقراطية الفتية في كوردستان الأقليم ، مما وَفَر المسؤولين فيها معاملة تفضيلية لأقاربهم وحلفاءهم ، بحيث أدى إلى نوع من التلكأ في التطور الديمقراطي وأستشراء ظاهرة الفساد بشقيها الأداري والمالي بأعتراف السيدين رئيس الأقليم والوزراء ، مما أدى إلى أضعاف الثقة بين المواطنين والمسؤولين في حكومة أقليم كوردستان . ففي مثل هذه الحالات وفي نظر الكثير يعتبر بروز تيارات أصلاحية في الساحة أمر طبيعي ، شريطة أن يكونوا أهلا ً لما ينادون به " أصلاحيين حقيقيين " ، لا هُم في الأصل بحاجة إلى إصلاح . في الفترة التي سبقت الأنتخابات الأخيرة لأقليم كوردستان ، بَرَز في الميدان السياسي تيار بأسم " التغيير " ، رافعا ً شعار التغيير ، ربما على غرار ما رُفِع من شعار في حملة الرئيس الأميريكي أوباما في الأنتخابات . ألتف حول راعي التغير مجموعة من القياديين والشخصيات الذين مارسوا مهام رسمية سواءا ً في تنظيمات الحزب أو حتى في تشكيلة حكومات أقليم كوردستان ، البعض من هؤلاء هم بحاجة إلى التغير قبل أنتماءهم أو أنضواءهم تحت لواء تنظيمهم الجديد ، ربما ظهور هذا التيار ، شجع تنظيمات أخرى شاركت في حكومات الأقليم مسبقا ً على التحالف لتنادي بالأصلاحات وتقديم الخدمات إلى الشعب الكوردستاني حسبما وُرِد في الشعارات المرفوعة أثناء الدعاية الأنتخابية ، لكن الرياح لم تأتي بما تشتهي بعض التنظيمات على الأقل ، مما أثرت نتائج الأنتخاب على تفعيل التيار القومي على حساب التيار المناهض للقومية ، وباتأكيد كان لها تأثير مباشر على قدسية أشياء أخرى في الساحة السياسية الكوردستانية .
إذن ! الجولة الأخيرة من أنتخابات أقليم كوردستان دخلت مرحلة جديدة ، حيث أفرزت معارضة داخل البرلمان الكوردستاني والتي ستنادي بالتغير حسبما ترَوج لها الآن ، مما يجعل التحالف " القائمة الكوردستانية " المكون من الحزبان الرئيسيان الأتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني أمام أمتحان ومسؤولية لا بد من العمل وفق شعارها المرفوع سلفا ً في الدعاية الأنتخابية ألا وهو التجديد والأعمار في عموم كوردستان مع الأخذ بنظر الأعتبار والتركيز على المناطق المستقطعة من كوردستان الوطن " كركوك ، خانقين ، سنجار والشيخان و ... و .... " والتي من المقرر أجراء الأستفتاء عليها وفق المادة 140 من الدستور العراقي الدائم بعد التطبيع ، حيث نرى من الضروري جدا ً إعداد برنامج خاص من قبل الحكومة المرتقبة للأهتمام بهذه المناطق أسوةً بباقي المناطق في الأقليم ، لأننا أمام تجربة قادمة من أنتخابات برلمان العراق في منتصف ك2 / 2010 ، وكيفية التعامل مع هذا الحدث المهم أيضا ً بالنسبة للأحزاب الكوردستانية ، حيث نعتقد بأن رياح التغير بدأ يهب أيضا ً على باقي المناطق المتنازعة عليها للأستعداد حول المشاركة في البرلمان العراقي القادم ، لذا نأمل من التحالف الكوردستاني والحكومة الكوردستانية المرتقبة أن يأخذ أو تأخذ كل هذا بنظر الأعتبار ، لتكون بمستوى المسؤولية القادمة وعند حسن ظن المواطن الكوردستاني .

كوردستان العراق في
10 / آب / 2009
h.nermo@gmail.com

ليست هناك تعليقات: