الخميس، 18 أغسطس 2016

الأيزيديون والشيعة !!!



الأيزيديون والشيعة !!!
حسين حسن نرمو *
لو ننظر إلى العلاقة بين الأيزيديين والشيعة ولفترة معينة ، لا سيما قبل سقوط النظام عام 2003 ، اكتنفتها بعض الغموض ، ربما لأسباب تاريخية وعدم توضيح بعض الأمور ، حينما نقول ، ونربط العلاقة بالتاريخ والمشكلة التي أ ُثيرت لأكثر من مرة وفي فترات مختلفة هي ربط الأيزيدية بخليفة المسلمين يزيد بن معاوية ، باعتبار الأيزيديين أتباعه ومن بقايا مؤيديه أو مريديه ، حسب ما تم الإشارة إلى مثل هذا الربط من قبل العديد من الكُتاب العرب ، وربما الأجانب أيضا ً في الماضي البعيد بعد الاستناد أكثر الأحيان على التسمية للديانة الأيزيدية والأيزيديين وتنسيبهم إلى يزيد بن معاوية ، في حين كلمة الأيزيدية أو الأيزيدي وبعد الشرح والتحقيق والتدقيق من المختصين باللغات القديمة تعود أو يعود إلى مراحل سبقت خلافة هذا الرجل ربما بآلاف السنين لتصل أيام السومريين ، هكذا تم استغلال هذا ( الربط المشين ) من قبل اخواننا أو الأعزاء الشيعة في العراق وكأن دم الأمام الشهيد الحسين في رقبة الأيزيدية ، ربما تم تعميم مثل هذه النظرة بين الشيعة في عموم العراق ليصل الأمر أحيانا ً إلى نوع من الانتقام من قبل البعض المحسوبين على الشيعة تجاه إخوتهم وشركاءهم في الوطن من الأيزيديين .
الذي زاد في الطين بلة ً ، وأثناء قمع الانتفاضة الشعبية العارمة عام 1991 في الجنوب ، وربما تحديدا ً في النجف وكربلاء المقدستين ، تم استغلا ل مثل هذا الخلاف من قبل نظام البعث السابق لِزَج مقاتليه ورجالاته القمعيين آنذاك في مدن الشيعة للقتل ، وعلى رؤوس أزلام النظام الياشماغ الأحمر والذي يستخدمه الأيزيدي مع لباسه ، حيث تم الترويج بين الناس بأنهم أيزيديون جاءوا للانتقام من الشيعة في تلك الظروف العصيبة التي مرت بها العراق ، ربما صَدَق حينذاك الساذجون ، لكن العقلاء والشخصيات والمراجع الدينية ، كانوا على دراية

وحذرين لمثل تلك الاساليب الديماغوكية في معارك القمع والقتل للشعب العراقي ... للأسف بقي مثل هذه النظرة لدى البعض ربما القليل من الاخوان الشيعة المعارضين للنظام حينذاك قبل سقوط بغداد ، حيث بانت مثل تلك البصمات وأثناء انعقاد مؤتمر المعارضة الأخير بأشهر قليلة قبل سقوط نظام صدام نهاية عام 2003 في لندن بمشاركة غالبية أقطاب المعارضة من الاحزاب والتنظيمات وحتى الشخصيات العراقية ومن مختلف المكونات الدينية والقومية ، كان للأيزيديين أيضا ًومن خلال الأحزاب الكوردستانية ( الأتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني ) مشاركة ً تمثلت بشخصيتين معروفتين لدى أوساط الأيزيدية وهما الأستاذين عادل ناصر وخدر سليمان ، وحسب قولهما فيما بعد ، كان لهما أكثر من توضيح لإخوانهم الشيعة المشاركين في المؤتمر ، بأن الأيزيدية مكون أصيل من المكونات العراقية وله تاريخ قديم عابر حتى للديانات السماوية ...
ربما زال الغبار بعض الشئ وعودة العلاقة ولا سيما في التعامل بين الأيزيدين والشيعة ، حصلت بعد سقوط بغداد ومشاركة العديد من أبناء المكون الأيزيدي سواءا ً في المناصب الحكومية أو أعضاءا ً لمجلس النواب العراقي والذين أصبحوا بِحُكم العمل قريبين جدا ً من مصادر القرار لمختلف الأحزاب وحتى المراجع الشيعية ، وفي لقاء خاص لنا أعضاء مجلس النواب العراقي ومن الأيزيديين مع سماحة السيد عمار الحكيم ، أشار وبروح معنوية عالية عن مدى ارتياحه باللقاء ، وتأكيد سيادته على المضي قُدما ً في الدفاع عن حقوق كافة أبناء المكونات العراقية الأصيلة وعلى رأسهم المكون الأيزيدي ، هذا على سبيل المثال لا الحصر ، بحيث كان للكثير من الأخوة الزملاء والعديد من إخواننا الذين تسنموا مناصبا ً في بغداد وربما القريبين من مصادر القرار الأيزيدي قد التقوا مع الكثير من القيادات والمراجع الشيعية وعلى رأسهم آية الله علي السيستاني ، ليكون لهم بصمات مؤثرة في توطيد العلاقات معهم .


لكن ! في تصوري بأن الذي غَيَرَ موازين القوى للعلاقة بين الأيزيديين والشيعة نحو الأحسن والتعاطف المستميت ، كان بعد احتلال داعش للموصل وتلعفر ، ونزوح جُل أبناء المكون الشيعي من تلعفر باتجاه شنكال ، ومن الموصل وأطرافها باتجاه مناطق بعشيقة وبحزاني ومناطق الأيزيدية في قضاء تلكيف وحتى الشيخان ، فعلا ً تم استقبالهم وإيواءهم في مناطق الأيزيدية وفي دورهم وأحيانا ً كثيرة مع عوائلهم معزّزين مُكَرّمين ، حيث هذا الموقف الانساني من أبناء المكون الأيزيدي تجاه إخوانهم الشيعة في نزوحهم الاجباري ، كان له صدى ً واسعا ً لدى أوساط الشيعة ومن أهالي الجنوب ولا سيما القيادات والمرجعيات الدينية في النجف وكربلاء المقدستين ، هذا ما يثنون عليه لحد الآن في كُل المناسبات والمواقف الرسمية . وفي تصوري أيضا ً ، وبعد احتلال داعش لمناطق الأيزيدية فيما بعد بفترة قليلة ، دفعت أبناء المكون الأيزيدي ضريبة إضافية من القتل والاختطاف والاغتصاب والضغط عليهم ، وربما كان أحد أسباب قساوة داعش مع الأيزيدية هو إيواء الشيعة في دورهم ومساعدتهم وتسهيل أمرهم باللجوء إلى مناطق الجنوب العراقي ، رغم ذلك وحتى لو كان هذا صحيحا  ً ، أعتقد بأن الأيزيديون غير نادمين على موقفهم وفعلتهم الإنسانية حينذاك ، حيث تعودوا على الظُلم والاضطهاد من الآخرين وعلى مدى التاريخ الغابر ، والذي كان قاسيا ً عليهم من خلال حملات القتل الجماعي وسبي نساءهم ، والبالغة عددهم ( 74 ) حملة مع هذه الأخيرة طبعا ً ، والتي كانت شاهدة حية وأمام مرأى الأديان والقوميات ، لذلك ونتيجة قساوة وشراسة هذه الحملة ، والتي تمت توثيقها سواءا ً من المقابر الجماعية أو من شهادات الناجيات الأيزيديات والتي تمكّن َ من الفرار بشكل أو بآخر من سُلطة داعش ، ليتم تسجيلها وتوثيقها في أعلى المحافل الدولية منها الأمم المتحدة ومفوضيتها لحقوق الانسان في جنيف ، حيث كان الفضل الأكبر للتعاطف الدولي مؤخرا ً هو دور الناجية ناديا مراد وفريق منظمة يزدا ، تمكنت



من إيصال رسالتها الانسانية إلى كافة المحافل الدولية ورؤساء الدول الذين أستقبلتها ورغم قساوة وظُلم ما تعرّضت لها من داعش ، بحيث أداءها والإدلاء بقصتها أبكت البعض من ممثلي الدول الدائمة العضوية في الامم المتحدة ...
خلاصة القول ، هو أملنا بإخواننا الشيعة ، من المواطنين أولا ً ، والمراجع الدينية ، والقيادات للأحزاب والتنظيمات السياسية والدينية بالدفاع المستميت عن حقوق المكونات العراقية عامة ً ، والمكون الايزيدي المغلوب على أمره والذي تعرض إلى الظُلم كثيرا ً خاصة ً ، وخير دليل على هذا الظلم ، تعرضه إلى القتل وجُرحهم عميق لحد الآن ، لبقاء الآلاف من أبناءه ، وأطفاله ، وبناته ( شرفه ) تحت رحمة أشرس منظمة إرهابية ، لتبيع البنات والنساء يوميا ً ولحد الآن ، ليتجاوز هذا البيع للأسف حدود العراق وسوريا إلى دول إسلامية أخرى كأفغانستان على سبيل المثال لا الحصر ، وهذا أملنا بكل القوى الخيرة العمل من أجل عودة هؤلاء إلى أحضان أهاليهم لممارسة الحياة العادية بعيدا ً عن ظلم أيام الجاهلية والفتوحات الاسلامية ...
h.nermo@gmail.com
دهوك في
10 / 7 / 2016
برلماني سابق في الدورة الانتخابية الثانية من البرلمان العراقي *

ليست هناك تعليقات: