السبت، 6 أغسطس 2016



شنكال نَزَفَت الكثير وستنزف الكثير !!!
حسين حسن نرمو
يوم 3 / آب من كُل عام ، أصبح يوما ً مأساويا ً لأهالي شنكال وللأيزيدية قاطبة ً ، لأن في هذا اليوم من عام 2014 تعرضت شنكال إلى القتل والاغتصاب وسبي النساء وقتل الطفولة والشيخوخة ، تم تدمير تاريخها وتراثها الجميل وفقدان أرشيفها الغني تحت أقدام المجرمين والمعتوهين من داعش بعد ترك الساحة لهم مفتوحة بالانسحاب التكتيكي من قبل القوات الكوردستانية ، حيث المنطقة كانت بأسرها تحت سيطرة الحكومة الكوردستانية بعد سقوط بغداد من الناحية الأمنية والإدارية وحتى التربوية ( هذا ما يجب التذكير بها دائما ً لمحاسبة المقصّرين والمسببين في كارثة شنكال بغية تقديمهم إلى القضاء ومحاكمتهم محاكمة علنية أمام الرأي العام الكوردستاني ) ...
الأيزيديون وفي شنكال بالذات دفعوا ضريبة قصوى في عمليات احتلال داعش للعراق ، عدا الأضرار المادية الجسيمة ، تعرضوا إلى فقدان أكثر من ستة آلاف من أهاليها من الشيوخ والنساء وبناتها الجميلات وأطفالها ، منهم مَن قُتِل أو أغتصب أو سُبي في الألفية الثالثة للميلاد ، كانت المقابر الجماعية خير دليل على ذلك ، هذا في شنكال ، يجب أن لا ننسى ما تعرضت لها باقي مناطق الأيزيدية ، لا سيما بعشيقة وبحزاني إلى تدمير البنية التحتية لاقتصادها ، بعد أن كانت تجهز أجزاءا ً من العراق وإقليم كوردستان قاطبة ً بالكثير من منتجاتها الغذائية المعروفة والمتميزة ...
المتابع للأوضاع التي مرت بها شنكال وخاصة بعد 2003 ، وخضوع الكثير من المناطق المستقطعة ومنها شنكال طبعا ً تحت رحمة المادة 58 من قانون إدارة الدولة في عهد بريمر ثم المادة 140 من الدستور العراقي والغنية عن التعريف في عدم التطبيق لحد الآن ، نعم شنكال كانت تنزف منذ البداية من عدم الاهتمام بها من الناحية الخدمية ، لتكون ضحية من ضحايا ازدواجية الإدارة بين حكومة المركز والإقليم . من الناحية العملية كإدارة وأمن وآسايش وربما في الأخير من الناحية التربوية ، أصبحت شنكال في حُكم التابع لإقليم كوردستان ، لكن الاهتمام بها كان دون المستوى المطلوب ، حيث كانت مُعظم مناطق القضاء من النواحي والمجمعات السكنية تعاني من النقص في الماء الصالح للشرب كأبسط مستلزمات الحياة ، هذا ناهيك عن الخدمات الأخرى مثل الكهرباء على سبيل المثال لا الحصر ... وحينما يتساءل المسؤول أو القيادي بأعلى المستويات في إقليم كوردستان بذلك ، يتسارع إلى الاعذار والحجج الواهية عن عدم تقديم الخدمات لأن أمر القضاء غير محسوم لحد الآن ، والقصد منه عدم تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي الدائم والتي حسب اعتقادي لا تطبق إلا بعد تعديل الدستور نفسه أو يصبح الأمر واقع الحال ، وطبعا ً عمليا ً كانوا الآمرين والناهين في كُل الأمور في مناطق شنكال وفي مناطق أخرى ...
بعد الانسحاب الأمني والعسكري من قبل قوات البيشمه ركه ، وحلول الكارثة ووقوع الآلاف من الأسرى والقتلى في شنكال ونزوح جُل أهاليها ، منهم إلى سوريا ( روزئافا ) وتركيا ، لكن غالبية الشنكاليين تم إيوائهم في إقليم كوردستان ولا سيما في مخيمات تم إنشاءها من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والدول المانحة المساعدة ، أو في هياكل قيد الإنشاء لحد الآن ، حيث يعيشون في حالة يُرثى لها ، محرومين من أبسط مستلزمات الحياة العادية وهم في حالة استنزاف دائم على الأقل من الناحية المعنوية ...
أما عن النزيف أو الاستنزاف السياسي إن صح التعبير فحدث ولا حرج ، كلنا نعلم وأثناء وقوع الكارثة وبقاء غالبية الشنكاليين محصورين في الجبل والمناطق المحيطة به ، كانت للقوات التابعة لحزب العمال الكوردستاني / تركيا ، وحزب الأتحاد الديمقراطي / سوريا ومن خلال خلاياهم السابقة في شنكال والتي كانت تعمل بصمت وبعيدة عن الأضواء ، كذلك دخول الجناح العسكري من الرجال والنساء لحزب الأتحاد الديمقراطي / سوريا ، نعم كانت لهم هؤلاء دورا ً بارزا ً ومتميزا ً ، ليتمكنوا عبر الحدود السورية فتح الحصار عن العوائل وتأمين طُرق ممهدة للنزوح من جبل شنكال ومجمعاتها إلى الداخل السوري ومعسكراتها ، ثُم إيصالهم إلى إقليم كوردستان عبر النقاط الحدودية المشتركة ... كذلك بقاء الكثير من قواتها في جبل شنكال بعد الفراغ الذي حصل وعدم وجود قوات البيشمه ركه ، هؤلاء فعلا ً ساندوا العوائل الباقية في الجبل والذين أبوا المغادرة والبقاء مع التمسك بالصديق الوفي ( الجبل ) والدفاع عن الأرض والشرف ، لكن الظاهر بأن كُل الخدمات ومن كافة الجهات السياسية وفق المبادئ الميكافيلية ( الغايات التي تبرر الوسائل المتبعة لتحقيقها ) ، لذا أثناء تحرير أجزاء من شنكال وعلى مرحلتين ، الأخيرة كانت مركز القضاء ، شاركت القوات العسكرية التابعة لحزب العمال الكوردستاني / تركيا وحزب الأتحاد الديمقراطي / سوريا ومع قوات الاتحاد الوطني الكوردستاني بألويتها المشتركة والخاصة في العمليات العسكرية مع القوات العسكرية للحزب الديمقراطي الكوردستاني في تحرير شنكال ، تمكنت قوات حزب العمال والاتحاد الديمقراطي من الحصول أو السيطرة على مناطق أو مواقع محددة في ناحية سنوني وكذلك في مركز القضاء أيضا ً ، قدمت هذه القوات ضحايا كثيرة من الشهداء والجرحى في العمليات العسكرية ومن جنسات متعددة من تركيا وسوريا وحتى الشنكاليين الذين انضووا تحت لواء أحزابها ، ربما عن قناعة تامة للدفاع عن أرض وعرض شنكال بعد تخلي الآخرين عنهم ، حيث أنشأوا مقبرة خاصة بهم وعلى جبل شنكال ، لتبقى في ذاكرة الأجيال القادمة بأن القابعين تحت التراب هُم الذين دافعوا ببسالة وبشرف عن أراضي شنكال ... وكما أسلفنا وبعد تحرير أجزاء من شنكال ولمرحلتين ، أرادت الجهة السياسية والتي سبقت وأن سحبت قواتها من شنكال قبل الكارثة وبعدها حلت المصيبة الكُبرى ، نعم أرادوا أن يكونوا هُم أصحاب النصر والسيطرة والإدارة مجددا ً على جميع المناطق في الحدود الإدارية لشنكال والتي تم تحريرها لحد الآن ، لكن ( لا تأتي الرياح بما تشتهي السُفن ) ، وفي تصوري لا يمكن العودة إلى أمجاد قبل 3 / آب ليتم كالعادة حصد أصوات غالبية الناخبين في الانتخابات في شنكال لصالحهم وبالكثير من الطُرق الديماغوكية ، لذا نرى بأن أسلوب عرض العضلات وربما الأساليب الأخرى قائم أو قائمة رغم الكارثة التي حَلَت على شنكال ، هذا ما تلتمسه الشنكاليين بين الفينة والأخرى بتعرضهم إلى المسائلة الدائمة عن اتجاهاتهم وأفكارهم والمفروض أن يكون أحرارا ً وفق قواعد الدستور العراقي وحتى مسودة دستور إقليم كوردستان ، يجب أن لا ننسى ما تم الترويج لها مؤخرا ً حول موضوع ضرورة إخراج قوات حزب العمال الكوردستاني من شنكال وربما قوات أخرى محلية وخاصة بالمكون الأيزيدي ومن قبل أهالي شنكال نفسها ، وإلا سيتم التخلي عن المنطقة مجددا ً ربما بالانسحاب الستراتيجي هذه المرة للقوات الكوردستانية ، ليولد مخاوف جديدة لدى أبناء المكون الأيزيدي المغلوب على أمره من ذلك خوفا ً من تعرضهم مرة أخرى إلى القتل الجماعي ... لكن للأسف ينسون أو متناسين ولا يتمكنون الصد لتواجد قوات حزب العمال الكوردستاني من زاخو إلى قنديل ، لا بل يتواجدون ضمن أكثرية جغرافية قضاء زاخو ربما ما يعادل أكثر من نصفها على سبيل المثال لا الحصر ، هذا ما تحدثت وتتحدث بها تقارير المختصين من الصحفيين والذين تم الإعلان عنها في قنوات تلفزيونية كوردستانية ... حول هذا الموضوع ذات الصلة أيضا ً ، نشرت شائعات بأن هنالك ضغوط ٌ إقليمية في هذا المجال وخاصة التركية لإخراج قوات حزب العمال المناوئة مع الأتراك من منطقة شنكال ليحل محلها قاعدة عسكرية أخرى من الجيش التركي في إقليم كوردستان بغية حماية المكون التركماني والقاطنين غالبيتهم في الحدود الإدارية لقضاء تلعفر وأطراف الموصل أيضا ً ...
خلاصة القول ... كُل هذه الصراعات ، وربما ستحصل المزيد ومن أجل مصالح المتصارعين لها تأثير مباشر على مستقبل شنكال ، والمزيد من استنزاف طاقاتها ، هذا خوفا ً من حصول صراع داخلي بين أبناء المكون نفسه وهذا سيكون الأسوء طبعا ً ليستمر النزيف إلى ما لا نهاية ، وفي نهاية المطاف لها تأثير على استمرارية الهجرة إلى بلاد الشتات وضياع الكثير والكثير من مناطقها وأراضيها جنوب مركز القضاء باتجاه الجزيرة وفق تغيير ديموغرافي جديد في المستقبل يتم الاتفاق عليه أو ربما تم الاتفاق عليه مسبقا ً في المطابخ السياسية ، هذا ما يتوقعه الكثير وهذا ما نأسف عليه فعلا ً ...
3 / آب / 2016    

ليست هناك تعليقات: